الإدعاء المباشر في جرائم الحريات التي تقع من رجال السلطة العامة اثناء تأدية الوظيفة أوبسببها:بقلم✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)الأدعاء المباشر هو رفع المضرور من الجريمة الدعوي الجنائية عن طريق اقامة دعواه المدنية بطلب بطلب التعويض عن اضرار الجريمة أمام المحاكم الجنائية. ويضرب الإدعاء المباشر بجذورة الي ماض سحيق حيث كان المجني عليه هو المنوط به الإدعاء ضد المتهم أمام الحاكم ولكن بعد فترة من الزمن ووجود هيئة عامة ممثلة في النياية العامة تنيب عن أفراد المجتمع في رفع الدعوي اضحي الإدعاء المباشر محل جدل شديد. ويؤسس جمهور الفقه الإدعاء المباشر علي فرض نوع من رقابة المجني عليه المضرور علي تراخي وتقصير النيابة العامة في رفع الدعوي الجنائية إذ يكون بوسع المضرور مواجهه هذا التقصير بتكليف المتهم للحضور أمام القضاء لينال جزائه من خلال المطالبه بتعويض ضرر الجريمة وهو ما تاخذ به محكمة النقض واعتنقته المذكرة الايضاحية لقانون الإجراءات(نقض١٩٣٢/٥/٢٣ مجموعة القواعد القانونية ج٤رقم ٢٢٤ص٢٣٦)ولقد حاول المشرع المصري في اكثر من مناسبة الغاء نظام الادعاء المباشر ولما فشل لجأ الي التضييق في نطاقة خشية إساءة استعماله لاسيما ضد بعض الفئات ذوي المناصب الحساسة في الدولة خشية الكيد والتلفيق للنيل منهم. وهذا الحظر قد يكون مطلقا أو مقيد وقد يستخلص الحظر من دلاله عبارة النص أو من دلالة اقتضائه أو دلالة المخالفة.وقد يحظر المشرع الادعاء المباشر متي وقعت الجريمة من شخص معين بسبب الوظيفه أو بمناسبتها ومن ذلك حظر الإدعاء المباشر ضد الموظف العام متي وقعت منه جريمة أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. (٢)فلقد نصت المادة٦٣ من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات والجنح أن الدعوى صالحة لرفعها بناءً على الاستدلالات التي جمعت تكلف المتهم بالحضور مباشرةً أمام المحكمة المختصة.وفيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة ١٢٣ من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.كما نصت المادة٢٣٢اجراءات علي أن تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناءً على أمر يصدر من قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة أو بناءً على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو من المدعي بالحقوق المدنية ومع ذلك فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها في الحالتين الآتيتين:أولاً:-... ثانياً:- إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة ١٢٣ من قانون العقوبات.ومفاد ذلك أن تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لما يرتكبه الموظف من جرائم أثناء تأدية وظيفته أو بسببها مقصور على النيابة العامة وحدها دون المدعى بالحقوق المدنية وبشرط صدور إذن من النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة عملا بالمادتين ٦٣و٢٣٢ إجراءات(الطعن رقم ٧٢٦٨ لسنة ٦٣ قضائيةالدوائر الجنائية - جلسة ٢٠٠٣/٠١/١٥) (٣)ولقد ايد جانب من الفقه سياسة المشرع في حظر الإدعاء المباشر ضد الموظف العام خشية الكيد والتلفيق بسب أعمال الوظيفة(د.رمسيس بهنام الجرائم المضرة بالمصلحه العامة ١٩٨٧ص٣٤٥)بينما انتقد جانب آخر من الفقه تلك السياسة للاخلال بمبدأ المساواة بين المتهمين أمام القانون(د.محمد زكي أبو عامر الحماية الإجرائية للموظف العام١٩٨٣ص٤٥)و عرض الأمر علي المحكمة الدستورية العليا في ظل دستور ١٩٧١فرأت أنه ليس فيما جاء بالمادتين ٦٣و٢٣٢ اجراءات أي اخلال بمبدأ المساواة أمام القانون لاختلاف المراكز القانونية لاسيما أنه في جميع الأحوال التي يحظر فيها هذا الادعاء المباشر ضد ذوي الصفة بوسع المجني عليه أو المضرور من الجريمة اللجوء الي النيابة العامة كي تحرك وترفع الدعوي الجنائية عن الجريمة ورفضت تبعا لذلك الدعوي بعدم دستوريتهما(حكم المحكمة الدستورية العليا ١٩٩٧/١/٤ مجموعة أحكام المحكمة ج٨رقم ١٦ص٢٢٣). (٤)ولكن لاحظ المشرع الدستوري عقب ثورة ٢٠١١ان كثيرا من جرائم التعذيب والاحتجاز بدون وجه حق واستعمال القسوة وانتهاك حرمة المساكن والتنصت علي المحادثات تقع من رجال السلطة العامة ضد المواطنين اعتمادا على سلطة الوظيفة العامة وأن النيابة العامة غالبا ما تتغاض عن تحريك ورفع الدعوي علي رجال الضبط في هذه الجرائم أما من باب الملائمة أو المجاملة مما يهدر حريات المواطنين المكفولة دستوريا ويؤدي إلى افلات المجرم من العقاب فرفع الحرج من علي عاتق النيابة العامة وفتح الباب أمام المجني عليه المضرور في جرائم الحريات كي يحرك الدعوي الجنائية المباشرة ضد الموظف مهما طال الأمد(د.حسن المرصفاوي أصول الاجراءات الجنائية ٢٠٠٠ص١٤٣ ؛د.محمد زكي أبو عامر الاجراءات الجنائية ٢٠١٣ص١٣٢؛د.عبد العظيم وزير الجوانب الإجرائية لجرائم الموظفين العموميين ١٩٨٧ص٣٤٢؛د.محمود مصطفي تعليق على المادة ٥٧من دستور ١٩٧١مجلة القانون والاقتصاد ١٩٨٥ص١٥؛د.اسامة عبد الله قايد شرح قانون الإجراءات الجنائية ٢٠١٤ص٣٠٩:د.ادور غالي الدهبي عدم تقادم الدعويين الجنائية والمدنية في جرائم التعدي على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة المجلة الجنائية القومية ١٩٨٥ص١٠٤)ونص في المادة٩٩دستور ٢٠١٤علي أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامةالتي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائيةولا المدنيةالناشئة عنها بالتقادم وللمضرورإقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر.وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء وللمجلس القومى لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة عن أى انتهاك لهذه الحقوق وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضماً إلي المضرور بناء على طلبه وذلك كله على الوجه المبين بالقانون. (٥)ومقتض نص المادة ٩٩من الدستور علي النحو المار ذكره تخصيص عموم نص المادتين ٦٣و٢٣٢فيما تضمناه من حظر الادعاء المباشر ضد الموظف العام في جرائم الإعتداء علي الحريات التي تقع منه اثناء تأدية وظيفته أو بسببها بما يعني جواز الإدعاء المباشر في هذه الجرائم لاسيما وأن النص الدستوري قابل للاعمال بذاته دون حاجه لتربص صدور قانون أدني(د.عوض محمد عوض قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٩٠ص١٤٢؛اداور غالي الدهبي المرجع السابق ص١٠٤ د؛نقض مدني١٩٧٩/٢/١٥الطعن رقم ١٠٩٧لسنه ٤٧ق؛نقض ١٩٨٣/١/٢٧الطعن رقم ١٢١٦ لسنه ٤٩ق)علي الأقل في الجنح إذ لا يلزم أن يسبقها تحقيق قضائي كما أن المشرع العادي لا يملك تعطيل النص الدستوري بعدم تنظيم اجازة الإدعاء المباشر ضد الموظف العام في جرائم الحريات لأن الحقوق والحريات العامة تلقي مظله حمايتها من الدستور ذاته وما القانون إلا أداة لانفاذ تلك الحماية.وقضاء النقض مستقر علي أنه متي أورد الدستور نص صالح للاعمال بذاته دون حاجه لتربص صدور قانون أدني وجب تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره وتعتبر القوانين المخالفة له منسوخة ضمنا بقوة الدستور ذاته سواء كانت سابقه أو لاحقة علي العمل بالدستور(نقض١٩٩٥/٢/١٥الطعن رقم ٣٢٤٩لسنه٦٣ق؛نقض١٩٩٨/٧/٢٢الطعن رقم٢٢٠٦لسنة٦٣ق؛نقض٢٠٠٢/٩/٢٥الطعن رقم٨٧٩٢لسنة٧٢ق؛نقض٢٠٠٣/٣/١٠ الطعن رقم ٥٦٤لسنه ٧٣ق؛ نقض ٢٠٠٤/٤/٢٨الطعن رقم ٣٠٣٤لسنة٧٠ق؛نقض ٢٠٠٦/٥/٧الطعن رقم ٢٠٠٥٤لسنة ٧٤ق). (٦) ولا يفوتنا أن نشير إلي أن ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية العليا من رفض الطعن بعدم دستورية المادتين ٦٣و٢٣٢ اجراءات حسبما اسلفنا لأ يعني اكثر من دستورية هاتين المادتين في ضوء نصوص دستور ١٩٧١السابق دون دستور ٢٠١٤ الحالي والذي استحدث نص المادة ٩٩ بشأن الإدعاء المباشر في جرائم الحريات العامة والتي لم يكن لها مثيل في دستور ١٩٧١.إذ أن مناط الحكم بدستوريه القانون أو عدم دستوريته هو تعارض القانون مع الدستور النفاذ ولو كان هذا القانون قد صدر في ظل دستور منصرم يوافقه (حكم المحكمة الدستورية العليا في ٢٠١٣/٦/٣مجموعة أحكام المحكمة ج١٤رقم ٣٦ص٥٣١). (٧)وفي الفقه خلاف حول مفهوم جرائم الحريات العامة التي يجوز الإدعاء المباشر فيها ضد الموظف العام والتي لأ تتقادم مهما طال الأمد إذ ورد النص عليها في المادة ٩٩ من الدستور مبهم. فذهب راي الي أن تلك الجرائم هي المبينه حصريا في الفقرة الثانية من المادة ١٥من قانون الإجراءات المضافة بالقانون رقم٣٧ لسنه ١٩٧٢ وهي علي التوالي الجرائم المنصوص عليها في المواد١١٧ ١٢٦ و١٢٧و٢٨٢ و٣٠٩ مكرراً و٣٠٩ مكرراً(د.محمود مصطفي حقوق المتهم في الدستور المصري والمقارن مجله مصر المعاصرة١٩٧٩ ص١٥؛أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول٢٠١٤ص٤٥٦)في حين ذهب رأي آخر إلي أن أي جريمة تقع من موظف عام اعتمادا علي سلطة وظيفته مماهو منصوص عليها في قانون العقوبات تعد من جرائم الحريات العامةولو لم يرد ذكرها في المادة ٢/١٥ من قانون الإجراءات الجنائية مثل الجرائم المنصوص عليها في المواد١٣١و١٢٨و٢٨٠عقوبات(د.عوض محمد عوض قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول المرجع السابق ص ١٤٢؛محمد كمال عبد العزيز التقنين المدني في ضوء الفقه والقضاء١٩٨٠ص٦٧٣)وهو ما اخذت به الدائرة المدنية بمحكمة النقض اذ قضت بأن أي قيد علي الحرية الشخصية يعد جريمة لأ تسقط بالتقادم طبقا للدستور سواء أكان منصوص عليها في القانون رقم٣٧لسنة ١٩٧٢من عدمه مثل جريمة المادة ٢٨٠عقوبات(نقض مدني١٩٧٩/٢/١٥الطعن رقم ١٠٧٩لسنة٤٧ق:نقض١٩٨٣/١/٢٧الطعن رقم١٢١٦لسنة٤٩ق)هذا ولقد نصت المادة ١١٧ علي أن كل موظف عام استخدم سخرة عمالاً في عمل لإحدى الجهات المبينة في المادة ١١٩ أو احتجز بغير مبرر أجورهم كلها أو بعضها يعاقب بالسجن المشدد. ونصت المادة المادة١٢٦علي أن كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر وإذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً.ونصت المادة١٢٧علي أن يعاقب بالسجن كل موظف عام وكل شخص مكلف بخدمة عامة أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبة المحكوم بها عليه قانوناً أو بعقوبة لم يحكم بها عليه.ونصت المادة١٢٨إذا دخل أحد الموظفين أو المستخدمين العموميين أو أي شخص مكلف بخدمة عمومية اعتماداً على وظيفته منزل شخص من آحاد الناس بغير رضائه فيما عدا الأحوال المبينة في القانون أو بدون مراعاة القواعد المقررة فيه يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري ونصت المادة المادة١٢٩علي أن كل موظف أو مستخدم عمومي وكل شخص مكلف بخدمة عمومية استعمل القسوة مع الناس اعتماداً على وظيفته بحيث إنه أخل بشرفهم أو أحدث آلاماً بأبدانهم يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري وتنص المادة١٣١علي أن كل موظف عمومي أوجب على الناس عملا في غير الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك أو استخدم أشخاصا في غير الأعمال التي جمعوا لها بمقتضى القانون يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالعزل فضلا عن الحكم عليه بقيمة الأجور المستحقة لمن استخدمهم بغير حق وتنص المادة ٢٨٠علي أن كل من قبض على أي شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه مصري وتنص المادة٢٨١علي أن يعاقب أيضا بالحبس مدة لا تزيد على سنتين كل شخص أعار محلا للحبس أو الحجز غير الجائزين مع علمه بذلك.وتنص المادة٢٨٢علي أن إذا حصل القبض في الحالة المبينة بالمادة ٢٨٠من شخص تزيا بدون وجه حق بزي مستخدمي الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو ابرز أمراً مزوراً مدعياً صدوره من طرف الحكومة يعاقب بالسجن, ويحكم في جميع الأحوال بالسجن المشدد على من قبض على شخص بدون وجه حق وهدده بالقتل أو عذبه بالتعذيبات البدنية.وتنص المادة٣٠٩ مكرر علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه:(أ) استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون.(ب) التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع، فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً.ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة، كما تحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها.وتنص المادة٣٠٩مكرر (أ)علي أن يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان بغير رضاء صاحب الشأن.ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه.ويعاقب بالسجن الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته.ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق