القانون رقم ١٧٧ لسنة ٢٠٢٠ بشأن الحفاظ على سرية بيانات المجنى عليه فى الجرائم الجنسية دراسة نقدية؛بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١) صدر القانون رقم ١٧٧ لسنة ٢٠٢٠ بشأن الحفاظ على سرية بيانات المجنى عليه فى الجرائم الجنسية رغم توسلات البعض في التريث في اقراره واصداره.ولقد تضمن هذا القانون تعديل قانون الإجراءات الجنائية بإضافة مادة جديدة برقم ١١٣مكررا ونشر في الجريدة الرسمية العدد ٣٦ مكرر بتاريخ ٥ سبتمبر ٢٠٢٠.وتقضي المادة الجديدة المضافة بأن"لقاضى التحقيق لظرف يقدره عدم إثبات بيانات المجنى عليه فى أى من الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من قانون العقوبات أو فى المادتين ٣٠٦مكرر أ، و٣٠٦مكرر ب من ذات القانون ،أو فى المادة ٩٦من القانون رقم ١٢لسنة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل وينشأ فى الحالة المشار إليها الفقرة السابقة ملف فرعى يضمن سرية بيانات المجنى عليه كاملة ،ويعرض على المحكمة والمتهم والدفاع كلما طلب ذلك.وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور أنه لما كانت جرائم الاغتصاب وهتك العرض وإفساد الإخلاق والتعرض للغير والتحرش الواردة فى قانون العقوبات وقانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦هى من الجرائم التى تؤثر على سمعة المجنى عليه ،مما قد يكون مدعاه للقعود عن الإبلاغ خشية النيل من السمعة وان الدستور المصرى فى فقرته الأخيرة من المادة ٩٦ قد ألزم الدولة، ضمن ما ألزمها به حماية المجنى عليهم وفقا لما ينظمه القانون ،فقد جاءت التعديلات بهدف حماية سمعة المجنى عليه من خلال عدم الكشف عن شخصيته فى الجرائم التى تتصل بهتك العرض وإفساد الإخلاق والتحرش الواردة فى قانون العقوبات وقانون الطفل خشية إحجام المجنى عليه عن الإبلاغ عن تلك الجرائم.وتسري المادة ١١٣مكررا علي التحقيقات التي تباشرها النيابة العامة طبقا للاحالة الواردة في المادة ١٩٩اجراءات جنائية. (٢)وجديرا بالذكر ان مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي كان من المزمع اصداره منذ عده سنوات كان أوسع وأكثر حماية للمعتدى عليهم جنسياً والشهود أيضاً، بل كان يغطى كافة الجرائم الخطيرة والتى يخشى البعض التبليغ عنها خوفاً على نفسه مثل قضايا الفساد".بالإضافة إلى أن العقوبات به تصل إلى حد الإعدام حال إفشاء أسرار القضية. والواقع أن قوانين حماية الشهود لاسيما المجني عليهم توجدفى معظم الدول مثل فرنساوبلجيكا اذ لأ خلاف علي لزوم حماية المجني عليهم والشهود من اي ضغط قد يمارس عليهم قبل أو بعد الإدلاء بشهادتهم ولكن المشكل في شكل هذه الحماية و مداها وأثرها.واهم شرط فيها إلا يترتب عليها حرمان المتهم من حق الدفاع أو الانتقاص منه وعدم اعتبار اقوال المخفي بياناته دليل كامل ووحيد علي الادانةويلاحظ علي هذه التشريعات أنها وضعت تنظيم مفصل وضمانات عديدة بغيه اقامة توازن دقيق بين حق المتهم في الدفاع وبين الحفاظ علي سرية بيانات المجني عليه في الجرائم الجنسية وهو للاسف ما افتقدته التعديلات التي ادخلت علي قانون الإجراءات الجنائية بمقتض القانون رقم ١٧٧لسنة ٢٠٢٠كما سوف نري حالا. (٣)ففي فرنسا صدر القانون رقم 1062 لسنه 2001 في نوفمبر 2001 بحماية الشهود وأضاف الى قانون الاجراءات الجنائيه المواد من 706 -57 الى 706 -63 وتم تعديلة بموجب القانون رقم 9 لسنه 2004.وقد اشترط المشرع الفرنسي لأضفاء السرية علي هوية الشاهد ألا يتوافر اشتباة لارتكاب الشاهد لجريمة مع توافر قرائن قوية على احتمال تعرض الشاهد او احد افراد اسرته او المقربين له لخطر الاعتداء على الحياه او سلامه البدن وذلك في الجنايات والجنح المهمه وإلا يترتب علي اخفاء البيانات المساس بحقوق الدفاع. ونظم المشرع اجراءات اخفاء البيانات من خلال طلب يقدمه الشاهد الى قاضي التحقيق او النائب العام الذي يرفعه بمذكره مسببه الى قاضي الحريات والاحتجاز ليصدر في شانه قرار مسبب مع تخويل المتهم حق التظلم منه وعدم اعتبار شهادة المخفي بياناته دليل كامل ووحيد علي الادانة.وكانت المحكمه الاوروبية لحقوق الانسان قد وضعت ضوابط على نظم حمايه الشهود تنصرف اغلبها الى حقوق الدفاع إذ اشترطت في قانون حماية الشهود تمكين المتهم بطريقه غير مباشره من مناقشة الشاهد المخفي بياناته و توجيه اسئله له كاخفاء وجه وسماع صوتة فقط بالوسائل الحديثة وكذا تخويل المتهم حق الاعتراض على اجراءات اخفاء البيانات فضلا عن عدم اعتبار شهاده المخفي بياناته دليل وحيد الادانة. La Calvez les dangers dux en procedure penal Dalloz 2002 p3026 ولقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلي ان بحث مدى مساس اجراءات اخفاء البيانات بحقوق الدفاع كشرط لحجب الهوية لايتاتي الا من خلال بحث العلاقة بين الشاهد والمتهم ومدى تأثر الشاهد بتلك العلاقه عند الادلاء بشهادته وبالتالي فان حق المتهم لا يقتصر على مجرد الوقوف على التهمه المسندة اليه وانما كذلك التعرف على من يوجه اليه التهمه باي وسيله كانت كي يستطيع استبيان صحه الدليل القولي. Fabrice le suspect Dan's le procedure penal Paris 2005 p183. ٤-اما المشروع في مصر فقد اختار خطة متواضعة للغاية حاصلها حماية المجني عليهم في جرائم محدده حصريا وهي العرض والتحرش من خلال عدم ذكر بيانتهم في محضر التحقيق كالاسم ومحل الاقامة وخلافة لظروف تقدرها سلطة التحقيق دون بيان ماهية هذه الظروف مخول لجهه التحقيق في هذا الشأن سلطة مطلقة دون رقيب مغفلا لزوم عدم مساس حجب بيانات المجني عليه بحقوق الدفاع أو تمكين المتهم بأي وسيلة من مناقشة المجني عليه المخفي بياناته ولم يقرر المشروع المصري سوي ضمانة وحيدة حاصلها أن ينشأ ملف فرعي أو بالاحري سري تدون فيه هذه البيانات مع عرض هذا الملف السري علي محكمة الموضوع والمتهم والدفاع إذا طلب ذلك. وهذا معناه أن شخصية المجني عليه تظل سرية مجهولة طيلة مرحلة التحقيق الابتدائي حيث تجمع الادلة ويحبس المتهم ولا يدري المتهم بمن تحرش وهتك عرضه أواغتصبه !وبداهه لن يسمح للمتهم ودفاعة حضور استجواب المجني عليه أو توجيه ثمه أسئلة إليه او مناقشته رغم اهميه ذلك لكفالة حق الدفاع.ولن يزاح الستار إلا في مرحلة المحاكمة إذ يكون للمحكمة والمتهم والدفاع الإطلاع علي الملف السري هنا فقط أي في مرحلة المحاكمة يمكن أن يعلم المتهم بشخصية المجني عليه ويقوم بسؤاله أو استجوابة والذي اصبح طبقا لتعديلات المادة ٣٧٧من قانون الاجراءات الجنائية بموجب القانون رقم ١١لسنه ٢٠١٧اختياريا للمحكمة أي في علم الغيب! (٥)وهذا معناه أن نص المادة ١١٣مكررا من شانة تماما سلب المتهم الحق في مناقشه واستجواب المجني عليه في مرحله التحقيق الابتدائي وربما المحاكمة!وهذا تعطيل واضح لحق الدفاع المكفول دستوريا.ولا يعترض بأن أقوال المجني عليه ثابته بالتحقيقات وللمتهم الحق في مناقشتها وتفنيدها فهذا الاعتراض مردود بأنه لأ يعقل أن يفند المتهم ودفاعة اقوال شبح خفي لأ يعرفه!أن تحديد مصدر البلاغ وعلم المتهم به لاسيما في المراحل الاوليه للتحقيق أمر جوهري لممارسة حق الدفاع واثبات المتهم برائته فمرحلة التحقيق الابتدائي لم تشرع لجمع ادلة الادانة فقط وانما لكشف الحقيقة في شأن الجريمة ضد ولصالح المتهم.فمثلا من حق المتهم معرفة مقدم البلاغ ضده اذ قد يكون بينهما ضغينة وخلاف مستعر وقد يكون المجني عليه في اليوم الذي ابلغ عن حدوث التحرش في مكان آخر يعلمه المتهم ولديه ادله علي ذلك فكيف نحرم المتهم من اثبات كذب المجني عليه وتلفيقه؟ثم انه من المعلوم أن التحريات التي يجريها رجال الضبط القضائي في بداية التحقيقات حول الواقعة من الاهمية بمكان فكيف سيجري رجال الضبط تحريات عن مجني عليه مجهول!أم سيسمح لرجل الضبط القضائي بالاطلاع علي بيانات المجني عليه بالمخالفة للقانون! ثم أنه في العديد من جرائم العرض والاغتصاب يلزم توقيع الكشف الطبي علي المجني عليه بمعني أن تكون شخصيته معلومة للطب الشرعي فكيف سيتحقق الطبيب من شخصيه المجني عليه؟وكيف يمكن الاطمئنان عندئذا من أن المجني عليه هو من تم توقيع الكشف عليه وليس غيره؟وأيضا في بعض جرائم الاغتصاب حيث يكون المتهم مجهول يلزم عرض المتهين علي المجني عليها للتعرف عليهم؟ ثم أن الأصل طبقا للمادة ٧٧من قانون الإجراءات الجنائية تمكين المتهم ودفاعة من حضور إجراءات التحقيق الابتدائي ومنها سؤال المجني عليه وطبقا لنص المادة ١١٣مكررا سيحرم المتهم من ذلك! (٦)حقا أن هناك الكثير من المجني عليهم يخش الإبلاغ في جرائم العرض والتحرش الجنس خشية الفضيحه والتشهير بهم ولكن مواجهه ذلك يجب ألا تتاتي علي حساب ضمانات الدفاع واخش ما أخشاه أن يؤدي القانون رقم١٧٧ لسنه ٢٠٢٠ الي تشجيع خربي الذمة معتلي الضمير من الفتك بالابرياء وتقديم بلاغات كيدية ضدهم وهم في مأمن من عدم توصل المتهم ودفاعه اليهم واثبات كذبهم إلا بعد فوات الأوان اي في مرحلة المحاكمة أن استطاع أصلا المتهم ذلك واذا كانت المذكرة الايضاحية تشدقت بأن المادة ١١٣مكررا المضافة بالقانون ١٧٧لسنه ٢٠٢٠جاءت استجابة لحكم الدستور الذي الزم الدولة بحماية المجني عليهم فإن الدستور ذاته كفل حق الدفاع وافترض البراءة في المتهم وحظر تعطيل الحقوق اللصيقة بشخص المواطن كحق الدفاع أو الانتقاص منها كما أن الدستور الزم الدولة بحماية المجني عليهم ولكنه لم يحدد شكل هذه الحماية ومن ثم فإن المشرع حين يتدخل بشكل معين للحماية يجب في هذا الشكل إلا يتعارض مع نصوص الدستور الأخري التي تكفل حقوق الدفاع وتفترض في الإنسان البراءة إذ نصوص الدستور تتكامل ولا تتعارض أو تتناحر. (٧)ويلاحظ اخيرا ان جرائم الباب الرابع من قانون العقوبات والتي اشارت المادة ١١٣مكررا إلي سرية بيانات المجني عليهم من السعة الذي قد يثير اللبس واللغط!وهي جرائم الاغتصاب وهتك العرض والزنا وافساد الأخلاق اذ تنص المادة267من واقع أنثى بغير رضاها يُعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد.ويُعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجني عليها لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم، أو تعدد الفاعلون للجريمة وتنص المادة 268علي أن كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يُعاقب بالسجن المشدد.وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان مرتكبها أو أحد مرتكبيها ممن نُص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع هذان الظرفان معاً يُحكم بالسجن المؤبد.وتنص المادة 269 علي أن كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد يُعاقب بالسجن، وإذا كان سنه لم يجاوز اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نُص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات.وتنص المادة 269 مكرر علي أن يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر كل من وُجد في طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال.فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم عليه نهائياً في الجريمة الأولى تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه، ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة.وتنص المادة 274 علي أن المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت.وتنص المادة 275 علي أن ويعاقب أيضا الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة وتنص المادة 277 علي أن كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور.وتنص المادة 278 علي أن كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه وتنص المادة 279علي آن يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع امرأة أمرا مخلا بالحياء ولو في غير علانية. اما المادة306مكرر(أ)المشار إليها في التعديلات فتنص علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلةبما في ذلك الاتصالات السلكية أو اللاسلكية وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه.وفي حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.واما المادة 306 مكرر(ب)فتنص علي أن يُعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكررا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.فإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحا تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه. (٨)والخلاصة أننا لسنا ضد وضع قانون يكفل سرية بيانات المجني عليه أو الشهود في الجرائم الخطيرة ولكننا سنظل ضد الانتقاص من حق المتهم وهو الطرف الضعيف في الدفاع عن نفسه ولقد شرع قانون الإجراءات الجنائية أصلا لحماية الابرياء التي شاءت الأقدار أن تلقي بهم في براثن الإتهام إذ كل فرد في المجتمع يستطيع أن يصد نفسه عن الجريمة ولكن لن يقوي ابدا علي منع الناس من اتهامة بالباطل ولهذا كان قانون الإجراءات الجنائية قانون الشرفاء Frey Criminal Sociology Paris 1904p777.ويجب أن يظل كذلك فيما يقرره من ضمانات تكفل حقوق الدفاع وإلا يتحول الي أداه تقود هذا الحق وتهدره.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق