شرط سقوط العقوبات المالية بالتقادم مستخرج من كتاب تقادم العقوبة للاستاذ الدكتور @ياسر الأمير (١)التقادم الجنائي بمعني مرور الزمن كما يسري علي الدعوى الجنائية يسرى كذلك علي العقوبة الصادر فيها كل ما في الأمر أن مدد تقادم العقوبة لاتسري إلا بعد صدور حكم بات في الدعوى الجنائية إذ هذا الحكم تنقضي به الدعوى الجنائية وتستقر العقوبة المقضي بها فإن لم تنشط الدولة في تنفيذ هذه العقوبة سواء اكانت مقيدة للحرية أو مالية كالغرامة سقطت بقوة القانون. ولكن حدد المشرع بعض الإجراءات القاطعة لتقادم العقوبة ومنها الحجز علي أموال المحكوم عليه لاستيفاء الغرامة فهذا الحجز يقطع تقادم عقوبة الغرامة ولكن هل يكفي مطلق الحجز أم يلزم أن يكون الحجز صحيحا طبقا لاحكام قانون المرافعات والحجز الادارى؟ (٢)وكان استاذنا الدكتور@ياسر الأمير قد ذهب في كتاب تقادم العقوبة عام ٢٠١٢ الي لزوم صحه إجراءات الحجز وإلا فقد اثره في قطع التقادم وقد اخذت محكمة النقض بهذا الرأي في حكم حديث لها وقالت أن الحجز القاطع لتقادم العقوبات المالية يجب توقيعه وفقاً لقانوني المرافعات أو الحجز الإداري ومن ثم فإن صدورحكم ببطلانه أو سقوطه أو عدم الاعتداد به يترتب عليه فقد أثره في قطع التقادم. (٣)ثم شرحت محكمة النقض أساس ذلك وقالت أن مؤدى نصوص المواد 530،529،52 من قانون الإجراءات الجنائية يدل على أن التقادم كسبب لسقوط العقوبة كسائر أحكام التقادم في المسائل الجنائية يتعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ، باعتبار أن المشرع الجنائي قرر أن مضى المدة التي عينها في المادة 528 سالفة البيان وراعى في تحديدها جسامة الجريمة على صدور الحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية دون تنفيذ يزيل من أذهان الناس آثار هذا الحكم وذكر الجريمة التي اقتضت صدوره بما يجعل انقضاء المدة مانعا من العقاب لحكمة أملاها هذا المنع هي انتفاء مصلحة المجتمع من العقاب على الجريمة المنسية بما يعيد ذكراها ويردد صداها بعد أن طال عليها الأمد وطواها النسيان وقرينة النسيان المبنى عليها ذلك التقادم لا يجوز نفيها لأن المشرع وضعها للمصلحة العامة ، ومن ثم فإن مضى المدة المعنية في القانون دون تنفيذ الحكم لجنائي النهائي يترتب عليه سقوط الحق في تنفيذ جميع العقوبات المقضي بها التي تتطلب تنفيذا ماديا على شخص المحكوم عليه أو ماله بغير استثناء ، بما يجعل الحكم السابق صدوره كأن لم يكن ويفقد مقومات وجوده كسند تنفيذي لتحصيل العقوبات المالية المحكوم بها كالغرامة والمصاريف ، ولا يكفى لقطع سريان مدة سقوط العقوبات المالية إنذار المحكوم عليه أو التنبيه عليه بدفع الغرامة ، بل لابد لقطع التقادم من اتخاذ إجراء من إجراءات التنفيذ في مواجهة المحكوم عليه أو ثبوت اتصال علمه به كالدفع أو الحجز أو الإكراه البدني ، والمقصود بالحجز الذى يقطع سريان مدة سقوط العقوبات المالية هو الذى يوقع وفقا للإجراءات التي رسمها قانون المرافعات أو قانون الحجز الإداري بحيث يكون مستكملا لشرائط صحته ، فإذا قضى ببطلان الحجز أو سقوطه أو عدم الاعتداد به فإنه يفقد كل آثاره القانونية ومنها ما كان له من أثر في قطع التقادم ومن ثم يعتبر قطع التقادم الذى مبناه ذلك الحجز كأن لم يكن . (الطعن رقم 17173 لسنة 77 ق مدني جلسة 2016/05/16)
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق