تفتيش منازل ومكاتب المحامين فى القانونين الفرنسي والمصري بقلم✍ د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)كان ينظر إلى المحامى حتي عهد قريب أنه مجرد وكيل للمتهم أو بالأحري الفم الناطق باسمه وبالتالي لم يكن للمحامي حقوق أو ضمانات ضد الإجراءات الجنائية إلا تلك التي يكفلها الدستور والقانون للمتهم ذاته دون أكثر أو أقل. ولكن بدأت الأذهان تتفتح الي أن دور المحامي جد خطير فهو فوق حرصه على تمثيل المتهم ونقل وجهه نظره وبلورتها في إطار قانونى فإن له دور آخر يتمثل في حماية حقوق الدفاع وإرساء منظومة العدالة وكفالة سيادة القانون بحسبانه مستقل وعالم في القانون وأقدر الاشخاصى في المجتمع المدني علي رقابة سلطات الدولة في تعاملها مع مواطنيها. وإذا كان الدور الأول يقتضي تمتع المحامي بذات حقوق المتهم فإن الدور الآخر يتطلب تمتعه بضمانات خاصة تمكنه من إنفاذ حكم القانون وكفاله حقوق الدفاع دون حرج أو خوف من بطش الدولة بتلفيق التهم إليه وبحسبانه أحد أضلع منظومة العدالة فلا عجب أن تحرص التشريعات المقارنة على وضع ضمانات للمحامى ضد الإجراءات الجنائية من ضبط وتفتيش ولم تقصر هذه الضمانات على ما يمس حق الدفاع بطريقة مباشرة بل أيضا بطريقة غير مباشره بما يجعل قاصر النظر يعتقد أن المشرع مييز المحامين عن بقية أصحاب المهن وما هو بذلك قطعاLeaute"les principles generaux relatifs aux droits de la defense Rev,SC,crim 1957 p47;Derriade"prquisition et saisie chez le avocats Rev,Sc,Crim 1953p228ومن ذلك على سبيل المثال حظر مراقبة هاتف المحامى إلا بعد إخطار نقيب المحامين وكذلك تفتيش مكتبة وتفتيش منزله ولو كانت الجريمة المنسوبة للمحامى متلبس بها بل وحظر ندب أحد رجال الضبط القضائي لاتخاذ أى إجراء جنائي ضد المحامى Pradel"procedure penal 1997p537;Varinrd"Les grand arrest du droit criminal t21984p77وهى حقوق وضمانات مقرره للمحامين منذ زمن وأن كان اخذى عليها فى وقتها ضعف رقابة نقابة المحامين Garraud"Traite de droit pénal 1913 t4p154;Helie "Traite de l,instructions criminelle 1876t4p254;De Vabres "Traite de droit criminal t4 p141 وهو ما تفاداه المشرع لاحقاGare et Ginestet"droit penal et procédure penal 2000 p1543 ٢)ففي فرنسا ورغم كون الجريمة متلبس بها فإن المشرع خرج على القواعد العامة التي تجيز للنيابة العامة والشرطة القضائية تفتيش الأماكن والمساكن عند التلبس ولم يجز تفتيش منزل أو مكتب المحامي ألا بأمر مسبب صادر من قاضي التحقيق بإشراف رئيس نقابة المحامين وجعل للنقابة دور هام في التفتيش وليس شكلي إذنص المشرع فى المادة 56-1 بعد تعديله بموجب الأمر رقم 2019-964 المؤرخ 18 سبتمبر 2019 على حظر تفتيش مكتب المحامي أو منزله إلا من قبل قاضي التحقيق وبحضور رئيس نقابة المحامين أو من ينوب عنه وجعل القانون لرئيس النقابة دور حيوي وجوهري.فمن ناحية يجوز بموجب قرار مكتوب ومسبب من قاضي التحقيق موضح الجرم والقرائن الموجبة للتفتيش والهدف من التفتيش ويتعين على قاضى التحقيق أن يُعرض مضمون قرار التفتيش على رئيس نقابة المحامين أو من ينوب عنه قبل بدء التفتيش.وخول القانون لرئيس النقابة أو من يفوضه وحده الاطلاع على الوثائق أو الأشياء الموجودة في المبنى قبل ضبطها.كما حظر القانون ضبط أى مستندات أو أشياء متعلقة بجرائم غير تلك المذكورة في القرار المشار إليه وإلا وقع الضبط باطل.كما ألزم القانون القاضي الذي يقوم بالتفتيش بأن يضمن أن التفتيش الذي يجرى لا يؤثر على الممارسة الحرة لمهنة المحامي. كما خول القانون لرئيس النقابة أو من يفوضه الاعتراض على مصادرة مستند أو شيء إذا رأى أن الضبط سيكون مخالفاً.وعند الاعتراض يوضع المستند فى حرز مغلق مع بيان أوجه الاعتراضات و يتم إرسالها دون تأخير إلى قاضي الحريات والحبس ليبت في غضون خمسة أيام من استلام هذه المستندات في الاعتراض بأمر مسبب لا يمكن استئنافه. ولهذه الغاية يستمع إلى القاضي الذي أجرى البحث ، وعند الاقتضاء ، المدعي العام ، وكذلك المحامي في المكتب أو في محل إقامته والرئيس أو من يفوضه.إذا اعتبر أنه لا يوجد سبب لمصادرة المستند أو الشيء ، يأمر قاضي الحرية والاحتجاز بإعادته على الفور ، فضلاً عن إتلاف تقرير عملية الضبط أو إلغاء أي إشارة إلى هذه الوثيقة أو محتواها أو إلى أنه سيظهر في ملف الإجراءات واستبعاده من ملف الدعوى. وذلك دون إخلال بحق الخصوم فى طلب تقرير البطلان أمام محكمة الموضوع أو غرفة التحقيق. كما قرر المشرع الفرنسي سريان تلك الأحكام على عمليات التفتيش التي تجري في مقر نقابة المحامين أو في صناديق التسوية المالية للمحامين. ولكن يمارس الصلاحيات الموكلة إلى قاضي الحريات والحبس رئيس المحكمة القضائية الذي يجب إخطاره مسبقًا بالتفتيش. وينطبق الشيء نفسه في حالة البحث فى مقر نقابة المحامين.كما قرر المشرع كذلك سريان ذات الأحكام على عمليات التفتيش أو الزيارات المنزلية التي يتم إجراؤها على أساس قوانين أخرى أو قوانين خاصة في مكتب محامٍ أو في منزله أو في مقر النقابة.وقضاء النقض الفرنسى مستقر على أن لزوم أن يباشر قاضى التحقيق تفتيش منزل المحامى أو مكتبه بنفسه فلا يصح له ندب النيابة العامة أو أحد ضباط الشرطة القضائية وإلا كان التفتيش باطلا Cass crim 24 Mars 1960J.C.P 1961-11-672;crim 5Juin 1975J.C.P1976-11-243;crim 15Mai1988Bull crimNo128;crim12Mai1990J.C.P1990-11-21541 (٣)وفي مصر رغم تقرير الدستور والقانون ضمانات للمحامي إزاء التحقيق معه بوجه عام أوتفتيش مكتبه إلا أن هذه الضمانات جاءت ضئيلة ومجمله دون تفصيل ولم تضع أى رقابة لنقابة المحامين على التفتيش ألا إذا كانت الجريمة متعلقة بعمل المحامى كما أن محكمة النقض أضعفت منها.فمن ناحية نصت المادة198من دستور 2014علي ان"المحاماة مهنه حره تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حقوق الدفاع كما أبان النص الدستوري تمتع المحامون أثناء تاديه حق الدفاع أمام المحاكم وسلطتي التحقيق والاستدلال بالضمانات المقررة لهم قانونا.وحظر النص الدستوري في غير حاله التلبس القبض على المحامي أو حجزه أثناء مباشرته حق الدفاع وذلك كله علي النحو الذي يحدده القانون.ونصت الفقرة الأولى من المادة 51من قانون المحاماة رقم لسنه 1983بعد تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 2019لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة أو قاضي التحقيق فى الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك .ويري الفقه أن عبارة النص تعني حظر ندب سلطة التحقيق لرجال الضبط القضائي للقيام بإجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق ضد المحامي لجريمة وقعت منه ولو كانت منبته الصلة بعمله كجريمة إحراز مخدر أو قتل أو التوسط في رشوة فلا يجوز للنيابة العامة أن تأذن لرجل الضبط القضائي بضبط وتفتيش شخص المحامي المتهم أو تفتيش مكتبه أو تفتيش مسكنة إذ يلزم أن يقوم عضو النياية المحقق أو قاض التحقيق بتلك الإجراءات بنفسه وإلا كان الندب باطلا(د.رءوف عبيد-مبادئ قانون الإجراءات الجنائية-١٩٨٩-ص٣٥٤؛د.عوض محمد عوض-قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول-١٩٩٠-ص٤٣٢؛د.أحمد فتحي سرور-الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية-الجزء الأول-٢٠١٤-ص٦٥٤؛د.مامون سلامة-الإجراءات الجنائية في التشريع المصري- الجزء الأول-٢٠٠٨-٤٨٧؛د.محمد زكي ابو عامر-الإجراءات الجنائية-٢٠١٣-ص٥٤٣؛د.عمر السعيد رمضان مبادئ قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٩٣ص ٣٤٣؛د.محمد عيد الغريب شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩٧ص٧٠١؛د.عبد الرؤف مهدي شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٨ص ٧٥٣) ولكن محكمة النقض اضعفت ما قررته المادة 51 سواء من حيث جواز الندب أو واجب الإخطار.فمن ناحية ذهبت محكمة النقض من إلى إن ما جاء بالمادة 51/1من قانون المحاماة من حظر ندب أحد رجال الضبط القضائي التفتيش للمتهم لكونها محام هي مجرد اجراءات تنظيمية لأ تثريب أو بطلان على مخالفتها(نقض ١٩٩٤/٢/١٧ممجموعة أحكام النقض س ٤٥رقم ٤٣ص٣٠٢).ومن ناحية ثانية قضت النقض بأن ما أوردته المادة 51 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983من وجوب إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية لا يعدو أن يكون إجراءً تنظيمياً لا يترتب على مخالفته بطلان إجراءات التحقيق(الطعن رقم ١٣٠١٨ لسنة ٨٧ قضائيةالدوائر الجنائيةجلسة ٢٠١٩/١١/١٣). (٤) ومذهب النقض محل نظر إذ البطلان هو جزاء إجرائي يصيب الإجراء الذى تخلف عنه كل أو بعض شروط صحته فيصبح عديم الأثر ويتنازع البطلان مذهبان الأول: مذهب البطلان القانوني.والثاني: مذهب البطلان الذاتي.ومقتضى مذهب البطلان القانوني أن المشرع هو الذى يتولى تحديد حالات البطلان بحيث لا يجوز للقاضي أن يقرر البطلان إلا فى هذه الحالات دون غيرها أو بعبارة أخرى فإنه "لا بطلان بغير نص" أما مذهب البطلان الذاتي فان المشرع لا يحدد حالات البطلان على سبيل الحصر وإنما يعطى للقاضى مكنة القضاء بالبطلان إذا كان الإجراء المعيب جوهريا. ولقد اعتنق المشرع المصري مذهب البطلان الذاتي فميز بين مخالفة القواعد الجوهرية ومخالفة القواعد غير الجوهرية أو بالأحرى الإرشادية، وجعل البطلان جزاء مخالفة الأولى دون الثانية. ولقد عبر المشرع عن موقفه بنص المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية بقوله "يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري".ولقد أوضحت المذكرة الإيضاحية معيار التفرقة بين القواعد الإجرائية الجوهرية والقواعد الإجرائية غير الجوهرية فقالت "لتعرف الأحكام الجوهرية يجب دائما الرجوع إلى علة التشريع، فإذا كان الغرض منه المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة للمتهم أو غيره من الخصوم فإنه يكون جوهريا ويترتب على عدم مراعاته البطلان" وأضافت أنه لا يعتبر من الإجراءات الجوهرية ما وضع من الإجراءات لمجرد الإرشاد والتوجيه ويتضح من ذلك أن المعيار الذى تبنته المذكرة الإيضاحية للتفرقة بين القواعد الجوهرية والقواعد غير الجوهرية أو الإرشادية هو "علة التشريع" أو بالأحرى الغاية التى استهدفها المشرع من نصه على القاعدة الإجرائية: فإذا كانت الغاية – هى المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة خاصة بالمتهم أو غيره من الخصوم كالمدعي المدني – كانت القاعدة جوهرية وترتب على مخالفتها البطلان. أما إذا كانت الغاية منها مجرد إرشاد وتوجيه الهيئات القائمة على مباشرة وظائف الاستدلال أو الاتهام أو التحقيق أو الحكم إلى الأسلوب الأمثل لأداء عملها فهي قاعدة إرشادية لا يترتب على مخالفتها البطلان. وعلي ضوء ما تقدم يمكن القول بأن المشرع في قانون المحاماه حينما أوجب في المادة 51 ألا يجري التحقيق مع محام أو يفتش مكتبه الا عضو نيابة أو قاضى التحقيق وأخطار مجلس نقابة المحامين إنما قصد تحقيق مصلحة خاصه للمحامي بأعلام نقابته كي تقف بجانبه علي اعتبار أن الإتهام الجنائي أمر خطير أيضا استهدف المشرع تحقيق مصلحة عامة وهي تنبيه النيابة العامة الي خطورة التحقيق مع جناح العدالة الآخر فتتريس وتقلب الأمر علي جوانبه قبل الإقدام علي اتهام المحامين والتحقيق معهم خشيت البلاغات الكيدية نظر لحساسية وتعقيد عمل المحامي واحتفاظة بأسرار الغير ومن ثم بات الأخطار إجراء جوهري لتعلقه بمصلحة المتهم وكذا المصلحة العامة مما يرتب البطلان علي تخلفه. ومن ثم فإن قضاء النقض يكون قد حرم المتهم من ضمانه قررها لها القانون دون سند يعضده.ولا ندري كيف تتحول ضمانه لصالح متهم مودع لدية أسرار وقضايا الناس إلى مجرد توجيه وإرشاد لا يورث البطلان. ولو كان رأي النقض صحيحا ما استخدم المشرع لفظ الأمر في سياق نص المادة 51 فقرة أخيره من قانون المحاماة بذكر يجب على النيابة العامة أخطار مجلس نقابة المحامين إذ من المعلوم أن الأمر يفيد الوجوب وعدم الامتثال للأمر يرتب جزاء هو البطلان. (٥)والغريب أنه منذ عام 2008 تم تعديل قانون المحاماة ونصت المادة 229 المستبدلة بالقانون 179لسنه2008 علي سريان أحكام البطلان الواردة في المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية علي مخالفة احكام المواد 49 :50 :51من هذا القانون أى أن ندب ماموري الضبط القضائي لتفتيش مكتب المحامى أو تفتيش منزله أو التحقيق معه بوجه عام ولزوم الإخطار يورث البطلان بنص صريح لأ مجال فيه للاجتهاد معلنا فيه المشرع أخذه بمذهب البطلان القانوني الذي لا يعرف الإرشاد والتوجيه ولا القواعد الجوهرية وهو أمر يبدو أن محكمة النقض لم تلاحظه. ويجب ألا ننس إضفاء دستور 2014 في المادة 198القيمة الدستورية علي ضمانات المحامين الواردة في قانون المحاماه ولا يصح أن نقرر أن ضمانه دستورية قصد بها الإرشاد والتوجيه ولا يورث مخالفتها البطلان إذ كافة قواعد الدستور إمرة وواجبة. (٦)ويتضح مما تقدم هشاشة ضمانات تفتيش مكتب ومنزل المحامى فى القانون المصري مقارنة بالقانون الفرنسي إذ لازال المشرع المصرى تسيطر عليه سياسة تقرير الحماية بخصوص عمل المحامى وليس خارج نطاق هذا العمل حال أن كلاهما لأ ينفصل عن الآخر إذ هذا العمل قد يكون بطريقه غير مباشرة هو الدافع إلى تلفيق جرائم للمحامي لأ تمت لوظيفته بسبب بعكس الحال في فرنسا إذ تغطى الحماية كافه جرائم المحامى سواء تعلقه بعمله من عدمه كما يتضح ضعف الحماية القضائية التي تعطيها محكمة النقض المصرية لمكتب ومنزل المحامى على خلاف موقف محكمة النقض الفرنسية.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق