التجريم والعقاب في استخدام برامج تقنية المعلومات في اصطناع بيانات مخلة بالآداب تخص إنسان أو تنال من شرفه واعتباره: ✍بقلم د. ياسر الأمير ===================================== (١)للإنسان الحق في صيانة عرضه وشرفه واعتباره بحسبانهم من مقومات شخصيته فيجب أن يعامل من الجميع بأدب واحترام ويتعرض هذا الحق للانتهاك حينما يتم التلاعب في بياناته الشخصية كصور أو فيديوهات تخصه كان قد بثها أو نشرها من خلال إقحام أمور أو إشارات أو كتابات مخلة بالآداب لم تصدر منه أولاظهاره بصور تمس بشرفه واعتباره فضلا عن أن الأخلاق العامة في المجتمع تتطلب إخفاء أي مظاهر جنسية ولو كانت صحيحة عن أعين الناس Merle et Vitu Droit penal special 1982 p. 1498; Vouin Droit penal special 1968 p295; Rousselet Droit pénal special 1958 p376; Lampert Traite droit pénal special 1968p565 كما تقتضي تلك الأخلاق المحافظة على سمعه أفراد المجتمع وعدم خدش الحياء العام بما يمس سمعه الناس وشرفهم Le Poittevin Traite de la presse 1903 t2 No700 فما بالنا أن كان هذا وذاك مصطنع ومزيف! ! هذا ولقد انتشر هذا الانتهاك في الآونة الأخيرة بصوره مذهلة حتى ضج الناس منه وساعد في ذلك برامج تقنية المعلومات التي جعلت من الميسور معالجة البيانات الشخصية للناس بتركيب صور وفيدوهات لهم في أوضاع مخلة بالآداب أو تدعوا للدعارة والفجور أو وضع بوسطات وكتابات علي صور علماء وشخصيات عامة تدعوا الي اظهارهم بصوره تمس بشرفهم واعتبارهم والجميع بريئ من كل ذلك. إذ ظهرت برامج متطورة لتحويل الصور والفيديوهات الصحيحة إلى أخرى فاضحة وبدأ ذلك في نهاية العام الماضي 2017 حيث قام أحد الأشخاص المجهولين بابتكار برنامج يدعى “Fake APP” يمكنه من إنتاج فيديوهات مصورة عن طريق تركيب صور وجه أشخاص لأشخاص آخرون على تلك الفيديوهات. وأعلن المحللون أن هذه التقنية الحديثة قد تكون موجة غير محسوبة من الأخبار الكاذبة Fake News، التي تنتشر كثيرا على مواقع الإنترنت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي؛ ألفيس بوك وتويتر وانستجرام، مما قد يزيد من صعوبة الوصول للأخبار الصحيحة، وكذلك يصبح الوصول للحقيقة من المستحيلات. وقد بحث المحللون عن مدى حقيقة ومصداقية هذه الفيديوهات، ليكتشفوا أنه قد تم صنعها من خلال برامج التعلّم العميق “Deep Learning”، والتي تعد أحدث الموجات في عالم الذكاء الاصطناعي. ولعل أشهر الفيديوهات التي صنعت بواسطة برنامج “Fake APP” هو “لجال جادوت” بطلة فيلم “Wonder Women”، فقد ظهرت في مشهد مرتدية ملابس لافتة للأنظار غير لائقة، وبالبحث في هذا الفيديو تبين قيام أحد الأشخاص المجهولين بتركيب وجه الممثلة الشهيرة على جسم ممثلة إباحية، وقد ظهر ذلك متطابقا جدا. وفيديو آخر ظهر فيه الرئيس الأميركي السابق ترامب يقوم بإعلان الحرب على كوريا ولولا خروج الفيديو مع توضيح من صانع الفيديو وعرضه للفيديو الأصلي الذي قام بتركيب صورة ترامب عليه لتسبب الأمر في أزمة دولية خطيرة. وظهرور فيديو آخر للرئيس الأميركي الأسبق أوباما يقوم فيه بإدلاء رأيه في الرئيس السابق ترامب ووصفه بصفات وألفاظ غير لائقة. وكذلك ظهر فيديو مفبرك آخر للرئيس السابق بوش، وكذلك للرئيس بوتين. ومن المتوقع وصول عدد مثل هذه الفيديوهات إلى الملايين خلال الأشهر القادمة، فهذا البرنامج كونه مجاني ومتاح للجميع وسهل الاستخدام، فقد مكّن الهواة وغير المختصين في التعديل على الفيديوهات بشكل كان يتم في السابق على أيدي المحترفين خلال مدد طويلة وبتكلفة مالية ضخمة، الأمر الذي كان يجعلها قاصرة على استوديوهات هوليوود. (٢)ومن الناحية القانونية لايوجد الكثير من القوانين لإنصاف ضحايا تلك الفيديوهات والصور الزائفة. ففى مصر لم يكن المشرع حتي وقت قريب يعاقب علي هذا السلوك الغير اخلاقي إلا إذ تم النشر أو البث في علانيه وفقا لمفهوم كل من المواد ١٧١و١٨٧ و٣٠٢ و٣٠٤ و٣٠٩مكررا عقوبات في صوره نشر صور مخله للاداب العامة أو القذف والسب أو الإعتداء علي حرمة الحياة الخاصة. كما أن تلك المعالجة أو بالاحري الاصطناع لا تندرج في عداد التزوير والاستعمال لافتقاره وصف المحرر عن الرابطهة المعالجة اليكترونيا. ولم يقف المشرع أمام تلك الظاهرة التي تهدد اعراض الناس وشرفهم واعتبارهم موقفا سلبيا بل لاحظ قصور الحماية فجرم هذا السلوك في قانون جرائم تقنية المعلومات رقم ١٧٥لسنه ٢٠١٨ ورصد له عقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة مالية كبيرة أو احدي العقوبتين. إذ نصت المادة ٢٦من القانون المذكور علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه (٣)وهذه الجريمة من الجرائم المستحدثة ولم يتم دراستها بشكل دقيق من قبل الباحثين حتى أنه يكاد يندر وجود دراسات متخصصة سابقة في هذا الموضوع ربما لان البحث فيها يحتاج فضلا عن الإلمام العام بطبيعة الجرائم وتقسيمها إلى خبرة فنية في مجال تكنولوجيا تقنية المعلومات وعلي أي حال فإن خطورة هذه الجريمة لا ترجع فقط إلى ما يسببه الاصطناع من أضرار بالغه بالمجني عليه وإنما خطورتها الكبرى على الرأي العام نفسه وما تحدثه هذه الجريمة من صدمه وقلق وشك في الأخلاق العامة والفردية والحشمة والحياء Garson code penal art 330 No24وهذه الجريمة من جرائم القالب المقيد التي يتخذ ركنها المادي استخدام وسيلةمحدده في غرض بعينه لا تقع دونهما وهذه الوسيلة هي استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية أما الغرض فهو معالجة معطيات شخصية الغير لربطها بمحتوى مخل بالآداب أو لإظهارها بصوره ماسة بشرفه أو اعتباره. وهي من جرائم الحدث المجرد إذ يكفي لتحققها مجرد معالجة بيانات شخصية للغير في الغرض المحدد دون لزوم تحقق أي أمر آخر كالنشر أو البث أو الإذاعة لوحتي إطلاع أحد على الرابطة المصطنعة وهي فوق ذلك من جرائم السلوك المادي ذو المضمون النفس المتمثل في استهداف الجاني من معالجة معطيات شخصية الغير ربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بصوره تمس بشرفه أو اعتباره ولو لم يطلع على الرابطة المطبعة غير الجاني كما لو اصطنعها ليحتفظ بها لنفسه لملذاته الشخصية إذ حكمه التجريم حماية البيانات الشخصية للغير وليس فضحه أو التشهير به ومادام من المحتمل العثور على الرابطة المصطنعة. (٤)وتنهض هذه الجريمة على ركنين أحدهما مادي والآخر معنوي. فأما الركن المادي؛ فهو استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير. ومن المعلوم أن البرنامج المعلوماتي هو مجموعة الأوامر والتعليمات المعبر عنها بأية لغة أو رمز أو إشارةوالتي تتخذ أي شكل من الأشكال ويمكن استخدامها بطريق مباشر أو غير مباشر في حاسب آلي لأداء وظيفة أو تحقيق نتيجة سواء كانت هذه الأوامر والتعليمات في شكلها الأصلي أواي شكل آخر تظهر فيه من خلال حاسب آليأونظام معلوماتي أما التقنية المعلوماتية فهي مجموعة برامج وأدوات معدة لغرض إدارة ومعالجة البيانات والمعلومات أو تقديم خدمة معلوماتية. وهذه المعالجة من خلال البرامج أو التقنية سواء لدي القانون أن تتم كُلِّيًّا أو جزئيا لكتابة أو تجميع أو تسجيل أو حفظ أو تخزين أو دمج أو عرض أو إرسال أو استقبال أو تداول أو نشر أو محو أو تغيير أو تعديل أو استرجاع أو استنباط البيانان والمعلومات الإلكترونية وسواء أن يتم ذلك باستخدام أي وسيط من الوسائط أو الحاسبات أو الأجهزة الأخرى الإلكترونية أو المغناطيسية أو الضوئية أو ما يُستحدث من تقنيات أو وسائط أخرى. ومن ثم لا تقع الجريمة أن تمت المعالجة أو بالأحرى الاصطناع بطريقه تقليديةكقص وجه شخص بمقص ولزقه علي جسم عاري بمادة لاصقه. (٥)ويتعين أن ترد تلك المعالجة علي جوانب شخصية إنسان من الغير محدد أو يمكن تحديده أما أن أجريت على بيانات شخص اعتباري أو الجاني نفسه فلا تتحقق الجريمة التي نحن بصددها كالشخص الذي يصطنع لنفسه صور أو بيانات لشخصية عامه أو ممثل جنس شهير أو مهنة ليمتهنها. وسواء لدي القانون نوع هذه الجوانب مادام تعلقه بالغير فهي تشمل أي بيانات متعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بشخصية إنسان كصورته أو مهنته أو محل إقامته أو مكان عمله متى أمكن الربط بينها وبين بيانات أخرى. ويلزم أخيرا لتحقق الركن المادي أن يربط الجاني هذه المعطيات الشخصية بمحتوى مناف للآداب العامة أو باي محتوي آخر من شأنه إظهار صاحب الشخصية المعالجة في صوره تمس بشرفه أو اعتباره. وفكرة الآداب العامة اجتماعية بالدرجة الأولى تختلف بظروف الزمان والمكان وتستمد من قواعد الدين والأخلاق والمثل العليا فأي مساس بهذه القواعد يعد انتهاك للآداب العامة. وإن كان سيطر لدي عامة الناس انحسار تلك الفكرة في العرض أو بالآمري الجنس كتركيب صوره فتاة علي جسم عاري أو إظهار رئيس الدولة يرقص أو تركيب عبارات بذيئة علي صوره شخص. أما الشرف والاعتبار فيقصد به المكانة الاجتماعية للإنسان ولزوم احترامه من الغير فأي معاشه تمس بتلك المكانة تحقق الجريمة كاصطناع رابطة ونسبتها إلي إنسان بطريقه تودي إلى احتقاره عند الناس. ومن ثم لا تقع الجريمة إذا تمت المعالجة بغرض التعليق أو النقد البناء أو إبداء النصح أو المدح أو الإشادة. (٦)أما الركن المعنوي فيتخذ صوره القصد الجنائي بأن تتجه إرادة الجاني إلي استعمال برامج تقنية المعلومات في اصطناع بيانات لشخصية الغير بربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهاره بصوره تمس بشرفه أو اعتباره مع العلم بكافة عناصر الركن المادي فإن أعوزه العلم لم يقم القصد كما إذا أجري معالجة لبيانات إنسان بغرض حميد ولكنه أخطأ بربطها بمحتوى مخل بالآداب أو ماس بالشرف والاعتبار فضبط إذ بالعمد لا بالإهمال تتحقق الجريمة.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...