نبذة عن جناية الكسب غير المشروع فى قضاء النقض بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار عنصراً ضمن ذمته المالية باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون(الطعن رقم ٣٧٧٦ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٧/٠٣/٠٥الطعن رقم ٩٢٧٤ لسنة ٨١ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٦/٠٣/١٠)وللكسب غير المشروع أخذاً من نص القانون رقم ٦٢ لسنة ١٩٧٥صورتين.الأولى التى يثبت فيها في حق الموظف استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال والثانية:التى يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها في هذه الحالة ويتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال(الطعن رقم ٣٧٧٦ لسنة٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/٠٥) ويتعين على قاضى الموضوع أن يثبت في حكمه توافر أمرين وجود زيادة غير المبررة في مال الموظف.وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص هذا الاستغلال حتى يصح اعتبار الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروع وبالتالى فأن مجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته لا يقوم دليلاً على الكسب غير مشروع(الطعن رقم٣٧٧٦ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/٠٥؛الطعن رقم ٣٣٨٧٣ لسنة ٨٤ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٥/٠٧/٢٩؛الطعن رقم ١٢٤٢٦ لسنة ٨٤ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٥/٠١/١١؛الطعن رقم ٣٣٨٧٣ لسنة ٨٤ قضائية الصادر بجلسة٢٠١٥/٠٧/٢٩)ومن ثم فإن تقديم المتهم ما يفيد شرعية مصدر الزياده كاف لدحض قرينة استغلال الوظيفة واعتبار تلك الزيادة كسباً غير مشروع ما دام مصدرها لا شأن له بالوظيفة ولهذا لأ يصح إدانة المتهم بجريمة الكسب غير المشروع دون بيان كيفية حصوله عليه بسبب استغلاله لأعمال أو نفوذ وظيفته ونوعها والتدليل على اتصال باقى المتهمين بتلك الأموال وعلمهم بمصدرها. (٢)وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " ..... أن واقعات القضية كما استخلصتها المحكمة واطمأنت إلى صحتها من التحقيقات وما دار بجلسات المحكمة تحصلت في أن المتهم ......قد شغل منصب رئيس وزراء مصر في الفترة من عام 2004 حتى بداية عام 2011 ، وقد استغل مكانته هذه في الخروج عن مقتضيات الوظيفة العامة وما توجبه من النزاهة والبعد عن تلمس المنافع والإثراء بلا سبب مشروع اعتماداً على سلطان الوظيفة العامة فتحصل لزوجته المرحومة / ...... قبل وفاتها على شقة سكنية في أبراج ...... للاستثمار العقارى بثمن بخس قدره 1544000 جنيه يقل عن سعرها الذى تباع به لأفراد الناس بنسبة 69 % ، كما قبل لنفسه في الفترة من عام 2006 حتى عام 2011 منافع مادية عديدة في صورة هدايا عينية من مؤسسة ...... متمثلة في ساعات يد وأربطة عنق وغيرها بلغت قيمتها 1145350 جنيهًا ما كان ليحصل عليها جميعاً لولا وظيفته وسلطانه الذى تخوله له تلك الوظيفة – وقد قام الدليل على ثبوت وقائع الكسب غير المشروع سالفة الذكر وصحة إسنادها للمتهم ..... من واقع :- 1 - الاطلاع على صورة عقد شراء الشقة سالفة البيان والموقف المالى لها . 2 - معاينة الخبراء المنتدبين في القضية للشقة . 3 - شغل المتهم منصب رئيس الوزراء في تاريخ الشراء وتلقى الهدايا . 4 - بيان ما كانت تملكه المرحومة / ....... في تاريخ الشراء . 5 - سداد المتهم أقساط ثمن الشقة من ماله . 6 - كشف الهدايا الصادر من مؤسسة ...... والتى منحت للمتهم . 7 - ما شهد به ...... رئيس القطاع القانونى لمجموعة ........ و..... عضو مجلس إدارة مؤسسة ...... . واستند في إثبات توافر أركان جريمة الكسب غير المشروع في حق الطاعن الأول إلى افتراض أن الزوجة الأولى المتوفاة أنفقت جانباً من المال وما تبقى لديها لا يفى بسداد ثمن الشقة وبالتالى فإن الطاعن الأول زوجها هو الذى قام بسداد باقى الأقساط الخاصة بالشقة الكائنة ...... من ماله الخاص وأنه كان على بينة من السعر الحقيقى والسعر المتفق عليه ويعلم أن الثمن لم يخفض لتلك الدرجة لولا منصبه . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذى يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التى انبنى عليها الحكم والمنتجة هى له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكى يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلىّ مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكِّن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان المقصود من الكسب غير المشروع كل ما تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 له صورتان : الأولى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون سالف الذكر وهى التى يثبت فيها على الموظف أو من في حكمه - أياً كان نوع وظيفته - استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. والثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر وهى التى لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلى على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها. وفى هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما تتيح له فرص الاستغلال على حساب الغير، ويتعين على قاضى الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهى الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروعٍ ، كما أنه من المقرر أنه متى ثبت مصدر الزيادة في ثروة المتهم وأن هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقدانتفت القرينة التى افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره وأنه متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى قد شابه الغموض ولا تتوافر به أركان الجرائم المسندة إلى الطاعن إذ لم يبين أن الطاعن الأول حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال من واقع أدلة يقينيه ، بل بنى اعتقاده على أمور افتراضية مبناها افتراض أنه هو الذى تحمل الأقساط الخاصة بشقة ...... من ماله الخاص وأنه كان على بينة من السعر الحقيقى للعقار ويعلم أن الثمن لم يخفض لتلك الدرجة لولا منصبه ، كما أنه لم يدلل على اتصال باقى الطاعنين بالأموال فحل محل الكسب غير المشروع وأنهما على علم بمصدر تلك الأموال ، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون(الطعن رقم١٠٧٦٩لسنة ٨٢قضائية الصادر بجلسة٢٠١٣/٦/١٣)
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق