نطاق سلطة محكمة الموضوع في التعرف علي جثة المجني عليه بقلم د.@ياسر الأمير (١)في العديد من جرائم القتل يعمد الجاني إلي تشوية جثة القتيل حتي يصعب التعرف علي شخص القتيل وبالتالي فشل اجهزة البحث والتحرى في الوصول للجاني. ويزداد الامر تعقيدا أن خلت أوراق القضية من دليل فني يجزم بأن الجثة تخص شخص بعينة ولأ يوجد في أوراق الدعوى سوى أقول شهود بعضهم تعرف علي الجثة والبعض الآخر نفي أنها تخص شخص بعينة. (٢)ذهبت محكمة النقض إلي أن من حق محكمة الموضوع الأخذ بتعرف الشاهد على جثة المجنى عليه ولو نازع المتهم في ان شاهد آخر لم يتعرف على الجثة دون الاستعانة بأهل الخبرة بسند أن القانون لم يرسم شكل خاص لهذا التعرف وأن الجدل الموضوعي في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.وقالت في ذلك أنه لما كان الطاعن ينازع في تعرف ابن عم المجنى عليها على جثتها دون أن ينازع في تعرف شقيقه المجنى عليها على الجثة وفى تعرفها الكفاية على فرض استبعاد الشاهد الآخر ذلك أن القانون لم يحدد لهذا التعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها لأن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على الجثة ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هى باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه مادام واقع الحال يسانده فلا على المحكمة إن هى اعتمدت على الدليل المستند من تعرف الشاهدين على الجثه ما دام تقديم قوة الدليل من سلطتها وحدها وأن القول بتغير معالم الجثة أو أنها لغير المجنى عليها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير إدلة الدعوى مما لا تجوز أثارته أمام محكمة النقض . (الطعن رقم 7618 لسنة 62 جلسة 1994/04/05 س 45 ص 473 ق 75). (٣)وهذا القضاء محل نظر لأنه إذا كان القانون لم يرسم إجراءات معينه للتعرف على جثه المجني عليه إلا أن ذلك لا يعني إطلاق يد محكمة الموضوع في هذا التعرف طالما أن المتهم نازع في دليل التعرف من أقوال شاهد آخر وساند منازعته بتغيير معالم الجثة إذ أضحت المسألة عندئذ فنية بحتة لا تستطيع المحكمة شق طريقها نحوها إلا بالاستعانة بأهل الخبرة من خلال الطرق الفنية الحديثة سواء طلب المتهم ذلك أم سكت لأن تحقيق ادله الدعوي واجب علي المحكمة بغض النظر عن مسلك الخصوم ولا مجال للقول بأن تقدير أقوال الشهود برمته يخضع للسلطه التقديرية للمحكمة لأن المسألة لا تتعلق بتقدير أقوال شاهد بل بحسم مسالة فنية بحتة لأ تملك المحكمة أن تحل نفسها محل الخبير فيها.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق