هل لا يقدح في صحه إذن التفتيش صدوره دون تحديد مسكن للمتهم علي اعتبار أنه يشمل كل مسكن له؟ بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (١)من المعلوم أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق يقصد به البحث عن الحقيقة في مستودع السر، ولا يجوز إجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق أو بأمر منها لتوافر قرائن قويه علي إخفاء اشياء تفيد في كشف الحقيقة في شأن الجريمة بالمنزل المراد تفتيشه(نقض ١٩٧٤/٣/١٤ مجموعة احكام النقض س٢٥رقم ٦٤ص٢٩٢)وهذا ادعي إلي تحديد سلطه التحقيق للمنزل المراد تفتيشه بدقه في إذن التفتيش بان يذكر المحقق نامر بتفتيش مسكن فلان الكائن بجهة كذا بمدينة كذا بشارع كذا علي اعتبار أن التفتيش اجراء هاتك لحرمة المنازل دعت اليه الضرورة المتمثلة في إخفاء ادله الجريمة بداخله.ثم إن القانون اوجب أن تعلق الأمر بتفتيش منزل غير المتهم أن تحصل النيابة العامة مقدما علي أمر مسبب من القاضي الجزئي مما يوجب تحديد المنزل في إذن التفتيش حتي يمكن لمحكمة الموضوع التاكد من أن المنزل محل التفتيش يخص المتهم وليس غيره. غير أن محكمة النقض كان لها رأي آخر اذ جري قضاؤها علي أنه متى صدر إذن التفتيش دون تحديد سكن معين للمتهم فإنه يشمل كل مسكن له مهما تعدد ولا يغير من ذلك أن يكون قد تحدد في طلب الإذن بالتفتيش مسكنان للمتهم المطلوب تفتيشه ما دام الإذن قد صدر من النيابة دون أن يتضمن تحديداً للمساكن المأذون بتفتيشها(الطعن رقم ١٦٧ لسنة قضائية الصادر بجلسة ١٩٧٦/١٠/٥ س٢٧ص ٤٦٨رقم١٠٧)وبالتالي لا يعيب إذن التفتيش عدم بيان مسكن المتهم الماذون بتفتيشه(الطعن رقم ٤٩٣١٥ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/١٢)ولا يقبل من المتهم النعي بأن التفتيش تم في مسكن مغاير لما ورد بالاذن طالما أن المسكن يخصه (الطعن رقم ٢٢٥٢٥ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٦الطعن رقم ١٩١٣٤ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٦)والغريب أن معظم الفقهاء يؤيد هذا القضاء بلا تحفظ رغم أن الرأي مستقر لديهم علي أن تفتيش المساكن لا يصح دون أمر قضائي مسبب يحدد المسكن !! (٢)وهذا القضاء رغم أنه مستقر ويؤيده اغلب الفقه الا انه لا يخلوا من النقد إذن من شروط صحه الإذن بوجه عام أن يكون محددا ونافيا للجهالة وهذا الزم عند الإذن بتفتيش المنازل إذ هذا الإذن لا يصدر إلا لضبط ما يفيد في كشف الحقيقية في شأن الجريمة بالمنزل المأذون بتفتيشه فإن تعددت منازل المتهم لم يجز الإذن بتفتشها كلها إلا إذا توافرت قرائن قويه علي ما يفيد كشف الحقيقية فيها كلها. وفي هذا الشأن نصت المادة ٩١اجراءات علي أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضى التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم فى المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه فى ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة٠٠٠٠٠٠ ثم إن صدور إذن بتفتيش منزل المتهم دون تحديد لا يمكن حمله قانونا علي أنه يشمل كافه منازل المتهم فهذا عسف في الاستنتاج وافتراض قد يظلمه واقع الحال.ثم إن هذا الاطلاق من محكمة النقض معيب إذ يجعل لرجل الضبط القضائي المأذون له الكلمه العليا في اختيار المنزل محل التفتيش او الإدعاء بوجود اكثر من منزل بل قد يجنح المأذون له الي اغفال عنوان المنزل عند طلب الإذن بتفتيشه حتي يصدر الإذن دون تحديد فيكون زمام التفتيش في يده ويختار أي مسكن علي اعتبار أنه منزل المتهم. وعلي أي حال فإن تحديد المنزل محل التفتيش اصبح لازما طبقا للماده 58 من دستور 2014 ولم يعد قضاء النقض المار ذكره صالح للأعمال إذ نصت المادة 58 من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014 علي أنه « للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبنة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، واطلاعهم علي الأمر الصادر في هذا الشأن.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق