اقتحام الشرطة المنازل للقبض علي المتهمين:بقلم✍ د.ياسر الأمير _____________________________________________ (١)من المعلوم أنه لايجوز لمامور الضبط القضائي القبض علي المتهم إلا في حالتي التلبس بالجريمة وصدور أمر من سلطة التحقيق بالقبض والاحضار(المادتين ٣٤و١٣٠ اجراءات و٥٤من الدستور)ويثور التساؤل حول ما إذا كان لمامور الضبط القضائي في هاتين الحالتين أن يقتحم منزل المتهم أو منزل غيره لتنفيذ القبض؟خلت معظم التشريعات المقارنة من نص يجيز الدخول أو يحظره ولهذا اختلف الفقه والقضاء بشأنه ففي فرنسا اجازة البعض دخول المنازل للقبض علي المتهمين (Garcoe "code penale Annote art 1491904 1940p729) في حين عارض البعض هذا الدخول(Garraud"Traited'dinsration t3p214) وفي الولايات المتحدة الامريكية تضاربت أحكام المحكمة العليا ما بين اجازة الدخولSantana V United States 427 U.S 249 1976ومعارضتهSteaglud V.United States 451 U.S 204 1989. (٢)وفي مصر يجري قضاء النقض في ثبات علي اجازة دخول المنازل للقبض علي المتهمين علي اعتبار أن المادة ٤٥من قانون الإجراءات الجنائية سمحت لرجال السلطة العامه بدخول المنازل عند طلب المساعدة والحريق والغرق وما شابه ذلك وأن هذه الأحوال مردها الضرورة ولم ترد على سبيل الحصر ومن ثم صح عند النقض مد الحكم وهو الدخول عند تعقب المتهم للقبض عليه لتوافر حالة الضرورة من باب القياس ووصفت النقض هذا الدخول بأنه عمل مادي اقتضته الضرورةوليس تفتيش محظور(الطعن رقم ١٩٦٩٦لسنه ٥٨ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨٨/٣/٥؛الطعن رقم ٦٩٦ لسنة ٥٨ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٨/١٢/٠١الصادر بجلسة ١٩٨٢/٠٣/٠٩ الطعن رقم ٢٢٩٤ لسنة ٤٩ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨٠/٠٤/٠٩الطعن رقم ١٥٣١ لسنة ٤٨قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٩/٠١/١١؛الطعن رقم ٣٥١٤٣ لسنة ٦٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٧/١٠/٠٢الطعن رقم ٩٣١٤ لسنة ٧٠ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٧/٠٩/١٣الطعن رقم ٦٤٠١١ لسنة ٧٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٧/٠٥/٠٢)وبالتالي قضت بأنه متي شاهدة الضابط في مسكن المتهم عقب دخوله لتنفيذ امر ضبط واحضار صادر من سلطه التحقيق كمية من الأسلحة البيضاء والألعاب النارية في مسكن المتهم صحت اجراءات الضبط لحصولها بناء علي اجراءات مشروعة(الطعن رقم ١٦١٦ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٧/١١/٠٨)ورات تبعا أن دفع المتهم ببطلان تفتيش المسكن لتجاوز حدود امر الضبط والاحضار ظاهر الفساد(الطعن رقم ٢٦٥٧١ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٩/٢٧)وكذلك الدفع ببطلان التفتيش لأن هذا الدخول هو مجرد عمل مادي تقتضيه الضرورة وليس تفتيش معتبر من أعمال التحقيق(الطعن رقم ٣٠٦٩٨ لسنة ٨٦قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠)وتري محكمة النقض كذلك صحه الدخول متي صدر إذن بضبط المتهم وتفتيش شخصه دون مسكنه ورفضت تبعا لذلك قاله تجاوزا حدود الإذن الصادر بضبطه وألغت حكم لاحدي محاكم الجنايات كان قد ابطل دخول المنزل لهذا السبب وما ترتب عليه من اكتشاف جريمة(الطعن رقم ٣٥١٤٣ لسنة ٦٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٧/١٠/٠٢).ويؤيد جمهور الفقه مذهب النقض ويورده مورد التطبيق السليم للقانون حتي لأ تتحول المنازل الي مأوي للمجرمين(د.محمود مصطفي شرح قانون الإجراءات ١٩٨٩ص٢١٣؛د.محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٨ص٣٢١؛د.عمر السعيد رمضان مبادئ قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٩٣ص ٣٢١؛د.مامون سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصري الجزء الأول ٢٠٠٨ص٤٦٥؛د.عوض محمد عوض قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٩٠ص ٣٥٤؛د.فوزية عبد الستار شرح الإجراءات الجنائية ٢٠١٠ص٢٤١؛د.رؤف عبيد مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري ١٩٨٩ص٤٣٢). (٣)ولهذا يجري العمل على اقتحام الشرطة للمنازل للبحث عن المطلوب القبض عليهم سواء كان المنزل خاص بالمتهم أم بغيره!وتختار الشرطه جنح الليل للتنفيذ باعتقاد أن ذلك غالبا ما يأتي بنتائج مثمرة.وما نراه أن القياس الذي أجرته محكمه النقض فاسد لأن عله اجازه دخول المنازل في المادة ٤٥ ليس مطلق الضرورة وإنما فقط الضرورة التي تدفع خطر حال بالمتهم صاحب المنزل بحسب الأمثلة التي أوردتها هذه المادة ولما كان دخول منزل المتهم للقبض عليه لايدفع عنه خطر بل علي العكس يجلب خطر القبض عليه وانتهاك حرمه منزله وما قد يتكشف من جراء الدخول من جرائم لذا فإن القياس يحظر لعدم اتحاد العله.ولاندري كيف فات علي محكمة النقض انتفاء شروط الضرورة في حالة دخول المنازل للقبض إذ الضرورة تفترض أن يكون فعل الدخول هو الوسيلة الوحيدة لدرء الخطر أي للقبض علي المتهم وهو منحسر في هذه الحالة إذ يصح دوما تنفيذ القبض دون دخول المنازل واذا كانت النقض تطلق عبارة تعقب المتهم لتنفيذ أمر القبض والاحضار إلا أنها في التطبيق لأ تلتزم هذا النظر إذ لا يبين من احكامها وجود مطاردة للمتهم للقبض عليه واحتماءه بمسكنه وهو ما يبدوا أنه فات علي الفقه حين أيد قضاء النقض دون امعان النظر في المسألة. ولا نري وجه لما خشاه البعض من أن تصبح المنازل مآوي للمتهمين والترخيص لهم بتعطيل أمر القانون من خلال الاحتماء بالمنزل .إذ يمكن في جميع الأحوال محاصرة منافذ المنزل واستصدار أمر قضائي مسبب بدخول المنزل لا سيما وأن الدستور في المادة ٥٨حظر دخول المنازل إلا بأمر قضائي مسبب يحدد الغرض من الدخول مع إطلاع من في المنزل علي أمر الدخول مما يدل بمفهوم المخالفة علي أنه دون وجود مثل هذا الأمر يمتنع الدخول ولا يصلح أمر القبض والاحضار بديلا عن أمر الدخول مادام أن تنفيذ القبض يمكن أن يتم بغير دخول المنزل كالقبض علي المتهم في الشارع أوفي مقهى أو في سيارته أما إذا رغب مأمور الضبط القضائي في تنفيذ القبض داخل منزل المتهم وجب مراعاة الضمانات الدستورية التي تستلزم أمر قضائي مسبب يبيح الدخول للقبض علي المتهم. (٤)ولا يقدح قاله النقض أن دخول المنازل للقبض علي المتهمين هو مجرد عمل مادي وليس تفيش محظور إذ حرمه المنازل كما تنتهك بالتفتيش تهدر أيضا بمجرد الدخول ولقد حرص المشرع الدستوري علي حظر انتهاك حرمة المنازل سواء بدخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب حسبما أشرنا.ولا نبعد عن الحقيقة اذا قررنا أن تنفيذ القبض علي المتهمين في المنازل لاسيما بعد منتصف الليل يذكرنا بزوار الفجر أولئك الزبانيه الذين كانوا يداهمون منازل المواطنين تحت جنح الليل فينقضون علي الآمنين لاختطاف من يشاءون ويسوقونهم علي وجوهم وكان من شأن هذا المسلك البربري بث الرعب والهلع في نفوس الناس لذا حرص الدستور في الأمر القضائي المسبب بدخول المنزل أن يبين توقيت تنفيذه لثقته في أن سلطه التحقيق لن تسمح بدخول المنازل ليلا الا في حالات الضرورة القصوى.والخلاصة انه لا يجوز اقتحام المنازل للقبض علي المتهم ولوكان هناك أمر قضائي بالقبض عليه لأنتفاء التلازم بين القبض ودخول المنازل إذ القبض لا يقتضي بحكم اللزوم دخول المنزل.وإنما يلزم دوما صدور أمر قضائي مسبب بالدخول للقبض علي المتهم محدد فيه وقت تنفيذه.ولعل مما يوكد وجه نظرنا أن اتهام شخص بجريمة وصدور أمر بالقبض ضده لا يبيح انتهاك حرمة منزله اذا ان حرمة المنزل مستقله عن شخص صاحبه.ولا يختلف الحل لدينا إذا تضمن إذن ضبط المتهم تفتيش شخصه إذ أن حرمة المسكن إنما تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه وهي تختلف عن حرمة شخصه حسب مذهبمحكمة النقض ذاتها(الطعن رقم ١٣٤١ لسنة ٧٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٢/١٠/٢٠).
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق