جناية جلب المواد المخدرة في ضوء قضاء النقض:بقلم ✍د.ياسر الأمير ============================================(١)عاقب المشرع في القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٦ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار علي أنماط كثيرة من الإتصال بالمشرع واختط خطة تهدف إلى التدرج في العقوبات تبعاً لخطورة الجريمة فنص في المادة ٣٣ على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على ترخيص بذلك...جاعلا من جلب المخدر أخطر الأنماط.وتري محكمة النقض أن الجلب هو استيراد المخدر بالذات أو بالواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس متى تجاوز بفعله الخط الجمركي(الطعن رقم ٥٤ لسنة ٦٠ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩١/٠١/١٥مكتب فنى سنة ٤٢ - قاعدة ١٢ - صفحة ٦٧)وهو معني لأ يقتصر علي صورة استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وادخالها الي المجال الخاضع لاختصاصها الاقليمي كما هو محدد دوليا بل يمتد ليشمل كافة الصور التي يتحقق بها نقل المخدر ولو في داخل نطاق ذلك الخط الجمركي(الطعن رقم ٤٩٥ لسنة ٦٠ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩١/٠٥/٢٦مكتب فنى سنة ٤٢ - قاعدة ١٢٢ - صفحة ٨٩٠ )ومن ثم فإن اجتياز العائمة بالمواد المخدرة الخط الجمركي ونقلها إلى داخل المياه الإقليمية المصرية يعني تمام جريمة الجلب واستحقاق العقاب ولا يقبل دفاع الطاعن بأن الواقعة مجرد شروع لضبط العائمة قبل أن ترسو بأحد الموانئ المصرية(الطعن رقم ٥٦٠١ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٣/١٠)وأيضا فإن المتهم إحراز للمخدر داخل جسده أثناء عبوره الأراضي المصرية دون أن يعمد إلى طرح المخدر وتداوله داخل مصر لأ يحقق الجلب بل يعني إعتبار إحرازه للمخدر مجرد من القصود(الطعن رقم ١٠٩٣٦ لسنة ٦٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠١/٠١/٠٩مكتب فنى ( سنة ٥٢ - قاعدة ١٣ - صفحة ١٠٤ الدوائر الجنائيةالطعن رقم ١٠٣٢٣ لسنة ٧٠ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٦/٠٤/١٩مكتب فنى سنة ٥٧ - قاعدة ٦٢ - صفحة ٥٩٤ )وكذلك الشأن عند ثبوت قيام المتهم بنقل المخدر من دولة اجنبية الى دولة اجنبية اخرى مرورا بمطار القاهرة (ترانزيت) فهذا لا يحقق الجلب(الطعن رقم ٢١٦٠٩ لسنة ٦٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٥/١٢/١٠مكتب فنى سنة ٤٦ - قاعدة ١ - صفحة ٥ ). كل ذلك بشرط أن يكون الشيء المجلوب يفيض عن حاجة الشخص بقصد طرحه وتداوله بين الناس داخل جمهورية مصر العربية وبالتالي فإن اثبات الحكم ضخامة كمية المخدر الذى أدخله المتهم إلى البلاد يكفي لانطباق وصف الجلب على هذا الفعل(الطعن رقم ٨٦١ لسنة ٦١ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٢/١٠/٢١مكتب فنى سنة ٤٣ - قاعدة ١٣٤ - صفحة ٨٦٧ ) (٣)ونلمح اضطراب في أحكام النقض حول لزوم تدليل الحكم استقلالا علي قصد جلب المخدر لدي المتهم إذ ذهبت في بعض أحكامها إلي التزام المحكمة بالتحدث عن القصد من جلب المخدر إذ لأ يكفي مجرد الحيازة أو الأحراز المادي (الدوائر الجنائيةالطعن رقم ١٥٠٤٩ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٠/٠٢/٢٠مكتب فنى سنة ٤١ - قاعدة ٦٤ - صفحة ٣٩٧ )ولكن في البعض الآخر من الأحكام رأت أنه لأ يلزم التحدث عن القصد من جلب المخدر استقلالاً ولو دفع المتهم بتخلفة لديه(الطعن رقم ٢٢٢٣٧ لسنة ٨٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٢/٠٥الطعن رقم ٣٣٥٧١ لسنة ٨٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦الصادر بجلسة ٢٠١٤/١٠/١٢مكتب فنى سنة ٦٥ - قاعدة ٨٥ - صفحة ٦٥٦)غير اغلب الأحكام تتوسط إذ رأت أنه لأ يلزم التحدث عن قصد الجلب استقلالا طالما الجوهر المجلوب يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه(الطعن رقم ٢٢٣٠٥ لسنة ٨٣ الطعن رقم ٢٢٣٠٥ لسنة ٨٣ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٤/١٠/١٢؛الطعن رقم ٦٦١٠ لسنة ٦٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٧/٠٥/١١مكتب فنى سنة ٤٨ - قاعدة ٨٠ - صفحة ٥٤١؛الطعن رقم ٢١٦٠٩ لسنة ٦٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٥/١٢/١٠مكتب فنى سنة ٤٦ - قاعدة ١ - صفحة ٥؛الطعن رقم ١٩٨٦٢ لسنة ٦٤ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٥/٠٥/٠٢؛الطعن رقم ١٥٠٥٠ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٠/٠١/٠٩مكتب فنى سنة ٤١ - قاعدة ٨ - صفحة ٦٤ مكتب فنى سنة ٤٦ - قاعدة ١٢١ - صفحة ٨٠١؛ الطعن رقم ٥٥٢٢ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٩/١٢/٢٥مكتب فنى سنة ٤٠ - قاعدة ٢١٣ - صفحة ١٣١٣). (٤)ونعتقد أنه يلزم أن يتحدث الحكم عن قصد الجلب استقلالا متي دفع المتهم بتخلفة لديه بصوره عامة ومجردة اي ولو لم يقترن الدفع بالاعتراف بالتعاطي.اما أن لم يدفع بتخلف قصد الجلب لديه فلا جناح علي محكمة الموضوع أن لم تعرض له استقلالا بشرط أن تكون مأ اوردته من ادلة يقطع بتوافرة إذ مادام القصد الجنائي ركن في الجريمة فيلزم ثبوته فعليا وليس افتراضيا من واقع ضخامة الكمية إذ ذلك لأ يعني بالضرورة إستيراد المخدر بقصد الطرح للتداول فضلا عن أن هذا الطرح لأ يعني عند ثبوته سوي نيه الاتجار في المخدر وهي تختلف عن نيه الجلب ولا يصح إتجاه النقض نحو الدفع بقيام قصد التعاطي لديه أو لدي من نقل لحسابة كي تورد المحكمة الادلة علي قصد الجلب إذ ذلك يعني إلزام المتهم بالاعتراف بواقعه التعاطي كي تحقق المحكمة تخلف قصد الجلب لديه! وهو ما لايستقيم لأننا بذلك نلزم المتهم بادانة نفسه كي يحقق دفاعه! مما ينطوي علي انتقاص خطير من حقوق الدفاع!.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية؟ ======================================= (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق