متي تخرج الدعوي من حوزة سلطة التحقيق في الجنايات؟هل بصدور أمر الإحالة؟أم باعلانة مع ورقة التكليف بالحضور؟أم بإرسال الأوراق الي رئيس محكمة الاستئناف لتحديد دور انعقاد؟بقلم د.✍ياسر الأمير ______________________________________________ (١)أمر الإحالة هو قرار یصدر عن قاضى التحقیق أوالنیابة العامة بعد الانتهاء من التحقیق بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات إذا توافرت الأدلة الكافیة على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم.ويلعب أمر الإحالة في الجنايات دورا هاما إذ يترتب عليه خروج الدعوي من حوزة سلطة التحقيق فلا يجوز لها أن تعدل عنه أو تجري اي تحقيق في الدعوي أو تضيف أي اتهامات جديدة كما أن المحكمة تتقيد بما ورد في أمر الإحالة من اتهامات ووقائع فلا تملك اضافة وقائع لم ترد فيه لأن أغفال ذكرها ينطوي ضمننا علي صدور قرار بالاوجه لإقامتها(د.سليمان عبد المنعم إحالة الدعوي الجنائية ١٩٩٩ص٢١٣؛د.محمد عيد الغريب قضاء الإحالة ١٩٨١ص١٢١). ولهذا كان تحديد اللحظه التي تخرج بها الدعوي الجنائية من حوزه سلطه التحقيق بمقتضي أمر الإحالة من الاهمية بمكان وهي مسألة اختلف فيها الفقه والقضاء. (٢)والواقع أن الإجابة علي هذا التساؤول تقتضي استعراض نصوص المواد ١٥٨و٢١٤و٢١٤مكررا(أ)٣٨٤من قانون الاجراءات الجنائية.ولقد نصت المادة ١٥٨علي أن إذا رأى قاضي التحقيق أن الواقعة جناية وأن الأدلة على المتهم كافية يحيل الدعوى إلى محكمة الجنايات ويكلف النيابة العامة بإرسال الأوراق إليها فوراً ونصت المادة ٢/٢١٤علي أن وترفع الدعوى في مواد الجنايات بإحالتها من المحامي العام أو من يقوم مقامه إلى محكمة الجنايات بتقرير اتهام تبين فيه الجريمة المسندة إلى المتهم بأركانها المكونة لها وكافة الظروف المشددة أو المخففة للعقوبة ومواد القانون المراد تطبيقها، وترفق به قائمة بمؤدى أقوال شهوده وأدلة الإثبات ونصت المادة ٢١٤ مكرراً (أ) علي أن يرسل ملف القضية إلى قلم كتّاب محكمة الاستئناف فوراً إذا طلب محامي المتهم أجلاً للإطلاع عليه يحدد له رئيس المحكمة ميعاداً لا يجاوز عشرة أيام يبقى خلالها ملف القضية في قلم الكتّاب حتى يتسنى له الإطلاع عليه من غير أن ينقل من هذا القلم وعلى رئيس محكمة الاستئناف عند وصول ملف القضية إليه أن يحدد الدور الذي يجب أن تنظر فيه القضية وعليه أن يعد جدول قضايا كل دور من أدوار الانعقاد ويرسل صور ملفات القضايا إلى المستشارين المعينين للدور الذي أحيلت إليه ويأمر بإعلان المتهم والشهود بالدور وباليوم الذي يحدد لنظر القضية.ونصت المادة ٣٨٤علي أنه إذا صدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات ولم يحضر هو أو وكيله الخاص يوم الجلسة بعد إعلانه قانونا بأمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور، يكون للمحكمة أن تحكم في غيبته، ويجوز لها أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور. (٣)فهذه النصوص تقرر أن رفع الدعوي الجنائية في الجنايات يكون بمقتضي أمر احاله يعلن للمتهم وأنه عقب صدوره ترسل الأوراق لرئيس محكمة الاستئناف ليحدد لنظر الدعوي أمام المحكمة دور معين وأنه لا يصح للمحكمة أن تحكم على المتهم في غيبته إلا بعد إعلانه قانونا بأمر الإحالة وبميعاد الجلسه بمقتضي ورقه تكليف بالحضور. ومن ثم فإن ظاهر هذه النصوص يحتمل منها أن الدعوي في الجنايات تعتبر مرفوعة أما من تاريخ صدور أمر الاحالة وهذا ما يراه البعض(د.محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٨ص٦١٧؛د.مامون سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصري الجزء الأول ٢٠٠٨ص٦٨٠؛د.فوزية عبد الستار شرح قانون الإجراءات الجنائية ٢٠١٠ص٣٧٧)واما من اعلان أمر الإحالة وهذا ما ذهب اليه البعض(د.أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ٢٠١٤ص٦٣٥؛د.عبد الرؤف مهدي شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٨ص ٨٣٤)واما من وصول ملف القضية لرئيس الاستئناف وتحديد دور لنظر القضية وهذا ما انتهي إليه البعض(د.عوض محمد عوض تعليقات علي أحكام القضاء دراسة نقدية لبعض أحكام النقض الجزء الأول ٢٠١٧ص١٥٤)واما من إعلان أمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور وهو ما قد يستفاد ضمنا من أحكام النقض.اذ استقر قضاء النقض علي أن مفاد نص المادة ٣٨٤ إجراءات جنائية في مفهومه المخالف أنه لا يجوز لمحكمة الجنايات الحكم على المتهم في غيبته إلا بعد إعلانه قانوناً بالجلسة التي تحدد لنظر دعواه وإلا بطلت إجراءات المحاكمة لأن الإعلان القانوني شرط لازم لصحة اتصال المحكمة بالدعوى(نقض ١٩٦٧/٦/٢٦مجموعة أحكام النقض س ١٨رقم ١٧٤ص٨٦٨ نقض١٩٩٣/٢/٨س٤٤رقم ١٩ص١٦٦،نقض ٢٠٠٠/١/٢٠س٥١رقم ٥٤ص١٩٨،نقض ٢٠١٣/٦/٣س٦٤رقم ٣٨ ص٣٢٢). (٤)ونعتقد أن الدعوي تعتبر قد رفعت إلي محكمة الجنايات منذ تاريخ صدور أمر الاحالة سواء اعلن من عدمه وهذا ما يدل عليه صراحة نص المادتين ١٥٨و٢١٤اجراءات إذ قررت الاولي أنه إذا كانت الواقعة جناية يحيل قاضي التحقيق الدعوي إلي محكمة الجنايات واكدت الثانية أن الدعوي في الجنايات ترفع بمقتضي أمر احاله يصدر من المحامي العام فهذين النصين ذو دلالة قاطعه باعتبار الدعوي مرفوعة بصدور أمر الإحالة والقاعدة أنه لأ اجتهاد مع صراحه النص ووضوحه أما إعلان أمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور فكلاهما شرط لصحه إجراءات المحاكمة وليس لرفع الدعوي ودخولها بالتالي في حوزه المحكمة لأنها تعتبر مرفوعه بصدور أمر الإحالة سواء اعلن للمتهم أو لم يعلن ولقد تحاشت محكمة النقض تقرير أن الدعوي لأ تعتبر قد خرجت من حوزه سلطه التحقيق إلا بإعلان المتهم وإنما قررت فحسب أن الإعلان شرط لازم لصحه أتصال المحكمة بالدعوي اي أن الدعوي تخرج بأمر الإحالة وتدخل حوزه المحكمة ولكن لأ تتصل بها المحكمة قانونا إلا بالإعلان وهذا ما اكدته المادة ٣٨٤اجراءات حين اجازت للمحكمة أن تعيد إعلان المتهم بدلا من الحكم في غيبته وعندئذ تكون اجراءات المحاكمة الغيابية صحيحة. واما إرسال الأوراق الي رئيس محكمة الاستئناف ليحدد لنظر الدعوي دور معين فهو اجراء لازم فحسب لتحديد الجلسة التي سوف تنظر فيها الدعوي أمام المحكمة والتي رفعت فعلا بأمر الاحالة وذلك بحسب توزيع العمل.ويؤكد هذا النظر أن المادة ٢١٤مكررا اجراءات نصت على أن إذا طرأ بعد صدور الأمر بالإحالة ما يستوجب إجراء تحقيقات تكميلية فعلى النيابة العامة أن تقوم بإجرائها وتقدم المحضر إلى المحكمة أي أن المشرع اعتبر الدعوي قد خرجت من حوزه النيابة العامة بصدور أمر الإحالة فلم يجز لها الرجوع فيها واجاز لها استثناءا اجراء تحقيق تكميلي يعرض علي المحكمة سواء اعلن أمر الإحالة من عدمه وسواء حدد لنظر الدعوي جلسه من عدمه. كما أن ما اشترطه المشرع من إعلان المتهم بأمر الاحاله في خلال ثمانية أيام من صدوره هو ميعاد تنظيمي لأ أثر علي مخالفته في الفقه والقضاء ويؤكد رأينا كذلك أن رئيس الاستئناف عقب ارسال الأوراق إليه لا يملك اعادتها مره اخري إلي النيابة العامة إذ ينحصر دوره فحسب في تحديد جلسه لنظر الدعوي فسلطته ادارية بحته بغية تنظيم وتوزيع العمل بين الدوائر المختلفة في المحكمة.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق