ضمانات التفتيش في المناطق الحدودية دراسة مقارنة ونقدية بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)التفتيش هو تقصى عن الحقيقة في مستودع السر.إذ يجري ببحث متعمق في ملابس الشخص وقديقتضي الأمر خلع ثيابه أو ما يرتديه من حذاء ويمتد التفتيش إلى ما في حوزة الشخص من منقولات لحظه التفتيش كمتاع يحمله أو حقيبة يمسكها أو سيارة يقودها اذ تعتبر المنقولات من توابع الشخص فكلما جاز تفتيشه صح تفتيشها بالتبعية ولقد أجاز المشرع في قانون الإجراءات الجنائية التفتيش رغم ما به من انتهاك لحق الإنسان في السر وقد دعاه إلى ذلك حرصه على كشف الحقيقة في شأن الجريمة غير أنه قيد التفتيش بضمانات تحول دون التعسف وتتفق مع الغاية التي شرع لها علي نحو يمكن القول معه أن عله التفتيش في قيوده وهي الفلسفة التي ينهض عليها Rassat"procedure penal"2010p32 ;Serge et Jacquees"procedure penal"2013p415;Bray"La fouille corporelle"these 1930p23 وتتمثل هذه القيود في حظر التفتيش إلا إذا توافرت قرائن علي أن المتهم يخفي معه أشياء تتعلق بجناية أو جنحة مما يفيد في كشف الحقيق في شأنها و لقد نص المشرع على ذلك فى المادتين ٩٤و٢٠٦ من قانون الإجراءات الجنائية وأسند سلطة التفتيش لجهة التحقيق وخول لمأمور الضبط القضائي هذه السلطة عند التلبس بالجريمة ونص صراحة في المادة ٥٠ من قانون الإجراءات علي لزوم التقيد بغرض التفتيش بقوله لأ يجوز التفتيش إلا لضبط أدلة الجريمة الجاري الاستلالات أو حصول التحقيقات بشأنها فلا يكفي وقوع جناية أو جنحة وأن تأذن بالتفتيش جهه التحقيق أو يباشره رجال الضبط القضائي عند التلبس وإنما يلزم كذلك أن تتوافر قرائن علي أن من يجري تفتيشه يخفي معه ادله الجريمة الحاصل التحقيق أو الاستدلات بشأنها(نقض١٩٥٩/٣/٣مجموعة أحكام النقض س١٠رقم٨٧ ص٢٩١؛نقض١٩٦٢/١٢/١٧س١٣رقم ٢٠٥ص٨٥٣؛نقض١٩٩٢/٥/٧ س٤٣ رقم ٧١ص٤٥٨)فالتفتيش وفيه مساس بحق الإنسان في السر لأ يمكن أن يجري عشوائيا املا في كشف أي اشياء تعد جريمة وانما يلزم أن يتعلق بجريمة محدده منتجه لدليل وهذا ما يطلق عليه التفتيش كأحد إجراءات التحقيق. (٢)غير أن هناك صور أخرى جرى الاصطلاح على إطلاق وصف التفتيش عليها لأ تستهدف البحث عن أدلة جريمة وقعت وإنما تستهدف أغراض أخرى قد تكون وقائية أو إدارية فلا تتقيد بضمانات وشروط التفتيش كإجراء تحقيق ويرجع سند هذه الصور إلى نص القانون أو رضا الشخص إلا أن اعتبار هذه الصور تفتيش إدارى لأ يعنى إطلاقها وإباحتها دون ضمانات إذ كافة صور التفتيش الإداري تنطوى على مساس بحق السر فيجب تقيدها فى حدود الغرض الذي شرعت من أجله ومن أمثله التفتيش الإدارى تفتيش المسجونين والتفتيش الجمركي والتفتيش فى المناطق الحدودية من خلال إنشاء نقاط تفتيش حدودية أو معابر حدودية وهي عبارة عن مكان يكون بشكل عام على الحدود بين الدول وحيث يتم تفتيش المسافرين والبضائع المارة بين الدول على الحدود وهو نقطة عبور للمشاة أو البضائع أو المركبات وغالباً يقع عند حدود الدول البرّية وتديره الدولتان الذي يوصلهما المعبر. لهذا تختلف إجراءات إدارة المعبر فقد يتمّ به التفتيش لمنع دخول المخدرات أو الأسلحة مثلاً أو إثبات الشخصية أو الجنسية من خلال إظهار بطاقة إثبات الشخصية أو جواز السفر وفي المقابل قد يكون العبور بسيط لدرجة أن الحدود تختفي في بعض الأحيان كما هو حال الكثير من معابر سويسرا ومنطقة الشنغن.ويختلف التفتيش الحدودي على هذا النحو عن التفتيش الأمني للأشخاص الذى تجريه الشرطةفى المواني والمطارات بحثاً عن الأسلحة والمفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب(الطعن رقم ٩٨٤١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٦الطعن رقم ٣١٣٧١ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/١١الطعن رقم ٤٩٧٠٥ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/١٠الطعن رقم ٢٦١٦٠ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٠٧)والذي لا يوجد سند قانوني لمشروعيته سوى افتراض الرضا الضمني للمسافر وكذا التفتيش الجمركي الذى يجريه رجال الجمارك فى نطاق الرقابة الجمركية عند توافر شبهه التهريب(الطعن رقم ٢١٠ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠١/٢٣الطعن رقم ٢١٠ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠١/٢٣الطعن رقم ٢٤٧٧٩ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٠/٢٨الطعن رقم ٢٤٧٧٨ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٠/٢٨الطعن رقم ١٠٧٠٨ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٣الطعن رقم ٣٥٤٨٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٥/٠٨الطعن رقم ٣٥٤٨٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٥/٠٨الطعن رقم ٣٥٤٨٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٥/٠٨)إذ على الرغم من أن جميع هذه الصور تعد تفتيش إدارى لأ يخضع للضمانات المنصوص عليها في الدستور وقانون الاجراءات الجنائية الا أن التفتيش الأمنى يجب أن يتم خارج منطقه حدودية عسكرية أو نطاق الرقابة الجمركية وإلا وجب خضوعة للاحكام المنصوص عليها في المواد ٢٠من قانون القضاء العسكري و١٢٦و١٢٧و١٢٩من قانون الجمارك وأهمها صفه القائم به وتمتعه بصفه الضبط القضائي العسكرى أو مأمور جمارك. هذا وتجيز كافة الدول بلا استثناء التفتيش عبر مناطق الحدود تأميننا لسلامة أراضيها من إدخال المواد الضارة أو الممنوعة أو العناصر المشبوة التي تنزح من ضروب الحدود للتسلل داخل البلاد لإجراء أعمال إرهابية مع بعض الاختلاف فى طريقة إجرائه من حيث مساسه بحق السر. (٣)ففي فرنسا لم يجز المشرع الفرنسي التفتيش الحدودي بمعنى التنقيب عن الحقيقة فى مستودع السر بل أجاز فقط إخضاع العابر للحدود لإجراءات التحقق من الهوية وذلك فى المادة 78-1من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 291 لسنة 1999 المؤرخ في 15 أبريل 1999 والتي توجب أن يوافق أي شخص على التراب الوطني ان يخضع للتحقق من الهوية الذي يتم إجراؤه من قبل الشرطة وهي سلطة لأ تتعدى سؤال العابر للحدود عن شخصيته ووجهته وما يثبت ذلك من أوراق وسبب قدومه للبلاد أو مغادرتها بغرض منع الاعتداء على النظام العام أو إحباط محاولة التسلل غير المشروع للبلاد دون التعرض له أو المساس بحريته إذ نصت المادة 78-2 معدله بالقانون رقم778لسنة 2018 المؤرخ في 10 سبتمبر 2018 على أن يجوز لضباط الضابطة العدلية وأعوانهم المذكورين في المادتين 20 و 21-1 إجراءات أن يطلبوا بأي وسيلة تبرير هوية أي شخص بغض النظر عن سلوكه لمنع الاعتداء على النظام العام لا سيما أمن الأشخاص أو الاموال في المناطق الحدودية البرية لفرنسا مع الدول الأطراف في الاتفاقية الموقعة في شنغن في 19 يونيو 1990 وخط الحدود على بعد 20 كيلومترًا وكذلك في المناطق التي يمكن للجمهور الوصول إليها في المواني والمطارات و محطات السكك الحديدية أو الطرق المفتوحة للمرور الدولي والمحددة بقانون وحول هذه المحطات لمنع الجرائم العابرة للحدود أو ضبطها أو من أجل التحقق من الالتزامات بحيازة الاشخاص وحملهم الأوراق والمستندات المنصوص عليها في القانون متى تم ذلك الفحص على متن قطار يقوم باتصال دولي.وحرص المشرع على أن يتم ذلك الفحص بطريقة لا تتضمن التعرض للأشخاص الموجودين أو المتداولين في المناطق المذكورة.ويستقر الفقه والقضاء الفرنسي على أن إجراء فحص الهوية مجرد استيقاف إدارى لا يخول للشرطة تفتيش المستوقف Buisson Controles et verifications d'identité Guris; classeure procédures penale Fasc 10art 1978-1 a 78-5.p10 no 28; Decocq ,Montreuil et Buisson Le droit de la police 1998p545 (٤)إما المشرع المصري فقد أجاز التفتيش الحدودي إذ نصت المادة ٢٠من قانون القضاء العسكري رقم ٢٥لسنه ١٩٦٦المعدل على أن لأعضاء الضبط القضائى العسكري كل في دائرة اختصاصه تفتيش الداخلين أو الخارجين من المناطق التالية:1-مناطق الأعمال العسكرية2-مناطق الحدود 3-مناطق السواحل4-المناطق التى تحددها الأوامر العسكريةوالقوانين الأخرى.ويجرى قضاء النقض علي أن المادة ٢٠ من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦تجيز لرجال الضبط العسكري تفتيش الداخلين و الخارجين عسكريين أو مدنيين من مناطق الحدود والأعمال العسكرية وأنه يكفى لصحة هذا التفتيش أن يكون الشخص خارجاً أو داخلاً من مناطق الحدود أو الأعمال العسكريةحتى يصح تفتيشه دون التقيد بقيود القبض و التفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية وأن العثور أثناء هذا التفتيش على دليل يكشف عن جريمةيجوز الاستدلال به أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ثمرة تفتيش مشروع(الطعن رقم ٢٣٠٦٤ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٧/١٠/٢٥الطعن رقم ١٨٣٥٦ لسنة ٨٣ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٥/٠٧؛الطعن رقم ١١٠١١ لسنة ٦٣ قضائية الصادر بجلسة ١٩٩٥/٠١/٢٤الطعن رقم ١٨٧٥ لسنة ٥٩ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨٩/١٠/١٩الطعن رقم ٣٨٣٠ لسنة ٥٦ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨٦/١١/١٦الطعن رقم ٢٢٤٥ لسنة ٥١ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨١/١٢/٢٣). ولهذا قضت بصحة الضبط والتفتيش الذى يجريه ضباط المخابرات الحربية لأنهم من أعضاء الضبط القضائي العسكري في دائرة اختصاصهم طبقا للمادة ١٢ من القانون ٢٥ لسنة ١٩٦٦بشان القضاء العسكرى (الطعن رقم١١٠١١ لسنة٦٣قضائية الصادر بجلسة ١٩٩٥/٠١/٢٤الطعن رقم١٨٧٥ لسنة٥٩ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨٩/١٠/١٩الطعن رقم٣٨٣٠ لسنة٥٦ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨٦/١١/١٦الطعن رقم ٢٢٤٥ لسنة ٥١ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨١/١٢/٢٣)وكذلك الشأن بالنسبة لضباط الشرطة العسكرية لانهم من رجال الضبط القضائي العسكرى وفقا للمادة ١٢ المار ذكرها الطعن رقم ٦٨٥ لسنة ٥٠ قضائية الصادر بجلسة١٩٨٠/١٠/٠٨الطعن رقم ٣٩٦ لسنة ٤٤ قضائية الصادر بجلسة١٩٧٤/٠٥/٠٥)وأيضا رجال حرس الحدود اذ لهم صفة الضبط القضائي بالنسبة لجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح في الجهات الخاضعةلاختصاصهم ومن ثم فإن تفتيش جندي حرس الحدود لسيارة الطاعن بنقطة تفتيش تابعة لقوات حرس الحدود يكون صحيحا(الطعن رقم ٥٥٠٥ لسنة ٨٢ قضائي الصادر بجلسة ٢٠١٥/٠٣/٠٢ الطعن رقم ١٥٢٢٨ لسنة ٧٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٢/٠٩/٢٩ الطعن رقم ٣١٢٧٥ لسنة ٧٠ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٥/٠٣/٢٧ الطعن رقم ١٠٨١٨ لسنة ٦٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٢/٠٤/٠١ الطعن رقم ٢٣١٢٣ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٠/٠٣/٠١)ويكفي لصحة هذا التفتيش فى منطق النقض أن يستظهر الحكم أن المنطقة التى جرى فيها التفتيش منطقه حدودية عسكرية مثل منطقة قناة السويس من الشرق إلى الغرب منطقة عسكرية ومن ثم فإن تفتيش السيارة قيادة الطاعن بمعرفة أحد أعضاء الضبط القضائي العسكرى أثناء عبوره قناة السويس صحيح الطعن رقم ٣٧٠٩ لسنة ٧٨ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١١/٠١/١٩)ورغم صراحة نص المادة ٢٠من قانون القضاء العسكري من قصر حق التفتيش فى المناطق الحدودية على أعضاء الضبط القضائي العسكرى المذكورين فى المادة ١٢ إلا أن محكمة النقض تجيز هذا التفتيش كذلك لرجال الضبط القضائي المنصوص عليهم فى المادة ٢٣من قانون الإجراءات الجنائية بسند أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في حدود جريمة معينة لا يعني مطلقًا سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام الشامل وقضت تطبيقا لذلك بصحة التفتيش الذي إجراه ضابطي شرطة لسيارة اثناء مرورها من حارة الشرطة العسكرية بنفق قناة السويس رغم تواجد جنود قوات حرس الحدود فى نقطه التفتيش وتبعيتها للقوات المسلحة ولمجرد أن الجندى رفض السماح بمرور السيارة من تلك الحارة وصوبت التفتيش من الشرطة المدنية فى تلك الحارة(الطعن رقم ١٣٦٢٣ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١٢/١٧). (٥)وقضاء النقض سالف الذكر فى إطلاق التفتيش فى المناطق الحدودية يتفق مع ظاهر نص المادة ٢٠من قانون القضاء العسكري ويلقي قبولا لدي معظم الفقهاء إذ العبرة لديهم في صحة التفتيش عندئذ تكون بمطلق التواجد في مكان حدودى عسكري وليس بسبب هذا التواجد غير أننا بعد التأمل نعتقد عدم صوابه والمشكل في اعتقادنا ليس في خضوع هذا التفتيش لقواعد قانون الإجراءات الجنائية من عدمه اذ لا خلاف في انحسار قواعد الاجراءات الجنائيه عنه. وإنما المشكل في اطلاق هذا التفتيش دون قيد أو شرط. ذلك أن تفتيش الداخلين والخارجين من المناطق العسكرية مدنيين أو عسكريين يمس بالحق في السرية وهذه السريه لا يقبل أن تنتهك بالتفتيش لمجرد التواجد فى أحد الحدودية وانما يجب التقيد بالعلة التي قررته وإن كان النص لم يشر إليها فيجب الإجتهاد في البحث عنها. ولقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكريه انه نظر لخطورة المناطق العسكرية والحدودية وتعلقها باسرار القوات المسلحة وجب التحقق من شخصية مرتاديها من مدنيين وعسكريين بالسماح لرجال الضبط القضائي العسكري بالتفيش ولهذا فإن عله أجازه هذا التفتيش هي الفحص للتحقق من شخصيه مرتادي هذه المناطق وخلوه مما يضر بأمن البلاد كحمله سلاح او مفرقعات فهو أقرب الى التفتيش الوقائي ومن ثم يجب أن يقف عند هذا الحد فإن تجاوزه القائم به بطل التفتيش فضلا عن توافر شبهه التهريب أو التسلل إلى البلاد أو الخروج منها مثل الارتباك أوالتلعثم في الكلام او التخلي عن حقيبة أو إنكار ملكيتها او الفرار هربا اذ في هذه الحالة فقط يصح تفتيشه للشبهة علي اعتبار انه تفتيش اداري لا يتقيد بضمانات قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم نعتقد ان شرط هذا التفتيش في هذه الحالة هو الشبهه لاسيما وان القانون لم يبسط صفه الضبطيه القضائيه علي رجال حرس الحدود الا بصدد جرائم التهريب مما يقتض بداهه لثبوت تلك الصفه لهم ان يستشعروا مظنه التهريب فيكون لهم عندئذ سلطه التفتيش وهو مالم تلاحظه محكمة النقض فاطلقه التفتيش لمجرد التواجد في المنطقه الحدودية بل ان عدم اشتراط الشبهه يجعل من التفتيش اجراء عشوائي ولا ندري كيف يعقل او يستقيم تفتيش كافه العابرين لمناطق الحدود العسكرية فهذا محال وعلي أي حال فان ما قررناه هو رأي شخص لنا لم يبديه احد من قبل ويخالف ما اطرد عليه قضاء النقض واغلب الفقهاء. (٦)ولكن يلاحظ على قضاء النقض المنتقد ان مفهوم المخالفة لنص المادة ٢٠من قانون القضاء العسكري يؤدى إلى حظر التفتيش الحدودى من غير أعضاء الضبط القضائي العسكري ومن ثم لا يجوز لرجال الضبط القضائي المنصوص عليهم في المادة ٢٣اجراءات جنائية مباشرة التفتيش الحدودي ذلك أن التنصيص يفيد التخصيص عند الاستثناء والتفتيش الحدودي بحسبانه إجراء إداري ينتهك الحق في السر فهو استثناء من أصل ومن ثم فإن اقرار محكمة النقض تخويل ضباط الشرطة المنصوص عليهم في المادة ٢٣من قانون الإجراءات الجنائية مباشرة التفتيش الاداري رغم أن المنطقه التي اجري فيها التفتيش هي أحد انفاق محور قناة السويس وهي منطقة حدود تخضع لولاية رجال الضبط القضائي العسكري لاسيما رجال حرس الحدود والذي كانوا متواجدين فيها لحظه التفتيش بدعوى أن اضفاء صفه الضبط القضائي العسكري بشأن جرائم معينه لا يعني سلب اختصاص ضباط الشرطة المنصوص عليهم في المادة ٢٣اجراءات فمحل نظر إذ ان ضفتي قناة السويس والمعابر عليها هى مناطق حدود عسكريه وبالتالي يختص باجراء التفتيش فيها رجال الضبط القضائي العسكري ومنهم رجال حرس الحدود وهو ما اكدته محكمة النقض ذاتها في احد أحكامه(الطعن رقم ٣١٢٧٥ لسنة ٧٠ قضائيةالدوائر الجنائية جلسة ٢٠٠٥/٠٣/٢٧) كما أن تواجد رجال الضبط القضائي المنصوص عليهم في المادة ٢٣ اجراءات في تلك المنطقة ومرور سيارة المتهم من حارة المدنيين بعد رفض الشرطة العسكرية مرورها من الحارة المقرره للعسكريين لا يخول لرجال الضبط القضائي العاديين اجراء التفتيش الحدودي بحسبانه تفتيش إداري وإنما يجوز لهم فقط إجراء التفتيش القضائي عند التلبس أو صدور أمر قضائي مسبب طبقا للقواعد العامة فى قانون الإجراءات الجنائية لأن قانون القضاء العسكري خول في المادة ٢٠ منه لرجال الضبط القضائي العسكري سلطة التفتيش الحدودي وبالتالي يظل رجال الضبط القضائي العاديين في دوائر اختصاصهم والتي بها مناطق حدودية خاضعين للقواعد العامة فى قانون الإجراءات ومادام أن حاله التلبس غير متوافرة ولا يوجد أمر قضائي بالتفتيش فإنه يمتنع علي رجال الضبط القضائي العاديين اجراءه. ثم أن المادة العاشرة من قانون القضاء العسكري نصت علي أنه تتبع الاحكام الواردة في القوانيين العامة إذ لم يوجد نص في هذا القانون وبالتالي ومع وجود نص المادة ٢٠ من قانون القضاء العسكري فلا يلجأ إلى القواعد العامة في الإجراءات الجنائية اللهم إلا إذا خرجنا من نطاق التفتيش الحدودي كإجراء اداري نظمه المشرع العسكري الي التفتيش القضائي الذي نظمه قانون الإجراءات الجنائية وهو ما تواترت عليه محكمة النقض بالنسبة للتفتيش الجمركي كأحد صور التفتيش الإداري اذ قضت بأن التفتيش داخل الدائرة الجمركية المنصوص عليه في المادة ٢٦ من القانون ٦٦ لسنة ١٩٦٣ هو من نوع خاص لا يتقيد بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية أو ما توجبه المادة ٤١ من الدستور ولكن حق إجرائه مقصور على موظفي الجمارك دون رجال السلطات الأخرى الذين يتقيدون في اجرائه بالقواعد العامة وبالتالي فإن مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصويبه القبض والتفتيش الذي قام به مأمور الضبط القضائي في الدائرة الجمركية دون توافر حاله التلبس ينطوي علب خطأ في تطبيق القانون(الطعن رقم ١٥٧٦٦ لسنة ٧٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٧/٠٢/١٢)ولا نبعد عن الحقيقة إذ قررنا أن قالة محكمة النقض بأن الشرطة المدنية اختصاصها عام وشامل في ضبط الجرائم مرتكبيها ومن ثم يثبت لهم التفتيش الحدودي ينطوي علي خلط ما بين التفتيش الاداري ونظيره القضائي إذ هذا القول ممكن أن يصدق علي التفتيش كاجراء القضائي كاجراء تحقيق دون التفتيش الاداري القضائي إذ هذا القول ممكن أن يصدق على التفتيش كاجراء القضائي كاجراء تحقيق دون التفتيش الإداري الذي لا يتعلق بجريمة وقعت ولا بالبحث عن أدلتها ولا يتطلب لإجرائه دلائل كافيه وإنما يهدف تحقيق أعراض الضبط الإداري وبصفه خاصة حفظ الأمن والدولة ذاتها. والواقع أن الخطوط الفاصلة بين التفتيش الاداري ونظيره القضائي بوجه عام غير واضحة بل متشابكة وهو أمر سبق أن نوهنا إليه وقمنا باثباته في كتاب التفتيش الاداري محاولة نظرية وعملية لإرساء نظرية عامة. وأرجعناه الي أن التفتيش الاداري اجراء حديث النشأة غض الإهاب لم يلق العناية الكافية من الفقه وأن القضاء بحكم احتكاكه اليومي بالقضاية كان أسبق في التعرض له من الفقه فاضطر أن يجتهد قدر الطاقة لاسيما في ظل ندره نصوصه للحكم في القضايا المنظورة أمامه فجاءت أحكامه متناثرة متضاربة لعدم وجود رؤية واضحة لديه إذ التجميع والتنسيق وربط الأفكار وتمييز الإجراءات عن بعضها البعض ووضع النظريات وضوابطها من صنع الفقه وليس من عمل القضاء.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق