مناط تعارض المصالح الذي يوجب افراد محام لكل متهم:بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)كثيرا ما يتولي محام واحد الدفاع عن زمرة متهمين في قضية واحدة وهذا جائز من حيث المبدأ ما لم يكن هناك تعارض بين مصالحهم في الدفاع بحيث أن وجد وجب فصل دفاعهما بأن يكون لكل متهم محام منفردا وإلا غدت اجراءات المحاكمة باطلة للاخلال بحق الدفاع.ولكن اثير تساؤول حول مناط هذا التعارض فهل يكفي مطلق المصلحة المحتملة أو الظاهرة أم يلزم حتما المصلحة المؤكدة التي تحققت؟يسود مذهب النقض اتجاهين احدهما موسع يكتفي بالمصلحة المحتملة أو الظاهرة لقيام التعارض والاتجاة الاخر مضيق يستلزم المصلحة المؤكدة التي تحققت للقول بالتعارض. (٢)فاما الاتجاة الموسع فرأت فيه محكمة النقض ان مجرد تعارض مصالح المتهمين الظاهرة أو المحتمله يوجب فصل دفاع لكل واحد منهم وبالتالي فإن تولى مدافع واحد أو هيئه دفاع واحده المدافعه عن متهمين متعارضه مصلحهم يعيب الحكم( الطعن رقم ٦٧٣ لسنة ٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٣٩/٠٣/٢٧؛الطعن رقم ٩٠٦ لسنة ٤٦ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٧/٠٣/٠٦الطعن رقم ١٠٢١ لسنة ٤٦ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٧٧/٠٢/١٤) وكذلك الشأن عند تعارض دفاع متهم مع دفاع متهم آخر إذ تولى محام واحد المرافعة عن المتهمين إخلال بحق الدفاع (الطعن رقم ١١٥٦ لسنة ٢٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٥٦/٠١/٣١) وايضا عند إسناد الجرائم موضوع الاتهام الي عدة متهمين وتناقض أقوال شاهدى الإثبات في نسبة الجرائم الى فريق معين من المتهمين دون الفريق الآخر إذ يؤدى حتما الى تعارض المصلحة بين الفريقين ، ويستلزم فصل دفاع كل منهما ومن ثم فإن السماح لمحام واحد بالمرافعة عن المتهمين جميعا ، مع قيام هذا التعارض إخلال بحق الدفاع(الطعن رقم ١١٥٩ لسنة ٣٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٦٢/١١/٠٥). (٣)واما الاتجاة المضيق فذهبت فيه محكمة النقض لزوم المصلحة المؤكدة والتي تحققت بالفعل اذ قضت بأن تولي محام واحد الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة جائز وأن بدا هناك تعارض ظاهري ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي للقول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم(الطعن رقم ١٧٧٣٠ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٥/٠٧) وأن التعارض الحقيقي لا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه دفاع مادام لم يبده بالفعل اذ أساسه الدفاع المبدى بالفعل وليس المحتمل(الطعن رقم ٢٢٩١٤ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٥/٠٥)الطعن رقم ٩٥٢٥ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٤الطعن رقم ٥٠١٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٢ الطعن رقم ٣٢٧١٦ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٩/٢٦)وبالتالى فإن انكار المتهمين الاتهام وعدم تبادلهما إياه وكون إدانة أحدهما لا ترتب براءة الأخر لا يمنع قيام محام واحد بالدفاع عنهما (الطعن رقم ٥٥٢٢ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٩/١٢/٢٥ الطعن رقم ٢٥١٠ لسنة ٦١ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٢/١٢/٠٣الطعن رقم ٥٩٢٣ لسنة ٥٤ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٥/٠٥/٠٨؛الطعن رقم ٤٦٠١٠ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/١٧الطعن رقم ٤٦٩٢٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/١٧لطعن رقم ١٠٨٣٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/١٢الطعن رقم ١٨٣٢١ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٠)إذ مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع أن يكون القضاء بإدانة أحد المتهمين يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر(الطعن رقم ٣٨٣٠ لسنة ٥٦ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٦/١١/١٦الطعن رقم ٤١٠٦ لسنة ٥٦ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٦/١٢/٠٤ الطعن رقم ٢٨١٧ لسنة ٦٤ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٦/٠٣/٠٣الطعن رقم ٩٩٥٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٢٥؛الطعن رقم ٣٤٥٦ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٥؛الطعن رقم ٢٢٦٠٥ لسنة ٨٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/١٣؛الطعن رقم ١٩٠٧ لسنة ٨٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٣/٢٦؛الطعن رقم ٥٢٤٩ لسنة ٦٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٤/٠٤/١٩)ولهذا فإن اعتماد الحكم في قضائه بالإدانة على ما قرره المتهم الأول في حق المتهمين الثاني والثالث باعتباره شاهد إثبات ضدهما يحقق التعارض بين مصالحهم ويوجب فصل دفاع كل منهم عن الآخر(الطعن رقم ٦٣٨٢ لسنة ٦٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٧/٠٥/٠٧؛الطعن رقم ٨٥٨٣ لسنة ٨٧ قضائيةالدوائر الجنائيةجلسة ٢٠١٩/٠٥/٠٨)وأيضا أخذ الحكم باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق المتهم الآخر اذ يعني ذلك اعتبار المتهم شاهد اثبات ضد المتهم الآخر وبالتالي لأ يجوز تولي محام واحد المرافعة عن المتهمين المذكورين(الطعن رقم ٢٠٤٦ لسنة ٣٧ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٦٨/٠٢/٠٥؛الطعن رقم ١٧٨٤ لسنة ٣٢ قضائية الصادر بجلسة ١٩٦٢/١١/١٩؛الطعن رقم ٢٤٣٠ لسنة ٢٤ قضائيةالصادر بجلسه ١٩٥٥/٠٢/١٤). (٤)ولا شك أن الاتجاة الموسع اصوب أما الاتجاة المضيق فمحل نظر اذ يهدر مبادىء المحاكمة المنصفة التي تستوجب كفاله حق المتهم في الدفاع بحريه تامه دون حرج او خوف ومن ثم يكفي مطلق التعارض الظاهري المحقق لتعارض المصالح أو الدفاع سواء شهد أو اعترف متهم علي آخر أو لم يشهد أو يعترف أو سواء كان يترتب علي ذلك ادانة احدهمها بالبراءة أو الادانة من عدمه لأن مناط التعارض تنازع المصالح الظاهرة أو المحتملة وليس التي تحققت بالفعل من واقع حكم الادانة أو البراءة وبالتالي لايلزم لتحقق التعارض اعتبار أحد المتهمين شاهد ضد الآخر فهذا ما يقتضيه حق الدفاع بفصل دفاعهما عند مظنه تعارض المصالح بان يكون لكل منهما محام مختلف شيمته الحياد والتجرد من المؤثرات التي قد يطبعها التعارض الظاهري ولا يقدح قاله النقض بان التعارض مناطه ان تكون شهادة أو اعتراف أحد المتهمين علي الآخر أدت الي ادانة احدهما وبراءة الاخر إذ ربما الدافع لذلك أن من تولي الدفاع عنهما هو ذات المحامي فلم يشاء أن يسوء مركز احدهما عن الآخر بأن يدحضي أو يطعن في الشهادة في حين أنه ان أفرد محام لكل متهم كان يمكن أن يغير الوضع إذ كان محام المتهم الشاهد ارتكانا الي شهاده المتهم موكله سوف ينفي الإتهام عنه من خلال شهادته علي المتهم الآخر .وكان محام الآخر سوف يكذب شهاده المتهم الاول ضده وينفي ارتكابه الجريمة او يدلل علي انفراد الاول بها حسب ظروف القضية.ولا نبعد عن الحقيقة إذ قررنا أن الاتجاة المضيق يجعل ضمان الاستعانة بمحام وحق الدفاع ليس دفاعاً حقيقياً بل مجرد دفاع صوري رغم أن الاتهام بجناية أمر له خطره و لا تؤتى ثمرة هذا الضمان إلا من خلال تجنب شبهه التعارض حتي يطمئن المجتمع وتقر عين العدالة بأن حضور المحام عاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما راى تقديمه من وجوه الدفاع بحرية تامة دون حرج أو حسابات خاصة.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق