التكييف القانوني لتجريم تعدد الازواج في القانون المصري بقلم✍ د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)من المعلوم أن الزواج عقد بمقتضاه يحل للرجل أن يطأ زوجته فتستمتع به ويستمتع بها.وينسب تعدد الازواج للرجل في الإسلام إذ تزوج باكثر من اربعة نساء في حين ينسب التعدد للمرأة أن تزوجت بأكثر من رجل. ولا يوجد في القانون المصري نص خاص يعاقب علي تعدد الازواج في حد ذاته سواء بالنسبه للرجل أو المرأة ولهذا يلجأ الفقه والقضاء إلي تطبيق نصوص الزنا الواردة قانون العقوبات اذ نصت المادة 274 من قانون العقوبات علي أن المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت.ونصت المادة 275 علي أن ويعاقب أيضا الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة. ونصت المادة 277 علي ان كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذاالأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور.ونصت المادة 276 علي أن الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه. (٢)ولكن يلاحظ أن نصوص الزنا لأ تكون قابلة للتطبيق لمجرد إبرام عقد الزواج الذي حقق التعدد إذ يلزم دوما حدوث الؤط أو بالاحري الاتصال الجنس الكامل إذ ما دونه من افعال الفحش لأ يحقق جريمة الزنا( الطعن رقم 21392 لسنة 63 جلسة 2001/10/24 س 52 ع 1 ص 787 ق 148)كما أنه بالنسبة للزوج يجب أن يحصل الزنا في منزل الزوجية (أحمد أمين شرح قانون العقوبات القسم الخاص ١٩٢٣ص٤٧٠؛د.محمود شرح قانون العقوبات القسم ١٩٨٤-ص٣٤٢؛د.عبد المهيمن بكر القسم الخاص من قانون العقوبات ١٩٧٧ص٧٢٦؛د محمود نجيب حسني- شرح قانون العقوبات القسم الخاص- ١٩٨٨ص٦٠٥؛الطعن رقم 119 لسنة 14 جلسة1943/12/13 س 6 ع 6 ص 356 ق 273)وقضاء النقض مستقر علي أن هل علم الشريك بأن المرأة التي زني بها متزوجة مفترضا بحيث لأ تكلف النيابة العامة باثباته(الطعن رقم 11906 لسنة 63 جلسة 2002/02/18 س 53 ص 292 ) ومستقر أيضا علي أن أدلة إثبات الزنا الواردة حصريا في المادة ٢٧٦ من قانون العقوبات وهي التلبس بالزنا والاعتراف ووجود أوراق صادره من المتهم يقتصر علي شريك الزوجة الزانية أما الزوجه نفسها فيصح للقاضي أن يعتمد في إثبات زناها علي أي دليل يطمئن إليه ولو لم يكن من بين الأدلة التي نصت عليه تلك المادة. وكذلك الشان في إثبات زنا الزوج وشريكته إذ لا يتقيد القاضى في إثبات هذا الزنا بقيود خاصة(نقض 2001 /2//6 الطعن رقم 3610 لسنه 65 ق؛ نقض 2002 /2/18 الطعن رقم 11906 لسنه 63 ق) (٣)كما لم يتردد القضاء في تطبيق أحكام التزوير في المحررات الرسمية إذ ماتم توثيق الزواج الذي حدث بموجبة التعدد إذ في وثيقة الزواج يقر الزوجين بخلوهما من الموانع الشرعية بما يعني تغيير الحقيقة في بيان جوهري مما اعدت وثيقة الزواج لاثباته وكذلك الشأن في الزواج بعقد عرفي غاية الامر أنه عند التوثيق تنهض جريمة التزوير في محرر رسمي وهي جناية(الطعن رقم 2016 لسنة 78 جلسة 2010/01/21 س 61 ص 71 ق 10)بعكس العقد العرفي فتغيير الحقيقة فيه باثبات خلو الزوجين من الموانع الشرعية هو تزوير في محرر عرفي. غير أنه يلزم في جميع الأحوال علم الطرف الآخر في الزواج بعدم خلو الزوج وقت العقد من الموانع الشرعية فإن لم يعلم أو جهل فلا تزوير في حقه ذلك لأن الموانع الشرعية أمر متعلق بذات الزوج ومن الجائز أن يجهله الزوج الآخر وقت تحرير وثيقة الزواج (الطعن رقم 2016 لسنة 78 جلسة 2010/01/21 س 61 ص 71 ق 10). (٤)ولا يفوتنا أن نشير أن تعدد الزوجات في القانون المصري مسموح به لمسلمي مصر على أساس أن الشريعة الإسلامية تبيح للزوج المسلم أن يتزوّج بأكثر من واحدة في حدود 4 زوجات، وبشرط العدل المستطاع بينهن، وبشرط القدرة على القيام بواجبات التعدد.ولقد جرت محاولات عديدة لتقييد تعدد الزوجات بالقضاء؛ حيث وُضِعَت مقترحات عام 1926 لإضافة شرط موافقة القضاء عليه إلى قانون الأحوال الشخصية؛ وذلك تأثراً بدعوة أطلقها الشيخ محمد عبده لأن تشرف الحكومة على تعدد الزوجات حتى لا يُقدِم عليه من ليس له استطاعة، لكن تم رفض كل تلك المقترحات من قِبل رجال الفقه، حتى صدر القانون رقم 25 لسنة 1929 الذي خلا من تقييد تعدد الزوجات.لكن لم يمنع هذا من تجدد المطالبات بتقييد التعدد، لكنها كانت تفشل في كل مرة.ثم تجددت المناقشات حول نظام تعدد الزوجات؛ فأسفرت عن إصدار القانون رقم 44 لسنة 1979، الخاص بتعديل بعض قوانين الأحوال الشخصية، والذي أوجب على الزوج المسلم أن يقدّم للموثق إقراراً بحالته الاجتماعية، وذكر أسماء زوجاته اللاتي في عصمته (إذا كان متزوجاً) مع قيام الموثق بإخطارهن بهذا الزواج.كما اعتبر القانون أن زواج الرجل على زوجته بغير رضاها أو دون علمها يعدّ إضراراً بها، حتى وإن لم تشترط عليه في عقد زواجها عدم الزواج عليها، وأعطى الزوجة حق طلب التطليق لهذا الضرر، وذلك خلال سنة من تاريخ علمها بالزواج عليها.أي أن هذا القانون اشترط لتعدد الزوجات رضاء الزوجات أنفسهن عليه.لكن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية هذا القانون في 4 مايو 1985؛ لعيوب شكلية وإجرائية؛ فصدر القانون رقم 100 لسنة 1985 ليحل محله، وقد ألزم القانون الجديد أيضاً الزوج بأن يقرّ في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، وتوضيح زوجاته اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن وعلى الموثق إخطارهن بهذا الزواج.وأجاز القانون الجديد للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها الذي تزوّج عليها، خلال سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى، إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي بسبب التعدد يتعذّر معه دوام العشرة، حتى ولو لم تكن قد اشترطت عليه في عقد زواجها ألا يتزوّج عليها، ويتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوّج بأخرى.وتأخذ نفس الحكم، الزوجة الجديدة التي لم تكن تعلم بأن زوجها متزوج بسواها؛ فلها أن تطلب التطليق كذلك. وهذا القانون لا يجعل من مجرد التعدد في ذاته ضرراً يوجب التطليق، كما كان الحال في قانون سنة 1979، بل يضع على الزوجة عبئ إثبات وقوع ضرر مادي أو معنوي عليها يدفعها لطلب التطليق من زوجها الذي تزوج عليها.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق