الدعوة إلي التظاهر السلمي والتحريض عليه دون اخطار سابق ما بين التجريم والاباحة:- ______________________________________________ (١)كثيرا ما تعج مواقع التواصل الإجتماعي بدعوات من بعض المواطنين إلي تظاهرة سلمية تستهدف التعبيرا عن رفضهم او احتجاجهم علي أوضاع أو ظروف أو ظاهرة المت بالبلاد كنوع من المشاركة الشعبية في قضايا الوطن كي يصل صوتهم إلي ولي الأمر كي يتدارك اوجه القصور في مرافق الدولة أو يتدخل لوضع الامور في نصابها الصحيحة أن كان هناك ما يستدعي التدخل وتعديل المسار. ويثور التساؤول عندئذا عن مدي تاثيم تلك الدعوة في حد ذاتها وبالتالي عقاب من يشيرها أو يحبذها.ولكي نصل إلى راي في تلك المسألة يتعين استعراض بعض نصوص الدستور وقانون التظاهر.فلقد نصت المادة ٧٣من دستور ٢٠١٤علي أن للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أى نوع بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون.وحق الاجتماع الخاص سلمياً مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق ولايجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته أو التنصت عليه.ونصت المادة ٩٢ علي أن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا. ومقتضي ذلك أن المشرع الدستوري ارتقي بحق التظاهر السلمي وجعله في مصاف الحقوق الدستورية ولم يجز مصادرته أو الانتقاص منه ولكنه اشترط لممارسة هذا الحق الإخطار السابق اي الابلاغ بالتظاهره قبل القيام بها كي تكون منظمة ومرتبة فلا يحدث هرج ومرج من تجمع الناس وتدافعهم وتعطيل السير والمواصلات وحتي لأ يندس المجرمين والمخربين في التظاهرة لتحقيق مآرب اجرامية قد تكون بعيده كل البعد عن اهداف ومطالب المتظاهرين المشروعة.وهكذا اعتبر المشرع الدستوري حق التظاهر السلمي في حد ذاته من الحقوق الدستورية التي تثبت لكل مواطن دون قيد أو شرط وهو حق يجد اساسة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية.غير أن ترجمة ممارسة هذا الحق فعليا لأ تتم إلا من خلال نزول الناس إلى الشوارع والميادين لاعلان مطالبهم والتعبير عما يزعجهم ويعكر صفو حياتهم مشروط طبقا للدستور بالاخطار علي النحو الذي ينظمه القانون.ويبين من النص الدستوري بمفهوم المخالفة أن التظاهرة تكون غير سلمية وبالتالي لأ تنسحب عليها الحماية الدستورية متي حمل المتظاهرين اسلحه اي كان نوعها أو تمت دون أخطار سابق والمقصود بالسلاح هو ما بينه المشرع في جداول قانون الاسلحة والذخائر إذ عندئذا لأ تعد التظاهره سلمية بل جريمة في حد ذاتها. (٢)ولقد صدر قانون التظاهر رقم١٠٧ لسنه ٢٠١٣فكفل في المادة الاولي حق التظاهر السلمي ولكنه اشترط نزولا علي حكم الدستور الإخطار السابق وبين شكل الإخطار وما يجب أن يتضمنه من بيانات ومعلومات وموضوع التظاهرة وسببها ومواعيدها وخط سيرها بحيث أن استوفي الإخطار شروطة كان للمخطر ممارسة حق التظاهر دون قيد أو شرط. إذ نصت المادة ٨ من قانون التظاهرعلي أن يجب على من يريد تنظيم اجتماع عام أو تسيير موكب أو تظاهرة أن يخطر كتابة بذلك قسم أو مركز الشرطة الذي يقع بدائرته مكان الاجتماع العام أو مكان بدء سير الموكب أو التظاهرة، ويتم الإخطار قبل بدء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة بثلاثة أيام عمل على الأقل وبحد أقصى خمسة عشر يوماً وتقصر هذه المدة إلى أربع وعشرين ساعة إذا كان الاجتماع انتخابياً، على أن يتم تسليم الإخطار باليد أو بموجب إنذار على يد محضر، ويجب أن يتضمن الإخطار البيانات والمعلومات الآتيةمكان الاجتماع العام أو مكان وخط سير الموكب أو التظاهرة2- ميعاد بدء وانتهاء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة.3- موضوع الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرةوالغرض منها والمطالب والشعارات التي يرفعها المشاركون في أي منها.4- أسماء الأفراد أو الجهة المنظمة للاجتماع العام أو المواكب أو التظاهرة وصفاتهم ومحل إقامتهم ووسائل الاتصال بهم.ثم وضعت المادة٢١ جزاء جنائي علي من ينظم تظاهرة دون حصول الإخطار المنصوص عليه في المادة ٨سالفة البيان فنصت علي أن يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه كل من قام بتنظيم اجتماع عام أو موكب أو تظاهرة دون الإخطار المنصوص عليه في المادة الثامنة من هذا القانون. (٣)وهذا ما اكدته المحكمة الدستورية العليا حين قضت بعدم دستورية المادة العاشرة من قانون التظاهر رقم ١٠٧لسنه ٢٠١٣ قبل تعديلها بالقانون رقم ١٤لسنه ٢٠١٧اذ قضت بأن الدستور في المواد 1/1، 73/1، 92/2، 94 حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلاً بصون الحقوق والحريات العامة، وفى الصدارة منها الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي، كى لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة، وكان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة مطلبًا أساسيًّا توكيدًا لقيمتها الاجتماعية، وتقديرًا لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، وعلى ذلك، فقد نحا الدستور القائم منحى أكثر تقدمًا وديمقراطية في صونه حق الاجتماع السلمى وما يتفرع عنه من حقوق، فسلب المشرع الترخص في اختيار وسيلة ممارسة هذه الحقوق، وأوجب ممارستها بالإخطار دون غيره من الوسائل الأخرى لاستعمال الحق وممارسته كالإذن والترخيص ولما كان الإخطار كوسيلة من وسائل ممارسة الحق هو إنباء أو إعلام جهة الإدارة بعزم المُخطِر ممارسة الحق المُخطَر به، دون أن يتوقف هذا على موافقة جهة الإدارة أو عدم ممانعتها وكل ما لها في تلك الحالة أن تستوثق من توافر البيانات المتطلبة قانونًا في الإخطار، وأن تقديمه تم في الموعد وللجهة المحددين في القانون، فإذا اكتملت للإخطار متطلباته واستوفى شرائطه قانونًا نشأ للمُخطِر الحق في ممارسة حقه على النحو الوارد في الإخطار، ولا يسوغ من بعد لجهة الإدارة إعاقة انسياب آثار الإخطار بمنعها المُخطِر من ممارسة حقه أو تضييق نطاقه، ولو اعتصمت في ذلك بما يخوله لها الضبط الإدارى من مكنات، فالضبط الإدارى لا يجوز أن يُتخذ تكأة للعصف بالحقوق الدستورية، فإن هي فعلت ومنعت التظاهرة أو ضيقت من نطاقها، تكون قد أهدرت أصل الحق وجوهره، وهوت بذلك إلى درك المخالفة الدستورية(حكم المحكمة الدستورية في ٢٠١٦/١٢/٣ الدعوى رقم ٢٣٤ لسنة ٣٦ قضائية دستورية)وهكذا فإنه متي استوفي الإخطار شروطه كان للمخطر ممارسة هذا الحق وما يستتبعه من تنظيم واعداد وهو في كل ذلك يمارس حق كفله الدستور له ولا يجوز لجهات الأمن في هذه الحالة منع التظاهره بقاله الاخلال بالأمن العام ويكون سلوكة بمنأى عن التاثيم. (٤)وظاهر نص المادة ٢١وصريح عبارته ذو دلالة واضحة أن المشرع جرم فحسب سلوك الشخص الذي ينظم تظاهره سلمية دون إخطار مستوفي الشكل المحدد في المادة ٨ وهو تجريم له غطاء دستوري إذ تطلب الدستور لمشروعية ممارسة حق التظاهر الإخطار السابق ومن ثم فإن الجريمة تقوم علي سلوم سلبي وآخر ايجابي أما السلوم السلبي فهو عدم الاخطار أو تقديم إخطار فقد احد شروط صحته واما الايجابي فهو تنظيم تظاهرة سلمية رغم عدم الإخطار ويعني التنظيم الاعداد والترتيب وتوزيع الأدوار ورسم خط السير وما يهتف به المتظاهرون وما يطالبون به والتظيم المجرم علي هذا النحو يختلف تماما عن مجرد قيام شخص ولو علي مواقع التواصل الإجتماعي بالتحريض أو الدعوة أو الحث علي تظاهره سلمية أو تحبذها أو تشجيعها طالما لم يساهم بأي دور في الإعداد لها إذ سلوكة عندئذا يكون بمنأى عن التاثيم وهو أمر بديهي لأنه يدعوا ويحبذ ويحرض علي حق كفله الدستور والقانون والاشتراك في الجريمةمن خلال التحريض والاتفاق والمساعدة طبقا للمادة ٤٠عقوبات لأ يكون إلا علي ارتكاب جريمة. ولا يختلف الأمر في نظرنا إذا كانت التظاهرة التي حرض أو دعا اليها الشخص غير مخطر عنها مسبقا اذ هناك فارق بين الحق ذاته وممارسته وحق التظاهر ثابت دستوريا أما ممارسته فعليا بالنزول الي الشوارع والميادين العامة فتتوقف علي الإخطار وعدم صدور قرار قضائي من قاض الأمور المستعجلة بمنع التظاهره وهنا فقط يعد سلوك من ينظم تظاهره رغم عدم الإخطار أو المنع مؤثم جنائية دون من يحرض أو يشجع أو يحبذ طالما كانت التظاهرة سلمية كما أن المشرع جرم التنظيم بجانب عدم الإخطار والتظيم يختلف عن مجرد الدعوة أو التحريض.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق