اختصاصات الرقابة الإدارية في ضبط الجرائم طبقا لقانون الرقابة الإدارية رقم٢٠٧لسنه٢٠١٧ دراسة وصفية نقدية بقلم د. ✍ياسر الأمير (١)عند إنشاء هيئة الرقابة الإدارية كانت أحد أقسام النيابة الإدارية وكان اختصاصها مقصور على كشف المخالفات الإدارية التي تقع من الموظفين العموميين بالمعني الضيق. وعند صدور القانون رقم٥٤لسنه ١٩٦٤أعاد المشرع تنظيم الرقابة الإدارية وجعل لها اختصاص جنائي ضيق نسبيا يتعلق بضبط جرائم الموظفين العموميين في الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه. ولم يكن اختصاص الرقابة الإدارية يشمل آحاد الناس ما لم يكونوا أطرافا في الجرائم التي ارتكبها الموظف العام أو استهدفت الجريمة المساس بسلامه أداء الوظيفة العامة أو الخدمة العامة. (٢)ولقد بينت محكمة النقض في القانون المار ذكره اختصاصات الرقابة الإدارية وكون أعضائها من رجال الضبطية القضائية الخاصة فقالت من المقرر أن المادة ٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن عينت الموظفين الذين يعتبرون من مأموري الضبط القضائي وأجازت لوزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين تلك الصفة بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم اعتبرت في فقرتها الأخيرة النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض القوانين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، ولما كانت المادة ٦١ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية المعدل بالقانون رقم ٧١ لسنة ١٩٦٩ قد نصت على أنه يكون لرئيس الرقابة الإدارية ونائبه ولسائر أعضاء الرقابة ولمن يندب للعمل عضواً بالرقابة سلطة الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية العربية المتحدة ولهم في سبيل مباشرة اختصاصاتهم مزاولة جميع السلطات التي تخولها صفة الضبطية القضائية المقررة لبعض الموظفين في دوائر اختصاصهم وجعل لها اختصاص جنائي في ضبط جرائم الموظفين العموميين في الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه. ولا يمتد لآحاد الناس ما لم يكونوا أطرافا في الجرائم التي ارتكبها الموظف العام أو استهدفت الجريمة المساس بسلامه أداء الوظيفة العامة أو الخدمة العامة(رقم ٦٢٠٢ لسنة ٧٩ قضائية جلسة ٢٠١٠/٠٢/٢١) (٣)ولهذا استقر قضاء النقض في ظل هذا القانون على أن اختصاص الرقابة الإدارية يقتصر على الجرائم التي يرتكبها الموظف العام أثناء مباشرة وظيفته وينحسر عن الجرائم التي يرتكبها آحاد الناس ما لم يكن مساهم في الجريمة التي ارتكبها الموظف (نقض ١٩٨٨/٥/٨مجموعة أحكام النقض س ٣٩رقم ١٠١ص ٦٨٠؛ نقض١٩٧٠/١/١٨س ٢١رقم٢٤ص٩٤)وأن هذا الاختصاص لا يمتد إلى آحاد الناس إلا في حاله وحيده هي مساس الجريمة بسلامة أداء الوظيفة أو الخدمة العامة نقض ١٩٩٢/١٢/٨مجموعة أحكام النقض س ٤٣رقم ١٧٥ ص١١٢٦؛ الطعن رقم ٨٢٦٧لسنة ٧٥قضائية الصادر بجلسة ٢٠٠٥/١١/٢٦٣) (٤)غير أنه بصدور القانون رقم ٢٠٧لسنة ٢٠١٧الذي الغى القانون المار ذكره توسع المشرع في الاختصاص الجنائي للرقابة الإدارية إذ بعد أن نص في المادة الأولى من القانون على أنها هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية مباشرة منحها مكنه ضبط جرائم الفساد والحفاظ على المال العام وغيره من أموال الدولة سواء أكان عام أو خاص. وبالتالي لم يعد اختصاص الرقابة اللادارية قاصر علي جرائم الموظف العام بل امتد إلى آحاد الناس متى تعلق الأمر بمال للدولة سواء كان عام أو خاص واضحي لها سلطات في التحري عن الجهات المدنية وليس فقط الحكومية(المادة ٨)ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل امتد اختصاص الرقابة الإدارية لأي جريمة تستهدف الحصول أو محاولة الحصول على ربح أو ميزه من خلال استغلال صفه أحد الموظفين العموميين أو أحد شاغلي المناصب العامة أو اسم أي جهة تساهم الدولة فيها. وبالتالي صح للرقابة الإدارية ضبط جرائم النصب أو التبديد بانتحال صفه موظف عام أو شخص ذا منصب(المادة ٤) ليس هذا فحسب بل أناط المشرع بالرقابة الإدارية ضبط جرائم التعامل في النقد وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية والاتجار بالبشر(مادة٢فقره ٥) (٥)وهذا التوسع في اختصاص الرقابة الإدارية أمر غير سديد إذ أنشأت الرقابة الإدارية أصلا لمكافحة الفساد في الوظيفة العامة وليس في المجتمع بأسره إذ هناك جهات أخرى منوط بها ذلك مثل مباحث الأموال العامة والمباحث الجنائية. . . . . إلخ كما أن هذا التوسع فيه سلب لاختصاص تلك الجهات ومن شأنه اضطراب العمل وتداخل الضبطيات. بل يحق لنا أن نتساءل ما معنى استقلال الرقابة الإدارية الذي نص عليه القانون وأمام من هذا الاستقلال متى كانت تابعه لرئيس الجمهورية أن التبعية تنفي الاستقلال مهما اجتهدنا في انتحال المعاذير. ثم أن هذا الاستقلال فيما يتعلق بصفه الضبطية القضائية يثير أشكال عند التحري عن الجرائم وضبط مرتكبيها إذ أعضاء الضبط القضائي خاضعين للنائب العام فيما يتعلق بهذه الأعمال طبقا للقواعد العامة في قانون الإجراءات الجنائية فهل يفلت أعضاء الرقابة الإدارية من هذا الخضوع لذا فإن القانون محل التعليق غير موفق فيما جاء به من أحكام.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق