نظرات في قانون التصالح رقم ١٦لسنه ٢٠١٩بشأن مخالفات البناء:-بقلم✍ د.ياسر الأمير فاروق (1)صدر قانون التصالح في مخالفات مخالفات البناء رقم ١٩لسنة ٢٠١٩ بموافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب لكونه يتضمن اثر رجعي يقضي بسريان احكامة علي وقائع نشأت في ظل قوانيين سابقة قبل صدوره خروجا علي قاعدة الأثر الفوري المباشر للقانون وانحساره عن الوقائع التي حدثت في الماضي. ولقد أثار هذا القانون ولا يزال العديد من التساؤلات لعل اهمها تحديد المقصود بطالب التصالح والملزم باداء مقابله؟أو الجزاءات المترتبة علي عدم تقديم طلب التصالح خلال المده المحدده أو رفضه أو عدم السداد في ضوء المادتين السادسة والسابعة؟. (2)فلقد اجازت المادة الأولي من القانون التصالح فى الأعمال التى ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء بغض النظر عن نوع المخالفة مع حظر التصالح في أعمال بعينها حددها حصريا منها الأعمال التى تخل بالسلامة الإنشائية للبناء و التعدى على خطوط التنظيم وتجــــاوز قيـــود الارتفاع والبناء على الأراضى المملوكة للدولة والاثرية ونهر النيل.وحددت المادة الثالثة الجهة المنوط بها تلقي طلبات التصالح ووضع مدة زمنية لتقديم الطلب مع الزام تلك الجهه باعطاء مقدم طلب التصالح شهادة بما يفيد تقديم الطلب ورتب القانون على تقديم هذه الشهادة إلى المحكمة أو الجهات المختصة بحسب الاحوال وقف نظر الدعاوى المتعلقة بالمخالفة ووقف تنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة بشأن الأعمال المخالفة محل هذا الطلب لحين البت فيه. ونصت المادة السادسة علي أن يصدر المحافظ أو رئيس الهيئة المختص، بحسب الأحوال، قرار بقبول التصالح بعد موافقة اللجنة على الطلب وسداد قيمة مقابل التصالح، ويترتب على صدور القرار انقضاء الدعاوى المتعلقة بموضوع المخالفة، وإلغاء ما يتعلق بها من قرارات وحفظ التحقيقات بشأن هذه المخالفات إذا لم يكن قد تم التصرف فيها، ويعتبر هذا القرار بمثابة ترخيص للأعمال المخالفة محل هذا الطلب ومنتجًا لآثاره.ويترتب على الموافقة على طلب التصالح فى حالة صدور حكم بات فى موضوع المخالفة وقف تنفيذ العقوبة المقضى بها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل التصالح أثناء تنفيذها. ثم اوضحت المادة السادسة ذاتها أنه فى حالة رفض اللجنة طلب التصالح على المخالفة أو عدم سداد قيمة مقابل التصالح خلال ستين يومًا من تاريخ موافقة اللجنة، يصدر المحافظ أو رئيس الهيئة المختصة، بحسب الأحوال، قرارًا بالرفض وباستكمال الإجراءات التنفيذية اللازمة، أو بتصحيح الأعمال المخالفة وفق أحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، ويستأنف نظر الدعاوى والتحقيقات الموقوفة وتنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة بشأن الأعمال المخالفة.واضافةالـــمادة السابعة أنه على الجهة الإدارية المختصة أن تخطر الجهات القائمة على شئون المرافق (الكهرباء، والغاز، والمياه، والصرف الصحي) بالقرار الصادر بقبول التصالح أو برفضه خلال الخمسة عشر يومًا التالية لصدوره، لاتخاذ ما يلزم بشأنها. ثم خولت المادة التاسعةلمن رُفض طلبه للتصالح التظلم من قرار الرفض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره به.وعلى اللجنة أن تبت فـى التظلم خلال تسعون يوما، من تاريخ تقديم الطلب، ويعتبر انقضاء تلك المدة دون البت فى الطلب، أن التظلم مقبول. (3)وظاهر نصوص القانون أن المشرع لم يحدد الشخص المنوط به تقديم طلب التصالح وهل هو مالك العقار أم المحرر باسمة محضر مخالفة البناء أم شاغل الوحدة. ولكن يستفاد ضمننا من بعض نصوصه أن المقصود الشخص المحرر باسمة محضر مخالفة البناء ابتداء إذ رتبت المادة الثالثة أثر علي تقديم طلب التصالح والحصول على شهادة بذلك وهذا الأثر هو وقف الاجراءات ورتب القانون على تقديم هذه الشهادة إلى المحكمة أو الجهات المختصة بحسب الاحوال وقف نظر الدعاوى المتعلقة بالمخالفة ووقف تنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة بشأن الأعمال المخالفة محل هذا الطلب لحين البت فيه ولا شك أن من يقدم تلك الشهادة الي المحكمة هو المخالف الذي حرر ضده محضر المخالفة أو الامتناع عن تنفيذ قرارات الازالة أو التصحيح. وايضا فإن المادة السادسة من القانون رتبت علي قبول التصالح وسداد قيمة مقابل التصالح انقضاء الدعاوى المتعلقة بموضوع المخالفة وإلغاء ما يتعلق بها من قرارات وحفظ التحقيقات بشأن هذه المخالفات وعند صدور حكم بات فى موضوع المخالفة بالإدانة ثم حصول التصالح وقف تنفيذ العقوبة المقضى بها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل التصالح أثناء تنفيذها .مما يؤكد أن المقصود والمخاطب بأحكام القانون هو من حرر محضر المخالفة ضده ويتم وقف تنفيذ العقوبة والإفراج عنه. وكذلك عند رفض التصالح فقد نصت المادة السادسة علي أن تستانف نظر الدعاوى والتحقيقات الموقوفة وتنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة بشأن الأعمال المخالفة. (4)واما فيما يتعلق بالجزاءات علي عدم تقديم طلبات التصالح أو رفضها أو عدم سداد مقابل التصالح فهو السير في اجراءات المخالفة واخطار الجهات القائمة على شئون المرافق (الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحي) لاتخاذ ما تراه بشأنها. اي أن القانون لم يرتب ثمة عقوبة جنائية جديدة توقع علي عدم تقديم طلب التصالح أو رفضه أو عدم سداد مقابل التصالح وإنما فحسب احياء المخالفة وذلك بالنسبة للمخالف.ويترتب علي ما تقدم أنه متي تم التصالح اثناء نظر الدعوي المحررة ضد المخالف انقضت بالتصالح واذا صدر حكم بات في موضوع المخالفة من القضاء الجنائي وتم التصالح اوقف تنفيذ العقوبة باعتبار أن قانون التصالح اصلح للمتهم. أما إذا كان قد صدر حكم بات في موضوع المخالفة بغير الادانة قبل صدور قانون التصالح انحصر تطبيق احكام قانون التصالح إذ تكون المخالفة قد انقضت بالحكم البات فلا مجال لانقضائها مرة أخري بالتصالح أو بعث اجراءات المخالفة والسير فيها من جديد عملا بالمادة ٤٥٤اجراءات جنائية علي اعتبار أن الحكم البات هو الطريق الطبيعي لانقضاء الدعوي اما التصالح فسبب عارض للانقضاء لأ يلجأ إليه إلا في حالة عدم انقضاء الدعوي الجنائية بالحكم البات.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية
الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية؟ =======================================
(١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة
١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على
ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥
قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل
المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية
الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر
ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة
١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد
الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض
س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم
تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن تعدل مذهبها إلا أنها
أصرت علي قضائها المستقر قبل التعديل إذ قضت بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة
113 من قانون العقوبات قد نصت على أنه"كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق
أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت
يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن " ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها
على أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة
عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة
أو حيلة أو عنوة مما يوجب علي حكم الإدانة استظهار دخول المال في ملك الدولة
وأيلولته إليها بسبب صحيح ناقل للملكيةوإلا كان الحكم قاصرا ( الطعن رقم ١٣٠٣٣ لسنة
٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠٤/١٦)ومن ثم فإن كان البين من التحقيقات وعلى ما تسلم
به سلطة الاتهام أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة
الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه
تبرئةالمتهمين الستة من هذه التهمة(الطعن رقم ٩٣٦٠٣لسنة٧٢ جلسة٢٠٠٣/٤/٢٣س ٥٤ص٥٨٣
583 رقم ٧٤) (٢)وهذا القضاء ولئن كان صحيحا في ظل القانون السابق الذي كان يشترط
لتحقق الاستيلاء كون المال مملوكا الدولة الا انه اضحي محل نظر بعد صدور القانون
رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥ الذي صار يكتفي لتحقق جريمة الاستيلاء أن يكون المال موجود تحت يد
الدولة أو احدي الجهات المبينه بالمادة ١١٩ عقوبات أو خاضعا لادارتها أولأشرافها
ولو كان المال خاصا مملوكا لأحد الأفراد إذ جاء بصدرالمادة 113 أن كل موظف عام
استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو
سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ٠٠٠٠ويعاقب بالعقوبات
المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال
خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك
لغيره بأية طريقة كانت.ثم نصت المادة 119 علي أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق
أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً
لإشرافها أو لإدارتها: (أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية. (ب) الهيئات العامة
والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام. (ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة
له*. (د) النقابات والاتحادات. (هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية. (ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي
تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة. (ح) أية جهة أخرى ينص
القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة. ولقد كان رائد المشرع في هذه
التوسعه في مفهوم المال العام حماية ثقه الأفراد في هذه الجهات وهو ما نأمل أن
تلاحظه محكمة النقض في احكامها بدلا من ترديد عبارات اضحت في محفوظات التاريخ.
تعليقات
إرسال تعليق