الحماية الإجرائية لأسطح المباني: بقلم ✍د. ياسر الأمير (١) للمنازل حرمة باعتبارها مستودع سر الإنسان وسكنه وقلعته ولقد حرص المشرع الدستوري بالنص في المادة 58 على حظر دخولها أو تفتيشها ألا بأمر قضائي مسبب يبين المكان والغرض والتوقيت مع إطلاع من في المنزل على الأمر والتنبيه عليهم عند الدخول. وبين المشرع في المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية الأحوال التي يصح فيها لرجال السلطة العامة دخول المنازل إذ نصت تلك المادة على أنه لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك. ويثور التساؤل حول طبيعة أسطح المبانى وما إذا كانت تأخذ حكم المنزل بحيث لا يجوز دخوله أو تفتيشه إلا بأمر قضائي أم تسقط عنه الحماية بالكلية أم تعتبر مكان خاص وتأخذ حرمة شخص حائزه فلا يصح تفتيشها إلا في الأحوال التي يجوز فيها تفتيش الشخص كما في أحوال التلبس؟ . (٢)يذهب جمهور الفقه على اعتبار سطح العقار من ملحقات المنزل ولكن يذهب رأي آخر إلى اعتبار سطح العقار مكان خاص. ورأى الجمهور هو الصحيح إذ يقصد بملحقات المنزل كل مكان يتصل به اتصالا مباشرا ويكون مرصودا لمنفعته ولو لم يكن بطبيعته معدا للإقامة فيه،وَيَتَحَقَّق الاتصال المباشر بين المكان والمنزل إذا كان يعلوه أو يقع أسفله أو يجاوره كسطوح المنازل(د. عوض محمد عوض التفتيش في ضوء قضاء النقض دراسة نقدية ٢٠١١ص٤٣)إذ المناط في ذلك هو الاتصال المباشر بالمنزل أو التخصيص لمنفعته(نقض ١٩٦٠/١٠/٤أحكام النقض س١ص٧٢٥ رقم ١٣٧)ويتوسع بعض الفقهاء في تحديد مفهوم المنزل فلا يقصره على المنزل بمفهومه الضيق وعلي ملحقاته المتصلة به والمخصصة لمنفعته بل يصرفه كذلك إلى الأماكن الخاصة التي يقيم فيها الشخص ولو لفترة محدودة من اليوم، كعيادة الطبيب ومكتب المحامي والسيارة الخاصة وهو يرى أن هذه الأماكن لا تفتح للجمهور بغير تميز، وإنما يدخلها من يأذن لهم صاحبها، وأنها لهذا السبب تتصل بحياته الخاصة، ما دامت مباشرته لها في مكان خاص(د. أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٨٠ص٤٤٢ رقم ٢٢٣) (٣)ولقد عرض الأمر على محكمة النقض ورأت أن سطح العقار يعد مسكن حسب إقامة الشخص فيه ويستفاد من حكمها أنها تسقط الحماية عن سطح العقار إن لم يكن أحد يقيم فيه ولا تقيم وزنا لكونه ملحق بالمنزل أو مكان خاص. وكان ذلك في واقعة سوغت فيها محكمة الجنايات ضبط مخدر بسطح عقار بسند وجود حاله تلبس فألغت النقض حكم الجنايات ووصفته بأنه معيب لأنه لم يبين ما إذا كان سطح العقار يقيم فيه المتهم من عدمه ورغم ذلك سوغ الضبط والتفتيش دون إذن قضائي مسبب ودون أن تلتفت النقض إلى طبيعه سطح العقار ذاته. وترجع وقائع تلك القضية إلى أن رجل الضبط القضائي قد وردت إليه معلومات مفادها قيام المتهمين بحيازة كمية من نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أعلى سطح العقار الكائن. . . . بدائرة القسم فانتقل لمكان تواجدهم فأبصرهم يفترشون سطح العقار وبحوزتهم كمية كبيرة من نبات الحشيش المخدر ثبت معملياً أنها لنبات الحشيش القنب فدفع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس غير أن محكمة الجنايات أهدرت الدفع وقضت بالإدانة وردت عليه بأن المحكمة تطمئن إلى أقوال ضابط الواقعة النقيب. . . . من أنه أبصر المتهمين وهم يفترشون سطح العقار وبحوزتهم كمية كبيرة من نبات الحشيش – القنب – المخدر ومن ثم تتوافر حالة التلبس في الواقعة ويكون القبض والتفتيش قد صدر صحيحاً لتوافر حالة التلبس ويكون ما تساند عليه الدفاع غير سديد يستوجب الالتفات عنه. وحين طعن بالنقض في الحكم قالت النقض ان المادة ٤٥ من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه: لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون، أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، وكانت حرمة المسكن إنما تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه، فإن مدلول المسكن إنما يتحدد في ضوء ارتباط المسكن بحياة صاحبه الخاصة، فهو كل مكان يقيم به الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة وينصرف إلى توابعه، كما يمتد إلى الأماكن الخاصة التي يقيم فيها طالما أنه في حيازة صاحبه يقيم فيه ولو لبعض الوقت ويرتبط به ويجعله مستودعاً لسره ويستطيع أن يمنع الغير من الدخول إليه إلا بإذنه، ولا يجوز لمأمور الضبط أو رجال السلطة العامة دخوله إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وكان من المقرر أن دخول المنازل في غير هذه الأحوال هو أمر محظور بذاته يترتب عليه بطلان التفتيش، وقد رسم القانون للقيام بتفتيش المنازل حدوداً وشروطاً لا يصح إلا بتحققها وجعل التفتيش متضمناً ركنين أولهما دخول المسكن وثانيهما التفتيش أو البحث عن الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة، وأن الضمانات التي حددها المشرع تنسحب على الركنين معاً بدرجة واحدة، ذلك بأن تفتيش الأماكن الخاصة يقوم على جملة أعمال متعاقبة في مجراها وتبدأ بدخول مأمور الضبط القضائي في المكان المسكون المراد دخوله وتفتيشه ويوجب الشارع في هذه الأعمال المتعاقبة منذ بدايتها إلى نهاية أمرها أن تتقيد بالقيود التي جعلها الشارع شرطاً لصحة التفتيش ثم استطردت محكمة النقض وقالت هذا إلى أن مأمور الضبط القضائي يتعين أن تكون مشاهدته لحالة التلبس قد تمت دون افتئات على حرية الأفراد فلا تكون نتيجة تسور غير مشروع أو تسلل على غير إرادة خالصة من جانب صاحب المكان أو ما إلى ذلك في غير الأحوال التي يجيزها القانون طبقاً لنص المادة ٤٥ سالفة البيان، وكان من المقرر أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى تقدير محكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعنين بعد أن اطرح دفعهم ببطلان القبض والتفتيش وتوافر حالة التلبس في حقهم دون أن يبين طبيعة العقار محل الضبط وعما إذ كان هذا المكان محل مسكون من عدمه وكيفية دخوله ذلك المكان وعما إذ كان دخوله في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه إذ وردت عباراته في هذا الخصوص - سواء في إيراده لواقعة الدعوى وأقوال ضابطها شاهد الإثبات أو في معرض رده على الدفع ببطلان الضبط والتفتيش لانتفاء حالة التلبس على النحو سالف البيان عامة مجملة لا يبين منها ما إذا كانت مشاهدة مأمور الضبط القضائي لحالة التلبس مشروعة ووفق أحكام القانون أم لا، ومن ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم(الطعن رقم ٩٤٨٧ لسنة ٨٧ قضائيةالدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٩/١٠/١٩) (٤) وهذا القضاء محل نظر إذ راح يبحث عما إذا كان سطح العقار منزل من عدمه وبسط الإقامة بأنواعها لخلع وصف المنزل حال أن عدم اقامة الشخص في المكان سواء أكان منزل من عدمه لا يسقط حرمته إذ يمكن أن يأخذ حكم المنزل باعتباره من ملحقاته حسبما أوضحنا وأن انحسار وصف المنزل أو ملحقاته عن أسطح العقارات لا يسقط حرمتها فهي ولئن لم تكن منازل إلا أنها على الأقل أماكن خاصة له حرمة توازي حرمة المساكن طبقا لدلالة المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية ولهذا لا يجوز دخولها أو تفتيشها ألا بأمر قضائي مسبب ولا يتغير الحل ولو كانت الجريمة في حاله تلبس إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية التي كانت تجيز لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس أن يفتش مسكن المتهم. وتفصيل ذلك أن المادة 91من قانون الإجراءات الجنائية التي جمعت بين المساكن والأماكن وحظرت تفتيشهما إلا بأمر قضائي مسبب إذ نصت تلك المادة على أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناءً على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً كما أنه حتى في أحوال التلبس لا يجوز تفتيش الأماكن الخاصة وبالتالي لم يكن صائب أن تستطرد النقض إلى شروط الكشف عن حالة التلبس ولزوم أن تكون المشاهدة قد جاءت بوسيلة مشروعة إذ حتى ولو توافرت شروط التلبس لا يجوز دخول الأماكن الخاصة وتفتيشها وإنما يلزم دوما أمر قضائي مسبب وفقا للمادة 91 إجراءات. (٥)ولا يعترض بأن العبرة مع ذلك يجب أن تكون بحقيقة الواقع. فقد يكون سطح العقار مكان مطروق لكل متردد على المنزل أن يطرقه، ومن ثم فلا حرمة له، وهو بمثابة مكان للجميع حق الدخول إليه دون استئذان فهذا القول مردود عليه بان أسطح العقارات يقتصر ولوجها على شاغلى وحداته أى على دائرة محدودة من الناس فلا تعد أبدا مكان مطروق . والخلاصة أن أسطح المباني تعتبر من ملحقات المنازل وتأخذ حكمها بل أنها فى القليل تعد أماكن خاصة لا يصح دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب ولو كانت الجريمة متلبس بها فهى منفصله عن شخص حائزها ولها حرمة مستقله توازى حرمة المنزل بغض النظر عن اعتبارها من ملحقات المنزل من عدمه.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق