مدى تمتع قرارات النيابة العسكرية بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية بالحجية:-بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)تعد النيابة العسكرية طبقا لقانون القضاء العسكري رقم ٢٥لسنة١٩٦٦المعدل بالقانون رقم ١٦لسنة٢٠٠٧جزء أصيل من القضاء العسكري تختص بالاتهام والتحقيق في الجرائم الخاضعة لاختصاصه(الطعن رقم ٤٥٥٠١ لسنة ٥٩ قضائية الصادربجلسة ١٩٩٨/٠٥/١٠الطعن رقم ٣٥٨٨ لسنة ٥٠ قضائية الصادربجلسة١٩٨١/٠٥/١٤الطعن رقم ١٣ لسنة ٤١ قضائية الصادر بجلسة١٩٧١/٠٦/٢٠)إذ يتكون القضاء العسكري من محاكم ونيابات عسكرية وهو جهة قضائية مستقلة طبقا للقانون والدستور(المادة ٢٠٤من دستور٢٠١٤)أعضائه قرناء لأعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة ومستقلون وغير قابلين للعزل عدا عضو النيابة العسكرية برتبة ملازم إلا من خلال الطريق التأديبي(المواد١و٢و٣من قانون القضاء العسكري)ويتولى النيابة العسكرية مدع عام لاتقل رتبته عن عميد يعاونه عدد كاف من الأعضاء لاتقل رتبتهم عن ملازم أول يتوافر فيهم الشروط الواردة في المادتين٣٨و١١٦من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون ٤٦لسنة١٩٧٢فضلا عن الشروط الواردة بقانون شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحةالصادر بالقانون رقم٢٣٢لسنة١٩٥٩(المادة ٢٥من قانون القضاء العسكري وتمارس النيابة العسكرية بالإضافة إلى الاختصاص المخول لها وفق هذا القانون الوظائف والسلطات الممنوحة للنيابة العامة وللقضاة المنتدبين للتحقيق ولقضاة الإحالة فى القانون العام(المادة ٢٨)وتباشر النيابةالعسكرية التحقيق فور إبلاغها فى كافة جرائم القانون العام الداخلة في اختصاص القضاء العسكري والجرائم العسكرية المرتبطة بجرائم القانون العام والجرائم العسكرية المحالة إليها من السلطات المختصة طبقا للقانون(المادة ٢٩)وتختص النيابة العسكرية برفع الدعاوى الداخلة في اختصاص القضاء العسكري ومباشرتها(المادة٣١ وإذا رأت النيابة العسكرية أن الواقعة لايعاقب عليها القانون أو أن الأدلة على المتهم غير كافية تصدر أمر بان لاوجة لاقامة الدعوى ويفرج عنه في الحال عن المتهم المحبوس ان لم يكن محبوسا لسبب اخر ويصدر الامر بان وجة لاقامة الدعوى في الجنايات من المدعي العام العسكرى أو من يقوم مقامه(المادة ٣٨). (٢)وهذا يعنى اختصاص النيابة العسكرية بالاتهام والتحقيق في الجرائم الخاضعة لاختصاص القضاء العسكري وانها تملك بعد إجراء التحقيق أن تصدر قرار بالأوجه لإقامة الدعوى ولكن يثور تساؤول حول ما إذا كان صدور قرار من النيابة العسكرية بالاوجه لاقامة الدعوي الجنائية يكتسب حجية أمام القضاء الجنائي العادي من عدمه؟وتبدوا أهمية الإجابة علي هذا التساؤول لعدم تنظيم المشرع العسكري حجيه الأمر بالاوجه لإقامة الدعوي الجنائية في قانون القضاء العسكري. فى حين أنه من المقرر طبقا للمادتين ٩٧و٢١٣من قانون الإجراءات الجنائيةإن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية سواء بناء علي تحقيق تجريه بنفسها أو بناء علي انتداب أحد رجال الضبط القضائي لاتخاذ إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق له حجية تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام لم يلغ قانونا إذ لهذا الأمر في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي(الطعن رقم ٤٣٦٣ لسنة ٥٦ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٦/١٢/٢١الطعن رقم ٥١٧٨ لسنة ٥٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٥/١٢/٣٠الطعن رقم ٢٥٨٠ لسنة ٥٠ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨١/٠٤/٠٨الطعن رقم ٦٥٣ لسنة ٥٠ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٠/١٠/٢٩). (٣)فذهب جانب من الفقهاء إلى أن الأمر بالأوجه لاقامة الدعوي الجنائية لسبق صدور قرار من النيابة العسكرية بالأوجه لإقامتها لأ حجية له أمام القضاء الجنائي العادي بسند أن قانون الأحكام العسكريةرقم ٢٥لسنه ١٩٦٦ جاء خلو من نص في هذا الشأن على غرار ما ورد في قانون الإجراءات الجنائية في المواد ١٩٧و١٩٩و٢١٣ وأن كل مانص عليه في المادة ٣٨منه هو سلطه النيابة العسكرية في إصدار قرار بالاوجه لاقامة الدعوي الجنائية دون ترتيب أي حجية علي هذا القرار. فضلا عن أن المشرع العسكري نظم حجيه الاحكام الصادرة من القضاء العسكري وقرر في المادة ١١٨منه أنها لا تكتسب الحجية إلا بعد التصديق عليها حال أن القرار بالاوجه لا يتم التصديق عليه مما يدل علي انحسار الحجية عنه(د.عبد الرءوف مهدي-شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية-٢٠١٧-في الهامش). (٤)والصحيح لدينا أن هذا القرار يكتسب الحجية أمام القضاء الجنائي والعسكري على حد سواء ذلك أن المشرع العسكري لم يكن بحاجة إلى النص على حجية الأمر بالاوجه لإقامة الدعوي فى قانون القضاء العسكري إذ طبقا للمادة العاشرة من قانون القضاء العسكري أحال الي قانون الإجراءات الجنائية العام فيما لم يرد بشأنه نص خاص ومن ثم فإن تنظيم المشرع العسكري سلطه النيابة العسكرية في اصدار قرار بالاوجه لاقامة الدعوي الجنائية دون النص علي حجية هذا الأمر يوجب تطبيق القواعد العامة في الإجراءات الجنائية الواردة في المواد ١٩٧و١٩٨و٢٠٣والتي تضفي الحجية علي القرار بالاوجه لاقامة الدعوي الجنائية عملا بالإحاله الوارده في المادة العاشرة منه.أما دعوي انحسار الحجية عن أحكام القضاء العسكري الصادرة بالإدانة أو البراءة الا بعد التصديق عليها وان القرار بالاوجه الصادر من النيابة العسكرية لا يخضع للتصديق وبالتالي تنحسر عنه الحجية فينطوي علي قياس فاسد لعدم اتحاد العلة ذلك أن حجيه القرار بالاوجه هي حجيه مؤقتة إذ هي عرضه للالغاء في اي وقت طالما أن الدعوي لم تسقط بالتقادم بخلاف الأحكام بعد التصديق عليها إذ لا يجوز إلغائها ولقد فات الرأي المخالف أن قالت انحسار الحجية تعني فرض رقابة من القضاء العادي علي النيابة العسكرية التي هي جزء لايتجزأمن القضاء العسكري والتدخل في اختصاصه وشؤونه حال أن القضاء العسكري بنص المادة ٢٠٤ من الدستور جهة قضائية مستقله(د.ياسر الامير فاروق- تفسير الإجراءات الجنائية ٢٠١٥ص٦٨٧)وهو ما لأ يستقيم قانونا. (٥)ويبدو أن محكمة النقض قد أخذت برأينا الأخير إذ قضت بأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر من النيابة العسكرية بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية جوهري ومن ثم فإن إدانة المتهم دون التعرض له قصور يبطل الحكم ويوجب نقضه والإعادة وقضت تطبيقا لذلك بأن لما كان محامى الطاعن الأول دفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر من النيابة العسكرية بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية مازال قائماً. لما كان ذلك، وكان الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التى تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية مادام قائماً لم يلغ. فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التى صدر الأمر فيها لأن له فى نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضى. لما كان ذلك، وكان الدفع المبدى من الطاعن جوهرياً ومن شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأى فى قبول الدعوى الجنائية. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض للدفع المبدى منه إيراداً له ورداً عليه يكون معيباً بالقصور الذى يبطله ويوجب نقضه والإعادة(الطعن رقم١١٢٧٣لسنة ٨٦قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٨/٤/١٤).
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق