التمثيل القانوني للمتهم بجنحة في مرحلة المحاكمة:بقلم ✍د.ياسر الأمير ___________________________________________ (١)ظل الحضور الجسدي للمتهم إجراءات المحاكمة مدة طويلة من الزمن اصل من اصول المحاكمات الجنائيه إذ لم يكن له أن يتغيب وينيب عنه محام لابداء دفاعه وحينما تم التلطيف من حده ذلك بالنسبه للجنح البسيطة بقي الأصل علي حاله بالنسبه للجنايات والجنح الخطيره المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذ الحكم به فور صدوره فإن تغيب المتهم جرت محاكمته غيابيا دون دفاع إذ لأ يقبل حضور محام نيابة عنه. ولكن مع ظهور مبادىء المحاكم المنصفة التي تتاذئ من محاكمة المتهم دون دفاع وتحت ضغوط الاتفاقيات والمواثيق الدولية والدساتير الوطنية التي تكفل حق المتهم في الدفاع أصاله أو بالوكالة بدا لزوم التواجد الجسدي للمتهم إجراءات المحاكمة يتزحزح ليحل محله التواجد الفكري للمتهم من خلال محام يحضر نيابه عنه إجراءات المحاكمة ليبدي دفاعه وكان القانون الإيطالي لسنه 1988 أول من اقر ذلك واتبعه القانون الفرنسي سنه 2004 ثم القانون المصري رقم 11لسنه 2017 باستبدال المادتين 384 و395 والغاء المادة 388 من قانون الإجراءات الجنائية وهو ما اطلقنا عليه التمثيل القانوني للمتهم بجناية في المحاكمة. بيد ان المشرع أغفل تعديل المادة 237 اجراءات جنائية التي توجب حضور المتهم بشخصة بجنحة معاقب عليها بالحبس وجوبا والجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذ الحكم به فور صدورة فأصبح الأمر ينطوي علي شذوذ إذ يكون من حق المتهم بجناية انابة محام لابداء دفاعة حال أنه محروم من ذلك في بعض الجنح رغم خطورة الاولي وكونها أشد جسامة من الثانية وكلاهما يجب تنفيذ الحكم الصادر بهما. ولقد ساعد علي ذلك اصرارالقضاء علي تطبيق نص المادة ٢٣٧ اجراءات الذي يلزم المتهم بالحضور بشخصة في بعض الجنح ولا يعترف بحضور وكيل عنه بحيث أن قبلت المحكمة حضور محام وترافع في الدعوي اعتبر الحكم غيابيا( الطعن رقم ٢٠٦٢٦ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/١٧)وطبقت محكمة النقض ذات النظر علي المتهم المقض ابتدائيا ببرائته أمام محاكم الجنح المستأنفة بناء على استئناف النيابة العامة إذ الزمته بالحضور بشخصة ولم تقبل حضور محام نيابة عنه علي اساس أن المادة ٢٣٧اوجب حضور المتهم بشخصة في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذ الحكم فيها فور صدور و احكام الجنح المستأنفة نهائية واجبة التنفيذ فور صدور الحكم بها(الطعن رقم 4 لسنة 2010 جلسة 2012/03/19 س 55 ص 27). (٣)وقضاء النقض الاخير محل نظر لمخالفته المادة ٩٤من دستور ٢٠١٤التي افترضت في المتهم البراءة وقد تم تعضيد تلك البراءة بحكم المحكمة الجزئية بالبراءة فلا يجوز مع كل ذلك ارغام المتهم بالحضور في قضية محكوم فيها ببرائته ومنع محام يحضر نيابة عنه حال أن حق الدفاع بنصوص الدستور مكفول اصاله او بالوكالة. والواقع أن ولئن كان نص المادة ٢٣٧اجراءات اوجب حضور المتهم بشخصة في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذ الحكم فيها فور صدوره بصيغه عامة وبغض النظر عن المحكمة التي تنظر الدعوي سواء اكانت جزئية أو إستئناف وبغض النظر عما إذا كان المتهم المستأنف قضي أول درجه بادانته أو بالبراءة إلا أن عموم النص مقيد بنصوص الدستور التي تفترض في المتهم البراءة وتكفل حق الدفاع اصالة أو بالوكالة. بما يعني تخويل المتهم المقض ببرائته في جنحه معاقب عليها بالحبس أن ينيب وكيل للحضور في إستئناف النيابة العامة. (٤)بل اننا نذهب أبعد من ذلك اذ نعتقد أن نص المادة ٢٣٧اجراءات الذي يلزم المتهم بالحضور بشخصة في بعض الجنح قد نسخ ضمنا بالمادة ٣٨٤اجراءات المعدلة بالقانون رقم ١١لسنة ٢٠١٧ فهذة المادة تدل بصراحة النص علي عدم لزوم حضور المتهم بشخصة في جناية متي حضر وكيل خاص نيابة عنه وتدل كذلك بمفهوم الموافقة أو دلالة المناط علي إمكانية الوكالة الخاصة في الجنح لانة إذا كان الحضور بتوكيل جائز في الجنايات وهي أكثر خطورة وجسامة من الجنح وأحكامها واجبة النفاذ فور صدورها فهو جائز من باب أولي في الجنح الأقل خطورة والابسط جسامة واحكامها واجبة النفاذ ومن ثم فإن المادة ٣٨٤اجراءات تكون ناسخة للمادة ٢٣٧اجراءات بدلالة المناط. اذ من المقرر أن النص حجة بما ثبت باحدي دلالات عباراته.ومن المقرر في أصول التفسير أنه إذ كانت عبارة النص تدل على حكم في واقعة اقتضته ووجدت أخرى مساوية لها في علة الحكم أو أولى منها بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة من غير حاجة إلى اجتهاد أو رأى فإنه يفهم من ذلك أن النص يتناول الواقعتين ، وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما في العلة سواء كانت مساوياً أو أولى ويسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى(الطعن رقم 17246 لسنة 75 جلسة 2015/11/22) وبالتالي يكون نص المادة ٣٨٤اجراءات شامل الجنايات والجنح وناسخ للمادة ٢٣٧اجراءات. وهو ما سبق أن انتهينا اليه في كتاب التمثيل القانوني للمتهم بجناية في مرحلة المحاكمة.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق