اشكاليةافتراض قصد جلب المخدر من واقع ضخامة الكمية المضبوطة (١)من الثوابت القانونيه انه لأ يكفي الركن المادي لقيام الجريمة وانما تكتمل الجريمة حين يقترن بهذا الركن ركن اخر يطلق عليه اسم الركن المعنوي او الادبي وهو تعبير عن علاقه نفسية معينه تربط بين السلوك وصاحبه يعبر عنها بالقصد الجنائي ولقد مرت الجماعة البشرية بعصور تقبل الفكر فيها بناء المسؤولية الجنائية على الركن المادي وحده فكان يكفي للعقاب مجرد ارتكاب الفعل بصرف النظر عن الموقف النفسي او قصد الجاني من الفعل وعلى الرغم من اختفاء هذا الفكر في الوقت الراهن الا أن المشرع في بعض الاحيان يفترض توافر القصد الجنائي لدى الجاني من واقع ارتكاب الفعل المادي او حيازه اشياء معينه بكميات مختلفه منشيء قرينه قانونية على توافر القصد.ولقد واجهت المحكمة الدستورية العليا في مصر هذا الموقف وقضت فى احكامها المتواتره بعدم دستوريه القرائن القانونية التي تفترض توافر القصد الجنائي لدي المتهم من واقع حيازته لاشياء معينه مثل علم المتهم بالتهريب من مجرد حيازته بضائع بقصد الاتجار اذ لم يقدم الحائز لها المستندات الداله على سداد الضرائب او افتراض العلم بالغش لدي المشتغلين بالتجاره او العلم لدى رئيس التحرير بما ينشره المحرر(حكم المحكمه الدستوريه العليا في١٩٩٠/٥/٢٠ القضيه رقم٣١ لسنه١٦ق؛ وحكمها في١٩٩٢/٢/٢القضيه رقم ١٣لسنه١٢ق؛وحكمها في ١٩٩٧/٢/١12القضيه رقم ٢٩ لسنه ١٨ق)ورغم سداد موقف القضاء الدستوري الذي يتفق مع اساس المسؤوليه الجنائيه الحديثه الا ان محكمه النقض لازالت تفترض توافر القصد الجنائي لدي المتهم مثل قصد جلب المخدر متى كانت كميه المخدر المجلوب تفيض عن حاجه الشخص. (٢)فمن المعلوم أن المشرع في القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٦ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار عاقب علي أنماط كثيرة من الإتصال بالمشرع واختط خطة تهدف إلى التدرج في العقوبات تبعاً لخطورة الجريمة فنص في المادة ٣٣ على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على ترخيص بذلك...جاعلا من جلب المخدر أخطر الأنماط.وتري محكمة النقض أن الجلب هو استيراد المخدر بالذات أو بالواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس متى تجاوز بفعله الخط الجمركي(الطعن رقم ٥٤ لسنة ٦٠ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩١/٠١/١٥مكتب فنى سنة ٤٢ - قاعدة ١٢ - صفحة ٦٧)متي المجلوب يفيض عن حاجة الشخص إذ هنا يتحقق قصد طرحه وتداوله بين الناس داخل جمهورية مصر العربية وبالتالي فإن اثبات الحكم ضخامة كمية المخدر الذى أدخله المتهم إلى البلاد يكفي لانطباق وصف الجلب على هذا الفعل(الطعن رقم ٨٦١ لسنة ٦١ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٢/١٠/٢١مكتب فنى سنة ٤٣ - قاعدة ١٣٤ - صفحة ٨٦٧ ) وبالتالي لأ تلزم محكمة الموضوع أن تتحدث عن قصد الجلب استقلالا ويكفيها اثبات أن الجوهر المجلوب يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي إلا إذا دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه(الطعن رقم ٢٢٣٠٥ لسنة ٨٣ الطعن رقم ٢٢٣٠٥ لسنة ٨٣ قضائيةالصادر بجلسة٢٠١٤/١٠/١٢؛الطعن رقم ٦٦١٠ لسنة ٦٥ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٧/٠٥/١١مكتب فنى سنة ٤٨ - قاعدة ٨٠ - صفحة ٥٤١؛الطعن رقم ٢١٦٠٩ لسنة ٦٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٥/١٢/١٠مكتب فنى سنة ٤٦ - قاعدة ١ - صفحة ٥؛الطعن رقم ١٩٨٦٢ لسنة ٦٤ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٥/٠٥/٠٢؛الطعن رقم ١٥٠٥٠ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٠/٠١/٠٩مكتب فنى سنة ٤١ - قاعدة ٨ - صفحة ٦٤ مكتب فنى سنة ٤٦ - قاعدة ١٢١ - صفحة ٨٠١؛ الطعن رقم ٥٥٢٢ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٨٩/١٢/٢٥مكتب فنى سنة ٤٠ - قاعدة ٢١٣ - صفحة ١٣١٣) وقالت النقض في ذلك أن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل إذ عاقب على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو الواسطة ، ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس ، سواء كان الجالب قد استورد لحساب نفسه أو لحساب غيره ، متى تجاوز بفعله الخط الجمركي ، قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولى ، وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ، ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال ، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصى ، أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه ، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابستها يشهد له ، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوى والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن في نصه الجلب بالإشارة إلى القصد منه ، بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز ، لأن ذكره يكون ترديدا للمعنى المتضمن في الفعل ، مما يتنزه عنه الشارع ، إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب إثنتان وخمسون طربة من الحشيش خبءت في جيوب سرية لحقائب أعدت من قبل خصيصا لنقله .فإن ما اثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معروف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر في التعامل ، ومن ثم فإن الحكم لم يكن ملزما من بعد باستظهار القصد الملابس لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه ما دام مستفادا بدلالة الاقتضاء من تقريره واستدلاله(الطعن رقم 624 لسنة 40 جلسة 1970/05/11 س 21 ع 2 ص 713 ق 168) (٣)وهذا القضاء محل نظر إذ اقام قرينة علي توافر قصد الجلب المتمثل في طرح المخدر للتداول بين الناس داخل البلاد من واقع ضخامة كميه المخدر المجلوب وكونها تفيض عن استعمال الشخص حال أن القصد الجنائي أحد عناصر الجريمة ويجب أن تنهض جهه الإتهام باثباته من حيث اتجاه اراده المتهم الي طرح المخدر للتداول مع علمه بذلك وأن تدلل المحكمة علي توافره بادلة سائغة من شأنها أن تؤدي اليه. ولا يصح افتراض قصد الجلب(وهو الطرح للتداول داخل البلاد بين الناس)من مجرد ضخامة كمية المخدر المجلوب.إذ قد يكون غرض المتهم من الجلب احضار المخدر للبلاد وتخزينه ثم تهريبه لدوله اخري أو احضار المخدر للعديد من أصدقائه أو مجرد نقله لحساب آخر فقط ولا يصح تجثيم المتهم عندئذا اثبات قصد التعاطي لديه أو لدي الغير لدفع جريمة الجلب والا كلفنا المتهم بما لا يطيق حمله لاسيما مع ضخامة الكمية أو تضييق الخناق عليه بالاعتراف بالتعاطي علي نفسه وعلي غيره وهو ما لايصح قانونا ولا عدلا.بل إن محكمة النقض في قضائها محل التعليق تخلط مابين الركن المادي ونظيره المعنوي وتفترض توافر الأخير من واقع الاول اي أنها تجعل المسؤوليه الجنائية قائمة علي مجرد ارتكاب الفعل المادي دون القصد وهو أثر من آثار ماض درس كانت المسئولية الجنائية موضوعيه أو مفترضه سرعان ما نبذت في العصر الحديث. بل انه يحق لنا أن نتسأل عن حال حال السفينه الماره بالبحر الاقليمي قاصده دوله أخري وضبط بها كميه كبيره من المواد المخدرة هل يمكن عندئذا افتراض أن المتهمين قصدوا طرح المخدر للتداول بين الناس من واقع كبر الكمية أم أن الفعل لا يعد اصلا جلبا لانه غير مقصود به طرحه للتداول؟والشاهد أن ضخامه الكمية لاشان له بتحقق الجلب قانونا. فجلب المخدر ينهض علي ركن مادي حاصله استحضار المخدر داخل حدود الدوله وقصد جنائي حاصله أن تكون غاية الجاني من إحضار المخدر طرحة للتداول بين الناس دون تمييز. ونعتقد أنه يلزم أن يتحدث الحكم عن قصد الجلب استقلالا متي دفع المتهم بتخلفة لديه بصوره عامة ومجردة اي ولو لم يقترن الدفع بالاعتراف بالتعاطي لأننا بذلك نلزم المتهم بادانة نفسه كي يحقق دفاعه! مما ينطوي علي انتقاص خطير من حقوق الدفاع!و مادام القصد الجنائي ركن في الجريمة فيلزم ثبوته فعليا وليس افتراضيا من واقع ضخامة الكمية إذ ذلك لأ يعني بالضرورة إستيراد المخدر بقصد الطرح للتداول فضلا عن أن هذا الطرح لأ يعني عند ثبوته سوي نيه الاتجار في المخدر وهي تختلف عن نيه الجلب.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية؟ ======================================= (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣ 583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له*.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ولقد كان رائد المشرع في هذه التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق