العلاقة بين الفقر والظاهرة الإجرامية بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١) يقصد بالفقير من اشتدت حاجته إلي شيء وعجزت موارده عن تحقيقه.والسؤال الذي حير الإنسان منذ كان الإنسان لماذا يجرم وينحرف بعض الناس دون البعض فهل البيئة الفقيرة ممكن أن تجعل بعضنا أخيارا والبعض أشرار؟ لاسيما وان البيئة تضم جموعا من الناس غفيرة ومن هؤلاء من يبهره وهج الجريمة فيشد إليها ومنهم يصرف نفسه عنها صرفا رغم الإغراء والإغواء.ويسلم علماء النفس والإجرام ان الانحراف السلوكي بوجه والجريمة بصفة خاصة نتيجة لتفاعل مجموعتين من العوامل هما عوامل البيئة كالفقر وغيره والعوامل الداخلية او بالأحري الشخصية وإن كان الخلاف بينهم في عقد الأولوية لهذه المجموعة او تلك. فالجميع متفق علي أن الفقر من عوامل الاجرام والانحراف السلوكي. (٢)إذيجزم اغلب العلماء بوجود علاقه قوية بين الفقر والجريمة فلقد أثبتت دراسة أجراها lant, warner في الولايات المتحدة الأمريكية ان 90٪ من ارتكبوا جرائم في خلال سبع سنوات ينتمون الي أفقر الطبقات وفي فرنسا لاحظ conne ان العلاقة ايجابيه بين الفقر والجريمة ذلك أن الشعور بالحاجة اذ ألح علي شخص وقصرت موارده ودخله عن الوفاء بما يلزمه من المال فإن إلحاح الحاجه يغلبه علي أمره ويدفعه حتما الي الطريق غير السَوي.وهو ما ينطبق علي الفقراء لاسيما اذا استحكم البؤس وطال امده وواقع المجتمع المصرى اليوم يؤكد على أن مختلف أوجه الانحرافات السلوكية مردها الفقر ولقد كشفت دراسة إجتماعية حديثة إلي الوسط الحضري الذي تقطن به ألاف من السكان الذين يعيشون في ظل مشكلة الفقر إذ ينتشر فيه تعاطي المخدرات التسول الانحراف الجنسي الدعارة التسرب المدرسي وهى مشكلة اجتماعية تهدد الأمن العام للمجتمع. (٣)وما نراه ان العلاقة بين الفقر أوالانحراف السلوكي والجريمة ليست مباشرةً اذ الفقر ليس في ذاته دافع الي الجريمة ولا يعد عنه وإنما الفقر مجرد عامل حرك ما اكتنف حياة الإنسان من ظروف شخصية واجتماعية.ولا أدل على ذلك مما أثبته العلماء من أن جرائم الفقراء عديدة متنوعة مثل الدعارة والتحريض علي الفجور والفسق والسرقة والنصب والتبديد بل قد يدفع الفقر الناس الي القتل مثل قتل الزوج زوجته أثر مشادة علي المصاريف اليومية وهي ظاهرة لا يمكن تبريها بالفقر وحده ما لم تكن طبيعة القاتل شريرة في ذاتها وما الفقر إلا عامل أشعل هذا التكوين بعد ان كان راكدا غير ملموس.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق