زعم الاختصاص في الرشوة واستغلال النفوذ وانتحال الصفة فى النصب:بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)الرشوة هي اتجار موظف عام بوظيفته لقاء جعل أو عطية مقابل القيام بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أدائه أو الإخلال بواجبات الوظيفة وهذا يقتضي أن يكون الموظف مختص بالعمل الوظيفي المقابل للجعل أو العطية ولقد توسع المشرع المصري فى الإختصاص بالتسوية بين الإختصاص الحقيق أو زعم الاختصاص أو توهمه. فالموظف الذي يزعم أنه مختص بالعمل الوظيفي ويطلب أو يقبل عطية أو جعل من صاحب المصلحة يرتكب جناية رشوة كاملة حتى وإن كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه غير حق أو لا ينتو القيام به لمخالفته لأحكام القانون ما دام العمل المطلوب فى ذاته وبصورة مجردة داخلاً فى اختصاص الموظف. (٢)كما توسعت محكمة النقض بدورها فى ركن الإختصاص إذ استقر على أنه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخله فى نطاق الوظيفة مباشرة - بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها وأن يكون قد طلب رشوة للاتجار بإعمال وظيفته وليس من الضروري أن يتخذ الموظف من الاختصاص صورة اتخاذ القرار وإنما يكفى أن يكون دوره مجرد المشاركة فى تحضير هذا القرار ولو كان فى صورة رأى استشاري يحتمل أن يؤثر على من بيده اتخاذ القرار وكان المستفاد من نص المادتين ١٠٣ ، ١٠٣ مكرر١ من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق فى جانب الموظف ومن فى حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً لأداء عمل من أعمال الوظيفة كما تتحقق الجريمة أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذباً بصرف النظر عن اعتقاد الراشي فيما زعم الموظف أو اعتقد وكان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به إذ يكفى إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذى لا يدخل فى نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك منه يفيد ضمناً زعمه ذلك الاختصاص وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ولو كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه غير حق ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوى القيام به لمخالفته لأحكام القانون ما دام العمل المطلوب فى ذاته وبصورة مجردة داخلاً فى اختصاص الموظف وما دام أن زعم الاختصاص يكفى لتمام الجريمة لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً فى الجريمة ولأن الشارع سوى فى نطاق الرشوة بما استنته فى نصوصه التى استحدثها بين إرتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التى تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الإتجار فيها وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر فى أعمال الوظيفة على أساس عنه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين اثنين هما الاحتيال والارتشاء(الطعن رقم ١٠١١٨ لسنة ٧٨ قضائيةبجلسة ٢٠٠٩/١١/٢١). ٢)وأخطر ما في هذا القضاء أنه قرر أن الرشوة تتحقق ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذباً! وهذا التوسع فى مدلول الاختصاص من محكمة النقض عند زعم الاختصاص يؤدى إلى التداخل الشديد ما بين الرشوة والنصب بالادعاء كذبًا بصفة غير صحيحة والاستيلاء بذلك على مال الغير إذ يتوافر بذلك ركن الاحتيال لجريمة النصب(الطعن رقم ٤٦٢٠١ لسنة ٨٥الصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٥/٢٩) وهو أمر لم يغب عن محكمة النقض مقرره أن زعم الموظف عندئذا ينطوي على ارتشاء واحتيال! (٣)وقضاء النقض المار ذكره محل اذ خلط ما بين النصب بادعاء صفه وظيفية غير صحيحة والرشوة بزعمالإختصاص حال أن الرشوة بزعم الإختصاص تتطلب تعلق الزعم بأعمال وظيفه الموظف الحقيقة فإن كان الزعم كذلك تحققت "الرشوه"أما إذ قام الزعم على انتحال صفة وظيفة منبتة الصلة بالوظيفة التي يشغلها الجاني وتقاضى من خلالها المال من صاحب الحاجة تحققت جريمة النصب إذ الرشوة فى جوهرها حتى مع زعم الاختصاص هي اتجار موظف عام بوظيفته بالهبوط بالوظيفة إلى مرتبة السلعة من خلال تقديم اعمال الوظيفة لمن يدفع لأ لمن يستحق وهو ما يقتضي أن يتعلق زعم الإختصاص بأعمال الوظيفة الحقيقة محل الاتجار لأ بوظيفة غيرها ويبدوا أن مثار اللبس لدي النقض أنه لا يشترط لتحقق الرشوة أن ينتوى الموظف القيام بالعمل الوظيفي مقابل الجعل أو العطية وهو أمر متحقق دائما عند زعم الإختصاص لعجز الموظف عن ذلك فاعتقدت النقض أنه لا يلزم فى زعم الإختصاص أن يتعلق الزعم بأعمال الوظيفة الحقيقة حال أن الأمر لأ يتعلق بالقدرة على تنفيذ العمل الوظيفى من عدمة بل ينصرف إلى ركن فى جريمة الرشوة وهو ركن الإختصاص). (٤)ولقد عثرنا على حكم صحيح لمحكمة النقض أوضح هذا الأمر قالت فيه إنه من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذى دفع الرشوه مقابلا لأدائه سواء أكان حقيقيا أو مزعوما أو معتقدا فيه ركن في جريمة الرشوة التي تنسب إليه وقد اشترط الشارع أن يكون زعم الموظف باختصاصه بالعمل الذى طلب الجعل أو أخذ لأدائه أو لامتناع عنه صادرا عن عمل من أعمال وظيفته أما الزعم القائم على انتحال صفة وظيفة منبته الصلة بالوظيفة التى يشغلها الجاني فلا تتوافر به جريمة الرشوة التى نص عليها القانون بل جريمة النصب المعاقب عليها بالمادة 336 من قانون العقوبات بانتحال الجاني لصفه غير صحيحة(الطعن رقم ١١٨٧٧ لسنة٦١قضائية الصادربجلسة١٩٩٣/٥/٤). (٥)وهذا الحكم من أحكام المبادئ إذ أظهر التفرقة بين جريمة النصب من خلال انتحال الصفة وبين الرشوة في صوره زعم الموظف لاختصاصه. وعلي ذات النهج يمكن التفرقه بين النصب بانتحال الصفه وجريمة استغلال النفوذ المزعوم الملحقة بباب الرشوة بكون المناط "هو مدى تعلق الزعم باتجار الجاني بنفوذه"فإن اتجر بنفوذه تحققت الجريمة ولو كان هذا النفوذ في الواقع مزعوم لا أساس له من الصحة. أما أن انتحل صفه غير صحيحه أو بالأحرى مزعومة تحققت جريمة النصب. لأن الجاني عندئذ لم يتجر بنفوذ له غير صحيح وإنما انتحل وزعم صفه غير صحيحة.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق