مدى مشروعية التلبس بالمخدر المكتشف من تحليل الدم والبول فى مجال الوظيفة العامة بقلم.ياسر الامير (١)يثير المقال الراهن اشكالية حول ما اذا كان يجوز لجهة الإدارة أخذ عينة دماء من الموظف لتحليلها كشفا عن تعاطيه المخدر أو المسكر طبقا لاحكام قانون الخدمة المدنية رقم ٨١ لسنه ٢٠١٦ الذي يجيز إنهاء خدمة العامل إذ ثبتت عدم لياقته صحيا لتعاطيه المخدر من عدمة ؟وهى مسالة ترتبط باشكالية أخرى حاصلها مدي مشروعية امتداد التفتيش الإداري داخل جسم الإنسان من خلال تحليل الدم والبول" (٢)نبادر فنقرر ان التفتيش بوجه عام هو البحث عن الحقيقة في مستودع السر. والأصل في التفتيش انه إجراء تحقيق لا يجوز اتخاذ الا بصدد جناية أو جنحه وقعت فعلا وترجح نسبتها الي شخص معين وأنه يخفي ما يفيد في كشفها فيجري تفتيشه لضبط ادلتها. ولكن قد يجري التفتيش لاغراض إداريه لا علاقه لها بجريمة وقعت وإنما لتحقيق أغراض الضبط الإداري المتمثلة في المحافظة علي الأمن والصحة والسكينةالعامة..ووجه خطوره هذا التفتيش ان من يجريه هم عمال السلطة التنفيذيه ويتخذ بعيدا عن تدخل القضاء إذ لا يلزم لصحته اذن قضائي ولا صفه معينه فيمن يباشره ولا وقوع جريمة اصلا. وضابطه الوحيد استهداف المصلحه العامه وعدم التعسف في تنفيذه. (٣)والواقع ان امتداد التفتيش بوجه عام داخل جسم الإنسان عن طريق تحليل الدم آثار جدل حول مشروعيته من جهه وعن طبيعته وما إذا كان يعتبر تفتيش وفقا لرأي محكمه النقض وجمهور الفقه ام عمل خبره طبقا لرأي البعض. والذي لاشك فيه ان تقرير مشروعية هذا التفتيش يؤدي إلى مشروعية ما يكشف عنه التحليل من تلبس المتهم بجناية تعاطى المواد المخدرة على اعتبار أن التلبس نتج عن اجراء مشروع وهو التحليل . (٤)ونعتقد ان مشروعية التفتيش الإدارى بوجه عام وتحليل الدم والبول على وجه خاص يجب أن يحمل علي الرضا به بمعني ان رفض الشخص أخذ عينة من دمه أو اكره على التبول للتحليل فإن ذلك يدمغ هذا التفتيش او بالاحرى التحليل بعدم المشروعية. غير أن القضاء يتوسع في هذا الرضا فلا يتطلب لمشروعيته ان يكون صريحا بل يكتفي بأن يكون ضمنيا من واقع عدم الاعتراض عليه. وهو ماسبق وان انتقدناه بشدة فى كتاب التفتيش الادارى. وعلى أى حال فانه بدون هذ الرضا يضحي التفتيش الإداري باطلا.حتي ولو نظمه قانون أو قرار اداري. إذ الدستور يحظر في غير أحوال التلبس التفتيش الا بأمر قضائي مسبب ولا يجيز انتهاك كرامه الإنسان وهومايتحقق بعينه في التفتيش الإداري لاسيما إذا اتخذ صوره تحليل الدمع والبول. (٥)هذاولقد صدر قرار الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بخضوع العاملين في الدوله لإجراء تحليل دم لكشف تعاطي المخدرات والمكسرات استنادا لنص المادة ٦٩ من قانون الخدمة المدنية رقم ٨١ لسنه ٢٠١٦ الذي يجيز إنهاء خدمة العامل إذ ثبتت عدم لياقته صحيا إذ مفهوم النص خضوع العامل للفحوص الطبية كشرط لاستمراره في الخدمة ومن هذه الفحوص تحليل الدم.وهو ما أوضحته المادة ١٧٧من اللائحه التنفيذيه لهذا القانون حينما نصت علي إنهاء الخدمة متي ثبت ادمان الموظف للمخدر.كما قدمه العديد من مشروعات القوانيين لمجلس النواب بهذا الشان. (٦)وبغض النظر عن الدوافع التي استهدفها المشرع والمتمثلة في رغبة ولي الأمر النهوض بالجهاز الادارى للدولة باقصاء المدمن من الوظيفة العامة علي إعتبار أنه يمثل الدوله والفم الناطق باسمها تجاه المواطنين ولايليق أن يكون مدمن مختل أو ما يعتقده البعض من لزوم تخفيف الهيكل الاداري للدولة.فإن الذي لأ خلاف فيه أن هذا التحليل للدم والبول ما هو إلا إجراء تفتيش إداري لا تملك الإدارة إجراءه الا برضا العامل. فإن رفض فلا يجبر عليه سواء ماديا أو معنويا من خلال الجزاءات التاديبية. بل اننا نعتقد ان صدور قرار بهذا الشأن وان جاز ان يكون شرط للاتحاق بالعمل الا انه لا يصح ان يكون شرطا للاستمرار في العمل. ما دام ان مثل هذا القرار لم يكن موجودا عند الالتحاق بالعمل. إذ يصعب عندئذا افتراض رضا العامل بما ستؤول اليه اللوائح. لاسيما وأن اللوائح كالقوانين تسري باثر فوري مباشر وليس لها أثر رجعي.ومن ثم فإن مناط مشروعيه أي قرار أو قانون في هذا الشأن متوقف علي قبول الموظف فإن رفض أمتنع إجراءه جبرا عنه أو افتراض إدمانه المخدر من واقع الاعتراض أو فصله.بل حتي مجازاته تأديبيا علي رفضه الخضوع للتحليل.اذ لأ يجبر شخص علي إثبات براءته من جهه ولا يكلف شخص علي تقديم دليل إدانته من جهه أخري. اللهم إلا إذا كان التحليل شرط للاتحاق بالعمل أو الترقيه أو النقل وتقدم الشخص لشغلها.اذ تقدمه للوظيفة يعني قبول خضوعه للتحليل ويضحي التفتيش عندئذ واقع بناء علي عقد. (٧)وقد يكون من المفيد في تلك الخاتمه سرد نص قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية. فلقد حدد قانون الخدمة المدنية الصادر برقم 81 لسنة 2016 إنهاء الخدمة إذا ثبت عدم اللياقة الصحية للموظف. وحدد الفصل الثامن من القانون في أول مادة به والتي حملت رقم 69 مجموعة من القواعد والحالات التي تؤدي إلى إنهاء خدمة الموظف ومنها:. - بلوغ سن الستين بمراعاة أحكام قانون التأمين الاجتماعي - الاستقالة - الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة - فقد الجنسية - الانقطاع عن العمل بدون إذن 15 يومًا متتالية ما لم يثبت أن الانقطاع كان بعذر مقبول - الانقطاع عن العمل بدون إذن 30 يومًا منفصلة - عدم اللياقة للخدمة صحيًا وذلك بقرار من المجلس الطبي المختص اللائحة التنفيذية للقانون بينما حددت المادة 177 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية شرحًا أكثر تفصيلًا لهذه النقطة حيث حملت المادة اسم "عدم اللياقة للخدمة صحيًا" حيث نصت المادة على أنه "إذا ثبت عدم لياقة الموظف للخدمة صحيًا بقرار من المجلس الطبي المختص، يتعين على إدارة الموارد البشرية أن تعرض الأمر على السلطة المختصة أو من تفوضه لإصدار قرار بإنهاء خدمته". كما نصت الفقرة الثانية من المادة على أنه "لا يجوز للسلطة المختصة إنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب إنهاء خدمته دون انتظار انتهاء أجازته". ونصت الفقرة الثالثة من المادة على أنه "في جميع الأحوال تنتهي خدمة الموظف إذا ثبت عدم لياقته الصحية لإدمانه المخدرات".
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق