نطاق سلطة محكمة الجنح المستأنفة أن رأت الواقعة في وصفها الصحيح جناية بناء على طعن المتهم:- ______________________________________________ (1)يحدث في كثير من الأحيان أن ترفع النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد المتهم الى محكمة الجنح الجزئية بوصف الجنحة فتحكم الأخيرة بأدانته طبقا لهذا الوصف فيطعن المتهم في الحكم بالاستئناف وتري محكمة الجنح المستأنفة أن الوصف السليم للواقعة أنها جناية وأن محكمة أول درجة أخطأت حينما حكمت فيها بوصف الجنحة.ومن ذلك أن يتضح لمحكمة ثاني درجه أن المتهم المحكوم بإدانته من أول درجه فى جنحة تبديد يعمل موظف عام وأن المال المبدد سلم له بسبب الوظيفة وأن الواقعة على هذا النحو تشكل جناية اختلاس ومن ذلك أيضا أن يحدث تطور في إصابة المجني عليه بعد صدور حكم أول درجه من مجرد جرح بسيط إلى جرح افضي إلى عاهة مستديمة أو يتوفى المجني عليه وبالتالي تعتبر الواقعة جناية وليس جنحة فهل تملك محكمة الجنح المستأنفة في هذه الأحوال إلغاء الحكم المستانف والقضاء بعدم الاختصاص لشبهه الجناية؟تبدوا صعوبة الإجابة علي هذا التساؤول لوجود وجهتين نظر متعارضة كلاهما له أساس قانوني الاولي؛ تري أن إسباغ الوصف القانوني الصحيح علي الواقعة واجب والتزام علي المحكمة عملا بالمادة ٣٠٨اجراءات ومن ثم يتعين على محكمة الجنح المستأنفة الحكم بعدم الإختصاص لأن الواقعة جناية. أما وجهه النظر الثانية فتري أن المستانف لا يضار بإستئنافه عملا بالمادة ٤١٧إجراءات وأن الحكم بعدم الإختصاص لأن الواقعة جناية من شانة الاضرار به وتسوئ مركزة لتعرضه لخطر الحكم بعقوبة الجناية وأن محكمة الجنح المستأنفة لأ تملك سوى تأييد الحكم. (2)ولقد انحازت محكمة النقض لوجهه النظر الأخيرة وقد دعاها الي ذلك حرصها علي مصالح المتهمين فاطرد قضاؤها علي أن مفاد نص المادتين ٤١٧ و٤٠١ إجراءات انه إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدل لمصلحة رافع الاستئناف ومن ثم ليس للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى إذا ما ثبت لها أن الواقعة المرفوعة بها الدعوى في حقيقتها جناية لما في ذلك من تسوئ لمركز المستأنف ولا يكون أمامها في هذه الحالة إلا أن تؤيد حكم الإدانة الابتدائي أو تعدله لمصلحة المستأنف بعد أن حاز قضاؤه الضمني بالاختصاص قوة الأمر المقضي(الطعن رقم٢٤٥٧٤ لسنة ٦٢ قضائيةجلسة ١٩٩٨/٤/٢٢)وهو قضاء صحيح إذ يعتبر نص المادة ٣١٤اجراءات فيما قرره من إلزام محكمة الجنح المستأنفة متى كان الاستئناف مرفوع من المتهم أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة المستانف قيد يحد من إطلاق المادة ٣٠٨اجراءات التي تخول للمحكمة تعديل القيد والوصف حتى ولو كان ضد مصلحة المتهم المستانف لما هو معلوم أن المطلق يعمل به علي إطلاقة مالم يرد ما يقيده. (3)ومن أحكام النقض في هذا الشأن ما قضت به من أنه لما كان يبين من الأوراق أن المحكمة الابتدائية أصدرت بتاريخ ٩ / ٢ / ١٩٨٨ حكمها بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل في واقعة الضرب التي قدمتهم بها النيابة العامة، فاستأنف المتهمون وحدهم وقضت المحكمة بجلسة ٣ / ١٠ / ١٩٨٩ بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها استنادا لما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بالأوراق من تخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة ٤١٧ من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه " إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدل لمصلحة رافع الاستئناف" فإنها بذلك تكون قد دلت على أنه إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده دون النيابة العامة فليس للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى إذا ما ثبت لها أن الواقعة المرفوعة بها الدعوى في حقيقتها جناية لما في ذلك من تسوئ لمركز المستأنف ولا يكون أمامها في هذه الحالة إلا أن تؤيد حكم الإدانة الابتدائي أو تعدله لمصلحة المستأنف بعد أن حاز قضاؤه الضمني بالاختصاص قوة الأمر المقضي، وإذ كان الحكم الاستئنافي قد قضى على خلاف ذلك - بعدم الاختصاص بنظر الدعوى استنادا إلى أن الواقعة تثير شبهة الجناية فإنه يكون معيبا(الطعن رقم ١٢٧٩١ لسنة ٦٢ قضائيةجلسة ١٩٩٧/٠٣/٢٢مكتب فنى سنة ٤٨ -قاعدة ٥٤ -صفحة ٣٨٦). ومن أحكام النقض أيضا في هذا الشأن ما قضت به من أنه لما كانت المادة ٤١٧ / ٣ من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه " أما إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف" . ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على المتهم أمام محكمة الجنح لاتهامه بحيازته بقصد الاتجار قطعاً أثرية على خلاف القانون وكانت محكمة الجنح قد قضت بتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة طبقاً للمواد ١ ، ٧ ، ٤٠ ، ٤٣ ، ٤٤ من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وحده دون النيابة العامة إلا أن المحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها استناداً إلى أن الواقعة تكون جناية إخفاء آثار تنطبق عليها المادة ٤٢ من القانون ١١٧ لسنة ١٩٨٣ المعدل بالقانون ٣ لسنة ٢٠١٠ وهو ما لا يصح في القانون فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات والتى قضت بحبسه سنتين مع الشغل وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة ومن ثم فما كان يسوغ للحكم المطعون فيه الذى نشأ من استئناف الطاعن وحده أن يغلظ العقاب عليه إعمالاً لقاعدة إلا يضار الطاعن بطعنه.١٩٨٣ المعدل بالقانون ٣ لسنة ٢٠١٠ وهو ما لا يصح في القانون فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات والتى قضت بحبسه سنتين مع الشغل وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة ومن ثم فما كان يسوغ للحكم المطعون فيه الذى نشأ من استئناف الطاعن وحده أن يغلظ العقاب عليه إعمالاً لقاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس وبجعل عقوبة الغرامة خمسمائة جنيه بدلاً من خمسين ألف جنيه(الطعن رقم ٥٤٠٠ لسنة ٨١قضائيةجلسة ٢٠١٢/٠١/٢١). ومن أحكام محكمة النقض كذلك ما قضت به من أن نص المادة ٤١٧ /٣ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "أما إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامةفليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف ولما كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المتهم أمام محكمة الجنح لاتهامه بجريمة التبديد وكانت محكمة أول درجة قد قضت - بإدانته - فأستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وحده, إلا أن المحكمة الاستئنافية قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى استناداً إلى أن الواقعة تكون جناية تنطبق على المادة ١١٣ مكرراً من قانون العقوبات, فإن ما قضت به المحكمة يكون مخالفاً مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه (الطعن رقم ١٠٦٠ لسنة ٤٥ قضائية جلسة ١٩٧٥/١٠/١٣).
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق