هل تزويد عضو الرقابة الإدارية المأذون له بتسجيل المحادثات المُبلِّغ في جريمةالرشوه بجهاز إرسال وايفاده للمتهم ليجري معه الحديث ويسجله واحتفاظه هو بجهاز إستقبال من قرب لا مخالفه فيه للقانون؟بقلم ✍د.ياسر الأمير ______________________________________________ (1) من المعلوم أن الدستور وقانون الاجراءات الجنائية خول لسلطة التحقيق علي حسب الاحوال في المواد ٩٥ و٢٠٦و٢٠٦مكررا اجراءات أن تأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء التسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر متي كان لهذا الإجراء فائدة في كشف الحقيقة وبشرط أن يكون الأمر الصادر بالمراقبة أو التسجيل مسبباً وأن تنحصر مدة سريانه في ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة( الطعن رقم ٢٢٥٧ لسنة ٨٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٢/١٢/٢٦ الطعن رقم ٥١٩٥ لسنة ٧٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠١/٠٨)ولما كان تسجيل المحادثات التي تجرى في مكان خاص من أعمال التحقيق فانه يحق لعضو النيابة عند مباشرة التحقيق تكليف أي من مأموري الضبط القضائي ببعض ما يختص به ومنه التسجيل عملا بالمادة ٢٠٠ إجراءات (الطعن رقم ٨٨٢ لسنة ٨٣ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠١/٢٢) (2)ويجري قضاء النقض علي أن طريقة تنفيذ إذن تسجيل المحادثات الشفوية السلكية واللاسلكية والتصوير موكوله إلى رجل الضبط المأذون له بإجرائها تحت رقابة محكمة الموضوع وأن له الحق بالاستعانة في تنفيذ الإذن بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم ما داموا تحت إشرافه (الطعن رقم ٨٨٢ لسنة ٨٣ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠١/٢٢الطعن رقم ١٨٢٧ لسنة ٨٠ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٤/٠٤/١٤الطعن رقم ٦٣٩٠٩ لسنة ٧٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٦/٠١/٢٦) غير أن محكمة النقض يبدوا أنها تطبق ما يجري عليها قضاؤها في هذا الشأن بطريقة غير صحيحة.إذ دل العمل أنه عند صدور إذن النيابة العامة بتسجيل الاحاديت الخاصة لأحد المتهمين مع من أبلغ ضده أن يقوم المأذون له من رجال الضبط القضائي عند تنفيذ الأذن بتزويد المبلغ بجهاز ارسال صوت وصوره واحتفاظه هو بجهاز استقبال علي أن يقوم الأول بتسجيل الحوار الدائر بينهما حال وجود رجل الضبط القضائي متسمع من على بعد. ولقد عرض الأمر على محكمة النقض ورأت مشروعية التسجيل في هذه الحالة رغم أن من قام بالتسجيل آحاد الناس ورغم انعدام الاشراف الفعلي للمأذون له بالتسجيل عليه(نقض ١٩٩٠/٤/٥مجموعة احكام النقض س٤١رقم ١٠٠ص٥٨٢؛ نقض ١٩٩٧/٥/٢٥س ٤٨رقم ٩٦ص٦٤٢؛نقض ١٩٩٩/١/٦الطعن ١٤٧٩لسنه ٦٧ق) (3)وقالت النقض في ذلك أنه "لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التسجيلات واطرحه بقوله" وحيث إنه بشأن ما أثاره الدفاع من بطلان التسجيلات لأنها لم تتم بمعرفة أحد أعضاء الرقابة الإدارية ، فإن هذا الدفع ببطلان التسجيلات في غير محله ، ذلك أن الثابت من التسجيل الذي تم يوم 1996/11/26 والذي تضمن الحوار الذي دار بين المبلغ والمتهم حول السبب في طلب الرشوة وظروف سفر نجل المتهم إلى ايطاليا ، قد تم تحت سمع عضو الرقابة الإدارية الذي كان أسفل مقر الشركة بالسيارة المجهزة فنياً وسمع الحوار ، وأيضاً بالتسجيل الحاصل وقت الضبط يوم 1996/11/28 وأفرد لكل من التسجيلين سالفي الذكر يومي 26، 28 /1996/11 محضراً مستقلاً تم فيه إثبات ما دار من حديث وما دار بشأن واقعة الضبط ، وأنه وإن كان يشترط لصحة إجراءات التسجيل أن يجريه مأمور الضبط القضائي أو من يعاونه وفقاً لإذن النيابة العامة ، إلا أن ذلك لا يمنعه من الاستعانة بأعوانه ولو كانوا من غير مأموري الضبط القضائي طالما أن ذلك قد تم تحت اشراف من له الحق في التسجيل قانوناً ، وعلى ذلك فإنه إذا ما صدر إذن النيابة العامة لمأمور الضبط القضائي بالتسجيل فإن للأخير أن يتخذ ما يراه كفيلاً بتحقيق الغرض منه دون أن يلتزم في ذلك طريقة بعينها مادام لا يخرج في إجراءاته عن نطاق القانون ، ومن ثم وبالنظر إلى إجراءات التسجيل الصوتي والتي لابد فيها من مسجل ومستمع وطبيعة هذه الدعوى ذاتها التي تستلزم أن يكون المبلغ هو المسجل تحت اشراف المستمع الذي هو مأمور الضبط القضائي المأذون له بالتسجيل والذي له حق الاستعانة بمن يرى تنفيذاً للغرض منه طالما قد تم في نطاق القانون أي تحت سمع عضو الرقابة الإدارية المأذون له ، ومن ثم يكون في استعانة عضو الرقابة بالمبلغ في تسجيل الحديث الذي دار بين المتهم والمبلغ حول طلب الرشوة والحصول عليها تحت سمع عضو الرقابة الإدارية صحيحاً " . وهو من الحكم رد سائغ وكاف ، لما هو مقرر من أن تسجيل المحادثات التي تجرى في مكان خاص هو عمل من أعمال التحقيق ، وكانت المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية تجير لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة اجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أياً من مأمورى الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من اختصاصاته ، فإن لازم ذلك أنه يتعين أن يقوم مأمور الضبط القضائي بنفسه بمباشرة الإجراء ذاك الذي ندب لتنفيذه أو أن يكون الاجراء قد تم على مسمع ومرأى منه ، وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده في مدوناته _ على السياق المتقدم _قد تناهى إلى أن إجراءات تسجيل الحديث ذاك قد تم على مسمع من مأمور الضبط المعنى فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ، ويكون الحكم إذ عول في إدانة الطاعن على أقوال أعضاء الرقابة الإدارية المستندة إلى تلك التسجيلات بمنأى عن الفساد في الاستدلال ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد (الطعن رقم١٦١٣٧لسنة٦٧قضائية الصادر بجلسة ١٩٩٨/٤/١٣ مجموعة احكام النقض س٤٩رقم ٧٣ص ٣٦٥). (4)وهذا القضاء محل نظر لانعدام رقابة واشراف المأذون له على المبالغ الذي اوفده لتسجيل الحوار الدائر بينه وبين المتهم إذ بوسع المبلغ إغلاق جهاز الإرسال في بعض الكلمات وفتحه في البعض الآخر لتوريط المتهم فيضحي التسجيل مزور. ومن المعلوم أنه إذا كان يحق للمأذون له من رجال الضبط القضائى الاستعانة بالفنيين واحاد الناس لتنفيذ الإذن بالتسجيل إلا أن ذلك مشروط بأن يقوم هولاء بالعمل المكلفين به تحت رقابه المأذون له واشرافه آي في حضوره وتحت بصره لا في غيبه عنه. ولا يقدح من ذلك قاله سماع المأذون له الحوار الجاري تسجيله بمعرفه المبلغ ورؤيته الواقعه من خلال الفيديوا لأن هذا السماع وتلك الرؤية لم يتحققا له بطريقة مباشرةوإنما من خلال وسيط(المبلغ) الفرض فيه أن يعمل تحت إشرافه لا أن يكون المأذون له تحت رحمته فينقل له من الحوار ويسجل ما يشاء ويخفي عنه ما يشاء .ثم ان العبره بالتسجيل وقد تم علي يد المبلغ وهو من آحاد الناس فلا يعتبر من قام به من تسجيل تنفيذ صحيح للاذن اذ يلزم دوما في الماذون له ان يكون من رجال الضبط القضائى وكذلك الماذون الفرعي الذي كان في صوره الدعوي احاد الناس ممن ليس له صفه الضبط القضائى. ولقد سبق أن ابطلت محكمة النقض تسجيل اجراه المبلغ وهو من آحاد الناس أو مرشد طالما تم في غيبة من مأمور الضبط القضائي الذي اذنته النيابة العامة في اجرائه(نقض ١٩٨٦/١/١س٣٧رقم ٢ص٩؛ نقض ١٩٨٩/٦/١س ٤٠رقم ١٠٠ص ٥٩٤)ولكن الأمر يختلف أن زود المندوب شخص عادي بجهاز إرسال لاسلكي واحتفظ هو بجهاز للتسجيل إذ العبرة دوما بالتسجيل وهو ما سبق أن قضت محكمة النقض بصحته(نقض ١٩٨٤/١/٢س٣٥رقم ٢ص٢٣؛نقض ١٩٩٧/٤/٢٢س٤٨رقم ٧٠ص٤٧٢).
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق