مدي مشروعية استجواب المتهم في مقر الرقابة الادارية أو مبني المخابرات العامة أو في حضور ضباط الشرطة؟بقلم د.✍ياسر الأمير؛ (١)الاستجواب اجراء من اجراءات التحقيق ينطوي علي مناقشه المتهم تفصيلا في التهمة الموجهه اليه ويأخذ الاستجواب صورة الحوار بالتضييق علي المتهم من خلال مجابهة بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته تفصيلاً كيما يفندها إن كان منكراً أو أن يعترف بها إذا شاء الاعتراف( الطعن رقم ٢٠١٩٤ لسنة ٨٧ ق الدوائر الجنائية جلسة ٢٠٢٠/٠٢/٠٤).وهو علي هذا النحو سلطة بالغة الخطر لذا أحاط القانون الاستجواب بضمانات عديدة تتكافاه مع شدته منها لزوم قيام المحقق به بنفسه فلا يملك ندب أحد رجال الضبط القضائي للقيام به(المادة ٧٠اجراءات) ويحدث في بعض القضايا ان ينتقل عضو النياية العامة الي دار الشرطة أو الامن الوطني أو المخابرات العامة أو الرقابة الادارية لاستجواب المتهم المحتجز كما أنه في بعض الأحيان يسمح عضو النياية العامة لرجال السلطة العامة بحضور الاستجواب وقد يذكر المحقق ذلك في محضر التحقيق أو يغفله ويترتب علي الاستجواب اعتراف المتهم بالجريمة فهل يبطل الاستجواب وما اعقبه من اعتراف لهذا السبب؟ (٢)تجري أحكام النقض علي أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لفطنته وتقديره حرصا علي الصالح العام وسرعة إنجازه(نقض١٩٨٢/٨/١٢مجموعة أحكام النقض س ٣٣ رقم١٩٩ص ٩٦٢؛ نقض ١٩٨٤/٢/١٩ س٣٥ رقم ٣٣ص١٦٣؛ نقض ١٩٨٤/٣/١٨س٣٥رقم ٦٤ص ٣٠٤) ولذلك فهي لا تري باسا من إجراء التحقيق في دار الشرطة أو مبني الرقابة الإدارية أو المخابرات العامة.كذلك فإنها تري انه ليس في حضور ضباط الشرطة أو المخابرات العامة التحقيق ما يعيب إجراءاته وذلك علي سند من أن سلطان الوظيفة وما يسبغه علي صاحبه من سلطات وإمكانيات لا يعد اكراها ماديا ما دام أن هذا السلطان لم يستطل علي المتهم بالاذي المادي أو المعنوي كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للا عتراف حقيقتا أو حكما (نقض ١٩٧٠/١٢/٢١ مجموعة أحكام النقض س ٢١رقم ٣٠٠ص ١٢٣٩؛ نقض١٩٧١/٦/٢٢س٢٣رقم ٢١٧ص ٩٨١؛ نقض١٩٧٧/٦/٦س ٢٨رقم ١٥٠ص ٧١٣)ومن الفقهاء من يؤيد مذهب النقض علي اعتبار أن رجال الضبط القضائي من مساعدي النيابة العامة وهم بهذه الصفه مسموح لهم حضور الاستجواب(د.مامون سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصري الجزء الأول ٢٠٠٨ص٥٤٣؛د.محمد زكي أبو عامر الإجراءات الجنائية ٢٠١٣ص٦٢١). (٣)وهذا القضاء محل نظر إذ اسرفت فيه محكمة النقض في التسامح مع رجال الشرطه لدرجه باتت فيها حريات وحقوق المتهمين في خطر شديد ولعل أهم ما يمكن توجيه لهذا القضاء من نقد هو انفصاله عن حقيقة الواقع وما يعرفه الناس في الفتره الراهنة من تلفيق قضايا وبطش شرطي. اما حجج النقض لتبرير قضاؤها المنتقد فلا يخلوا من تكلف لأنه ولئن كان صحيحا أن القانون لم يلزم المحقق باجراء التحقيق في مقر النيابة العامة إلا أن ذلك لا ينفي أن إجرائه في هذا المقر هو الأصل واجراءه في غيره هو الاستثناء وبشرط أن يكون الخروج علي الاصل لعله ظاهره والا كان الدفع بالا كراه المعنوي له ما يبرره وهو ما يقتضي من المحقق ذكر الأسباب التي دفعته إلى اجراء التحقيق في غير مقر النيابة.وكذلك الشان في حضور رجال الشرطة التحقيق عموما والأستجواب خصوصا لأن القاعده في التحقيق هي السرية ومن شأن حضورضباط الشرطه إفشاء السرية ولا يعترض بأن ضباط الشرطة من مساعدي النيابة العامة إذ هذه الصفه لأ تسمح لهم بحضور الاستجواب وإنما تسمح فحسب للمحقق الاستعانة بهم إذا لزم الامر في بعض الأعمال القانونية أو أن يكون حضورهم لازم وضروري خشيت تعدي المتهم علي المحقق وبشرط اثبات ذلك في محضر التحقيق حتي يكوت تحت نظر محكمة الموضوع. بل إن وجود ضابط الشرطه عند استجواب المتهم يعد إكراه معنوي لاسيما إذا كان الضابط قد أثبت في محضره أن المتهم اعترف له بارتكاب الجريمةاوانه ضبطه متلبسا بها. ذلك أن ضابط الشرطه أو المخابرات أو الرقابة الادارية أو الأمن الوطني هو من احضر المتهم للنيابة وهو ذاته من يستقبله بعد إنهاء النيابة الاستجواب فهل سيجرء المتهم في الاستجواب تكذيب الضابط حال أنه بعد دقائق قليله سيكون تحت براثنه؟ لذا فإننا نناشد محكمة النقض ضمانة لسلامة الاستجواب وما قد يسفر عنه من اعتراف أن تعتبر الإكراه المعنوي قائما اذا تم في غير مقر النيابة العامه وفي حضور رجال الشرطه لغير عله تفصح عنها ظروف الدعوي واوراقها.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية؟ ======================================= (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق