أثر بطلان الحبس الاحتياطي علي اجراءات المحاكمة والحكم الصادر فيها:في ضوء قضاء النقض دراسة نقدية بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)كان ولا يزال الحبس الاحتياطي مثار للجدل واستياء الرأي العام قبل رجال القانون سيما عند التعسف في اللجوء اليه إذ هذا الحبس اذي في ذاته لما يترتب عليه من سلب لحرية المتهم بايداعه السجن لفترة من الزمن قد تطول لعده اشهر بل سنوات بما يتعارض مع حق الفرد في الايودع السجن الا نفاذا لحكم نهائي بإدانته ثم هو اذي بالنسبة للمتهم اذ الفرض فيه البراءةوالحبس يلطخ سمعته ويصمه بالاجرام قبل أن يحكم عليه وهو اذي بالنسبة لاسرة المتهم إذ يحول بينه وبين تدبير أمور أسرته مادية ومعنويا فهو اذي بكل المقايس PHiloppe"La Detention avant de Lois des pratiqeus L.G.D.D 1985 p.107;Gely"La detention preventive These montpellier1970 p198ورغم ذلك فإن الحبس الاحتياطي مقرر في كافة النظم الإجرائية المعاصرة لمبررات تختلف من دولة إلى أخري ولكن الجامع بينها الحيلولة بين المتهم والعبث بادلة الجريمة Vouin"Dention preventive"Dalloz 1979p42;Stefani et Levasser"proceduer penal"Paris 1971p420ونظرا لخطورة الحبس الاحتياطي تحيطة التشريعات بضمانات كثيفة غير أن تجربة الحياة دلت علي أن هذه الضمانات لم تمنع من الإسراف في استعمالة خاصه لخدمة أغراض سياسية.ففي فرنسا فإنه بالرغم من التعديلات التي اجراها المشرع علي قانون الإجراءات الجنائية بدأ بقانون ١٧لسنه ١٩٧٠ ومرورا بقانون رقم ١٥لسنه ٢٠٠٠الا أن الراي العام الفرنسي ضج من امتلاء السجون بالمحبوسين احتياطيا ففي قضيه Otreau في عام ٢٠٠٤حبس سبعه عشر شخص لمدة قاربت الاربع سنوات وعند تقديمهم للمحاكمة حكم ببراءة ثلاث عشر منهم وادين اربعه فقط مما أثار سخط الراي العام Desportes et Franchise le Gunehec"traite de droit pénal General"2013p130 وفي مصر علي الرغم من التعديلات الجوهرية التي جاء بها القانون رقم١٤٥ لسنه ٢٠٠٦من وضع بدائل للحبس الاحتياطي وحصر مبرراته ووضع حد اقصي لمدده في سائر مراحل الدعوي الجنائية وعدم جواز اللجوء إليه إلا في جرائم معينة وأن تتوافر لاتخاذه دلائل كافية علي الإتهام وان تراعي مواعيد لتجديده و لزوم الحصول علي أمر بمد الحبس الاحتياطي من محكمة الجنايات المختصة من قبل انتهاء خمسه أشهر من الأمر به وبسط رقابة القضاء عليه وتخويل المتهم حق استئنافة ولزوم تسبب أمر الحبس وغيرها من الضمانات التي تكفل حصر الحبس الاحتياطي في اضيق نطاق ممكن وعدم التعسف في اتخاذه علي اعتبار أنه شر لابد منه لخدمة العدالة إلا أن ذلك لم يحل دون التعسف في استعماله لاسيما في بعض القضايا الحساسة لدرجه أن البعض وصفه بأنه اعتقال قضائي مقنع يقوم علي تحريات الأمن الأمر الذي يؤكد أن المشكلة ليست في قصور ضمانات الحبس الاحتياطي وإنما في ضمير المحققين والقضاه القائمين علي تطبيق تلك الضمانات Gury"Dention previsoire"Dalloz 2007 p44; Romniceanu"Denetion provisoire et order public" J.C.P 1975-1-2744 وبديهي أن مخالفة ضمانات وضوابط حبس المتهم احتياطيا يورث البطلان ولكن هل يجوز الدفع بهذا البطلان في سائر الأحوال أمام محكمة الموضوع لانتهاك ضماناته؟وماذا إذا كانت محكمة الموضوع هي ذاتها التي انتهكت ضمانات الحبس؟هل يصح النعي ببطلان اجراءات المحاكمة والحكم الصادر فيها أمام محكمة النقض؟لاسيما عند تعسف محكمة الجنايات في القاء القبض على المتهم وحبسه علي ذمة المحاكمة دون مبرر أو تجاوز المدد القصوي للحبس الاحتياطي ورفض محكمة الجنايات الإفراج رغم وجوبة؟وهل يجب التمسك بهذا البطلان أمام محكمة الموضوع؟ (٢)قلما يتحدث الفقه عن بطلان الحبس الاحتياطي واثره علي المحاكمة والحكم الصادر فيها وقد يقال أنه لا يقبل اي طلب أو دفع لا يكون للمتهم مصلحة من ورائه ومن ثم فإن وجدت المصلحة جاز وصح الدفع بالبطلان أما أن انتفت لم يجز الدفع(د.حسن المرصفاوي الحبس الاحتياطي وضمانات حرية الفرد ١٩٥٤ص٢١٣؛د.اسماعيل سلامة الحبس الاحتياطي ١٩٨٢ص٢١٣)والمصلحه هي الفائدة أو المنفعة التي ستعود علي المتهم من تقرير البطلان ومن ثم كان قبول الدفع ببطلان الحبس رهن بأن يترتب علي الحبس الباطل نتيجه أو يعقبه اجراء مؤثر في الدعوي ما كانا يصحا لولا الحبس الباطل.كأن يسفر الحبس الاحتياطي الباطل عن دليل منتج في الدعوي كارشاد المتهم اثناء الحبس الباطل عن أداة أو جسم الجريمة أواعترافه بالجريمة (د.مامون سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصري ٢٠٠٨ص٦٢١)أو أن يكون بقائه في الحبس طبقا لراينا قد أثر علي خطه المتهم في الدفاع وأخل بحقوقه في الدفاع كالتنازل عن تحقيق ادله الدعوي وسماع الشهود وخلافة إذ في كل هذه الاحوال يجني المتهم ميزة من البطلان.وإلا كان الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي دفعا نظريا رغم اعتداءه الجسيم علي الحرية الفردية يستوي بعد ذلك أن يتمسك المتهم أمام محكمة الموضوع بالبطلان من عدمة إذ بطلان الحبس من الدفوع المتعلقة بالنظام العام(د.ياسر الاميرالحبس الاحتياطي علما وعملا٢٠١٨ص٣٧٦). (٣) غير أنه يبدوا أن محكمة النقض لأ تقر هذا النظر بل تبدي تسامح ملحوظ كي تتجنب بطلان الحبس الاحتياطي وبالتبع بطلان إجراءات المحاكمة والحكم الصادر فيها وذلك عكس محكمة النقض الفرنسية التي لم تتوان في أبطال أوامر الحبس الاحتياطي لمجرد قصور اسبابهاCass crim 24Juin 1971 Dalloz 1971No 546;crim 19Fev 1980 Bull crim No 60;crim 1Fev 1983 Bull crim No 43ولعل استعراض احكام محكمة النقض المصرية يؤكد ما نقول.إذعرض علي النقض واقعه كان فيها المتهم قد دفع ببطلان حبسه احتياطيا وبطلان اجراءات محاكمته وحكم الادانة عملا بالمادة ٣/١٣٤ من قانون الإجراء الإجراءات الجنائية لعدم عرض أمر الحبس الاحتياطي علي المحكمة المختصه قبل انتهاء المدد المحدده في تلك المادة والتي نصت أنه"لايجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على ثلاثة أشهر، ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، ويجب على النيابة العامة في هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة وفقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة ١٥١من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام وإلا وجب الإفراج عن المتهم. فإذا كانت التهمة المنسوبة إليه جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على خمسة شهور إلا بعدالحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بمد الحبس مدة لا تزيد على خمسة وأربعين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة وإلا وجب الإفراج عن المتهم"غير أن محكمة النقض رفضت هذا الوجه من الطعن لانتفاء المصلحة بقاله أنه لا جدوى من النعى بحبس الطاعن احتياطيا مدة تزيد على ستة أشهر قبل اتصال المحكمة بالدعوى طالما أن هذا الاجراء لم يسفر عن دليل منتج في الدعوى واضافة أنه لما كان ما يثيره الطاعن من حبسه احتياطيا مدة تزيد عن ستة أشهر قبل اتصال المحكمة بالدعوى - على فرض صحته - لا جدوى منه - طالما أنه لا يدعى أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول (الطعن رقم ٢٠٤٦٥ لسنة ٨٥ قضائيةالدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٧/٠٥/١٧). (٤)كما عرض علي محكمة النقض اكثر من واقعة حضر فيها المتهم أمام محكمه الجنايات مفرجا عنه وبدأ محاميه في طلب تحقيق ادله الدعوي من خلال سماع شهود الاثبات وضم دفتر الأحوال والتصريح باستخراج مستندات ولكن المحكمة امرت بتأجيل الدعوى لجلسة تاليه لتحقيق طلبات الدفاع مع الأمر بالقبض على المتهم وحبسه احتياطيا علي ذمه القضية وكان وجه النعي أن قرار المحكمة بحبس المتهم كان باطلا لتخلف شروط الحبس طبقا للمادة ١٣٦اجراءات إذ لأ مبرر لحبسه احتياطيا إذ لأ يخش هربه أو تاثيره علي أدلة الإتهام وأن قرار الحبس احرج الدفاع لأنه تسبب بطلبات التحقيق في حبس المتهم وأنه في الجلسة المؤجلة لم تنفذ طلبات الدفاع مما اضطره الي التنازل عن طلباته والمرافعه في الدعوى بحالتها فصدر الحكم بالإدانة.وفي وقائع أخري ادعي الطاعن أن حبس المحكمة له حال بينه و بين تقديم مستند جازم كان سوف يغير الفصل في الدعوي لصالحه وفي وقائع أخري نعي الطاعنين أن المحكمة حين قررت حبسهم كونت راي في الدعوي. غير أن محكمة النقض رفضت هذا الوجوه جميعا تاسيسا علي أن المادة ٣٨٠ إجراءات أعطت محكمة الجنايات سلطة مطلقة في حبس المتهم علي ذمة المحاكمة(الطعن رقم٤١٥٣لسنه ٥٩قضائية الصادربجلسة١٩٨٩/١١/٢٣؛الطعن رقم ٨٩٦٨لسنه٦١قضائية الصادربجلسة٢٠٠٠/٢/١)وقالت أن حق محكمة الجنايات في إصدار الأمر بالقبض على المتهم وحبسه احتياطياً استناداً للمادة ٣٨٠ إجراءات جنائية مطلق غير مقيد فهو إجراء تحفظي ولا يمنع من التمسك بطلب استدعاء شاهد الإثبات ولو أبدي قبل إصدارها الأمر أوضم محضر الأحوال ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص إصدارها الأمر لإكراهه على التنازل عن ذلك الطلب يضحي غير قويم(الطعن رقم ١٧١٨٣ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/١٤الطعن رقم ٢٣٤٢٤ لسنة٨٣ قضائية قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١١/٢١الطعن رقم ١٠١١ لسنة ٧٩ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٣/١٠/٠٢الطعن رقم٣٩٦١٨لسنة ٧٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٣/٠١/١٦الطعن رقم ١٩٨٣٢ لسنة ٦٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٨/٠١/٠٥الطعن رقم ٥٨٥٨ لسنة ٦٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٧/٠٥/٠٤الطعن رقم ٨٢٦ لسنة ٤٨ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٨/٠٢/٠٦الطعن رقم ٢١٠٥ لسنة ٢٣ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٥٤/٠١/١٢) واضافة عله أخري كي تتجنب البطلان حاصلها إن للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً طبقا للمادة ٢٨٩ من قانون الإجراءات الجنائية وأن استعمال المحكمة حقها في حبس المتهم احتياطياً لا يحول بين الدفاع وحقه في التأجيل ولا يعد إكراها للتنازل عن سماع الشهود(الطعن رقم٤٢٩٧٤ لسنة ٨٥قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠١/٢١؛الطعن رقم ١٦٧٧١ لسنة٦٥قضائية الصادر بجلسة بجلسة٢٠٠٤/٠٥/١٦)وأيضا رأت أن النعي على المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى اليوم التالي مع حجز المتهم مما فوت عليه فرصة تقديم مستند يبرر به سبب وجوده بمكان الحادث غير مقبول إذحجزها المتهم حتى الجلسة التالية كان استعمال لحقها وفقا للمادة ٣٨٠ من قانون الإجراءات الجنائية (الطعن رقم ١١٨ لسنة ٤٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٢/٠٣/١٢)وتلمست في أحكام أخري لرفض الدفع بالبطلان امامها عدم تمسك المتهم ودفاعة بالبطلان فقضت بأنه لأ يقبل من الطاعن ما يثيره في خصوص بطلان الحكم المطعون فيه لامتداد حبسه يومين بما يجاوز قرار المحكمة بحبسه مادام أن الثابت أن محاميا حضر عنه بجلسة المحكمة حال امتداد حبسه وشهد ذلك الاجراء دون أن يعترض علي ذلك بشيئ الأمر الذي يترتب عليه سقوط حقه في الدفع بهذا البطلان علي مقتضي ما نصت عليه المادة ٣٣٣ اجراءات جنائية (الطعن رقم ٢٠٧٩٥ لسنة٦٧قضائية الصادربجلسة٢٠٠/١٠/٢) كما ذهبت إلي أن تقدير مبررات الحبس الاحتياطي من اطلاقات محكمة الجنايات وذلك في واقعه نعي المتهم علي حكم الجنايات أنه جاء باطلا لبطلان اجراءات محاكمته وعلل لذلك بأنه قرر بإعادة الإجراءات بشخصه وحضر الجلسة المحدده لنظر اعادة الاجراءات مطلق السراح لكن محكمة الجنايات القت القبص وأمرت بحبسه احتياطيا علي ذمة المحاكمة رغم تخلف مبررات الحبس الاحتياطي غير أن محكمة النقض اهدرت هذا النعي تاسيسا علي أن من حق المحكمة في الافراج عنه او حبسه حتى الانتهاء من نظر الدعوى هي من الأمور الموضوعية(الطعن رقم٥٦٢٣لسنة٨٧ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/١١)وفي ذات السياق قضت بأن أمر المحكمة بالقبض على المتهم وحبسه إجراء تحفظي ولا يعدم تكوينا للرأي أو عقيدة في الدعوي(الطعن رقم ٥٢٦٠ لسنة ٨١ قضائية قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٢/٠٣/٠٥الطعن رقم ٦٢٨٠ لسنة ٦٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٧/٠٣/٢١الطعن رقم ١٢٦٥ لسنة ٥١ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨١/١٢/٢٠الطعن رقم ٦٨٢٣ لسنة ٥٣ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٤/٠٣/١٨الطعن رقم ١٤٢٤ لسنة ٥١ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨١/١٠/٢٧الطعن رقم ٧١٠ لسنة ٥٠ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٠/١٠/٠٩الطعن رقم ٦٨٤ لسنة ٤٣ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٣/١٠/٢٢). ( ٥)ونري أنه لا يصح اختزال المصلحة في الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي بأن يسفر عن دليل منتج في الدعوي إذ الحبس الاحتياطي من أوامر التحقيق الابتدائي وهذه الأوامر بوجه عام احتياطية لأ تنتج بحسب الأصل أدلة بل تستهدف فحسب تأمين الادله الموجوده فعلا.وانما تؤخذ المصلحة في الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي علي مطلق الفائدة التي سيجنيها المتهم في القضيه من حبسه الباطل كبطلان المحاكمة والحكم الصادر فيها للتأثير على حقوقه في الدفاع من جراء الحبس الباطل.ثم أنه من أصول المحاكمة المنصفة طبقا للدستور أن تكون قانونية لا يشوبها خطأ أو تحدي للقانون بالخروج عليه واهدار احكامة مع كفالة حرية الدفاع وازالة العقبات من امامةو إذا كان من حق محكمه الجنايات القبض علي المتهم وحبسه علي ذمة المحاكمة أو استمرار حبسه فإن ذلك يجب أن يجري في إطار القانون والدستور وإلا غدا البطلان جزاء طبيعي كما أن من حق المتهم كذلك أن يمارس حقه في الدفاع في حرية تامه دون وضع العراقيل امامة.ومباشرة المحكمة لرخصة الحبس الاحتياطي دون مقتض ورغم تخلف شروطه قد يؤثر علي خطه دفاع المتهم مابين التمسك بتحقيق ادله الدعوي أو المرافعه.فان اختار المرافعة مجبرا متنازل عن سماع شاهد أو تحقيق دليل بعينه فلا شك أن ذلك يبطل المحاكمة والحكم الصادر فيها لوجود إكراه معنوي وقع علي دفاع المتهم كما أن محاولة النقض تبرير تنازل الدفاع عن سماع الشهود صراحه أو ضمنا بأنه يتفق مع القانون فيه تعسف من النقض إذ الدفاع لم يتنازل مختارا بل مجبر وهي مسالة سابقه علي التنازل كان يجب علي النقض حسمها. وليس هناك ما يدعو المحكمة لحبس المتهم عند طلب تحقيق ادله الدعوى لاسيما عند تخلف شروطة أو استمرار حبسه رغم بلوغ مدد الحد الأقصى لأن الأصل حضور المتهم إجراءات المحاكمة حرا طليقا والاستثناء حضوره مقيد الحرية ولا يجوز الإفتائات علي هذا الأصل إلا لضرورة ملحه كأن يكون بقاء المتهم حرا طليقا من شأنه التأثير علي الدليل المراد تحقيقه والا كان الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة والحكم الصادر فيها له ما يبرره مادام أثر علي ماكان من المحتمل أن يجنيه المتهم من فائدة لوله حبسه وبالتالي يكون نص المادة ٣٨٠إجراءات مقيد بالنصوص التي تكفل حق الدفاع ولهذا اصابت محكمة النقض في حكم لها حين ابطلت المحاكمة في هذه الحاله للآخلال بحق الدفاع( الطعن رقم١٨٣٨٨لسنه ٦١قضائية الصادر بجلسة ١٩٩٣/١/١٨)كما أن قول النقض بأن الحبس علي ذمه المحاكمة إجراء تحفظي ولا يعني أن المحكمة كونت راي في الدعوي لأ يخلوا من تكلف إذ لأ حبس دون توافر دلائل كافية علي الإتهام فإن قدرت المحكمة تلك الدلائل ورأت كفايتها للحبس فإنها بلاشك تكون كونت راي اولي أو مبدئي حول الادانة وهذا بمفرده يبطل اجراءات المحاكمة والحكم الصادر فيها.أما قاله النقض أن حصول البطلان في حضره المتهم ودفاعة وعدم التمسك به يسقط حق الدفع به فمردود عليه بأن ذلك يقتصر علي البطلان النسبي المقرر لمصلحة المتهم ولا ينصرف إلى البطلان المطلق المتعلق بالنظام العام ولا شك أن انتهاك ضمان دستورية متعلقه بالحرية الشخصية المقررة في المادة ٥٤من دستور ٢٠١٤يورث بطلان متعلق بالنظام العام.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق