إثبات الزنا من خلال الرسائل الأليكترونية:-بقلم✍ د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)الزنا هو حصول وطء في غير حل ولهذا فإن الرأي مستقر في الفقه والقضاء على أن جريمة الزنا لا تقوم إلا بحصول وطء في غير حلال فلا تقع بما دون ذلك من أعمال الفحش(الطعن رقم 3610 لسنة 65 جلسة 2001/02/26؛الطعن رقم 21275 لسنة 64 جلسة 2000/10/23 كملامسة العورات والتقبيل واحتكاك الأعضاء التناسلية بل والأتيان من دبر. والأصل طبقا للمادة ٣٠٢إجراءات هو حريه القاضي الجنائي في إثبات وقوع الجريمة ونسبتها للمتهم من أي دليل يطمئن إليه ومع ذلك خرج المشرع عن هذا الأصل في جريمة الزنا وحدد في المادة ٢٧٦من قانون العقوبات الأدلة التي تقبل وتكون حجه علي المتهم بالزنا بحيث لا يملك القاضي الحكم بالإدانة الأمن خلال أحد هذه الادله المحددة حصريا وهذه الادله هي التلبس بالزنا والاعتراف ووجود أوراق صادره من المتهم ووجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم إذ جرى نص تلك المادة علي أن "الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه. وقضاء النقض مستقر منذ زمن وحتى الآن علي أن نطاق تطبيق المادة ٢٧٦ يقتصر علي شريك الزوجة الزانية أما الزوجة نفسها فيصح للقاضي أن يعتمد في إثبات زناها علي أي دليل يطمئن إليه ولو لم يكن من بين الأدلة التي نصت عليه تلك المادة وكذلك الشأن في إثبات زنا الزوج وشريكته إذ لا يتقيد القاضى في إثبات هذا الزنا بقيود خاصة(نقض 2001 /2//6 الطعن رقم 3610 لسنه 65 ق؛ نقض 2002 /2/18 الطعن رقم 11906 لسنه 63 ق)ولهذا حكم بأن ضبط عوازل طبية ملوثة بآثار مني بمنزل المتهم الشريك بناء على إذن مسبق غير كاف لإدانة الشريك بالزنا لأن ذاك ليس من بين الادلة الحصرية التي حددها القانون(الطعن رقم12862 لسنة 63 جلسة 2001/05/14)وهو أمر شاذ إذا ما اقتنع القاضى من شهادة الشهود والقرائن بنسبه الزنا الي الزوجة فيقض بإدانتها ويجد نفسه مضطرا في ذات الوقت الي تبرئة شريكها لعدم توفر دليل من الأدلة التي تطلبها القانون لإثبات الزنا عليه! وشريكته من خلال الرسائل الإليكترونية المتبادلة عبر شبكة الإنترنت سواء أكانت وات ساب أو ماسنجر..الخ كل ذلك بشرط أن تكون تلك الرسائل جازمة في حصول الوطء. أما بالنسبة لشريك الزوجة الزانية فإنه لأيجوز إثبات الزنا ضده ألا من خلال أحد الأدلة المحددة حصرا في المادة ٢٧٦ عقوبات ومن ضمن تلك الأدلة المكاتيب والأوراق الصادرة من الشريك أو اعترافه بالزنا فهل يمكن اعتبار الرسائل الاليكترونية الصادرة من الشريك بمثابة مكاتيب وأوراق أو اعتراف بالزنا ؟ (٢)وقد يقال بإمكانية الاعتداد بالرسالة الاليكترونية الصادرة من شريك الزوج سواء اكانت مثبته فى تليفون الزوج أو أرسلت ولم تثبت متى تضمنت اعتراف منه بالزنا إذ أن القانون لا يشترط في الاعتراف أن يكون قضائيا بل يمكن أن يحصل خارج مجلس القضاء طالما حصل من الشريك وكذلك الشأن فى المكاتيب والاوراق طالما كانا نصا على حصول الوطء .وهذا ما أخذت به محكمة النقض إذ قضت بانة لما كانت جريمة زنا الزوجة لا تقوم إلا بحصول وطء في غير حلال بما مفاده أن الجريمة لا تقع بما دون ذلك من أعمال الفحش, وكان من المقرر أن تفسير العبارات ومعرفة مرماها مما تستقل به محكمة الموضوع ما دام استخلاصها متفقا مع حكم العقل والمنطق, وكان البين من الاطلاع على محاضر تفريغ التسجيلات الصوتية التي جرت بين الزوجة - المطعون ضدها الأولى - وبين المطعون ضده الثاني - على ما يبين من المفردات المضمومة - أنها خلت مما يفيد وقوع الوطء فعلا بينهما وإن تضمنت عبارات غير لائقة ومن ثم يكون استخلاص محكمة الموضوع في استبعاد ما أسفرت عنه تلك التسجيلات وعدم اعتبارها دليلا من بين الأدلة التي أوردتها المادة 276 من قانون العقوبات بالنسبة للشريك في جريمة الزنا هو استخلاص سائغ ولم يخطئ الحكم المطعون فيه في التطبيق القانوني على الواقعة ويتفق مع حكم العقل والمنطق(الطعن رقم 21392 لسنة 63 نقض2001/10/24 وقد يقال بالعكس لأن المكاتيب والاوراق الصادرة من الشريك وتعتبر حجة في الزنا يقصد بها المحررات المكتوبة وهي في المعني التقليدي تتمتع بالثبات النسبي بحيث لا تتلاش أو تمحوا أو تزول دون ترك أثر ينم عنها وهو ما قد يظلمه واقع الحال بالنسبة للرسائل الإليكترونية إذ يسهل محوها علي الفور. وأياما كان الأمر فإنه لما كانت تلك المكاتيب والاوراق يجب أن تكون صادرة من الشريك نفسه وجازمة علي حصول الوطء فإنها لابد وأن تتضمن بالضرورة اعتراف منه بالوطء ولهذا فإننا نرى أنه يجوز إثبات زنا الشريك من خلال الرسائل الاليكترونية بوصفها اعترافا بالزنا لا سيما مع وجود نص المادة (11) من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم ٧٥لسنة ٢٠١٨ إذ نصت على أن يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط الدعامات الإليكترونية، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أى وسيلة لتقنية المعلومات نفس قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية فى الإثبات الجنائى متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية. ( ٣)غير أن الاعتداد بالرسالة الاليكترونية الصادرة من الشريك مشروط فوق أن تكون دلالتها جازمة ونصا في إقرار الشريك بحصول الوطء أن يكون الحصول علي الرسالة أو بالأحري الولوج الي البريد الإلكتروني للشريك قد تم بطريق مشروع اي بإذن قضائي مسبب ولمدة محددة طبقا للمادة ٥٧من دستور ٢٠١٤ وقانون جرائم تقنية المعلومات ٧٥لسنه ٢٠١٨ولا يكفي في هذا الشأن رضا الزوجة الزانية لأن الرسالة لا تخصها وحدها بل تخص شريكها وأن جاز لها أن تطلع الغير علي أسرارها فإنها لا تملك أن تطلع الغير سواء أكان زوجها أو السلطات العامة علي اسرار شريكها.ومن باب أولى لا يجوز للزوج أن يخترق البريد الإلكتروني لزوجته أو فتح هاتفها فى غيبتها لالتقاط الرسالة لأن فعله يعد في هذا الشأن جريمة طبقا لقانونين العقوبات والقانون رقم ٧٥لسنة ٢٠١٨ولا يستقيم أن يكون دليل الادانة مشروعا حال كونه جريمة.فضلا عن بث الثقة والأمانة فيما بين الزوجين وما يجب أن يسود العلاقة بينهما من احترام لا ينسجم مع التجسس بحيث أن شك أحد الزوجين في سلوك الآخر لجأ الي اتباع الإجراءات القانونية في الاثبات وإلا تحولت الأسرة الي مسرح مخابرات وعس وهو ما أخذ به القضاء الأمريكي والفرنسي وأيدهم فيه الفقهUnited States V.Jones,542 F2d 661 1976;Trib coure de Iyon 10 0ct 1970 Gaz Pal 1972 11p880;Trib coure de pesancon 21 Jang 1978 Dalloz p357ونعتقد لزوم الأخذ به فى مصر لاسيما مع وجود نصوص تجريم صريحة لأ تبيح هذا التجسس والتنصت والالتقاط ومع وجود أحكام الشريعة الإسلامية التي تحظر من وجهه نظرنا هذا التجسس مطلقا قال تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" وتقرر اما المعاشرة بالمعروف أو تسريح بإحسان ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾والتقيد فى اثبات الزنا بأدلة محدده. ولقد سبق أن أبدينا هذا الراي في مؤلفنا مراقبة الأحاديث الخاصة في الإجراءات دراسة مقارنة تحت عنوان مدى مشروعية تنصت الأزواج علي بعضهم البعض. (٤)مع ملاحظة أن محكمة النقض في حكم قديم لها محل نظر لدينا أجازت للزوج تفتيش حقيبة زوجته الموجودة بالمنزل إذا ما اقتنع أن بها رسائل من عشيقها وعللت لذلك بأن الزوج في علاقته بزوجته ليس من الغير فى صدد المكاتبات لأن عشرتهما وسكون كل منهما إلي الآخر وما يفرضه عقد الزواج عليهما من تكاليف لصيانة الأسرة في كيانها وسمعتها يخول لكل منهما ما لا يباح للغير من مراقبة زميله في سلوكه وفي سيره وفي غير ذلك مما يتصل با لحياة الزوجيه لكي يكون علي بينه من عشيره وهذا ما يسمح له عند الاقتضاء أن يتقص ما عساه أن يساوره من ظنون أو شكوك لينفيه فيهدا باله أو ليتثبت منه فيقرر ما يرتئيه. (نقض 1941 /5/19 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 259 ص 741 ).
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق