نظرية القدر المتيقن في حق المتهم فى قضاء النقض بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)نظرية القدر المتقين في حق الجناة إيقاع عقوبة جريمة أخف مما قصدوه أو نسبت إليهم نظرية من صنع القضاء ترجع إلى اعتبارات العدالة التى تتأذي معاقبة شخص عن جريمة هناك شك فى إسنادها اليه ولكنه فى ذات الوقت ساهم فيها بقدر وتلقى هذه النظرية تطبيقات فى أحكام النقض بشأن جرائم القتل العمد والإيذاء المفضي إلى موت عند تعدد الجناة وثبوت حيازة وإحراز الأسلحة النارية دون ضبطها وفحصها فنيا وترى محكمة النقض أن أساس تلك النظرية هي قرينة البراءة إذ الأصل في المتهم البراءة. (٢)إذ استقر قضاء النقض بشأن جرائم القتل والإيذاء العمدي على التفرقة بين الاتفاق والتوافق ومسألة كل متهم عن القتل أوالضرب المفضي إلى موت على سبيل التضامن عند اتفاق الجناة على القتل أو الضرب سواء حدد صاحب الضربة القاتل أو التى أدت إلى الوفاة من عدمه أما حين يكون هناك مجرد توافق بين المتهمين على القتل أو الضرب وحصلت الوفاة وجب تحديد صاحب الضربة القاتلة أو التى أدت إلى الوفاة فإن لم يحدد سأل المتهمين جميعا عن شروع في قتل أو ضرب بسيط أي إيذاء عمدى على اعتبار أن ذلك هو القدر المتقين في حقهم وقالت فى ذلك أن مجرد تعدي المتهمين على المجني عليه يفيد التوافق ولا يفيد الاتفاق وأن التوافق لا يرتب تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية(الطعن رقم ١٢٥٥٧ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/١٨الطعن رقم ١٣٣٣٤لسنة ٨٠قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٢/٠١/٢٣)وقالت أيضا النقض أن الاتفاق يتطلب تقابل إرادات الجناة علي ارتكاب الجريمة أما توارد خواطرهم علي فعل ينويه كل منهم استقلالا فهو توافق لا يرتب تضامنا في المسئولية إلا في الأحوال التي حددها القانون فحسب كالشأن في جريمة المادة ٢٤٣ عقوبات وأنه لا يصح مساءلة الشخص عن فعل ارتكبه غيره إلا أن يكون فاعلا أو شريكا فيه(لطعن رقم١٩١٣ لسنة ٤٨ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٩/٠٣/١٩الطعن رقم ١٥٥٠ لسنة ٣٧ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٦٧/١١/٠٦الطعن رقم ٤ لسنة ٣٧ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٦٧/٠٤/١٨)وقالت أيضا أن التوافق هو توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل منهم في نفسه مستقلا عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق وأنه يجب عدم مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال المبينة في القانون على سبيل الحصر أما فى غير تلك الأحوال يلزم لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلا أو شريكا(الطعن رقم ٨٨٢ لسنة ٣٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٦٥/١٠/١٩الطعن رقم ٤٨٠ لسنة ٣٤ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٦٤/١٠/٢٦الطعن رقم ١٥٤٦ لسنة ٢٧ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٥٨/٠٣/١٨)ولكن يختلف الأمر عند الحكم بالتعويض فيلزم الجميع به على سبيل التضامن عند التوافق والاتفاق إذ اعتداء جملة أشخاص علي المجني عليه توافقت خواطرهم علي الاعتداء وتنفيذه منهم عي امرأي من بعضهم البعض وعدم استطاعة المحكمة تعيين من أحدث الضربة التي نشأت الموت عنها فأن مسئوليتهم جمعيا من الوجهة المدنية عن الوفاة تكون صحيحة(الطعن رقم ١٣٥ لسنة ١٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٤٢/٠٣/٠٢رقم ١٢٥٥ لسنة ١٣ قضائية الصادر بجلسة ١٩٤٣/٠٥/١٧الطعن رقم ٧٩١ لسنة ٢٥ قضائية الصادر بجلسة ١٩٥٥/١٢/١٢الطعن رقم ١٦٠٥ لسنة ٨ قضائية الصادر بجلسة ١٩٣٨/٠٦/٠٦الطعن رقم ٢٦٨ لسنة ١ قضائية الصادر بجلسة ١٩٣١/٠٦/١١الطعن رقم ٣٥ لسنة ٤٨ قضائية الصادر بجلسة ١٩٣٠/١٢/٢٥). (٣)وأيضا طبقت محكمة النقض ذات النظرية فى احراز وحيازة الأسلحة النارية حين يشهد الشهود على حمل المتهميين حال ارتكاب الجريمة لبنادق آلية ولكن لأ تتمكن الشرطة من ضبط تلك البنادق إذ من المعلوم أن حيازة واحراز بندقية آلية عقوبتها بحسبانها سلاح مشخشن وارد في الجدول رقم ٣من جداول قانون الأسلحة والذخائر أشد من مجرد حيازة سلاح ناري بحسبانة سلاح غير مشخشن وارد في الجدول رقم ٢ هنا أستقر قضاء النقض أنه لأ يجوز إدانة المتهميين علي أساس حيازة سلاح ناري مشخشن مادام لم يضبط السلاح ويفحص فنيا لأن وصف السلاح وما إذا كان مشخشن أو غير مشخشن لأ يصح اخذه من أقوال الشهود وإنما لابد من خبرة فنية تحدد ما إذا كانت مسورته مشخشنة أم مصقولة من الداخل ومادام أن السلاح لم يضبط ولم يفحص فنيا وانتهت المحكمة الي ثبوت حيازة المتهم له فيجب عندئذا أخذ المتهم بالقدر المتيقن في حقه واعتباره حائز أو محرز لسلاح ناري غير مشخشن وايقاع عقوبة تلك الجريمة المخففة لأن الأصل في المتهم البراءة. إذ اطرد قضاؤها علي أن معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة الواردة في الجدول رقم (2) الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر ، المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 وهي الأسلحة النارية ذات الماسورة المصقولة من الداخل وبين الأسلحة النارية المششخنة الواردة في الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور هو ما إذا كانت ماسورة السلاح الناري مصقولة من الداخل أم مششخنة ، دون اعتبار لنوع الذخيرة التي تستعمل عليه ، وهى مسألة فنية بحتة تقتضي فحص ماسورة السلاح من الداخل بواسطة أحد المختصين فنيًا ، لبيان ما إذا كانت ماسورة السلاح مصقولة من الداخل أم مششخنة ، حتى تتمكن المحكمة من تحديد الجدول واجب التطبيق ، وتطبيق القانون على الوجه الصحيح ، فلا يكفي في ذلك مجرد قول الشهود أن المطعون ضده كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة ، أو ضبط مظروف فارغ عيار 7,62× 39 مما تستخدم على هذه البنادق . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده بجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح ، بالطريق العام ، وإحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " لا يجوز الترخيص به ، وعاقبه بالمادتين 314 ، 315 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 2 ، 6 ، 25 مكرر/1 ، 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق به، وكان الثابت بالأوراق أن السلاح المستخدم في الجريمة لم يضبط ، ولم يجر فحصه فنيًا ، ولم يثبت أنه من البنادق الآلية المششخنة سريعة الطلقات الواردة بالبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور ، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يأخذ المطعون ضده بالقدر المتيقن في حقه ، وهو أنه كان يحرز سلاحًا ناريًا ، ويعاقبه بالمادة 26 من القانون سالف الذكر ، والجدول رقم (2) الملحق به (الطعن رقم٢٠٢٢١لسنه ٨٣قضائية الصادر بجلسة٢٠١٤/٥/١٢؛الطعن رقم ٣٤٩ لسنة ٨٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٥/٠٥؛الطعن رقم ١٣٣٦٣ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٦/٢٣). (٤)ونظرية القدر المتيقن لدينا صحيحة فهي إحدي تطبيق قرينة البراءة إذ مادام أن الأصل في المتهم البراءة وجب عدم بناء الإدانة إلا علي الجزم والقين من الواقع الذي يثبت بالدليل المعتبر ومن ثم فإن أي شك فى ارتكاب المتهم للجريمة ككل أو أحد عناصرها أو مسؤليتة عن النتيجة الإجرامية يوجب إعلان برائته أو محاسبته فحسب بما ثبت فى حقه يقيننا بما يعنى الوقوف فى مسؤوليته الجنائية عند الحد المتيقن فى حقه من واقع الدليل الجازم على توافر هذا الحد أما ما عداه من عناصر أو نتائج لم تثبت فى حقه فلا يصح معاقبته عليها ومن ذلك ثبوت عدم قدرة الجانى على الاتصال الجنسي فى الاغتصاب أما لمرض أو لصغر السن إذ تعد الواقعة هتك عرض باعتبار أن ذلك هو القدر المتقين في حقه.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق