نبذة عن طرق الطعن فى أحكام المحاكم العسكرية: بقلم ✍د. ياسر الأمير (1)كان ينظر الي القضاء العسكري المنشئ بمقتض القانون رقم 25لسنه 1966 حتي وقت قريب أنه قضاء استثنائي يختص بنظر الجرائم العسكرية البحتة التي تقع من العسكريين.ولم تتغير تلك النظرة بل زاد الإيمان بها بعد أن امتد اختصاص القضاء العسكري لجرائم القانون العام التي تقع من العسكريين أثناء تاديه مهام وظائفهم لأن العدالة كما قرر العلامة "دوفي"يجب أن تكون واحده والجندي مواطن قبل أن يكون عسكريا.وايضا رسخ الإيمان بهذه الطبيعة الاستثنائية بعد اخضاع المدنيين للقضاء العسكري بشأن بعض الجرائم. وهو ما انتقده البعض وراي فيه توغل علي اختصاص القضاء العادي وانتقده بشده بدعوي أن القضاء العسكرى قضاء غير طبيعى إذ المتهميين أمام القضاء العسكري يحظون بضمانات اقل مما يحظي بها قرنائهم أمام القضاء العادي كما أن بوسع رئيس الجمهورية احاله جرائم القانون العام الى القضاء العسكرى حال أنه يعتبر قضاءغير طبيعي بالنسبة للمدنيين. وكان الفقه يدلل علي تلك الطبيعة الاستثنائية للقضاء العسكري بشواهد عديده اهمها حظر الطعن في احكام المحاكم العسكرية وخضوعها لنظام التصديق وتشكيل القضاه العسكريين من غير الحاصلين علي ليسانس الحقوق وقابليتهم للعزل وخضوعهم للنظم الإدارية. بل أن محكمة النقض ذاتها حاولت التضييق من اختصاص القضاء العسكري فذهبت إلي أنه ليس اختصاص منفردا بل يشاركه فيه القضاء العادي لعدم وجود نص يقضي بانفراده بنظر الجرائم التي يختص بها(الطعن رقم 61 لسنة 28 جلسة 1958/12/22 س 9 ع 3 ص 1101 ق 267) (2)غير أنه اعتبارا من عام 2007 وبموجب القانون رقم 16لسنه 2007حاول المشرع اضفاء العديد من الضمانات علي القضاء العسكري بما يكفل له الاستقلال واهم هذه الضمانات تمتع القاضي العسكري بذات ضمانات القاضي العادي واصبحوا قرناء لهم واضحي القاضي العسكري مؤهل في الحقوق وانشئ المحكمة العليا للطعون العسكرية كمرادف لمحكمة النقض فصارت أحكام المحاكم العسكرية في الجنايات والجنح تخضع بجانب نظام التصديق للطعن بالنقض. ونص علي انفراد القضاء العسكري بنظر الجرائم التي تدخل في اختصاصه بما كان يعني عدم مشاركة المحاكم الجنائية العادية للقضاء العسكري فيما استئاثر به من اختصاص ولكن ظلت محكمة النقض علي موقفها من مشاركة القضاء العادي للقضاء العسكري اختصاصه(الطعن رقم 28875 لسنة 3 جلسة 2013/03/25 س 64 ص 417 ق 56الطعن رقم 15357 لسنة 86 جلسة 2018/03/19). (3)وفي عام 2014حرص الدستور في المادة 204منه علي النص علي استقلال القضاء العسكري بحسبانة هيئة قضائية مستقلة وحظر محاكمة المدنيين أمامه إلا في جرائم معينه وفي اعقاب ذلك صدر القانون رقم 12لسنه 2014بتعديل احكام قانون القضاء العسكري فاعاد ترتيب المحاكم العسكرية ونظم الطعن في احكامها فصار هناك طعن فى أحكام الجنح العسكرية بالاستئناف ونقض فى أحكام الجنايات والجنح المستانف العسكرية. إذ نصت المادة 43 المستبدلة بموجب القانون المذكور علي أن المحاكم العسكرية هي: 1- المحكمة العسكرية العليا للطعون. 2- المحكمة العسكرية للجنايات. 3- المحكمةالعسكرية للجنح المستأنفة. 4- المحكمة العسكرية للجنح.وتختص كل منها دون غيرها بنظر الدعاوى والمنازعات التي تُرفع إليها طبقا للقانون.ونصت المادة 44 علي أن تُشكل المحكمة العسكرية للجنايات من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من ثلاثة قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته عن عقيد، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية. وتختص بنظر قضايا الجنايات. ونصت المادة 45علي أن ُشكل المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من ثلاثة قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته عن مقدم، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية. وتختص بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية أو من المحكوم عليهم في الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العسكرية للجنح ثم نصت المادة46 علي أن تُشكل المحكمة العسكرية للجنح من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من قاض واحد لا تقل رتبته عن رائد، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية وتختص بنظر قضايا الجنح والمخالفات. كما نصت المادة 43 مكرراً على أن المحكمة العليا للطعون العسكرية مقرها القاهرة. وتؤلف من رئيس هيئة القضاء العسكري وعدد كاف من نوابه ومن القضاة العسكريين برتبة عقيد على الأقل، وتتكون من عدة دوائر يرأسها رئيس المحكمة أو أحد نوابه برتبة عميد على الأقل. وتصدر الأحكام من خمسة قضاة عسكريين. وتختص هذه المحكمة دون غيرها بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية أو من المحكوم عليه في الأحكام النهائية التي تصدرها كافة المحاكم العسكرية في جرائم القانون العام على العسكريين أو المدنيين وتسري على هذه الطعون القواعد والإجراءات الخاصة بالطعن بالنقض في المواد الجنائية المنصوص عليها في القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وذلك فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون وتكون أحكامها باتة دون حاجة لأي إجراء. كما تختص هذه المحكمة دون غيرها بنظر طلبات إعادة النظر التي تقدم في أحكام المحاكم العسكرية الصادرة في جرائم القانون العام وذلك طبقاً للقواعد والإجراءات الخاصة بطلب إعادة النظر المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية. ومتى صار الحكم بالإعدام باتاً وجب رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الجمهورية، وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة. ولرئيس الجمهورية أو من يفوضه تخفيف الأحكام الباتة بعقوبة مقيدة للحرية أو وقف تنفيذها نهائياً أو لفترة محدودة. ثم قررت المادة80 أنه لا يجوز للمحكمة العسكرية للجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه، فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال الأيام العشرة التالية لإرسال الأوراق إليه، جاز للمحكمة الحكم في الدعوى. كما تم اضافة مادة برقم 76 (مكررا) إلى قانون القضاء العسكري بسريان احكام قانون الإجراءات الجنائية علي إجراءات المحاكمة وجلساتها فيما لم يرد في شأنه نص خاص في هذا القانون علي أن يتولى تدوين ما يدور في جلسات المحاكم على اختلاف أنواعها كاتب لكل محكمة. وبهذه النصوص صار القضاء العسكرى قضاء طبيعى بالنسبه لمن يمثل أمامه من المتهمين الخاضعين لاحكام قانون القضاء العسكري إذ مناط القاضي الطبيعى تحديد اختصاص المحكمة قبل تقديم المتهم اليها وكفاله حقوق الدفاع والطعن فى الأحكام ولا يقدح من ذلك بقاء نظام التصديق على الأحكام من الضابط المفوض من رئيس الجمهورية الذي يملك تعديل الحكم أو الغائه أو اعاده المحاكمة إذ كل ذلك لا يخل بحق المحكوم عليه فى الطعن فى الحكم بعد التصديق ومن ثم صار التصديق ضمانه اضافية للمحكوم عليه لا يتمتع بها المتهم الذى يحاكم أمام القضاء الجنائي العادى. (4)كما أنه بموجب القانون المذكور رقم 12لسنه 2014تم الغاء المواد أرقام (47)، (50)، (51)، (52) من قانون القضاء العسكري الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966.إذ كانت المادة 47 الملغاة تنص علي أنه يجوز في الاحوال الخاصة تشكيل المحكمة العسكرية العليا من خمس ضباط والمحكمة العسكرية المركزية لها سلطة العليا والمحكمة المركزية من ثلاث ضباط ويكون ذلك بقرار من الضباط الامر بالاحالة.أما المواد 50و51و52فكانت تحدد اختصاص المحاكم العسكري وبالتالي لم يعد لها وجود بعد اعادة هذا التنظيم بموجب القانون رقم 12لسنه 2014ولهذا الغيت بموجب القانون المذكور.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق