مدى العلاقة بين سبق الإصرار واتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة: بقلم✍د. ياسر الأمير (١)يعتبر سبق الإصرار ظرف مشدد في جناية القتل العمد والضرب المفضي إلى الموت بحيث يرفع عقوبة القتل إلى الإعدام والضرب المفضي إلى موت إلى السجن في حده الاقصي .وعله التشديد ما يتوافر لدي الجاني من هدوء وروية في التفكير ارتكاب الجريمة ورسم خطتها بعيد عن ثورة الانفعال والغضب بمعنى أن الجريمة لم تكن وليد اللحظة بل كانت في زمن فكر فيه الجاني وخطط قبل الأقدام على ارتكابها مما يستلزم زيادة جرعة العقاب.فسبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني ولا عبرة في توافر هذا الظرف بمضي زمن بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال الزمن أو قصر - بل العبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير فما دام الجاني قد انتهى بفكره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة الطعن رقم ١٧٧٣٠ لسنة ٨٨ قضائيةجلسة ٢٠١٩/٠٥/٠٧؛الطعن رقم ١٨٦٤٨ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٦/٢٥الطعن رقم ١٨٦٤٨ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٦/٢٥الطعن رقم ١٣٩٢٥ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/٠٤)وسبق الإصرار على هذا النحو يختلف عن الإتفاق على الجريمة الذى يعني تقابل إرادة المتهمين على ارتكاب الجريمة بغض النظر عن انقضاء زمن بين الاتفاق وارتكاب الجريمة بل يكفى استظهار الحكم اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاهم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلا منهم قصد قصد الآخر في ايقاعها وقارف أفعالا من الأفعال المكونة لها(الطعن رقم ١٤٨٢٤ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٧/٠٤ الطعن رقم ٩٨٦١ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/١٦الطعن رقم ٧٣١١ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/١٢الطعن رقم ٢٠١٩٤ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/٠٤الطعن رقم ٥٠٩٩ لسنة ٨٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠١/١٢الطعن رقم ١٨٤٣٦ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠١/٠٦الطعن رقم ١٣٢٣٩ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/١٤الطعن رقم ١٢١٥٣ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/١٤الطعن رقم ١٢٥٧ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/١٤الطعن رقم ٢٥١١٧ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٧/٢٧الطعن رقم ١٧٧٣٠ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٥/٠٧الطعن رقم ٤٧٦٨ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٠/٢٨). والأصل أن ظرف سبق الإصرار من الظروف الشخصية التي يقتصر أثر تشديد العقاب فيها على من توافر في حقه دون غيرة من الجناة. فإذا تعدد الجناة في القتل أو الضرب المفضي إلى الموت فإنه لا يحكم بالعقوبة المشددة إلا على من توافر في حقه سبق الإصرار دون غيره). (٢)ويجري قضاء النقض_ منذ زمن_على أن ثبوت اتفاق الجناة علي القتل أو الضرب الذي أدى إلى وفاة المجني عليه يعني حتما توافر سبق الإصرار لديهم. وقد أبانه محكمة النقض علة ذلك بقولها إن ما يقتضيه انعقادا الإرادات من وقت قد يطول يفترض مناقشة مشروع الجريمة وتقليبه على وجوه المختلفة بما يوفر عناصر سبق الإصرار. فمجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه بالضرورة توافر الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقترف الجريمة بنفسه من المصرين عليها ولا تلتزم محكمة الموضوع ببيان وقائع خاصة تفيد هذا الاتفاق إذ يكفي في منطق النقض أن يثبت الحكم اتفاق الجناة علي الجريمة وإعداد السلاح اللازم لتنفيذهما واتجاههم صوب مكان المجني عليه حيث قتلوه. (نقض 1956/10/20س 7 رقم 308 ص 118 نقض 1950/4/17س 1 رقم 167 ص 509؛ الطعن رقم 12754 لسنة 82 جلسة 2014/04/02 الطعن رقم 29957لسنة 85قضائيةالصادر بجلسة 2018/2/11)وأن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها . عدم إلتزام المحكمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار(الطعن رقم30229لسنة 86قضائيةالصادر بجلسة2017/10/12). (٣)وهذا القضاء فيه إطلاق معيب لأنه ولئن كان الأصل أن توافر الاتفاق بين الجناة علي ارتكاب الجريمة قد يستخلص منه سبق الإصرار لأنه يعني مضى فترة من الزمن بين التصميم على الجريمة وبين اقترافها سواء طالت هذه المدة أو قصرت إلا أن هذا الأصل غير مطرد إذ قد يكون الجناة المتفقين علي القتل في خلال هذه الفترة في حاله من التوتر والانفعال بما لا يسمح معه بتوافر العنصر النفسي لسبق الإصرار وهو الهدوء والروية بين التفكير في الجريمة وارتكابها بالفعل. بل إن هذا الاتفاق قد يكون فجاءه سابقا على تنفيذ القتل بلحظات فلا يتوافر أيضا العنصر الزمني لسبق الإصرار. وقد خلطت محكمة النقض بين الاتفاق على الجريمة ويعني إيجاب من أحد أطراف الجريمة وقبول من الطرف الآخر عل ارتكابها وبين عناصر سبق الإصرار من عنصر زمني وآخر نفسي إذ سبق الإصرار يقتض مرور مده من الزمن بين التفكير في الجريمة وارتكابها يكون الجاني خلالها هادئ البال يقلب أمر الجريمة على كافة جوانبه ثم يقدم علي ارتكابها في حين أنه لا تلازم بينهما إذ لا يوجد ما يمنع عقلا أو منطقا آن يتفق الجناة علي ارتكاب الجريمة وهم في ثورة غضب وانفعال أو فجاءه. والخلاصة أن ثبوت اتفاق الجناة علي القتل أو الضرب الذي أفض إلى موت لا يتاتي منه مطلقا توافر سبق الإصرار ثم إن سبق الإصرار بإجماع الفقه والقضاء من الظروف الشخصية التي تقوم بالفاعل ويترتب عليها تشديد العقوبة ولا يسري على بقية الفاعلين إلا إذا توافر لديهم وعند الاتفاق على الجريمة قد يتوافر لدي بعضهم دون البعض فلا يصح افتراض سبق الإصرار من واقع الاتفاق. بل إن محكمة النقض ذاتها ترى أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدي المتهمين لا ينفي الاتفاق بينهم إذ الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. (نقض 1996/11/7 س47 رقم 165 ص753،نقض 1995/1/2 س 46 رقم 2 ص29)فلا تلازم إذن بينهما.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق