الإختصاص بنظر منازعات جب العقوبة ✍د.ياسر الأمير (١)يقصد بجب العقوبة أنه عند تنفيذ العقوبات السالبة للحرية المتعددة فإن تنفيذ العقوبة الشديدة يتضمن فى الوقت نفسه تنفيذ العقوبة أو العقوبات الأقل شدة وبالتالى يحول دون تنفيذها. إذا القاعدة أنه إذ ارتكب شخص عدة جرائم ولم تكن مرتبطة ببعضها ارتباط لا يقبل التجزئة فإنه يعاقب عن كل جريمة بالعقوبة المقررة لها فالقاعدة هنا هي تعدد العقوبات تبعا لتعدد الجرائم.وتسرى هذه القاعدة أيا ما كانت الجرائم المرتكبة أي سواء كانت كلها جنايات أو جنحا أو مخالفات أو كانت خليطا من هذه الجرائم .كما تسرى القاعدة على العقوبات بمختلف أنواعها أي سواء كانت أصلية أو غير أصلية.وقد لا حظ المشرع مع ذلك أن اطلاق القاعدة يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج لا تتفق وأغراض العقوبة فحد من اطلاقها واورد عليها قيودا تخفف من صرامتها وتتمثل هذه القيود في تداخل العقوبات وهو ما يعرف بالجب، كما تتمثل في وضع حد أقصى للعقوبات الماسة بالحرية غير أن المشرع لم يفرض هذه القيود على القاضى بل على السلطة القائمة بالتنفيذ ولذلك فإنه يتعين على القاضى في أحوال التعدد البسيط أن يحكم على الجانى بعقوبة عن كل جريمة دون نظر إلى حاصل جمع العقوبات ولو بلغ هذا الحاصل مائة عام.ولقد نص المشرع على هذه القاعدة العامة في ثلاثة مواضع وهي المواد 33، 37، 38 من قانون العقوبات. (٢)ولقد تكفلت المادة 35 ببيان حكم جب العقوبة فنصت على أن"تجب عقوبة السجن المؤبد أو المشدد بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المؤبد أو المشدد المذكور"وظاهر من النص أن العقوبة التى تجب غيرها هي السجن المشدد وحدها وهى تجب السجن و الحبس بمقدار مدتها. ومن ثم فإن عقوبة السجن المؤبد لأ تجب غيرها كما أن عقوبة السجن المشدد لأ تجب عقوبة سجن مشدد مثلها وأيضا فإن عقوبة السجن لأ تجب عقوبة الحبس كما أن عقوبة السجن المشدد لأ تجب عقوبة السجن إلا بمقدار مدتها فإن حكم على شخص بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبالسجن لمدة عشر سنوات فإن عقوبة السجن المشدد لأ تجب عقوبة السجن إلا بمقدار مدتها إلا خمس سنوات وتنفذ من عقوبة السجن الخمس السنوات بدل عشرة. وشرط الجب أن تكون عقوبة السجن أو الحبس محكوم بها من أجل جريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المشدد فلا تسرى قاعدة الجب إذا وقعت الجريمة بعد الحكم بهذه العقوبة. ولم (٣) كماوضع المشرع حد أقصى للعقوبات الماسة بالحرية اذ تنص المادة 36 على أنه "إذا ارتكب شخص جرائم متعددة قبل الحكم عليه من أجل واحدة منها وجب أن لا تزيد مدة السجن المشدد على عشرين سنة ولو في حالة تعدد العقوبات وأن لا تزيد مدة السجن أو مدة السجن والحبس على عشرين سنة وأن لا تزيد مدة الحبس وحده على ست سنين". (٤)ولكن يحدث عملا أن تغفل جهه الإدارة أو بالاحرى مصلحة السجون أعمال أحكام الجب أو الحد الأقصى للعقوبات السالبة للحرية المار ذكرها أو يلتبس عليها الأمر وينازع المحكوم عليه فى احقيته فى الجب أو تطبيق الحد الاقصي للعقوبات الماسة بالحرية. ويجرى العمل على لجوء ذوى الشأن للنيابة العامة للتظلم من مسلك مصلحة السجون على اعتبار أن النيابة العامة من مهامها الاشراف على السجون أو إقامة دعوى أمام محكمة القضاء الإداري على اعتبار أن قرار مصلحة السجون برفض أعمال قواعد الجب أو امتناعها قرار إدارى يخضع لرقابة القضاء الإدارى بحسبانة صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات الإدارية وهو أمر محل خلاف نظرا لأن لعدم وجود قاضي مشرف على تطبيق وتنفيذ العقوبة بعكس الحال فى فرنسا إذ نص المشرع الفرنسي بموجب قانون ٩مارس على لسنه ٢٠٠٤ على نظام قاضي تنفيذ العقوبة وذلك فى المادة ٧١٢-١و٢و٦و٧و٨و١٢و١٣ من قانون الإجراءات الجنائيةPoncela "loi du 9 Marrs 2004 reduction de peines;Rev Sc crim 2004 p955.وهو ما لأ نظير له عندنا وأن كنا نعتقد أنه حال وجود نزاع على أعمال قواعد الجب أو الحد الأقصى للعقوبات السالبة للحرية لأ يوجد ما يمنع من الأشكال فى تنفيذ الحكم أمام المحاكم الجنائية وايه ذلك لدينا أن تنفيذ الحكم حسبما قالت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان جزء من كيان الخصومة الجنائية Hornsly v. Greece 1997; Combelle et fell v United Kingdom 1984 (٥)ومن ثم نرى أنه يجب عقد الإختصاص بنظر منازعات جب العقوبة للقضاء الجنائي فى صورة منازعة تنفيذ ولقد نظم المشرع خصومة الأشكال في التنفيذ في المواد 524 إلى 527 من قانون الاجراءات الجنائية ويبين من أحكام القانون أن الإشكال ليس طعنا في الحكم بل تظلم ينعى فيه المحكوم عليه على إجراءات تنفيذ الحكم بطلب وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها ولهذا لا يصح في الإشكال تجريح الحكم كما أن سبب الإشكال لابد وأن يكون لاحقا للحكم المستشكل فيه(نقض ٢٠١٢/١١/٢٧ مجموعة احكام النقض سن٦٣رقم ١٤٨ ص ٨١٦؛نقض ٢٠١٢/١١/٢٥سن ٦٣ رقم١٤٠ ص٧٨٢؛نقض ٢٠٠٢/٠٣/١ سن ٥٣ رقم ٧٤ص٤٥٦؛نقض ٢٠٠١/٠٥/٠٢س٥٢ رقم ٨٢ ص٤٧٢)ومن ثم ينعقد الإختصاص للمحكمة الجنائية على حسب الأحوال فى صورة أشكال موضوعى بهدف وقف تنفيذ العقوبة التى جبت أو المراد تنفيذهابالمخالفة للقانون.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق