هل تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجه الزاني ينصرف إلى الطرف الآخر في الزنا؟بقلم ✍د.ياسر الأمير =================================== (١)من المعلوم طبقا لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية.إنه"لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص الى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 274و277 من قانون العقوبات وكذلك فى الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.والمادة 274 عقوبات خاصة بجريمة زنا الزوجة.أما المادة 277 فهى خاصة بجريمة زنا الزوج ومقتضى ذلك أنه لإيجوز تحريك ورفع الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا بنوعيها الا إذا قدمت شكوى من قبل الزوج ضد زوجه الزانى.ولكن أجاز المشرع في المادة العاشرةمن قانون الإجراءات الجنائية للشاكي أن يتنازل عن شكواه في أي حاله كانت عليها الدعوي طالما لم يصدر فيها حكم بات. (٢)والأصل أنه إذا تعدد المتهمون في الجريمة الواحدة وكانت الشكوى لازمة ضد بعضهم دون البعض الآخر قيدت حرية النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوي ضد من خصه القانون بالشكوى دون غيره من المتهمين فعله أو شركاء وكذلك الشأن بالنسبة للتنازل عن الشكوى إذ يقتصر أثره ضد المتهم الذي قدمت ضده ابتداء فلا ينصرف إلى غيره من المتهمين الذي لم يستلزم القانون لتحريك الدعوى ضده شكوي وكل ذلك علي اعتبار الطبيعة الاستثنائية لقيد الشكوى بحسبانه خروجا عن أصل حرية النيابةالعامة في تحريك ورفع الدعوي مما يجب قصره في أضيق الحدود دون توسع أو قياس.وليس في الفقه والقضاء في هذا الشأن خلاف(الطعن رقم ٢٠٤٣٢ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٠/٠١الطعن رقم ٢٩٣٧٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/١٥). (٣)غير أن محكمة النقض ترى عكس ذلك بالنسبة لجريمة الزنا إذ جرى قضائها على أن جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة إذ تقتضي التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً وهى الزوجة ، ويعد الثاني شريكاً وهو الرجل الزاني فإذا تمت جريمة الزوجة وزالت آثارها بسبب من الأسباب , فإن التلازم الذهنى يقتضى محو جريمة الشريك أيضاً لأنه لا يتصور قيامها مع إنعدام ذلك الجانب الخاص بالزوجة ، وإلا كان الحكم على الشريك تأثيماً غير مباشر للزوجة التي عدت بمنأى عن كل شبهة إجرام ، كما أن المعدل المطلق لا يستسيغ بقاء الجريمة بالنسبة للشريك على محوها بالنسبة للفاعلة الأصلية لأن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلى ، والواجب في هذه الحالة أن يتبع الفرع الأصل مادامت جريمة الزنا لها ذلك الشأن الخاص الذي تمتنع معه التجزئة وتجب فيه ضرورة المحافظة على شرف العائلات فإن تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته ينتج أثره بالنسبة لشريكها(الطعن رقم ١٤٨ لسنة ٤١ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧١/٠٥/٣١الطعن رقم ١٣٦٩ لسنة ٤٧ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٨/٠٥/٢٢الطعن رقم ١٣٦٩ لسنة ٤٧ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٨/٠٥/٢٢الطعن رقم ١٨٨٦٣ لسنة ٦٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٥/١١/٠٦الطعن رقم ٧٥٨٦ لسنة ٦٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٥/١١/١٧الطعن رقم ١٠٣٤٢ لسنة ٦٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٥/٠٤/٢٠الطعن رقم ١٠٤٤٥ لسنة ٦٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٠/٠٣/٠٩الطعن رقم ٧٨٣٥ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٠/٠١/٠٩)وأن هذا التنازل يجوز للشريك أن يتمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض وأن التنازل يشمل الدعويين الجنائية والمدنية(الطعن رقم ١٤٨ لسنة ٤١ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧١/٠٥/٣١الطعن رقم ٨١٨٥ لسنة ٥٤ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٦/١٠/٠٨الطعن رقم ٨٨٧ لسنة ٥٠ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٠/١١/١٣)ويورد جمهور الفقه مذهب النقض مورد التطبيق السليم للقانون(محمود مصطفى شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٩ص٤٣؛د.محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩٨ص١٢٦فى الهامش؛د.مأمون سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصرى ٢٠٠٨ص١٣٢؛د.عمر السعيد رمضان مبادئ قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩٣ص١٤٣؛د.أحمد فتحى سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية ٢٠١٤ص٤٣٢؛د.محمد زكى أبو عامر الاجراءات الجنائية ٢٠١٤ص٥٦٤؛د.رؤوف عبيد مبادئ قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٩ص٣٢٤؛د.فوزية عبد الستار شرح قانون الإجراءات الجنائية ٢٠١٠ص٢١٣؛د.رمسيس بهنام الإجراءات الجنائية تأصيلا وتحليلا ١٩٨٤ص٣٤٢؛د.عبد الفتاح الصيفي تأصيل الإجراءات الجنائية ٢٠٠٤ص٣٢١؛د.جلال ثروت نظم الإجراءات الجنائية ٢٠٠٣ص٢١٣؛د.محى الدين عوض القانون الجنائي إجراءاته ١٩٧٣ص٣٢١؛د.محمد عيد الغريب شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩٧ص٢٧٦؛د.حسنى الجندى شرح قانون الإجراءات الجنائية٢٠٠٣ص١٢٧؛د.عبد الرؤوف مهدي شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٨ص ٤٣٢). (٤)وهذا الاستقرار القضائي والفقهي لأ نجد له سند سوى قضاء قديم لمحكمة النقض الفرنسية قبل إلغاء تجريم الزنا من قانون العقوبات الفرنسى القديم Cass crim 28 Jun 1839 Siry 1839-1 -107وهو اتجاه محل نظر لمخالفته أصلا مستقر حاصله ان نطاق التنازل عن الشكوى يتحدد بما تلزم ضده الشكوي ابتداء ولقد اشترط القانون الشكوي بالنسبه للزوجة الزانية ولكنه لم يشترطها بالنسبه لشريكها فإذا كانت الدعوي قد بوشرت ضد الزوجة الزانية بناء علي شكوي زوجها وضد عشيقها طبقا للقواعد العامة التي لا تشترط الشكوي لمباشره الدعوي ضد شريك الزانية فإن تنازل الزوج عن شكواه ينحصر أثره في زوجتة الزانية وحدها ولكنه لا يؤثر علي مركز الشريك فلا يستفيد من تنازل الزوج عن شكواه. أما التذرع بأن أدانه الشريك يعني بطريقة غير مباشرة إدانة الزوجة التي أضحت بمنأي عن كل إجرام فليس بشئ ذلك أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل عن الشكوي لا يعني إباحة الجرم وإنما فحسب انغلاق حق الدولة في العقاب.بل إن مسايرة محكمة النقض يفضي إلى خلف اي رميها بإثبات الأمر ونقيضه في آن واحد! ذلك أن التنازل عن الشكوي بعد تقديمها يقتضي وقوع جريمة الزنا والقول بان التنازل يجعل الزوجه بمنأي عن اي إجرام ينفي عن الزنا وصف الجريمة. كما أن القول بأن إجرام الشريك فرع من إجرام الفاعل وتابع له مما مقتضاه ان محو الجريمة بالنسبة للفاعل يستتبع محوها للشريك مردود عليه بأنه من المقرر أن عدم عقاب الفاعل لعله تخصه كالتنازل عن الشكوي لتوافر صفه الزوج فيه من الاسباب الخاصة المتعلقة به والتي لا ينصرف أثرها الي شريكه طبقا للمادة ٤٢من قانون العقوبات كما أن الشريك لأ يستمد اجرامه من الفاعل بل من الجريمة ذاتها فهو شريك فى الجريمة وليس شريك مع فاعلها(انظر علي سبيل المثال د. محمود نجيب حسني- شرح قانون العقوبات القسم العام- ١٩٨٩-ص ٤٦٥؛د.محمود مصطفي- شرح قانون العقوبات القسم العام- ١٩٨٣- ص٣٢١؛علي بدوي- الاحكام العامه في القانون الجنائي- الجريمة- ١٩٣٩-ص ٢٩٧؛د.السعيد مصطفي السعيد- الأحكام العامة في قانون العقوبات- ١٩٦٢-ص ٢٣٢؛د.عوض محمد عوض- قانون العقوبات القسم العام- ٢٠٠٠-ص ٣٩٥؛د.أحمد فتحي سرور-الوسيط في قانون العقوبات القسم العام٢٠١٧-ص٧٦٥). (٥)ثم أن الحرص على سمعه العائلات وأن كان غاية سامية ألا أنه لم يحل بين محكمة النقض وبين السماح بتحريك دعوى الزنا عند ارتباطها بجريمة أخرى وقصر أثر التنازل عن الشكوى على الزنا دون الجريمة المرتبطة رغم أن الاستمرار فى نظرها يثير حتما جريمة الزنا مثل جريمة الزنا المرتبطة بتزوير عقد زواج (الطعن رقم ٣٠٤٥ لسنة ٥٨ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٨/١٠/١٦)وجريمتي اعتياد على ممارسة الدعارة المرتبطة بالزنا(الطعن رقم ٤٠ لسنة ٣٥ قضائيةالصادر بجلسة١٩٦٥/٠٢/١٥)وفي النهاية فإنه ولئن كان صحيحا أن طبيعه علاقة الزوجية والحرص علي سمعه العائلات يقتضي معاملة جريمة الزنا معاملة خاصة فإن السبيل إلي ذلك هو دعوة المشرع لتعديل أحكامه لأ الحلول محله وتقرير أحكام لم ينص عليها.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق