الدليل الجديد كمناط للعودةلتحقيق الدعوى بعد صدور قرار بالأوجه وجه لإقامتها بقلم✍ د.ياسر الأمير (١)بعد أن تنتهي سلطة التحقيق من إجراء تحقيقاتها في الجنح والجنايات تكون قد تجمعت لديها حصيلة من الأدلة والدلائل سواء لصالح الاتهام أو لصالح المتهم فتصدر قراراها في نتيجة التحقيق. فإن رأت سلطة التحقيق أن الواقعة جنحة إحالة الأوراق إلى محكمة الجنح الجزئية(المادة156 إما أن رأت أنها جناية إحالتها إلى محكمة الجنايات المادة 158ولكن قد تجد سلطة التحقيق أن الواقعة لا يعاقب عليها القانون أو أن الأدلة على المتهم غير كافية، هنا تصدر سلطة التحقيق أمراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى(المادة 154)على أنه إذا كانت النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق وكانت الواقعة جناية وجب أن يصدر الأمر بالأوجه من المحام المحام العام المختص.ويرتب القانون على الأمر بالأ وجه لأقامه الدعوي أثار إجرائية متعددة منها وجوب الإفراج عن المتهم المحبوس احتياطيا ما لم يكن هناك سبب آخر باستمرار حبسه (المادتين209، 154 إجراءات)ومنها انتهاء منعه من التصرف في أمواله أو إدارتها(المادة208 إجراءات) ومنها كذلك وجوب الفصل في كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة(المادة 106إجراءات على أن أهم أثار الأمر بالأ وجه هو ما يضيفه القانون عليه من حجية تحول دون العودة إلى الدعوى الجنائية أورفعها (المواد197،213،232 إجراءات)وعلى الرغم من أن هذه الحجية تقترب من حجية الأحكام القضائية إلا أنها تختلف عنها في أن حجية الأمر بالأوجه حجية مؤقتة لا تمنع من العودة إلى تحقيق الدعوي الصادر فيها الأمر ورفعها متى ظهرت دلائل جديه من شأنها تقويه الدلائل التي وجدت من قبل وكانت غير كافية بشرط ألا تكون الدعوي قد سقطت بالتقادم. يرتب القانون على الأمر بالأ وجه لأقامه الدعوي اثارإجرائية متعددة.ولقد نصت على ذلك المادتين 213 و179 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت المادة 213علي أن الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 179 وأوضحت المادة 197الادله الجديدة بأنها شهادة الشهود والمحاضر والأوراق الأخرى التي لم تعرض على قاضي التحقيق ويكون من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية أو زيادة الإيضاح المؤدي إلى ظهور الحقيقةالطعن رقم ١١٢٣٨ لسنة ٨٧ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٣؛ الطعن رقم ٢٦٧٠٧ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/١١وهو على هذا النحو أمر قضائي يختلف عن أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة والذي يعد إجراء إداري لها أن تعدل عنه في أي وقت فيه بلا قيد أو شرط(الطعن رقم ٥١٦١ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة٢٠١٨/٠١/٠٨الطعن رقم ٣١٦٩٢ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٢٥الطعن رقم ٧٦٦٤ لسنة ٧٨ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠١/٠٢الطعن رقم ١٩٣١٩ لسنة ٦٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠٠٢/٠٩/٢٩الطعن رقم ٥٤١٢ لسنة ٦٧ قضائية الصادر بجلسة ١٩٩٩/٠٤/١٨)وعلى أي حال يشترط للعودة للتحقيق طبقا لذلك أن تظهر أدلة جديدة من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية أو زيادة الإيضاح المؤدى إلى ظهور الحقيقةوبشرط أن يتحقق ظهور الأدلة الجديدة قبل انقضاء الدعوى الجنائية.والدليل كما هو معلوم قد يكون نفسي أو مادي ويكون نفسيا إن كان أثر منطبع في نفس كأقوال شاهد أو اعتراف المتهم ويكون ماديا متى كان منطبع في شيء كبصمة الجاني أويتجسم في شيء كالنقود المزيف التي وجدت في جيب الشخص.ولاخلاف في الفقه والقضاء فى شروط العودة للتحقيق غير أن التطبيق العملي يبين بعض مواطن الخلل في إنزال هذه الشروط علي الوقائع كما سوف نرى لاحقا. (٢)فمن ناحيةأولى؛فإن الدليل الذي يبرر العودةللتحقيق هو ما كان منصبا على وقائع الدعوى، لا على الجانب القانوني فيها.فإذا اطردت أحكام القضاء في وقت من الأوقات على تفسير نص في القانون على وجه معين فأصدر المحقق بناء على هذا التفسير أمرا بألا وجه،ثم تحول القضاء بعد ذلك عن رأيه، أو صدر تفسير من المحكمة الدستورية العليا أو من المشرع مخالف لما أطرد عليه، فهذا لا يعد دليلا جديدا يبرر العودة إلى التحقيق. وكذلك الحال لو أن المحقق أخطأ فتصور الواقعة غير معاقب عليها قانونا ثم تبين خطأه بعد أن أصدر أمره،إذ لا يجوز له تدارك ما وقع فيه من خطأ بإعادة التحقيق،لأن اتضاح خطئه القانوني له لا يعد دليلا جديدا عل وقوع الجريمة ولا على نسبتها للمتهم. ومن ناحية ثانية؛ يعتبر الدليل جديدا إذا برز للوجود بعد صدور الأمر بألا وجه،أوإذا وصل إلى علم المحقق بعد صدور الأمر ولو كان موجودا قبله.فالجدية المعنية في هذا الشأن ليست هي جدة الدليل في ذاته فحسب، وإنما هي جدته بالنسبة للمحقق أيضا. فعدول شاهد عن أقواله التي أبداها في التحقيق وإدلاؤه بأقوال جديدة بعد صدور الأمر بألا وجه، واعتراف المتهم في أثناء التحقيق معه في جريمة بارتكابه جريمة أخرى صدر فيها الأمر بألا وجه، هذا وذاك يعتبران من الأدلة الجديدة، لأن وجودهما تال لصدور الأمر بألا وجه ومناط الجدة في هذه الحالة هو ظهور الدليل لا وجوده.وقد عبرت محكمة النقض عن هذا المعنى بقولها إن قوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد صدور الأمر بالأوجه(الطعن رقم ٧٣٢٢ لسنة ٨٠ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١١/١٢/٠٤) (٣)ويشترط في الدليل الذي يجيز العودة إلى التحقيق أن يكون من شأنه لو عرض للمحق قبل إصدار الأمر أن يمتنع عن إصداره. وهذا يقتضي أن يكون الدليل الجديد مرتبطا بسبب الأمر بألا وجه برباط وثيق. فإن لم يكن مرتبطا به على هذا النحو فلا تجوز العودة إلى التحقيق من أجله ويترتب على ذلك أنه إذا بنى الأمر بألا وجه على انقضاء الدعوى بالتقادم أو بالتنازل عن الشكوى أو الطلب وكان الدليل الجديد قاطعا في نسبة الجريمة إلى المتهم فلا تجوز العودة إلى التحقيق بسببه لأنه بافتراض وجود هذا الدليل تحت بصر المحقق وقت اتخاذ القرار فإنه لم يكن ليغير من الأمر شَيْئًا وإنما تصح العودة إلى التحقيق بسبب الدليل الجديد إذا كان هذا الدليل يهز أساس الأمر بألا وجه هزا كأن يرجح معه أن يختلف موقف المحقق لو كان الدليل تحت يده. ويكون للدليل هذا الأثر إذا كان من شأنه انضمامه إلى الدلائل الأخرى جلاء الغموض أو رفع التناقض أو محو الشك الذي خامر المحق ودعاه إلى إصدار الأمر بألا وجه فشهادة شاهد جديد أو ضبط أوراق معينة قد يؤدى إلى جعل الدلائل كافية بعد أن كان المحقق يشك في كفايتها في ظل الدلائل الأولى ويكون للدليل الجديد هذا الأثر أيضا إذا كشف عن واقعة جديدة كان الجهل بها هو السبب الأساسي في صدور الأمر بألا وجه. فإذا بنى الأمر على انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم أو على تنازل الشاكي عن شكواه ثم اتضح بعد ذلك أن إجراء قاطعا للتقادم قد اتخذ، أو ظهر دليل على اقتران الجريمة بظرف مشدد يجعلها جناية، وبالتالي يجعل مدة التقادم فيها عشر سنوات لا ثلاثا، أو ثبت أن التنازل عن الشكوى كان مزورا أو صادر عن غير ذي صفة، جازت العودة إلى التحقيق من جديد. ويشترط القانون لصحة العودة إلى التحقيق أن يظهر الدليل الجديد قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية (المادة 197 إجراءات). (٤)ويلزم دوما في الدليل الجديد أن يكون قد اعترض طريق المحقق، أي أن يكون قد ظهر له بطريقة تلقائية أو عرضية. أما إذا كان المحقق قد سعى وراءه لتدارك ما شاب تحقيقه من قصور فباشر من أجل تسجيل أحاديث، فإن ما حصل عليه المحقق لا يعتد به ولا يصلح سببا لإعادة التحقيق لبطلان الدليل ذلك بأنه ما دام الأمر بألا وجه قائما فلا يجوز للمحقق أن يباشر أي إجراء من إجراءات التحقيق. وما ينبغي أن يثور في هذا الشأن خلاف، لأن ظهور الدليل هو السبب الذي يبرر العودة تتقدم النتيجة سببها. ولهذا قضت محكمة النقض بأنه بعد صدور قرار النيابة بحفظ الدعوى قطعيا لا يجوز لها إعادة التحقيق ثانيا بدعوى أن تحقيقها الأول كان ناقصا، لأن إعادة التحقيق لا تكون إلا بناء على ظهور أدلة جديدة ولا يجوز الرجوع إلى الدعوى بتعيين خبير لم يسبقه ظهور دليل جديد، ولا كان منشؤه وجود أدلة جديدة، بل كان الغرض منه إيجاد هذا الدليل، لأن المتهم لا يجوز أن يبقى بعد قرار الحفظ مهددا دائما بالرجوع إلى الدعوى كلما وجدت النيابة تحقيقها ناقصا(نقض ١٩٠٥/٤/١ المجموعة الرسمية س٧ص١٨١وانظر كذلك نقض ١٩٠٣/٤/١١ المجموعة الرسمية س٥ص٢٤رقم ١٣و 1905/6/10 الاستقلال س٤ ص٤١٦)ومن الأحوال التي يمكن أن يظهر فيها الدليل الجديد بشكل تلقائي أو بصفة عرضية أن يتلقى المحقق رسالة من مجهول تحتوي على أوراق أو أشياء تزوده بهذا الدليل ومنها أن يظهر الدليل في أثناء التحقيق في واقعة أخرى سواء كان القائم بالتحقيق هو قاضي التحقيق أو النيابة العامة ومن هذا القبيل أن يعثر المحقق في أثناء تفتيش مسكن للبحث فيه عن مخدر على أسلحة أو مسروقات تفيد في كشف الحقيقة في خصوص جريمة قتل أو سرقة صدر أمر بألا وجه لإقامة الدعوى فيها، ومن هذه الأحوال كذلك أن يظهر الدليل الجديد عن طريق رجال الضبط القضائي من خلال قيامهم بجمع الاستدلالات. (٥)غير أن محكمة النقض خالفت هذا النظر إذ عرض عليها طعن كانت محكمة الجنايات فيه سوغت العودة إلى التحقيق رغم صدور أمر بالأوجه لإقامة الدعوى بناء على تظلم من أهلية المجني عليه القتيل وذلك في واقعة اتهم فيها شخص بأنه قتل آخر عمدا أمام منزلة بأن أطلق عليه عيار ناري نقل إلى أثره للمستشفى وتوفي وإزاء تضارب أقوال الشهود حول الواقعة لا سيما أهلية المجني عليه أصدر المحامي العام قرار بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية ثم تقدمت والده المجني عليه بتظلم من القرار للمحامي العام الأول تتهم ذات المتهم وتطلب سماع أقوال إخوته. فقام المحامي العام الأول بإلغاء الأمر بالأوجه وسماع أقوال والده المجني عليه وأشقائه الذين أكدوا أن المجني عليه قبل وفاته أفصح لهم أن الشخص المتهم هو من أطلق عليه النار. وإذ قدم المتهم إلى محكمة الجنايات دفع أمامها بعدم قبول الدعوى لسبق صدور أمر بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية من النيابة وأن النيابة أخطأت حين ألغت الأمر إذ ألغته للحصول على دليل وهو سماع الشهود بناء علي تظلم دون أن يظهر هذا الدليل عرضا. غير أن محكمة الجنايات أهدرت الدفع وحكمت بالسجن المؤبد. وحين طعن المتهم بالنقض في الحكم لأن الأمر بالأوجه له حجية رفضت محكمة النقض هذا الوجه من الطعن لأسباب عديدة منها أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أيا ما كان سببه لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية حتى ولو انقضت مدة ثلاث أشهر على صدور الأمر متى ظهرت دلائل جديدة وإضافة النقض أن والده المجني عليه تقدمت بتظلم تتهم فيه المتهم وتطلب سماع شهادة أشقائه وأن التحقيق معهم أسفر عن ارتكاب المتهم الواقعة مما يعتبر دليلا جديدا يجيز إلغاء الأمر بالأوجه والعودة إلى تحقيق الدعوي ورفعها. (٦)وقالت النقض في ذلك إن المادة 213 إجراءات جنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 أي بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197 من القانون سالف الذكر وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية حتى لو انقضت مدة ثلاثة أشهر على صدوره، ويعد من الدلائل الجديدة شهادة الشهود والمحاضر والأوراق الأخرى التي لم تعرض على قاضي التحقيق أو النيابة العامة ويكون من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية أو زيادة الإيضاح المؤدي لظهور الحقيقة. لما كان ذلك، وكان قوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها أو أن يكون تحقيق الدليل بمعرفته غير ميسر له من قبل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية بقوله. . وقد قامت النيابة العامة بإلغاء الأمر السابق لظهور أدلة جديدة بعد أن تقدمت والدة المجني عليه بتظلم وبسؤالها وسؤال. . . . والاستعلام من الإدارة البيطرية عما إذا كانت أخطرت بفحص الحيوان النافق من عدمه وإرفاق التقرير الخاص وسؤال المتهم وضبط السلاحين المرخصين وعرضهما على الطب الشرعي. . . . خاصة وأن البين من مطالعة المفردات المضمومة أن الأستاذ/. . . المحامي بصفته وكيلاً عن. . . . والدة المجني عليه قد تقدم بتظلم للمحامي العام الأول لمحكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ. . /. . /. . . من قرار المحامي العام لنيابة شمال دمنهور بخصوص إصداره أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل ومفاد التظلم بعد أن سرد واقعة الدعوى وظروفها ومدى سطوة الطاعن ونفوذه وبطش وخوف الشهود من الإدلاء بشهادتهم ضده ساق شواهد على أن الطاعن هو مرتكب الحادث منها أقوال شقيقتي المجني عليه. . . . و. . . . واللتين لم يتم سماع أقوالهما من قبل بالتحقيقات وقد قررتا أنهما رافقتا المجني عليه بعد إصابته حال نقله في سيارة الإسعاف حيث قرر لهما المجني عليه أن الطاعن هو الذي أطلق عليه العيار الناري وأنهى وكيل المتظلمة طلبه الالتماس بفتح تحقيق من جديد في القضية رقم. . . لسنة. . . وسماع شهادة شقيقتي المجنى عليه بعدما تأكدت والدة المجنى عليه إن الطاعن هو الذى قتل ابنها وقد تبين من المفردات أن الشاهدتين. . . . و. . . . لم يكونا قد سئلا بالتحقيقات من قبل صدور الأمر بألا وجه إلا أنهما تم سؤالهما بعد ذلك وشهدتا بمضمون ما جاء بالتظلم على النحو المار بيانه – وهو ما يسلم به الطاعن بأسباب طعنه – ولم يكن ذلك سعيا من النيابة العامة لإلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى – ومن ثم يكون ما خلصت إليه المحكمة من اعتبار هذا الدليل جديداً من ناحية القانون يجيز للنيابة العامة التحقيق تارة أخرى ويطلق حقها فى رفع الدعوى الجنائية على الجاني بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التي وجدت أمامها حتى لو انقضت مدة ثلاثة أشهر على صدور القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ما دامت الدعوى لم تنقض بمضي المدة ومن ثم فلا يقبل المجادلة فى تقدير الأدلة الجديدة أمام محكمة النقض وأنه ولئن كان يلزم أن تكون الدلائل الجديدة من شأنها أن تؤثر على السبب الذى من أجله صدر الأمر بألا وجه الا أن تقدير قيمة هذه الدلائل الجديدة من حيث تقوية أدلة الثبوت أو زيادة الإيضاح المؤدى إلى الحقيقة هو أمر يستقل بتقديره المحقق تحت رقابة محكمة الموضوع(الطعن رقم١١٢٣٨ لسنة٧٨قضائية الدوائر الجنائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٣). (٧)وهذا القضاء محل نظر إذ إن التظلم ليس بدليل جديد يجيز الغاء الامر بالاوجه والعوده الي تحقيق الدعوي إذ إن ما حواه التظلم من طلب سماع الشهود وما قد يسفر عنه التحقيق معهم هو الذي يعد دليل جديد. ولا يسوغ سماع الشهود طالما أن الأمر بالاوجه قائم لم يلغ. ولهذا يبدوا متناقضا قول النقض بان العودة الي التحقيق تمت رغم وجود القرار بالاوجه لوجود تظلم تقدم به احد اهليه المجني عليه بغيه سماع شاهد اسفر سماعهم عن اتهام المتهم وأن المحامي العام الأول الغي القرار بالاوجه لظهور دليل جديد هو ما اسفر عنه سماع شهادته! ! ا إذ من المعلوم أن قوام الدليل الجديد المبرر لإلغاء القرار بالاوجه لإقامة الدعوي حسبما أسلفنا أن يلتقي به أولا المحقق عرضا ودون سعي من جانبة بعد التقرير بالاوجه لإقامة ثم أن يظهر ثانيا هذا الدليل ثم يعاد فتح التحقيق بناء عليه إذ لا يصح أعاده التحقيق والغاء القرار بالاوجه من أجل الحصول على الدليل الجديد المسوغ لالغاء القرار إذ يستحيل أن تسبق النتيجة وهي العوده الي التحقيق والغاء القرار بالاوجه سببها وهي سماع الشهود أو بالاحري الدليل الجديد. الطعن رقم ٥١١٠ لسنة ٨٠ قضائيةالدوائر الجنائيةجلسة ٢٠١٠/١١/٠١؛ الطعن رقم ١٦٧٠١ لسنة ٦٦ قضائيةالدوائر الجنائية جلسة١٩٩٨/٠٧/١)ومن هذا المنطلق نعتقد عدم صواب ما انتهت إليه محكمة النقض في حكمها محل التعليق وان من شأن هذا الحكم زعزعت اسس قانونية استقرت واطرد عليها العمل واثاره البلبله وتشتيت ذهن رجال القانون فما بالنا بالمحامين وكيف يتعاملون مع موكليهم في اطار مفاجئات النقض لهم!
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق