إعادة تمثيل المتهم لارتكاب الجريمة طبيعته - مشروعيته بقلم د.✍ياسر الأمير (١)كثيرا ما يدفع المتهمين ببطلان الاعترافات الصادرة منهم حول كيفية ارتكابهم الجريمة لحصول تلك الاعترافات تحت وطأة الإكراه والتهديد به من قبل الشرطة في مرحلة الاستدلال بل إن كثير منهم لاحقا ينكر صدور تلك الاعترافات منهم ويعدل عنها في مرحلة المحاكمة.ولهذا ظهر في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي وسيلة لجأت إليها مباحث أمن الدولة وهي تصوير اعترافات المتهمين في القضايا السياسة بالفيديو صوت وصورة بل وإعادة تمثيل المتهمين لارتكاب الجريمة وتصويرهم ولقد اختلفت مواقف محاكم أمن الدولة حول تلك الاعترافات واعادةالتمثيل المصور فأعلنت بعض المحاكم مشروعيتها وأهدرتها محاكم أخرى (على سبيل المثال حكم محكمة أمن الدولة العليا في ١٩٨٥/١/١٠ القضية رقم ٤٩٢٩لسنه ١٩٨٣جنايات عابدين)كل بحسب اطمئنانه إليها من عدمه. ثم انتقلت تلك الظاهرة إلى بعض أعضاء النيابة العامة المحققين إذ لجئوا في الآونة الأخيرة إلى أن يطلبوا من المتهمين المعترفين إعادة تمثيل ارتكاب الجريمة Reconstitution du crime وتصويرهم بغيه تأكيد الاعترافات المنسوبة إليهم والحيلولة بينهم وبين إنكار الاعتراف لاحقا أو الدفع ببطلانه أمام محكمة الموضوع.مما يثير التساؤول حول مشروعية هذا التصوير من جهة وطبيعته من جهة أخرى لا سيما مع عدم وجود نص في القانون ينظم هذا الإجراء واصطدامه بمبدأ الشرعية الإجرائية القاضي بألا إجراء جنائي يمس الحريات إلا بنص وحق المتهم في الصمت وألا يقدم دليل ضد نفسه وهى مسألة على حد علمنا لم يتناولها معظم الفقهاء رغم أهميتها. (٢)ذهب رأي إلى مشروعية التمثيل المصور بحسبانه توثيق لإجراءات التحقيق أو بالأحرى لاستجوابات واعترافات المتهمين طالما روعيت ضمانات الاستجواب وأهمها حضور محام رفقه المتهم عند إعادة تمثيله الجريمة وبشرط أن تكون إرادة المتهم حره وشخصية المحقق معروفة(د.حسن صادق المرصفاوي-المحقق الجنائي-١٩٩٠-ص٦٠؛ د. توفيق الشاوي-فقه الإجراءات الجنائية-ج١-١٩٥٢-ص٢٥٦)وذهب رأي آخر إلى عدم المشروعية إذ إعادة تمثيل المتهم لارتكاب الجريمة ليس إلا تأكيدا للاعتراف الصادر منه وهذا الاعتراف يجب أن يصدر تلقائيا من المتهم دون طلب من المحقق ومن ثم فليس للمحقق أن يطلب من المتهم الاعتراف بالجريمة من خلال إعادة تمثيل ارتكابها وإلا غدا مسلكه غير مشروع ولا يقدح في عدم المشروعية قبول المتهم أو رفضه(د. ياسر الأمير فاروق مراقبة الأحاديث الخاصة في الإجراءات الجنائية ٢٠٠٩ص١٥٤؛ د.عبد الرءوف مهدي شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٨ص٦٨٧) (٣)اذا انتقلنا إلى أحكام القضاء نجد شبه استقرار على مشروعية إعادة تمثيل المتهم لأرتكاب الجريمة ولكن اختلفت الأحكام حول سنده لاسيما أحكام النقض إذ ذهبت تارة إلى أن إعادة التمثيل بمثابة استجواب وتارة أخرى إلى أنه مجرد توثيق لاعتراف المتهم.ففي حكم لمحكمة النقض أعلنت أن المعاينة التصويرية بمثابة استجواب يجب أن تحاط بضماناته وأهمها حضور محام ولم تترد النقض في أبطال الاستجواب والاعتراف الوارد في المعاينة التصويرية لحصولهما دون حضور محام رفقه المتهم ولكن في حكم لاحق لم تر أن المعاينة التصويرية استجواب وإنما فحسب إجراء لاحق علي الاستجواب بغيه توثيق الاعتراف الحاصل في هذا الاستجواب ووصفت تلك المعاينة بأنها قرينة على أن اعتراف المتهم قد صدر بمحض إرادته بغية توثيق الاعتراف ليكون حجة على المتهم إن عدل عنه أو جحده أو أنكر صدوره منه وبالتالي لا يعيب تلك المعاينة التصويرية عدم حضور محام رفقه المتهم عند التصوير. (٤)ولقد جاء بالحكم الذي اعتبر المعاينة التصويرية بمثابة استجواب يجب أن يخضع لضمانات الاستجواب لا سيما حضور محام أنه لما كان البيّن من مطالعة المفردات أن وكيل النيابة المحقق أجرى المعاينة التصويرية بتاريخ ٢٣ من يونيه سنة ٢٠١٠ واعترفت المتهمة في محضرها بقتل المجني عليها ومثلت كيفية ارتكابها للجريمة وتمت هذه المعاينة دون أن تندب النيابة العامة لها محامياً رغم عدم وجود محامٍ معها. لما كان ما تقدم، وكانت المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ الصادر في ٢٨ / ٦ / ٢٠٠٦ والمعمول به اعتباراً من ١٥ / ٧ / ٢٠٠٦ قد نصت: على أنه لا يجوز للمحقق في الجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو أن يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلَّا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر، وعلي المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضرمحاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب محامياً. . . وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه، وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة الهامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان ولم يتطلب القانون لهذه الدعوة شكلاً معيناً، فقد تتم بخطاب أو على يد محضر أو أحد رجال السلطة العامة وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه معه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن ينتدب له محامياً. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات وعلي السياق المار ذكره أن المحكوم عليها لم يكن معها محامٍ وقت إجراء المعاينة التصويرية والثابت بمحضرها اعترافها بقتل المجني عليها وتمثيلها لكيفية ارتكاب الواقعة، كما لم يندب لها المحقق محامياً تطبيقاً للأثر الفوري للقانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦، وهو ما يترتب عليه بطلان المعاينة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة ضمن ما استند إليه من أدلة إلى المعاينة التصويرية، فإنه يكون معيباً بما يبطله(الطعن رقم ٥٧٦٢ لسنة ٨٢ قضائيةالدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٣/١٢/٠١مكتب فني سنة ٦٤ - قاعدة ١٤٩ - صفحة ١٠٠٩). (٥)في حين جاء بالحكم الآخر الرافض اعتبار المعاينة التصويرية بمثابة استجواب يخضع لأحكامه وإنما فحسب إجراء لاحق للاستجواب بغيه توثيق الاعتراف الحاصل فيه وقالت النقض في ذلك أن الغاية من المعاينة التصويرية التي تُجريها النيابة العامة لكيفية ارتكاب المتهم للجريمة وفق الاعتراف الصادر منه أمامها، هي توثيق لذلك الاعتراف الذي أفضى به لتكون حجة عليه إن عدل عنه أو جحده أو إذا أنكر صدروه منه بريئاً مما يشوبه من عيب البطلان فالمعاينة التصويرية بهذه المثابة لا تعتبر دليلاً مستقلاً على إدانة المتهم، بل هي قرينة على أن الاعتراف الذي أفضى به في التحقيقات قد صدر منه بمحض إرادته ولا يشوبه شائبة في هذا الخصوص، بدلالة أنه أعقب الإدلاء به تمثيله لكيفية ارتكاب الجريمة وفق التفصيل الوارد بالاعتراف في المعاينة التصويرية، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه وأفصح عنه في مدوناته بأن اعتمد في قضائه بالإدانة على الأدلة القولية والفنية والتي أوردها حصراً بمدوناته، ولم يبن قضائه بصفة أصلية على المعاينة التصويرية للاعتراف الذي أدلى به الطاعن في الإدانة وإنما استدل منها على صدور ذلك الاعتراف بريئاً مما يشوبه ليظاهر بذلك الرد الذي أطرح به دفاع الطاعن ببطلان ذلك الاعتراف لكونه وليد إكراه وقع عليه، فمن ثم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور لعدم إيراده مؤدى المعاينة التصويرية لاعتراف المتهم ومن بطلانها لعدم شخوص محام مع الطاعن عند إجراء تلك المعاينة يكون غير سديد وغير قادح في سلامة استدلال (الطعن رقم ١٠٠١٧ لسنة ٨٨ قضائيةالدوائر الجنائية - جلسة٢٠١٩/١٠/١٠). (٦)والحق أن المعاينة التصويرية اجراء غير مشروع وايه ذلك أن هذه المعاينة تنطوي المعاينة علي انتهاك للحقوق الدستورية للمتهم كحق الصمت والدفاع وحياد المحقق بل إهدار لقرينة البراءة ومبادئ المحاكمة العادلة.وتفصيل ذلك أن تلك المعاينة التصويرية تحتال على حق المتهم في الصمت المقرر بالمادة ٥٥من دستور ٢٠١٤ بالإيعاز له بالخروج عليه بطلب إعادة تمثيل الجريمة وما يصاحبه من اعتراف أو تأكيده وهو حق ثابت للمتهم ومعترف به في كافة النظم القانونية المقارنة إذ لا يجبر متهم على تقديم دليل ضد نفسه Lois Hugueny, les droits de la defense devant le juge dinstruction. R. S. C page 1952. Charles R., ledroit au silence de l’inculpe, R. l. D. p. 1953. R. l. D. p. page 1952 Etats- Unis- Carey J., Les criteres minimum de la justice criminnell Revua Internationale de Droit penal 1966 page 80 ولا ريب كذلك أن المتهم لا يرد بخلده أبدا أو يتم تنبيه من المحقق أن المعاينة التصويرية قد تستخدم كدليل دامغ ضده وإلا ما أقدم على التمثيل والتصوير إذ ذلك يعارض طبيعة الإنسان وفطرته وهو ما حدا بجانب من الفقه الفرنسي إلى اشتراط علم المتهم بأن تلك المعاينة قد تستخدم دليل ضده Richardson Modren Scientific evidence civil and criminal 1961 p225. فضلا عن إهدار مبدأ حياد المحقق من خلال سعيه لجمع أدله الإدانة ضده وإغلاق الباب أمامه مستقبلا لبسط ما يعتري اعترافه من عيوب أمام محكمة الموضوع بل وإنكاره أن لزم الأمر وهو حق يجب أن يكفله المحقق للمتهم لا أن يصادره ولا غدا التحقيق باطلا لافتقاره للحيدة التي هي ضمانة أساسيه لصيانة الحقوق والحريات عملا بنص المادة ٩٤من الدستور وهو أمر أعلنه صراحة حكم النقض المنتقد الرافض لاعتبار المعاينة التصويرية استجواب حين قرر أن الغرض من المعاينة التصويرية توثيق الاعتراف الحاصل من المتهم حتى لا يدفع ببطلانه أو إنكار صدوره منه كما أنه لو افترضنا جدلا أن المعاينة التصويرية هي تأكيدا لاعتراف المعترفين بالجريمة فليس للمحقق أن يفعل ذلك طالما أنه ليس للمحقق أن يطلب من المتهم الاعتراف بارتكاب الجريمة. بل أن تلك المعاينه التصويرية تهدر قرينة البراءة المفروضه في المتهم وتعجل بعقابه وإدانته وتجعل محاكمته تحصيل حاصل وليس عادلة بالمخالفة للمادة ٩٦من دستور ٢٠١٤وفوق ذلك فإن هذه المعاينة لو اجريت في مكان عام وامام الجمهور فانها تنتهك مبدا سرية اجراءات التحقيق الابتدائي المنصوص عليه بالمادة ٧٧ إجراءات جنائية وتسيئ للمتهم وتجعل الناس يصدرون ضده حكم فوري واجب النفاذ بالادانه ولا يصح قياس المعاينة التصويرية على الاستجواب لان تلك المعاينة وفيها مساس بالحقوق والحريات تكون وردت على خلاف أصل البراءة وما ورد على خلاف الأصل لأ يقاس عليه غيره وإنما يلزم دوما أن يقرره المشرع عملا بمبدأ الشرعية الإجرائية حيث لأ إجراء جنائي إلا بنص كما أن ممتنع إذ المعاينة التصويرية تختلف عن الاستجواب لان فى الاستجواب يواجه المحقق المتهم بأدلة الإتهام التى تحت يده ويحاصره بالأسئلة ويضيف الخناق عليه وهو يأخذ طابع الحوار حال أن المعاينة التصويرية يطلب المحقق من المتهم أعاده تمثيل الجريمة دون مواجهه أو محاصره المتهم. ولا يقدح من ذلك وصف المعاينة التصويرية بأنها قرينه تعزيزية وليس دليل كامل إذ القرينة نوعا من الادلة غير المباشرة يصح الارتكان إليها في الإدانة وعلي اي حال فقد فات حكم النقض الأخير أن نفي وصف الاستجواب عن المعاينة التصويرية لا يبطلها أن اجريت دون حضور محام رفقه المتهم عملا بعموم نص المادة ٥٤من دستور٢٠١٤ الناسخ للمادة ١٢٤اجراءات الذي حظر التحقيق مع المتهم دون محام. ولم يستثن حالتى التلبس والاستعجال وهو مالم تلاحظه محكمة النقض فى عامه احكامها. ولا يعترض على ما تقدم بان هذه العملية تساعد المحقق بشكل كبير على الوقوف على أدوار الجناة التي اقترفوها والتأكد من صدق أو كذب الاعتراف والتعارض إن وجد بين أقوالهم والأدلة الجنائية بمسرح الجريمة وتحديد دور كل من المتهمين ومدى مساهمة كل منهم فى الواقعة المرتكبة اذ كل ذلك يجب الا يتاتى على حساب المتهم ويجب أن نضع فى الحساب أن المتهم هو الطرف الضعيف فى الخصومة الجنائية إذ يقف اعزل فى مواجهه النيابة العامة التى تملك اسلحه فتاكة ضده ولا يملك سوى ضمانات مكتوبة فى القانون لا حياه لها إلا بتطبيقها ويجب على القضاء والنيابة العامة أعمالها إذ كلاهما من المفروض انه الحارس الطبيعى للحقوق والحريات. (٧)وما نراه أن المعاينة التصويرية ليست استجواب ولا توثيق لاعتراف بل هى اجراء مستحدث وقائم بذاته لم ينص عليه المشرع وانما جرى به العمل واقره القضاء وهو اجراء يتعارض مع مبدأ الشرعية الإجرائية اذ وفقا لهذا المبدا لأ إجراء جنائي إلا بنص وهو مبدأ يرتكز على دعامة الثقة فى القانون لاتصاف قواعدة بالعمومية والتجريد والمساواة والوضوح Robert "Libertes publiques 1982p117 حرص دستور ٢٠١٤على تقريره ضمنا فى المواد ٩٢ و٥٤ و٥٧ و٥٨و٦٢ إذ بمقتضي هذه النصوص قرر الدستور لزوم تنظيم المسائل المتعلقة بالحريات من خلال قانون و استأثر بتنظيم ضمانات بعض الإجراءات الماسة بالحريات كقيد على القانون مثل تفتيش المساكن ودخولها وتفتيش الأشخاص والقبض عليهم ومراقبة المحادثات الخاصة.وهو مبدأ مقرر فى الدستور الفرنسي لسنه ١٩٥٨ بمقتضي المادة ٣٤منه ورددته محكمة النقض الفرنسية بقولها أن المشرع وحده هو من يملك المساس بحرية الأفراد Cass crim 1 Fevrier 1956,Dalloz 1959-365.وهى نتيجة لم تغب عن محكمه النقض اذ قررت انفراد القانون بتنظيم تقييد حريات الأفراد(نقض ٢٠٠٢/٩/٢٥مجموعة أحكام النقض س٥٣ رقم١٤٧ص٨٧٦ وثابر الفقه على ترديده(د.محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩٨ص١٨؛د.أحمد فتحى سرور الشرعية الإجرائية ١٩٧٧ ص٣٤؛د.محمد زكى أبو عامر الاجراءات الجنائية ٢٠١٣ص ٢٣؛د.عبد الرؤف مهدى شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٧ص١٣٩؛د.سليمان عبد المنعم أصول الإجراءات الجنائية ٢٠٠٨ص٤٤؛د.نبيل مدحت سالم شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩٣ص١٦ د.على القهوجى شرح قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ٢٠١٣ص١٩)وهو ما يجب وضعه فى الإعتبار عند التصدى لمشروعية المعاينة التصويرية.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق