الخلاف حول تكييف جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع ما بين التزوير وخيانه الإمانة وأثر ذلك في الإثبات:-بقلم✍د.ياسر الأمير فاروق. =========================================(١)التزوير هو تغيير الحقيقة في محرر باحدي الطرق المقررة قانونا تغييرا من شانة أحداث الضرر. ومن طرق التزوير تغيير اقرارات ذوي التي كان من الواجب ادراجها في المحرر وكذا جعل واقعة مزورة في صوره واقعه صحيحة(الطعن رقم٢٣٣٤٦لسنة٤٨قضائية نقض جنائي جلسة٢٠١٦/١١/٧)ولهذا كان الأصل أن من يعطي آخر ورقة ممضاءه علي بياض لمئ بياناتها علي نحو معين فيعمد مستلم الورقة إلي ملئ البيانات علي نحو مختلف يعاقب بمقتضي نصوص التزوير ولكن المشرع خرج عن هذا الأصل وافرد نص تجريمي خاص وهو المادة٣٤٠ من قانون العقوبات لسلوك الشخص الذي يؤتمن علي ورقة مسلمه اليه علي بياض وموقع عليها من المجني عليه لملى بياناتها علي نحو معين ثم يملئها بسند دين أو خلافه علي غير اراده المجني عليه الذي سلمه الورقة.ويري بعض الفقهاء أن جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع هي نوع من خيانة الأمانة إذ تنطوي علي خيانة ثقة وضعها المجني عليه في الجاني الذي ائتمنه علي الورقة الممضاة علي بياض ولكن تختلف عنها في كون المال المسلم عبارة عن ورقة ممضاة علي بياض ليثبت فيها امور معينه ذكرها له صاحب التوقيع لثقته فيه فيخون تلك الثقة ويثبت فيها سند دين أو خلافة علي غير ارادة صاحب الامضاء.في حين أن البعض الآخر يعتبر خيانة الائتمان علي التوقيع تزويرا.ولكن الراي مستقر علي أن شرط وقوع جريمة خيانه الائتمان علي التوقيع هو سبق تسليم المجني عليه الورقه للمتهم اختياريا والاتفاق علي ملئ بيانتها ثم يخون المتهم ثقه المجني عليه ويضع بيانات أخري. اما إذا تم الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض وملئ بياناتها من خلال الخلسه أو الغش أو الطرق الاحتيالية أو أي طريقة أخرى غير التسليم الاختياري للورقة يعتبر تزوير من خلال المباغته معاقب عليه بمقتض المواد ٢١٣و٢١٤عقوبات(نقض ١٩٧٦/١/٢٥مجموعة احكام النقض س٢٧رقم ٢٢ص١٠٠؛نقض ١٩٥٦/٢/٢س١٠رقم ٣١ص١٣٤). (٢)ولقد اعتقدت الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض أنه مادام خيانة الائتمان نوع من خيانة الامانه فانة يسري عليها القيد المنصوص عليه في المادة٢٢٥ اجراءات التي تلزم القاضي الجنائي عند اثبات المسائل الاولية غير الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل فلا يجوز اثبات عكس ما اشتملت عليه الورقة الممضاة علي بياض إلا بالكتابة أو من خلال مبدأ الثبوت بالكتابة بعكس التزوير الذي يجوز اثباته بكافة طرق التزوير وقالت أن تغيير الحقيقة فى الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة وهو الذى يرجع فى إثباته للقواعد العامة ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو فى الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة أما إذا كان الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض قد حصل خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختيارى فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويرا يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة والاحتيال والغش الذى يجعل من تغيير الحقيقة فى الورقة الموقعة على بياض تزويرا يجوز إثباته بكافة الطرق هو الذى يكون قد استخدم كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بحيث ينتفى معه تسليمها بمحض الإرادة(نقض مدني ١٩٦١/٣/٩مجموعة احكام النقض س ١٢رقم ٢٧ص٢١٢؛ الطعن رقم٨٠٣١ لسنة٨٧قضائية نقض تجاري ٢٠١٥/٦/٢٥) (٣)في حين رأت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض أن جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع هي في جوهرها تزوير جائز الإثبات بكافة طرق الاثبات وهو ما استقرت عليه الدوائر الجنائية وقالت الدائرةالجنائية بمحكمه النقض في ذلك بان تسليم الورقة الممضاة على بياض هي واقعه مادية لا تقتضي أكثر من إعطاء صاحب الامضاء امضاءه المكتوبه على تلك الورقة الى شخص يختاره وهذه الواقعة المادية منقطعه الصلة بالاتفاق الصحيح المعقود بين المسلم وامينه عن ما يكتب فيما بعد بتلك الورقة بحيث ينصرف اليه الامضاء اما الاتفاق الذي يكتب زورا فوق الامضاء فيجوز اثبات عكسه دون تقييد طريق الكتابة إذ القول بعكس ذلك معناه ترك الامر في الاثبات لمشيئته مرتكب التزوير وهو لا يقصد سوي نفى التهمه عن نفسه وهو ما يمتنع قانونا لما فيه من خروج بقواعد الاثبات عن وضعها(نقض ١٩٥٩/٢/٣مجموعة احكام النقض س١٠رقم ٣١ص١٤٣؛نقض ١٩٦٩/١/٦س٢٠رقم ٨ص٣٨؛١٩٧٩/١٠/٢٢س٣٠رقم١٤٦ص٧٧٧). (٤)وواضح ان الخلاف المار ذكرة يرجع إلي الاختلاف حول تكييف خيانة الائتمان علي التوقيع وما اذا كان يعد خيانة امانة أم تزوير فالدائرة المدنية والتجارية رأت أنه خيانة امانة فاعملت القيد الوارد في المادة ٢٢٥اجراءات بعكس الدائرة الجنائية التي رأت أنه تزوير جائز الإثبات بكافة طرق الاثبات.واتجاه الدائرة الجنائية اصح إذ القيد الوارد في المادة٢٢٥ اجراءات لا يسري علي جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع حتي وأن كانت تلك الجريمة نوع من خيانة الامانه إذ ليس هناك مسئلة مدنية اولية في صوره تصرف قانوني لأن سبق تسليم ورقه موقعه علي بياض واقعه مادية وليس عقدا فتثبت بكافة طرق الإثبات أما التصرف الذي كان من الواجب كتابته واثبات الجاني في الورقة ما يخالفه فهو من اركان الجريمة وبالتالي يخضع للقواعد العامة فى الاثبات الجنائي وهو حرية القاض الجنائي في الإثبات دون قيد أو شرط والقول بغير ذلك من شانه افلات الجاني من العقاب بأن يكتب علي البياض ما قيمته يزيد عن حد النصاب الجائز الإثبات بالبينه.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية؟ ======================================= (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق