وجهه نظر:اسباب تراجع رقابة النقض علي قضاه الموضوع أو الخلط ما بين سلطة القاضي الجنائي في تقدير الدليل وبين وجود الدليل وفحواه ومنطقيته:بقلم✍ د.ياسر الأمير ______________________ (١)يلعب الدليل دورا هاما في الإثبات الجنائي إذ لا يدان شخص ولا يجازي دون دليل أما ما دون الدليل أو بالاحري الدلائل فلا يصح أن تبني عليها بمفردها الإدانة.وعله ذلك أن الأحكام الجنائيه تبني علي الجزم واليقين من الواقع الذي يثبت بالدليل المعتبر لا علي الظن والتخمين حال أن الدلائل تقوم علي الاحتمال.ومن أمثله الدلائل التحريات التي يستقيها الضابط من مصادره السرية ويرفض الإفصاح عنها تحقيقا للصالح العام. او المعلومات التي يجمعها من جمهور الناس عند انتقاله لمحل الواقعه لفحص البلاغ مادام لم يحدد شخص بعينه نقل إليه هذه المعلومات. ومن أمثله الدلائل أيضا التسجيلات الصوتية واستعراف الكلب البوليسي.هذا ومن المعلوم أن الدليل قد يكون "دليل جريمة" اي دال على حصول جريمة كجثه المجني عليه أو تقرير الصفه التشريحيه أو التقارير الطبيه باصابه المجني عليه أو معاينه الشرطه بحدوث تلفيات.وقد يكون "دليل اسناد"اي دال علي أن المتهم هو مرتكب الجريمة. كشاهد راي المتهم يطلق النار على المجني عليه أو اعتراف المتهم بارتكاب الجريمة أو حسب قضاء النقض اعتراف متهم علي متهم. وإذا كان دليل الجريمة لازم للحكم بالإدانة إلا أنه لا يكفي بمفرده ولو تعزز بدلائل كتحريات الشرطة أو تسجيلات صوتيه إذ يلزم دوما أن يتوافر بجانبه "دليل إسناد"ينهض بنسبه الجريمه للمتهم. (٢)ومن المعلوم أن المشرع المصري اعتنق مبداء حرية القاضي الجنائي في الإثبات فنص في المادة ٣٠٢إجراءات علي أن يحكم القاض في الدعوي بحسب العقيده التي تكونت لديه بكامل حريته ولهذا فإن القانون منح القاض سلطه تقديره كبيره في الأخذ بالادله التي ترتاح اليها نفسه ويطمئن اليه وجدانه فله أن ياخذ بشهاده فاسد ويطرح شهاده عالم وإذا تعددت اقوال الشهود وتعارضت كان له أن ياخذ بالاقوال التي سكنت اليه نفسه وإذا عدل الشاهد عن اقواله كان له أن يأخذ بالقول المعدول عنه وإذا أنكر المتهم اعترافه السابق أمامه النيابة العامة كان له رغم ذلك الأخذ به وله ايضا تجزئة اقوال الشاهدوالاعتراف وأن يأخذ منهما الجزء الذي اعتقد صحته وايضا له الجزم بما لا يجزم به الخبير. وإذا تعارضت تقارير الخبراء وتعددت كان له أن يفاضل بينها ولا رقابة لمحكمة النقض علي قاض الموضوع في تقدير الدليل لتعلقه بالموضوع وليس القانون مادام الدليل الذي ارتكن مشروعا وكان مطروحا في الجلسه. ولكن لاحظنا في العمل القضائي خلط واضح بين سلطة القاضي الجنائي في تقدير الدليل الذي يدخل تحت لواء حرية الإثبات وبين فحوي الدليل ومنطقيته بل وجوده اصلا وهي أمور لاشان لها بحرية الإثبات الجنائي وإنما تمس سلامة تسبيب الحكم ذاته طبقا للمادة ٣١٠اجراءات !فإذا كان القاضي الجنائي حر في تقدير الدليل إلا أنه ليس حر بالمره في فحوي الدليل ومنطقيته ووجوده بل يخضع لرقابة محكمة النقض ولقدادي هذا الخلط في السنوات الأخيرة إلي تراجع رقابة النقض علي قضاه الموضوع. (٣)فمن ناحيه أولي؛هناك فارق بين حرية القاض الجنائي في تقدير الدليل وبين وجود الدليل ذاته فإذا استند حكم الادانة علي تقرير الأبحاث والتزييف الذي قطع بأن عقد البيع مزور علي المجني عليه ودان المتهم بالإشتراك مع مجهول في تزويره حال أن هذا العقد لم يكن ضمن الأحراز التي فحصها التقرير أصلا فإن الحكم يكون معيبا إذ اعتمد علي دليل لأ أصل له في الأوراق. وكذلك إذ اسند الحكم لشاهد أقوال لم تصدر منه إذ يلزم دوما أن يكون للدليل أصل في اوراق الدعوي(نقض ١٩٩١/١٠/٢١الطعن رقم ٥٤٦٧لسنه ٥٩ق؛نقض ٢٠٠٦/١٢/٢٨الطعن رقم ٢٠١٢٦لسنه ٦٧ق). (٤)ومن ناحيه ثانيه ؛هناك فارق بين تقدير الدليل وفحوي الدليل أو مضمونه فإذا كان القاضي الجنائي حر في تقدير الدليل والأخذ به أو طرحه فإنه ليس حر في فحواه إذ عليه أن يكون اميننا في تحصيل الدليل بأن يسرده وفقا لمؤداه فلا يتدخل فيه بالبتر أو المسخ أو التحريف إذ ذلك لأ يعد تقديرا للدليل بل استحداث لدليل(نقض ٢٠١٢/١٠/٨الطعن رقم ١٢٧ لسنة٧٧ق)فإذا شهد شاهد في التحقيقات أن مشاجرة قامت بين المتهمين وعائلة المجني عليه وتبادل الطرفين التعدي فسقط المجني عليه خلالها قتيلا فلا يصح للقاضي أن يورد أقوال هذا الشاهد في الحكم علي نحو أنه شهد بأن المتهمين قتلوا المجني عليه.واذا شهد شاهد بأنه سمع من الجيران أن المتهم قتل المجني عليه وأنه لم يشهد الواقعه لأن اهليه المتهم قبلها احتجزوه في مكان قصي فلا يسوغ للحكم أن يورد أقوال هذا الشاهد بأنه شهد أن المتهم قتل المجني عليه. (٥)ومن ناحيه ثالثه ؛هناك فارق بين حرية القاض الجنائي في تقدير الدليل وبين استخلاص الحكم من الدليل صورة الواقعة التي اقتنع بها إذ يلزم أن يكون الدليل الذي أخذ به الحكم مؤديا إلي تلك الصوره دون عسف في الاستنتاج أو تنافر مع حكم العقل والمنطق والا كان الحكم معيب(نقض ١٩٦٥/٦/١٤مجموعة احكام النقض س١٦رقم ١١٥ص٥٧٦؛نقض ١٩٨٢/١/١٨س٣٣رقم ٧ص٤٦) فإذا أورد الحكم صورة الواقعه بأن المتهين قدموا إلي المكان الذي ايقنوا مرور المجني عليه منه وتربصوا له وما أن حضر المجني عليه الي هذا المكان حتي تعدوا عليه بآسلحه بيضاء وفرد خرطوش ولم يتركوه إلا بعد أن صار جثة هامدة لخلافات علي قطعه أرض واوقع عليهم جميعا عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ثم اورد الحكم أقوال شهود الإثبات بأنهم شهدوا بأن مشاجرة نشبت بين المتهم الأول والمجني عليه واثناء تشابك الطرفين قدم بقيه المتهمين واعتدي الجميع علي المجني عليه بآسلحه بيضاء فسقط قتيلا فإن الحكم يكون معيبا إذ انتزع واقعة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد لأ تلتئم مع ما اورده من ادله .ومن ذلك أيضا استدلال الحكم علي المتهم بالقتل من وجود دماء ادميه بملابسة وعجز المتهم عن تعليل وجودها رغم أنه لم يعرف فصيلتها (نقض١٩٤٩/١١/٨مجموعة احكام النقض س١رقم ١٤ص٤٠) أو استدلال الحكم علي نيه القتل بما شهد به الشهود من سبق وجود ضغائن بين الجاني والمجني عليه لأن سبق الخلاف لأ يؤدي بحكم اللزوم العقلي والمنطقي حتما الي القتل. (٦)والمطلع على أحكام النقض في السنوات السابقة يلحظ أنها لم تتوان في فرض رقابة صارمة علي قضاه الموضوع من حيث وجود الدليل وفحواه واستخلاص صوره واقعة الادانة منه من واقع رقابتها لاسباب الحكم وكانت تقرر دوما وفي ذلك كانت تقول النقض أن أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع الحق في استخلاص صورة الواقعة بطريقة الاستقراء وكافة الممكنات العقلية من أقوال الشهود حسبما يؤدي إليه اقناعها إلا أن ذلك مشروط أن يكون هذا الاستخلاص سائغا ومستندا إلي ادلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في اوراق الدعوي (نقض ١٩٧٦/١٢/١٩مجموعة أحكام النقض س٢٧رقم ٢١٦ص٩٥٢؛نقض ١٩٧٧/١/١٤س٢٨رقم ٥٤ص٢٤٠)وكانت النقض تعلل ذلك بأن الأحكام يجب أن تبني علي أسس وهي لأ تكون كذلك متي كان عماد الحكم في استخلاص صوره الواقعة شهادة شاهد حرفت شهادته ومسخت(نقض ٢٠٠١/٥/٤الطعن رقم ١٦٤١٢لسنه ٦٨ق؛نقض ٢٠١٠/٣/٤الطعن رقم ١٠٦٦٢لسنه ٧٩ق؛نقض ٢٠١٢/١٠/٨الطعن رقم ١٢٧لسنه ٧٧ق؛نقض ٢٠١٢/١٠/١الطعن رقم ٩٢٤لسنه ٨٢ق).أو انتزاع صوره للواقعة لأ سند لها من الأوراق(نقض ١٩٩٨/١١/٢٢مجموعة احكام النقض س٤٩رقم ١٨٨ص١٣٢٤؛نقض ٢٠١٦/٢/٦الطعت رقم ٢٥٩٥١لسنه ٨٥ق) فإذا نازع الدفاع مثلا في مذكرة أسباب الطعن بالنقض أن محكمة الموضوع استندت الي دليل لأ أصل له في الأوراق أو أنها مسخت الدليل وحرفته واوردته في حكمها علي غير وجهه الصحيح أو أن الدليل حسبما هو ثابت في أوراق الدعوي لأ يؤدي إلى ما استخلصه الحكم منه في صوره الواقعه واورده في اسبابه كانت محكمة النقض لأ تتردد في ضم مفردات الدعوي للنظر فيما ابداه الطاعن فإن تبين لها صحه دفاع الطاعن نقضت الحكم واصفه إياه بأنه انتزع دليل وهمي لأ أصل له في الاوراق أو انطوي علي فساد في الاستدلال وخطأ في الاسناد.وكانت محكمة النقض تسجل في حكمها أنه بعد الإطلاع علي المفردات التي امرت المحكمة بضمها لتحقيق أوجه الطعن تبين لها كذا وكذا.فإذا اثبت الحكم علي لسان ضابط الواقعة أن تخلي المتهم عن الكيس الحاوي للمخدر كان اختياريا حال أن الثابت من المفردات المضمومة التي أمرت هذه المحكمة بضمها أن الضابط شهد بالتحقيقات أن القي القبض علي الطاعن لفراره أثر استيقافه وعندئذا القي بكيس المخدر فإن الحكم يكون معيبا(نقض ٢٠٠١/٥/١٤الطعن رقم ١٦٤١٢لسنه ٦٨ق).وكان من شأن مسلك النقض في هذا الشأن منع تحكم قضاه الموضوع والحيلولة بين القاضي وبين الحكم بالهوي أو العاطفة أو الانطباع الشخص وهي مسألة كما قدمنا لاشان لها بحرية الإثبات الجنائي وتقدير الدليل وإنما تنصرف إلي أسباب الحكم التي يجب أن يكون لها أصل في اوراق الدعوي. (٧)ولكن من الملاحظ في أحكام النقض الحديثة نسبيا أنه قلما تأمر محكمة النقض بضم المفردات لتحقيق اوجه دفاع الطاعن واصفه اياه أنه يجادل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل وأن تلك المجادلة مسألة واقع وليس قانون وتخضع لحرية القاضي الجنائي في الإثبات وانه لا يقبل من الطاعن النعي علي صورة الواقعة التي استخلصها الحكم ولو من خلال الدليل الصحيح الثابت بالاوراق! بل تورد النقض من أسباب الحكم المطعون فيه الذي ينعي الطاعن أنها محرفة وممسوخه ولا أصل لها في الأوراق صوره الواقعه والادلة عليها لتنتهي إلي صواب الحكم وأنه استخلص الادانة استخلاص سائغ من لدن الادلة التي أوردها والتي ينازع الطاعن أنها محرفة وممسوخه ولا أصل لها في الأوراق خالطه في ذلك بين حرية القاض الجنائي في الإثبات وبين أسباب الحكم ذاته التي يجب أن يكون لها أصل ثابت في أوراق الدعوي دون مسخ أو تحريف .معلله ذلك بأن استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من الأمور الموضوعية وأنه لا يقبل منازعة الطاعن بمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح أمام محكمة النقض(الطعن رقم ٩٨٦١ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/١٦ الطعن رقم ٢٠١٩٤ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/٠٤) وأيضابأن بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها لا قصور فيه لعدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها إذ يكفي أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم ذلك(الطعن رقم ٣٠٠١٠ لسنة ٨٣ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/٠٢)وقضت أيضا بأن بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف لا يصح النعي عليه بعدم الإلمام بوقائع الدعوى متى كان مجموع ما أورده كافيا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها(الطعن رقم ٣٥٥٩ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٩/٠٣).ولو نازع المتهم في أن الادلة التي اوردها الحكم حرفت ومسخت أو لأ اصل لها أو أنها لولا المسخ والتحريف ما كان يصح أن تستخلص منها صورة الواقعة التي أدت للادانة وهكذا تسلم محكمة النقض في احكامها الحديثة بصحه كل ما اورده الحكم في اسبابة ولا تقبل المجادلة في ذلك ولو من خلال الدليل الصحيح الثابت بالاوراق ولا تنصت لنعي المتهم بعدم إلمام الحكم بالواقعة وأنه اخترع ادلة لأ وجود لها مادام أن الحكم اورد تلك الادلة وكأنها تصادر علي المطلوب ودون أن تكلف النقض نفسها عناء ضم مفردات الدعوي للنظر في مدي صحه ما استخلصه الحكم منها وهو ما يجب معه الوقوف قليلا ودراسته إذ اغلب الطعون في هذا الشأن سيكون مصيرها الرفض رغم الظلم البين الثابت بأوراق الدعوي. فهل يا تري السبب القانون رقم ١١لسنه ٢٠١٧الذي الزم محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه أن تحدد امامها جلسه لنظر موضوعة؟هل يا تري السبب كثرة وتراكم الطعون أمام محكمة النقض؟أم السبب عدم وضوح فكره الفارق بين اسباب الحكم وحرية القاضي الجنائي في الإثبات؟
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية؟ ======================================= (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق