بطلان أمر الإحالة في الجنايات في ضوء قضاء النقض دراسة نقدية بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)أمر الإحالة هو قرار یصدر عن قاضى التحقیق، أو النیابة العامة بعد الانتهاء من التحقیق بإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة إذا توافرت الأدلة الكافیة على حدوث التهمة ونسبتها إلى المتهم وتختلف الإحالة من حیث القواعد المنظمة لها بحسب ما إذا كانت الواقعة مخالفة أو جنحة وما إذا كانت جنایة.فإن كانت الواقعة جناية فإنه طبقا للمادة ١٥٨من قانون الإجراءات الجنائیة تحال الدعوي من قاضي التحقيق إلي محكمة الجنایات ویكلف النیابة العامة بإرسال الأوراق إلیها فورا.اما إذا كانت النيابة العامة هي التي تتولي التحقيق فلقد نصت الماده ٢/٢١٤اجراءات على رفع الدعوى فى مواد الجنایات بإحالتها من المحامى العام أو من یقوم مقامه بتقریر إتهام موضحا فیه الجریمة بأركانها والظروف المشددة والمخففة والمواد القانونیة المنطبقة، وترفق به قائمة بمؤدى أقوال الشهود وأدلة الإثبات، وأن تقوم النیابة العامة بإعلان الخصوم بالأمر الصادر بالإحالة لمحكمة الجنایات خلال العشرة أیام التالیة لصدوره.كما نصت المادة ١٦٠ إجراءات علي أن الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق بالاحالة على اسم ولقب وسن المتهم ومحل ميلاده وسكنه وصناعته وبيان الواقعة المنسوبة إليه ووصفها القانوني. ويلعب أمر الإحالة في الجنايات دورا هاما إذ بصدوره لدي البعض(د.محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٨ص٦١٧؛د.مامون سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصري الجزء الأول ٢٠٠٨ص٦٨٠؛د.فوزية عبد الستار شرح قانون الإجراءات الجنائية ٢٠١٠ص٣٧٧)أو اعلانه لدي البعض الآخر(د.أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ٢٠١٤ص٦٣٥؛د.عبد الرؤف مهدي شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٨ص ٨٣٤)تخرج الدعوي من حوزة النيابة العامة ولا يجوز لها أن تعدل عنه أو تجري اي تحقيق في الدعوي أو تضيف أي اتهامات جديدة كما أن المحكمة تتقيد بما ورد في أمر الإحالة من اتهامات ووقائع فلا تملك اضافة وقائع لم ترد فيه لأن أغفال ذكرها ينطوي ضمننا علي صدور قرار بالاوجه لإقامتها(د.سليمان عبد المنعم إحالة الدعوي الجنائية ١٩٩٩ص٢١٣؛د.محمد عيد الغريب قضاء الإحالة ١٩٨١ص١٢١). ويعتبر أمر الإحالة لدينا مرحلة وسط بين التحقيق والمحاكمة ينقل المحقق من خلالة الدعوي من مرحلة التحقيق إلي مرحلة المحاكمة. (٢)وقد يعتري أمر الإحالة قصور أو تجهيل في بيات الاتهام أو يورد مواد عقاب لأ تنطبق مع الوصف كوضع نصوص الرشوة حال أن الوصف استغلال نفوذ أو قد يتناقض مع ادلة الثبوت كأن تنسب مثلا النيابة العامة للمتهم واقعة استيلاء علي أموال عامة وتأتي القائمة خلوا مما يفيد هذا الاستيلاء أو تنسب للمتهم واقعة قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد وتورد أدلة تقطع بأن الواقعة مجرد مشاجرة أو يشوب إعلان الأمر للمتهم عيوب تبطله أو لم يعلن أصلا ويثور التساؤول حول ما إذا كانت تلك العيوب تؤدي إلى بطلان الأمر من عدمة؟وهل يجوز للمتهم أن يتمسك بالبطلان أمام محكمة الجنايات من عدمة؟ (٣)أطرد قضاء النقض علي أن القصور في أمر الإحالة والتجهيل لا يُبطل المحاكمة ولا ينال من صحة الإجراءات إذ مقتضي البطلان إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزة محكمة الموضوع واتصالها بها وهو ما لا يستقيم قانونا ويكون للمتهم أن يطلب من المحكمة ما فات النيابة العامة من قصور في إجراءات التحقيق (الطعن رقم ٩٨٦١ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/١٦ الطعن رقم ١١٢٢٩ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠١/١٣الطعن رقم ٣٤١٨ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٩الطعن رقم ٢٩٠١٤ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٨) وكذلك الشأن بالنسبة لقائمة أدلة الثبوت المرفقة بأمر الإحالة(الطعن رقم ١٧٦٢٤ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/١٣الطعن رقم ٣٩٠١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٤).ولقد احتارت محكمة النقض في تبرير قضاؤها بعدم بطلان أمر الإحالة وألتمست له أكثر من مبرر فذهبت في بعض احكامها إلي أن البيانات الواجب أن يشتمل عليها أمر الإحالة والمحددة في المادتين ١٦٠ ، ٢١٤ / ٢ إجراءات جنائية لأ يترتب علي قصورها أو النقص فيها بطلانه اذ هدف الشارع منها تحديد شخصية المتهم والتهمة الموجهة إليه(الطعن رقم ٥٩٧٩ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١١/٢١الطعن رقم ٣٢٢٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٢٥الطعن رقم ٤٨٦٢ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٨)وذهبت في أحكام أخري أن أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع هو مرحلة من مراحل التحقيق ولا يخضع لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان(الطعن رقم ١٨٦٤ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٣/٠٤ الطعن رقم ١٣٤١٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠١/٠١الطعن رقم ١٤٢٤٢ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٦/٢٣الطعن رقم ٤٥٨٤ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٦الطعن رقم ٧٥٨٧ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٠٦الطعن رقم ٣٠٤٧٦ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٠٥الطعن رقم ٤٢٦١٢ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٠)ولهذا قضت بأن خطأ أمر الإحالة في اسم المتهم أو سنه أو صناعته لا يبطله إذ للمتهم أن يطلب للمحكمة استكمال ما فات أمر الإحالة بيانه(الطعن رقم ٢٨٢٤٢ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٧)وأن محضر الجلسه يجبر هذا الخطأ ومادام فات المتهم أن يثبت في هذا المحضر تصحيح الاسم فلا يصح النعي ببطلان الاجراءات(الطعن رقم ٢٣٧٥١ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/١٤)وقضت أيضا بأن النعي علي أمر الإحالة نسبة وقائع مخالفة للحقيقة للطاعن غير مقبول (الطعن رقم ٢٣١٤٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/١٦الطعن رقم ٤٨٢ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٨الطعن رقم ٧٥٢٩ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٤)وقضت كذلك بأن الدفع ببطلان قرار الإحالة لتناقضه مع أدلة الثبوت و تحريات الشرطة المفرغة فيه غير مقبول(لطعن رقم ٤١٢٢ لسنة ٧٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠١/٠٤الطعن رقم ٢٩٠٨ لسنة ٧٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠١/٠٥) وقضت كذلك بأن عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلانه (الطعن رقم ٢٥٣١ لسنة ٨١ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٤/١٠الطعن رقم ٣٠٠٣٥ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٢/٠٣)وانه لا تثريب على المحكمة التفاتها عن الرد على الدفع ببطلان أمر الإحالةلكونه ظاهر الفساد(الطعن رقم ٤٥٠٢ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٢١). (٤)ومع ذلك يتضح ضمنا من بعض أحكام النقض أنها لا تري باسا من اثارة الدفع ببطلان أمر الإحالة والنعي عليه بالقصور والتجهيل بشرط أن يتمسك به المتهم أمام محكمة الموضوع إذ حري قضاؤها في هذا الشأن أن أمر الاحالة من الاجراءات السابقة علي المحاكمة وان النعي ببطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض غير مقبول إذ أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع(الطعن رقم ٨٨٧٢ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٩/٢٣الطعن رقم ١٨٣٧٢ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٦الطعن رقم ٨٠٦٢ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/١٣الطعن رقم ٣٢١٣٦ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٠٣)وقالت ايضا الدفع ببطلان أمر الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائز مادام لم يدفع به أمام محكمة الموضوع(الطعن رقم ٤٧٨٥٨ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٩/٠٩الطعن رقم ١٣٤١٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠١/٠١الطعن رقم ١٣٤٨٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٨الطعن رقم ١٠١٨٨ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/١٢الطعن رقم ٤٢٣١ لسنة ٧٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٢/٠٤)اذ تعييب أمر الإحالة والدفع بالخطأ فيه لأول مرة أمام امام النقض غير جائز(الطعن رقم ٤٨٢٥ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٣)وقضت تطبيقا لذلك أن الدفع ببطلان قرار الإحالة لصدوره من غير مختص لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائز(الطعن رقم ٩٨٥٦ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٤). (٥)وقضاء النقض في عدم بطلان أمر الإحالة في الجنايات للتجهيل والقصور وعدم الاعلان ولكافة العيوب التي تشوبة غير سديد ولا يشفع للنقض قالت أن ترتيب البطلان يعيد الدعوي الي مرحلة التحقيق بعد الفراغ منها إذ هذا النظر مردود عليه أن القانون ذاته أجاز الطعن في أوامر الاحالة في بعض الأحيان فالمادة ١٦٤من قانون الإجراءات الجنائية تخول للنيابه العامه الطعن بالاستئناف على اوامر الاحاله الصادره من قاضي التحقيق بالاحالة الى محكمه الجنح باعتبار ان الواقع جنحة حال ان النيابة تري أنها جناية اي أن قضاء النقض المنتقد يخالف سياسة المشرع فضلا عن اخلاله بمبدا المساواه بحرمان المتهم من الطعن على امر الاحاله الصادر الى محكمه الجنايات علي خلاف الحال بالنسبة للنيابة العامة ويؤكد في ذات الوقت عدم صحه ما تراه النقض من حظر الطعن بالبطلان في امر الاحاله لكونه يعيد الدعوي الى مرحله التحقيق. ولا يشفع للنقض تبريرا لمذهبها ان تقرر بان للمتهم ان يتمسك بما يعتري ويشوب امر الاحاله من عيوب ويطلب من المحكمه تداركها إذ في ذلك تحميل المتهم محاكمة قد تطول اجرائتها في بعض الاحيان حتى يصل الي مبتغاه حال ان الاصل في المتهم البراءه ولا يكلف بتحمل محاكمة لا تؤمن عواقبها.ولقد خاطرت محكمة النقض حين عصمت أمر الإحالة من البطلان بحسبانة إجراء تحقيق إذ كون أمر الإحالة اجراء تحقيق لأ يجعله عصيا عن البطلان أو يحول بين المتهم والدفع ببطلانه إذ للمتهم أن يدفع ببطلان القبض والتفتيش والتنصت وكافة اجراءات التحقيق ولا يحد من ذلك سوي توافر المصلحة وكذلك الاعلان بأمر الاحالة بحسبانة الاجراء الذي ينقل الدعوي من مرحلة التحقيق إلي مرحلة المحاكمة وبالتالي عدم الاعلان أو بطلانه قد يعني لدينا عدم خروج الدعوي من حوزة جهه التحقيق بعكس ما قد يراه البعض.ولهذا فالصحيح أنه يجوز الطعن في امر الاحاله بالبطلان
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...