قوة الحكم البات بانقضاء الدعوى بالتقادم في إنهاء الدعوى الجنائية بقلم✍ د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)كان قد أثير خلاف في الفقه والقضاء حول ما إذا كانت حجية الشيء المقضي به تثبت للأحكام الصادرة بانقضاء الدعوي الجنائية بالتقادم من عدمه. وكان سبب الخلاف أن المادة ٤٥٤إجراءات نصت فحسب على أن هذه الحجية تثبت للأحكام الصادرة بالإدانة أو بالبراءة في موضوع الدعوي الجنائية ولم تذكر الأحكام الصادرة بالانقضاء بالتقادم إذ نصت المادة 454 على أن تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة.ونصت المادة 455 على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة. (٢)فذهب العلامة المرحوم الدكتور محمود نجيب حسني في مؤلفة قوة الحكم الجنائي في إنهاء الدعوي الجنائية ١٩٨٧ إلى أن الأحكام التي تكتسب الحجية طبقا لظاهر النص هي الأحكام الصادرة بالإدانة أو البراءة دون غيرها مثل الحكم بإنقضاء الدعوى وترتب علي ذلك أن لجأت النيابة العامة والمدعيين بالحق المدني الي أعاده رفع الدعوي الجنائية عن ذات الواقعة الصادر فيها حكم الانقضاء تشدقا بظاهر نص القانون بسند أن حكم الانقضاء بالتقادم ليس حكم أدانه أو براءه وبالتالي لا يكتسب ثمة حجية تحول دون اعاده طرح الدعوي علي القضاء مرة أخري. (٣)وكان من رأينا أن نص المادة ٤٥٤إجراءات ولئن اقتصر على ذكر أحكام الإدانة أو البراءة إلا أنه يشمل بمقتضى العقل والمنطق كافة الأحكام التي تتساوي مع البراءة في نتيجتها من حيث غلق سلطة الدولة في العقاب ومنها احكام الانقضاء بالتقادم والتصالح وأن القول بغير ذلك من شأنه آثاره البلبلة وتأبيد النزاع واهتزاز استقرار المجتمع وأن عدم ذكر المشرع لأحكام الانقضاء لا يعني استبعادها من نطاق الحجية إذ قصد المشرع من تقرير حجية الأحكام القضائية الباته وضع حد لتأبيد النزاع مادام أنه يترتب عليها غلق سلطه الدوله في العقاب بغض النظر عن نوع الحكم وما إذا كان بالإدانة أو بالبراءة أو بالتقادم أو بالصلح.فاي حكم يترتب عليه هذا الأثر يكتسب الحجيه وأنه ليس بوسع المشرع الأنباء سلفا بتلك الأحكام فاختار أكثرها شيوعا وهي أحكام الإدانة والبراءة. (٤)ولقد أخذت الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض بهذا النظر وقضت بأنه وحيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة - بعد صدور حكم محكمة الجنح المستأنفة المشار إليه فى وجه الطلب - أعادت رفع الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها ضد المتهم ذاته ، وقضي فيها نهائياً بانقضائها بمضي المدة ، ولم تطعن النيابة العامة عليه بالنقض . لما كان ذلك ، وكان هذا الحكم يحوز قوة الشئ المقضي فى نفس الواقعة ، ويمنع من محاكمة المتهم مرة أخرى عن الفعل ذاته ، فلا يجوز طرح الدعوى من جديد أمام محكمة أخرى ، ضماناً لحسن سير العدالة واستقراراً للأوضاع النهائية التي انتهت إليها كلمة القضاء ، ذلك بأن الازدواج فى المسئولية الجنائية أمر يحرمه القانون وتتأذي به العدالة ، والحكم متى صار باتاً أصبح عنواناً للحقيقة ، فلا يصح النيل منه ولا مناقشة المراكز القانونية التي استقرت به ، ويضحي حجة علي الكافة ، حجية متعلقة بالنظام العام ، بما يوجب علي المحاكم إعمال مقتضي هذه الحجية ، ولو من تلقاء نفسها . (الطعن رقم 4 لسنة 2009 جلسة 2012/03/19 س 55 ص 5 )
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق