الجزاء #المترتب على اتخاذ بعض #إجراءات التحقيق في غيبه من المتهم أو محاميه بقلم ✍د.#ياسر_الأمير (١) الأصل أنه لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق الابتدائي في غيبه عن المتهم ومحاميه لأن مصلحته تتعلق بما تسفر عنه من نتائج وأدلة ولا فرق في ذلك بين معاينة أو سماع شاهد أو خبرة أو أي إجراء آخر. وقد نصت على ذلك المادة 77 إجراءات. غير أن القانون قلص هذه الضمانة حينما أجاز للمحقق في حالتي الضرورة والاستعجال اتخاذ إجراءات التحقيق في غيبه المتهم ولكن أمام صراحة فإنه يشترط لصحة تحقيقات الضرورة عندئذ أن يثبت المحقق في محضر التحقيق وجه الضرورة أو الاستعجال الذي دعاه إلى إجراء التحقيق في غيبه المتهم كي يكون تحت نظر محكمة الموضوع لتقدر مدى توافرهما من عدمه وهو ما لم تشترطه محكمة النقض كما سوف نرى. ويلزم كذلك تمكين المتهم أو محاميه من الاطلاع على التحقيقات التي أجريت في غيبته بمجرد زوال الضرورة أو الاستعجال وبداهة أن الضرورة تقدر دائما بقدرها فلا يتوسع فيها. ولقد بررت المذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات هذا الحكم الاستثنائي بقاله أن المحقق قد يجد أن وجود المتهم أثناء سماع شاهد من شأنه التأثير عليه فلا يبوح بشاهدته على ما يرام أو قد يكون الشاهد أو المجني عليه على شفا الموت ويخشى هلاكه إذا ما انتظر المحقق حضور المتهم. (٢) ولقد انتقد الفقه سياسة المشرع في هذه الأمر ورماها بأنها تهدر حقوق الدفاع. كماراي الفقه أن إجراء التحقيق في غيبه من المتهم دون ضرورة أو استعجال مبطل للتحقيقات. (د. عوض محمد عوض قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٩٠ص٤٦٥؛ د. محمود مصطفى شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٩ص٣٥٤؛ د. عمر السعيد رمضان مبادئ قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٩٣ص٣٢١؛ د. عبد الرؤوف مهدي شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٨ ص٦٥٧؛ د. أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ٢٠١٤ص٧٤٥ د. محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٨ص٦٣٤؛ د. حسن المرصفاوي أصول الإجراءات الجنائية ٢٠٠٠ص٣٥٧؛ عدلي عبد الباقي شرح قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٥١ص٣٨١؛ د. مأمون سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصري الجزء الأول ٢٠٠٨ص٥٤٣؛ د. محمد زكي أبو عامر الإجراءات الجنائية ٢٠١٣ص٦٧٠؛ د. رءوف عبيد مبادئ قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٩ص٤٠٨؛ د. فوزية عبد الستار شرح قانون الإجراءات الجنائية ٢٠١٦ص٣١٣). (٣)وقد صرحت محكمة النقض في حكم قديم لها بما يفيد اعتناق مذهب البطلان عند إجراء التحقيق في غيبه المتهم دون ضرورة أو استعجال(نقض ١٩٣٦/١٢/٧مجموعة القواعد القانونية ج٤رقم ١٨ص٢٠) غير أن محكمة النقض بعد ذلك اطرد قضاؤها على أن إجراء التحقيق في غيبه المتهم وفي غير حالتي الضرورة والاستعجال لا يقدح في صحة التحقيق وما أسفر عنه من أدلة وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في التحقيقات من نقص أو عيب (نقض١٩٧٩/٦/١٩ مجموعة أحكام النقض س٣٠ رقم ١٤٦ص ٦٨٥؛ نقض ١٩٨٠/١/٣٠س٣١رقم ٢٩ص ١٤٨؛ نقض ١٩٨٠/٦/١٥س٣١رقم ١٥٠ص٧٧٥ نقض ١٩٧١/٣/٧س٢٢رقم ٤٧ص١٩٤؛ نقض ١٩٦١/٢/٢٠س١٢رقم ٤٥ص٢٥١؛ نقض ١٩٥٢/٦/٩س٣رقم ٤٥ص٢٥١) ومن ثم لا تثريب على عضو النيابة المحقق أن أجري معاينة لمكان الحادث في غيبه المتهم (الطعن رقم ١٦٦٤٠ لسنة ٨٤ قضائيةالدوائر الجنائية جلسة ٢٠٢٠/٠٢/٢٢؛ الطعن رقم ٦١٥لسنة ٢٩قضائية الدوائر الجنائية جلسة ١٩٥٩/١٢/٧) مما شجع النيابة العامة في اقصاء المتهم ومحاميه عن حضور إجراءات التحقيق وثارت المشاحنات بين الدفع والمحقق مستمرة ومتجدده وصلت في كثير من الأحيان الي التطوال والتعدى من رفاق العدالة والمشاركات فى تحقيقها واذداد الأمر سوء حين تجد محاكم الموضوع بدورها لا تلق أي اهتمام لدفاع المتهم ببطلان التحقيقات لجريانها في غيبة منه. (٤) وهذا القضاء معيب إذ حرم المتهم من حق قرره له القانون دون سند يزكيه وليس صحيحا ما تقرره النقض من كفاية أن يتمسك المتهم بما اعترى التحقيقات من نقص أو عيب إذ يكفي المتهم أن يثبت أن الإجراء اتخذ في غيبته لكي يتقرر بطلانه. ولا يلزم فوق ذلك أن يثبت أو ينعى عليه أي نقص أو عيب آخر. لأن مجرد اتخاذ الإجراء في غيبه المتهم دون ضرورة أو استعجال سبب كاف لبطلانه. بل إننا نرى أن ما قرره القانون في المادة 77 إجراءات من أجازت إجراء التحقيق في غيبه المتهم عند الضرورة أو الاستعجال ينطوي على مخالفة دستورية تتمثل في إهدار حق الدفاع المكفول دستوريا في المادة 98 والذي يعتبر من الحقوق اللصيقة بشخص المتهم والتي لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا طبقا للمادة 92 من الدستور. (٥)والواقع أنه إذا كانت الضرورة تقتضي في بعض الأحيان إقصاء المتهم عن حضور بعض إجراءات التحقيق لما قد يكون للمتهم من سطوه ونفوذ قد تؤثر مثلا علي شاهد فإنه ليس هناك مبرر لأبعاد محام المتهم عن الحضور أو الاطلاع على تحقيقات الضرورة والقول بغير ذلك يودي إلى عدم دستورية المادة 77اجراءات المتعلقة بإجراء التحقيق في سرية عند الضرورة أو الاستعجال. وإيه ذلك أن الدستور كفل حق الدفاع بالوكالة وجعل من المحاماة ضمانة لكفالة حق الدفاع (المادة ٩٨) ومشاركا للسلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون (المادة١٩٨) والشراكة ضد الحجب والاستئثار فليس للمحقق أن يثني شريكه المحامي عن حضور التحقيقات نيابة عن المتهم أو يمنعه من الاطلاع على التحقيقات التي تمت في الدعوى بحجه وجود ضرورة مادام أن كلاهما بنص الدستور شريكا في إرساء العدالة وإعلاء سيادة القانون ومادام أن المحامي منوط به كفالة حقوق الدفاع. إذ من المستحيل أن يودي المحامي دوره الدستوري وهو محروم من حضور التحقيقات وممنوع من الاطلاع عليها فاقدا بذلك أدوات الرقابة التي تمكنه من إنفاذ حكم الدستور. لذا فإننا نناشد المشرع سرعة تعديل المادة 77 إجراءات بجعل الحرمان من حضور التحقيقات الابتدائية والاطلاع عليها عند الضرورة مقصورا علي المتهم دون محاميه تجنبا لعدم دستورية المادة 77المار ذكرها. (٦) ثم إن مذهب النقض يجعل الكلمة العليا لمحكمة الموضوع في تقرير العيب أو النقص دون ضابط أو رقيب. ثم أن فات المتهم التمسك بالعيب أمام محكمة الموضوع فلن يتمكن من التمسك بهذا العيب أمام محكمة النقض إذ استقر قضاء النقض على أنه لا يجوز تعيب الإجراءات السابقة على المحاكمة لأول مرة أمام محكمة النقض. ولقد أثبت العمل إزاء ذلك تغاض محاكم الموضوع عن أوجه قصور التحقيقات رغم جريانها في غيبة المتهم أو محاميه والتفاتها عن آهات الدفاع بشأنها من خلال ذكر المحكمة لعبارة نمطية حاصلها اطمئنانها إلى جريان تحقيقات الغيبة من قبل النيابة العامة بموضوعية وأنها تطمئن لذلك ولا تشاطر المتهم نعيه في هذا الخصوص. وبالتالي أضحت ضمانات الدفاع نسيا منسيا ومجرد قواعد إرشادية لا بطلان على إهدارها. ولا ريب في أن حصول الإجراء في حضره المتهم وتحت عينه وبصره وأتاحه الفرصة له بإبداء ما يعن له من ملاحظات لحظه اتخاذه هو الكفيل الوحيد ببث الثقة فيه أما النعي علي الإجراء في مرحلة المحاكمة بالقصور أو العيب من واقع ما سطر في الأوراق فلا يحقق ضمانات الدفاع وأيا ما كان قدر الثقة في عضو النيابة العامة المحقق فإن من حق المتهم أن يساوره القلق ما دام أن المذكور خالف القانون باقصاءه عن حضور التحقيق واتخاذ الإجراء في غيبته. ولهذا فإننا نأمل من محكمة النقض أن تعدل عن قضاءها المار ذكره وتحذوا حذو الفقه في أحكامها ألاحقه انصياعا للقانون واحتراما لحقوق الدفاع.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق