مدي دستورية المنع من السفر في قانون الكسب غير المشروع؛بقلم✍ د.ياسر الأمير ------------------------------------------------------------------------ (١)كانت هيئة الفحص والتحقيق في جرائم الكسب غير المشروع قد درجت علي إصدار أوامر منع من السفر بشأن المتهمين بهذه الجرائم وذلك علي الرغم من خلو القانون رقم ٦٢لسنة ١٩٧٥بشأن الكسب غير المشروع من نص يبيح لهيئة الفحص والتحقيق اصدار مثل تلك الأوامر ودرجت المحكمة الإدارية العليا علي دمغ قرارات المنع من السفر بعدم المشروعية والغاءها لعدم وجود نص يبيح ذلك(حكم المحكمة الإدارية العليا في 2002/1/12 الطعن رقم 7960 لسنه 45 ق )وإزاء ذلك اضطر المشرع الي إصدار القانون رقم ٩٧ لسنة ٢٠١٥ بتعديل بعض أحكام قانون الكسب غير المشروع المشار إليه فأضاف إلي قانون الكسب غير المشروع المادة ١٣ مكررا التى "أجازت لهيئة الفحص والتحقيق عند الضرورة أو وجود ادله كافية علي جديد الاتهام في جناية الكسب غير المشروع أو في جريمه إخفاء الأموال المتحصله منها أن تطلب من النيابه العامة منع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول" ولكن جاء هذا التعديل ركيك في الصياغة إذ جعل الضرورة موازية للادلة الكافية كمبرر للامر بالمنع من السفر حال أن الأمر بالمنع من السفر كإجراء جنائي ماس بحرية التنقل لأ يصح إلا علي خلفية إتهام جدي قامت بشانة ادلة كافية. ثم أن النص جعل من النيابة العامة رقيبه علي هيئة الفحص والتحقيق إذ صرح النص بان تلك الهيئة تطلب من النيابة العامة منه المتهم من السفر حال أن المختص بتحقيق جرائم الكسب غير المشروع هي هيئة الفحص والتحقيق وليس النيابة العامة والأصل أن جهه التحقيق تختص باتخاذ كافة أعمال التحقيق ومن ثم يبدوا غير مفهوم إلا يمنح المشرع سلطة الأمر بالمنع من السفر إلي هيئة الفحص والتحقيق ويلزمها أن تطلب المنع من النيابة العامة! (٣)بل أنه علي الرغم من أن تعديلات قانون الكسب غير المشروع جاءت لاحقه علي صدور دستور ٢٠١٤إلا أنها لم تراع ما نصت عليه المادة ٦٢من الدستور التي لم تجز المنع من السفر إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محدده إذ لم تشترط المادة 13 مكررا المضافة إلي قانون الكسب غير المشروع عام ٢٠١٥تسبيب أمر المنع أو تحديد مدته بالمخالفة لنص المادة ٦٢من الدستور مما يصم المادة ١٣مكررا بعيب عدم الدستورية ( د.ياسر الامير فاروق.- الحبس الاحتياطي علماوعملا - 2016 - ص189) (٤)وعلي الرغم من أن المنع من السفر يعتبر أحد اجراءات التحقيق ألا أن محكمة النقض رفضت هذا النظر وكيفته علي أنه تدبير احترازي وسوغت اتخاذة ضد أعضاء مجلس النواب دون إذن المجلس وقالت محكمة النقض في ذلك أنه ولئن كان الدستور قد حظر اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس النواب إلا بإذن سابق من المجلس فإن المحظور فحسب على جهة التحقيق اتخاذ هو أي إجراء من إجراءات التحقيق الماسة بشخص عضو مجلس كتكليفه بالحضور أو استجوابه أو استصدار أمر بضبطه أو إحضاره أو حبسه أو تفتيش مسكنه أو إقامة الدعوى الجنائية ضده قبل أن يأذن المجلس بذلك أما غير ذلك من الإجراءات كأمر المنع من السفر فلا يعدو في حقيقته إجراء من الإجراءات الأولية التي لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية إنما هو مجرد تدبير من التدابير الاحترازية التي تتخذها النيابة العامة حفاظاً على المصلحة العامة إذا ما قام لديها مبرر لذلك ومن ثم لا يرد عليها قيد الشارع في إصدار هذا الأمر وتوقفه على الطلب أو الإذن به وبالتالي فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون على غير سند. (الطعن رقم 10664 لسنة 79 جلسة 2010/03/04 س 61 ص 215 ق 27) وهذا الحكم محل نظر إذ انطوي علي تاؤيل خاطىء لنصوص الدستور إذ أنه مع الفرض الجدلي بمشروعية أوامر المنع من السفر وهو ما لا نسلم به فإن أمر المنع من السفر ينطوي بلا شك علي مساس بحرية عضو المجلس في التنقل ومن ثم يشمله الحظر ولا يرفع عنه هذا الوصف تكييفه بأنه تدبير احترازي وليس إجراء تحقيق ذلك أن الدستور الملغي والحالي لا يقصر الحظر على إجراءات التحقيق بالمعنى الضيق وإنما يبسط الحظر علي أي إجراء جنائي يمس حريه العضو ومنها بلا شك أمر المنع من السفر ثم إن القول بأن المنع من السفر لا يعد من إجراءات التحقيق يتعارض مع طبيعة إجراءات التحقيق إذ من المقرر أن الذي يمييز إجراءات التحقيق عن غيرها من إجراءات الاستدلال هو انطواء الأولي علي المساس بالحرية وتقيدها فكل إجراء هاتك للحرية الشخصية ومنها حرية التنقل يعد إجراء تحقيق ويشمله الحظر المتمثل في عدم جواز اتخاذه ضد عضو مجلس النواب في غير أحوال التلبس إلا بإذن المجلس. بل أن موقف محكمة النقض يعني أن التدابير الاحترازية المنصوص عليها في المادة ٢٠١من قانون الإجراءات الجنائية كبدائل للحبس الاحتياطي يجوز اتخاذها ضد عضو مجلس النواب دون أذن المجلس مادام أن هذه التدابير ليس من اجراءات التحقيق وهو مالم يقل به أحد. بل مذهب النقض من شأنه تفويت عله الحصانة النيابة وهي تمكين العضو من الرقابة على اعمال السلطة التنفيذيه بتلفيق إتهام له ومنعه من السفر للضغط عليه. !
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق