مدي لزوم تحقيق جنايات أمن الدولة والرشوة والمال العام بمعرفة رؤساء النيابة العامة؟بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)تهيمن النيابة العامة في مصر علي مصير الدعوي الجنائية في المرحلة السابقة علي المحاكمة من خلال جمعها بين سلطات الاستدلال والتحقيق والاتهام والاحاله وبعض هذه السلطات حكرا على النيابة العامة كالاتهام وبعضها يشاركها فيه غيرها إلا أن أحوال المشاركة تعد استثناء من أصل اختصاص النيابة. وعلي الرغم مما ينطوي عليه الجمع ما بين هذا السلطات من تعارض لاسيما في مجال التحقيق والاتهام Stefani Levasseur et Boloc"procedure penale"1990 No 119;Merle et Vitu"Traite de droit criminel procédures penale 1979 No 1012;Pradel"procedure penal 1990 p180 وعلي الرغم مع خضوع أعضاء النيابة العامة لرؤسائهم والتدرج الوظيفي وإشراف وزير العدل وفقا للمواد ٢٦و١٢٧ و١٣٢من قانون السلطه القضائية مما يفقد أعضائها عنصر الاستقلال والحياد الازم لمباشره مهام التحقيق. علي الرغم من ذلك كله فإن النيابة العامة صارت بمقتض المادة ١٩٩من قانون الإجراءات الجنائية صاحبه الولاية العامة في تحقيق كافه الجرائم عدا ما قد يسند في احوال نادرة لقاضي التحقيق طبقا للمادتين ٦٤و٦٥اجراءات جنائية ومن المعلوم أن التحقيق الابتدائي هو بذل الجهد لكشف الحقيقة في شأن الجريمة من خلال إجراءات معينه تميط اللثام عن الجريمة من خلال جمع ادلتها كالتفتيش والضبط والمعاينه و استجواب المتهم وسماع الشهود والتنصت علي المحادثات أو تأمين تلك الادلة كالقبض والحبس الاحتياطي والمنع من التصرف في الأموال وكان الأصل أن تختص النيابة العامة بمباشره كافه تلك الاجراءات متي تولت تحقيق الجريمة علي اعتبار أن تلك الاجراءات هي التحقيق ذاته بيد أن المشرع لاحظ جمع النيابة العامة بين سلطتي التحقيق والاتهام فقيد سلطتها في إتخاذ طائفة من اجراءات التحقيق التي تمس غير المتهم واوجب عليها استئذان القاضي الجزئي ونص علي ذلك في الماده ٢٠٦اجراءات بالنسبه لتفتيش غير المتهم ومنزله والتنصت علي المحادثات ومد الحبس الاحتياطي وكان رائد المشرع من ذلك تحقيق حياد النيابة العامة لجمعها بين سلطه التحقيق والاتهام حتي لأ تتعسف في اجراءات التحقيق فتهدر حقوق غير المتهم بعكس قاضي التحقيق الذي هو مستقل بحسبانه أحد قضاه المحكمة ومحايد لاقتصار اختصاصه في التحقيق دون الإتهام وبالتالي لأ ضرر من تخويله إتخاذ كافه اجراءات التحقيق حتي وأن كانت تمس غير المتهم. (٢)بيد أن المشرع درج منذ زمن في بعض القوانين الخاصه والاستنائية علي تخويل النيابة العامة سلطة التحقيق بوجه عام بالنص علي أن يكون للنيابة العامة في تحقيق جرائم أمن الدولة والرشوة والمال العام سلطات قاضي التحقيق بدا من القانون رقم ١٦٢لسنة ١٩٥٨مرورا بالقانون ٣٧لسنة ١٩٧٢ وكان آخر هذه القوانيين القانون رقم ١٠٥لسنه ١٩٨٠ بانشاء محاكم أمن الدولة.وقد انتقد جمهور الفقه سياسه المشرع في هذه القوانيين علي أساس أن هذه الجرائم من الخطوره التي تستدعي تخصيص قضاه لتحقيقها وليس تخويل النيابة العامة سلطة هؤلاء القضاه إذ خطر انحراف النيابة العامة في تحقيق هذه الجرائم تحت ضغط السلطه التنفيذيه وارد نظرا للتبعيه الرئاسية واشراف وزير العدل علي أعضائها ومساس تلك الجرائم بنظام الحكم في الدولة.وعند الغاء القانون رقم ١٠٥لسنه ١٩٨٠حاول المشرع التلطيف من منح النيابة العامة مهام التحقيق في هذه الجرائم فاضاف بموجب القانون رقم٩٥ لسنه ٢٠٠٣المادة ٢٠٦مكررا اجراءات والتي نصت علي أناذ نصت علي أن يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن خمسة عشر يوماً.وهذه الجنايات هي جنايات أمن الدولة من جهه الخارج مثل التجسس والتخابر مع دوله اجنبية وجنايات أمن الدولة من جهه الداخل مثل الإنضمام لجماعه محظور أو تاسيسها أو تمويلها والإرهاب وجنايات المال العام مثل الاختلاس والاستيلاء والتربح والاضرار العمدي بالمال العام.وبموجب القانون رقم ١٤٥لسنه ٢٠٠٦ اضيفت فقره اخيرة للمادة ٢٠٦مكررا باضافة جنايات الرشوة الي سلطات رئيس النيابة العامة عدا مدد الحبس إذ نصت تلك الفقرة ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة (142) من هذا القانون وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. .وقد ذهب جانب من الفقه إلي أن المادة ٢٠٦مكررا اجراءات تستوجب أن يباشر التحقيق في تلك الجنايات رؤساء نيابة عامه وبالتالي يبطل التحقيق الذي يباشره مساعد أو وكيل نيابة(د.جلال ثروت نظم الاجراءات الجنائية ٢٠٠٤ص١٥١؛د.محمد زكي أبو عامر الاجراءات الجنائية ٢٠١٤ص٥٨٢؛د.ياسر الأمير مراقبة الأحاديث الخاصة في الإجراءات الجنائية ٢٠٠٩ص٣٣٥؛د.عصام مطر الجريمة الارهابيه ٢٠٠٥ص٢٣٣؛د.أحمد أبو مصطفي الإرهاب ومواجهته جنائيا ٢٠٠٦ص٤٠٥ ولكن جري العمل في النيابة العامة سواء الجزئية أو امن الدولة العليا علي خلاف ذلك اذ يجري التحقيق بمعرفه وكيل نيابة أو مساعد علي أن يتم استئذان رئيس النيابة في الإجراءات التي كان يتعين فيها علي النيابة العامة استئذان القاضي الجزئي نظرا لقله عدد رؤساء النيابة وتعدد المتهمين في القضيه الواحده لا سيما قضايا الانضمام لجماعة محظوره فدفع العديد من المتهمين ببطلان التحقيقات ورأت محاكم الجنايات أن تقرير البطلان مشكل ويترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وفي ذات يتفق مع ظاهر نص المادة ٢٠٦مكررا اجراءات فالتفتت عن الرد. (٣)وعند عرض الأمر علي محكمة النقض حاولت تفادي البطلان واقرت ما جري عليه العمل في النيابات المختلفه فجري قضاؤها علي عدم لزوم تحقيق جنايات أمن الدولة والمال العام من رئيس نيابة عامه بل يكفي أن يحقهها مساعد أو وكيل نيابة كل ما في الأمر أنه عند إتخاذ أحد اجراءات التحقيق الماسه بغير المتهم كالتصنت علي المحادثات أو تفتيش غير المتهم أو منزله يجب استئذان رئيس النيابة العامة ولم تستوعب النقض أبدا لزوم تحقيق هذه الجنايات بمعرفة رئيس نيابة عامة علي الأقل وفي ذلك تقول النقض أن التحقيق الابتدائى في جميع الجرائم طبقا للمادة ١٩٩ من قانون الإجراءات الجنائية من اختصاص سائر اعضاء النيابة العامة واستثناءً يجوز ندب قاضى للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ومتى أحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها وفقاً للمادة ٦٩ من قانون الإجراءات وان القانون حدد إجراءات التحقيق التى يختص بها قاضى التحقيق والتى يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أى إجراء فيها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضى الجزئى وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ومن بينها جرائم أمن الدولة من جهة الخارج ومن جهة الداخل عدا الجرائم التى يختص قاضى التحقيق بها - المادة ٢٠٦ إجراءات - ولأعضاء النيابة العامة سلطات قاضى التحقيق في تحقيق جرائم أمن الدولة المشار إليها آنفًا - المادة ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية - ، وإذ كان يبين من الحكم أن إجراءات التحقيق التى باشرها وكيل النيابة في القضية ليس فيها مما يدخل في اختصاصات قاضى التحقيق وإنما باشرها وكيل النيابة في نطاق سلطات النيابة العامة دون سلطات قاضى التحقيق، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه(الطعن رقم٢٠٢٤٢ لسنة٨٤ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٥/٤/٢؛الطعن رقم ٥٩٧٩ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١١/٢١؛الطعن رقم ٢٥٥٣٠ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٦/٢٣الطعن رقم ٢٥١١٧ لسنة ٨٨ قضائيةالدوائر الجنائية جلسة ٢٠١٩/٠٧/٢٧ الطعن رقم ١١٢٢٩ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠١/١٣).(٤)وهذا القضاء محل نظر إذ انطوي على اجتهاد في موضع النص واقام تفرقه تحكميه ما بين التحقيق وإجراءاته حال أن تلك الإجراءات جزء لا يتجزء من التحقيق بل هي التحقيق ذاته فالتحقيق الابتدائي يعني مجموعة الإجراءات التي تستهدف التنقيب عن عن الأدلة في شأن الجريمة وتجميعها ثم تقديرها لتحديد مدي كفايتها لاحاله المتهم الي المحاكمة Bouloc"L'acte d'instruction"1965 No43 وصياغه نص المادة ٢٠٦ مكررا إجراءات تؤكد ما نقول به إذ جري علي أن يكون لأعضاء النيابه العامة من درجه رئيس نيابة علي الاقل بالإضافة إلي اختصاصات النيابه العامة سلطات قاض التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.وعبارة في تحقيق تعني أن رئيس النيابة هو القائم بالتحقيق.ولقد جاء بالمذاكرة الايضاحيه للقانون رقم ٩٥لسنه ٢٠٠٣أنه روئي لأهمية هذه الجرائم وما تتمتع به من خطورة أن يعهد بتحقيقها الي رئيس نيابه علي الأقل.اي ان المشرع قصد إسناد امانة التحقيق في هذه الجنايات الي من يشغل درجه رئيس نيابة عامة ولم يرد بخلده مطلقا أن يحققها وكيل او مساعد نيابة علي أن يستأذن رئيس النيابة العامة في الاجراءات التي يملكها قاض التحقيق فما الي ذلك قصد المشرع وانما قصد أن يحقق الدعوي ذاتها رئيس نيابة لما من خبره ودراية في فن إدارة التحقيق تفوق خبره من اقل منه في الدرجة من اعضاء النيابة. ولقد اهدرت محكمة النقض حكمه النص وعلته حينما قصرت تدخل رئيس النيابة في التحقيق حين يتطلب الامر إتخاذ احد إجراءاته التي يملكها قاض التحقيق فحرمت المتهم من ضمانه قررها له القانون من خلال تأويل غير صحيح ولو قصد المشرع ما ذهبت إليه محكمة النقض لما اعياه النص علي لزوم حصول أعضاء النيابة العامة في تحقيق جنايات أمن الدولة والمال العام علي إذن رئيس النيابة التابعين له كلما ترائي لهم إتخاذ إجراءات التحقيق التي يملكها قاض التحقيق واذا كان صحيحا أن التحقيق سلطه مخوله لاعضاء النيابة العامة كافه في سائر الجرائم فإنه لا يوجد ما يمنع المشرع من تحديد درجه وظيفيه معينه في عضو النيابة العامة القائم بتحقيقها بوصف هذا التحديد استثناء من أصل وهو ما اتجه اليه المشرع في المادة ٢٠٦مكرر إجراءات مما يدل بمفهوم المخالفة علي انحسار تحقيق هذه الجنايات عمن هو أقل درجه من رئيس نيابة لاسيما وأن التنصيص يفيد التخصيص عند الاستثناء.وليس الجديد في نص المادة ٢٠٦مكررا تخويل النيابة العامة تحقيق هذه الجنايات مزوده بسلطات قاضي التحقيق إذ سبق أن نصت على ذلك المادة ٧من قانون محاكم أمن الدولة رقم ١٠٥لسنه ١٩٨٠وانما الجديد في نص المادة ٢٠٦مكررا اجراءات هو تخويل رئيس النيابة العامة تحقيق هذه الجنايات مزود بسلطات قاضي التحقيق.والواقع ان المشرع انصت جزئيا لانتقاد الفقه للمادة ٧من قانون محاكم أمن الدولة الذي كان يعطي لسائر أعضاء النيابة العامة في تحقيق جرائم أمن الدولة والرشوة والمال العام سلطات قاضي التحقيق نظرا لأن تلك الجرائم تشتد حاجه المتهم فيها إلي سلطه محايده نظرا لخطورتها وخشيه تأثر أعضاء النيابة العامة بضغوط السلطة التنفيذية ونادي الفقه بإسناد تحقيق هذه الجرائم الي قضاه تحقيق وليس فقط خضوع النيابة إلي القاضي الجزئي حين يترائي لها مباشرة طائفة معينه من اجراءات التحقيق التي تمس غير المتهم فصدر القانون رقم٩٥ لسنه ٢٠٠٣ بحل وسط حاصله ابقاء تحقيق هذه الجنايات في يد النيابة العامة بشرط أن يحققها أحد رؤساء النيابة الذي يوازي درجه قاضي فيكون له سلطات قاضي التحقيق ومما يؤكد ذلك أيضا حرص المشرع على النص بأبقاء سلطات النيابة العامة الأخرى لرئيس النيابة حتي لأ يظن بأن رؤساء النيابة اصبحوا قضاه تحقيق عند تحقيق هذه الجنايات وسقطت عنهم اختصاصات النيابة كسلطه إتهام وإحالة ورئيسه للضبطيه القضائية.ومسلك المشرع في هذا الشأن له نظائر القانون فالمادة٦٣من قانون الإجراءات الجنائية لأ تجيز رفع الدعوي الجنائية عن جناية أو جنحه ضد موظف عام لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها إلا من رئيس نيابة علي الأقل وكذا الشأن في جريمة الأضرار غير العمدي بالمال العام التي تقع من موظف عام إذ اشترطت المادة ٨اجراءات جنائية أن يرفعها المحامي العام والراي مستقر علي أن رفع الدعوي ممن هو أقل درجه يقع باطلا بطلان مطلق.والخلاصه أنه يجب لصحه التحقيق في جنايات امن الدولة من جهتي الداخل والخارج والمال العام والرشوة أن يضلع بمهمه التحقيق فيها رئيس نيابة عامة علي الأقل سواء تطلب التحقيق إتخاذ أحد الاجراءات التي يملكها قاض التحقيق أم لم يتطلب ذلك وإلا اضحي دفع المتهم ببطلان التحقيقات في محله.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق