مدى مشروعية أوامر المنع من السفر على خلفية الاتهام بجريمة؟ بقلم ✍د.ياسر الأمير (١)حرية الحركة أو حرية التنقل أو حرية السفر هي أحد حقوق الإنسان التي يحترمها الدستور في الكثير من الدول والتي تنص على أن مواطني الدولة لهم حرية السفر والإقامة فى أي مكان يرغب من تلك الدولة دون التعدي على حريات وحقوق الآخرين وأن يغادر تلك الدولة وأن يعود لها في أي وقت.ولقد نصت القوانين والأعراف الدولية على حرية التنقل والسفر فالمادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على أن «يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليها»والمادة 12 منّ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية نصت على أن«يحق لأي فرد أن يغادر أية دولة بحرية بما في ذلك دولته هو» هذا ويتم تقييد حرية التنقّل بأساليب متنوعة مِن قِبل العديد من الحكومات ومن أهمها المنع من السفر لعدة أسباب مثل خضوعه للتحقيق كمشتبه به في جريمة ما أو امتثاله لحكم جنائي، أو تقصيره في تسديد ديونه أو عندما يشكل تهديداً للأمن الوطني ويتم ذلك من خلال وضع اسم الشخص فى قوائم الممنوعين من السفر فى الموانئ والمطارات ومناطق الحدود البرية أو منع الشخص من استخراج جواز سفر من الأصل Dowty, Alan" Closed Borders" the Contemporary Assault on Freedom of Movement. Yale University Press, 1989. Bauböck, R. (2009). Global Justice, Freedom of Movement and Democratic Citizenship. European Journal of Sociology,50(01), 1. doi:10.1017/s000397560900040x Faure Atger, Anais (2008) هذا ولقد أقر دستور مصر حرية التنقل والسفر ولم يجز تقيدها أو المساس بها إلا بقانون وبشرط أن يراعى هذا القانون أن يكون المنع من السفر بناء على أمر قضائي مسبب وأن يحدد مدة المنع من السفر اذ نصت المادة 62 من دستور 2014على أن حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة. ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة ولا منعه من العودة إليه.ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفي الأحوال المبينة في القانون. (٢)هذا ويشيع فى العمل إتخاذ جهات التحقيق لامر المنع من السفر اذ فى كثير من القضايا تأمر النيابة العامة بمنع شخص من السفر لاتهامة بجناية أو جنحة خطيرة والمشكل أنه لأ يوجد نص عام في قانون الإجراءات الجنائية يجيز هذا الإجراء فاختلف الفقه والقضاء حول مشروعيته بل أن محكمة النقض ذاتها اختلفت في دائرتها المدنية والجنائية حوله.وأيضا ذهبت محاكم مجلس الدولة إلى إلغاء أوامر المنع من السفر التي تصدرها هيئات الفحص والتحقيق بمناسبة جرائم الكسب غير المشروع حتى تدخل المشرع في قانون الكسب غير المشروع وأجاز هذا المنع بضوابط محددة ولكنها ضوابط جاءت مخالفة للدستور وكذلك الشأن في قانون مكافحة الإرهاب. (٣)وجديرا بالذكر أن وزير الداخلية كان قد نظم بموجب القرار الوزاري رقم٢٢١٤ لسنه١٩٩٤ كيفية إدراج الشخص في قوائم الممنوعين من السفر وقد حدد هذا القرار الجهات التي تملك طلب المنع ومنها النائب العام والمدعى العام العسكري والمحاكم كما أنشأ هذا القرار لجان لنظر التظلمات من قرارات المنع ولقد استند هذا القرار إلى نص المادة الثامنة من قرار رئيس الجمهورية رقم ٩٧لسنه ١٩٥٩بشان جوازات السفر إذ خول هذا القرار الجمهوري وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية سلطة منح جواز السفر. غير أن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية نص المادة الثامنة من قرار رئيس الجمهورية المشار إليها وقالت في ذلك إن حق الإقامة والتنقل من الحقوق الدستورية التي لا يجوز تنظيمها إلا بقانون(حكم المحكمة الدستورية في ٢٠٠٠/١١/٤القضية رقم ٢٤٣لسنة ٢١ق)وهنا أعلن جانب من الفقه عدم مشروعية المنع من السفر(د.احمد فتحى سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ٢٠١٤ص٩٨٦؛د.عبد الرءوف مهدى شرح القواعد العامة للاجراءات الجنائية ٢٠١٨ص٥٤٣)غير أننا ذهبنا الى أن مشروعية أوامر المنع من السفر باعتبارها إجراء يمس حق التنقل لا يكون مشروع الا بقانون يراعى الضمانات المنصوص عليها بالمادة ٦٢من دستور ٢٠١٤ وهى الأمر القضائي المسبب محدد المدة. ورغم ذلك فإن الدوائر الجنائية بمحكمة النقض ترى مشروعية أوامر المنع من السفر دون وجود قانون ينظم المنع وهو الأمر الذي دفعنا إلى معالجة هذا الموضوع في كتاب الحبس الاحتياطي علما وعملا إذ انتهينا إلى مشروعية المنع من السفر باعتباره أحد بدائل الحبس الاحتياطي وبالتالي يتقيد بضوابطه.ونتناول فيما يلي المنع من السفر في تلك القوانين وذلك في ضوء دستور ٢٠١٤. (٤)ففي قانون الكسب غير المشروع كانت هيئة الفحص والتحقيق في جرائم الكسب غير المشروع قد درجت على إصدار أوامر منع من السفر بشأن المتهمين بهذه الجرائم وذلك على الرغم من خلو القانون رقم ٦٢لسنة ١٩٧٥بشأن الكسب غير المشروع من نص يبيح لهيئة الفحص والتحقيق إصدار مثل تلك الأوامر ودرجت القضاء الإداري(محكمة القضاء الإداري في ١٩٩٩/١١/٢٣الدعوى رقم١٠٤٣١لسنه ٥٣ق؛ وحكمها في ٢٠٠٠/٤/١٨الدعوى٢٤١٩لسنة ٤٥ق)ومن بعده المحكمة الإدارية العليا على دمغ قرارات المنع من السفر بعدم المشروعية وإلغاءها لعدم وجود نص يبيح ذلك(حكم المحكمة الإدارية العليا في 2002/1/12 الطعن رقم 7960 لسنه 45 ق ). وإزاء ذلك اضطر المشرع إلى إصدار القانون رقم ٩٧ لسنة ٢٠١٥ بتعديل بعض أحكام قانون الكسب غير المشروع المشار إليه فأضاف إلي قانون الكسب غير المشروع المادة ١٣ مكررا التي أجازت لهيئة الفحص والتحقيق عند الضرورة أو وجود أدله كافية على جديد الاتهام في جناية الكسب غير المشروع أو في جريمة إخفاء الأموال المتحصلة منها أن تطلب من النيابة العامة منع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول ولكن جاء هذا التعديل ركيك في الصياغة إذ جعل الضرورة موازية للأدلة الكافية كمبرر للامر بالمنع من السفر حال أن الأمر بالمنع من السفر كإجراء جنائي ماس بحرية التنقل لا يصح إلا على خلفية إتهام جدي قامت بشانة ادلة كافية.ثم أن النص جعل من النيابة العامة رقيبه علي هيئة الفحص والتحقيق إذ صرح النص بان تلك الهيئة تطلب من النيابة العامة منه المتهم من السفر حال أن المختص بتحقيق جرائم الكسب غير المشروع هي هيئة الفحص والتحقيق وليس النيابة العامة والأصل أن جهة التحقيق تختص باتخاذ كافة أعمال التحقيق ومن ثم يبدوا غير مفهوم ألا يمنح المشرع سلطة الأمر بالمنع من السفر إلى هيئة الفحص والتحقيق ويلزمها أن تطلب المنع من النيابة العامة! بل أنه علي الرغم من أن تعديلات قانون الكسب غير المشروع جاءت لاحقه علي صدور دستور ٢٠١٤إلا أنها لم تراع ما نصت عليه المادة ٦٢من الدستور التي لم تجز المنع من السفر إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة إذ لم تشترط المادة 13 مكررا المضافة إلى قانون الكسب غير المشروع عام ٢٠١٥تسبيب أمر المنع أو تحديد مدته بالمخالفة لنص المادة ٦٢من الدستور مما يصم المادة ١٣مكررا بعيب عدم الدستورية ( د. ياسر الأمير فاروق. - الحبس الاحتياطي علما وعملا - 2016 - ص189). (٥)وأما بالنسبة للإرهاب فقد فقد صدرقانون الكيانات الإرهابيةرقم 8 لسنة 2015 المعدل بالقانونيين رقمي 11لسنة2017و14لسنة 2020 ورتب على إدراج الأشخاص التي تمارس أعمال إرهابية أو تنتمي إلي أي منظمة إرهابية أو تمولها في قوائم الإرهاب منعهم من السفر كاثر للادراج.إذ أناط هذا القانون بالنائب العام اعداد طلبات الإدراج وعرضها على دائرة خاصة لمحكمة الجنايات لتقرر الإدراج لمدة لأ تجاوز خمسة سنوات يعاد العرض قبل انقضائها علي ذات المحكمة لتقرر مد الإدراج من عدمه كاجراءكإجراءكأجراء وقائي احترازي حتى يصدر حكم جنائي نهائي بإسباغ وصف الإرهابي علي المتحفظ عليه في أحدي جرائم الإرهاب. مع تخويل النائب العام في بعض الأحيان إجراء الوضع في تلك القوائم ثم العرض على المحكمة وتمكين الشخص حق الطعن في قرار الإدراج الصادر من محكمة الجنايات أمام محكمة النقض وهذا يعنى أن المنع من السفر يرتبط بالادراج وجودا وعدما ويمكن أن يستمر لمدة خمس سنوات أو تزيد وان المدرج لا يملك الطعن في المنع من السفر كاثر لقرارالادراج وأن كان فحسب يملك الطعن في قرار الأدراج ذاته أمام محكمة النقض وهو ما يخالف المادة ٦٢من دستور ٢٠١٤. ثم صدر قانون مكافحة الإرهاب رقم ٩٤لسنه ٢٠١٥ المعدل بالقانون رقم ١٥لسنة٢٠٢٠ وأجاز لسلطة التحقيق المختصة في المادة ٤٧منه أن تمنع المتهم وزوجه وأولاده القصر من التصرف في أموالهم وادارتهاوإدارتهاوأدارتهالتوافر دلائل كافية على الاتهام في أحدي الجرائم الإرهابية بعد حصول سلطة التحقيق على أمر بالمنع من محكمة الجنايات المختصة عدا أحوال الضرورة والاستعجال إذ يصح لسلطة التحقيق المنع ثم العرض على المحكمة لتأييد المنع أو رفضت عملا بنصوص المواد 208 مكرراً (أ) و 208 مكرراً (ب) و208 مكرراً (ج) و208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت المادة47 المشار إليها على أن تسري هذه المواد(208 فقرة أوب و ج ود)في الأحوال التي يظهر فيها من الاستدلال أو التحقيق دلائل كافية على الاتهام بارتكاب أي جريمة إرهابية وللسلطات المختصة اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة،بما في ذلك تجميد الأموال أو المنع من السفرعلى أن تلتزم بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات.وهذه المواد المحال اليها بقانون الإجراءات لأ تنظم المنع من السفر بل تتضمن فحسب المنع من التصرف في الاموال وإدارتها ومن ثم لأ سبيل أمام الباحث سوى تطويع نصوص قانون الإجراءات الجنائية فى هذا الشأن كي تتانسب مع المنع من السفر مع التنوية بأن مسلك المشرع فى قانون الإرهاب حول الاحالة إلى هذه النصوص محل نظر لأنها حسبما اسلفنا تنظم المنع من التصرف فى الأموال. على أى حال يمكن القول فى ضوء الاحالة أن الأمر بالمنع من السفر قاصر على جرائم الإرهاب وبذلك يكون للنيابة العامة حين يظهر من الاستدلال أو التحقيق دلائل كافية على الاتهام بارتكاب أي جريمة إرهابية وقدرت أن الأمر يقتضي منع المتهم في جريمة إرهابية من السفر أن تعرض الأمر على المحكمة الجنائية المختصة طالبة الحكم بذلك. وللنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال أن يأمر مؤقتاً بمنع المتهم من السفر وعلى النائب العام أن يعرض أمر المنع على المحكمة الجنائية المختصة خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ صدوره، بطلب الحكم بالمنع من السفر وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن. وتصدر المحكمة الجنائية المختصة حكمها في الحالات السابقة بعد سماع أقوال ذوي الشأن خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها،وتفصل المحكمة في مدى استمرار العمل بالأمر الوقتي المشار إليه في الفقرة السابقة كلما رأت وجهاً لتأجيل نظر الطلب ويجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها. وهذا يعنى صدور الأمر بالمنع من السفر دون تحديد مدة كل ما فى الأمر أن النائب العام يلتزم أن أصدر أمر المنع من السفر فى أحوال الضرورة أن يعرض الأمر على محكمة الجنايات خلال سبعه أيام وعلى المحكمة الفصل فيه خلال خمسه عشر يوما أو أكثر دون سقف محدد فإن ايدته فإنها غير ملزمة بتحديد مدة وكذلك الوضع حين تعرض النيابة العامة طلب المنع من السفر على المحكمة وهو ما يخالف المادة ٦٢من دستور ٢٠١٤التى اشترطت تحديد مدة للامر بالمنع من السفر. ثم نصت المادة 208 مُكَرِّرًا على أن لكل من صدر ضده حكم بالمنع من السفر أن يتظلم منه أمام المحكمة الجنائية المختصة بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم،فإذا رفض تظلمه فله أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضت ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم.ويحصل التظلم بتقرير في قلم كتّاب المحكمة الجنائية المختصة، وعلى رئيس المحكمة أن يحدد جلسة لنظر التظلم يعلن بها المتظلم وتفصل في التظلم خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ التقرير به. وفي جميع الأحوال ينتهي المنع من السفر بصدور قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة.وهذا يعنى إمكانية استمرار المنع من السفر إلى أن يصدر حكم بات فى الدعوى وهو وضع لا يمكن قبوله. ٥)وفيما يتعلق بالأمر بالمنع من السفر فى قانون الإجراءات الجنائية فانه نظرا لعدم وجود نص حتى الآن بشأنه قضت الدائرة المدنية بمحكمة النقض بعدم مشروعية قرارات النائب العام والمحاكم بالمنع من السفر ولو علي خلفيه اتهام الشخص الممنوع بجريمة وذلك لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص في هذا الشأن والقاعدة أنه لا اجراء جنائي مقيد الحريه إلا بنص طبقا لمبداء الشرعية الإجرائية القائم علي احتكار المشرع تنظيم الإجراءات الماسه بالحقوق والحريات العامة(نقض مدنى ١٩٨٨/١١/١٥مجموعة أحكام النقض س ٣٩رقم١٩٤ص١١٥٩؛نقض ١٩٩٣/٦/٦الطعن رقم ٨١٦لسنة ٥٩ق). غير أن دوائر النقض الجنائي ذهبت إلى العكس إذ رأت مشروعيه قرارات المنع الصادرة من النائب العام علي خلفيه اتهام جنائي وعقدت الاختصاص بنظر التظلم من تلك القرارات للقضاء العادي من خلال دعوي ترفع بالإجراءات المعتاده قياسا علي أحكام قانون المرافعات بسند أن خلو قانون الإجراءات الجنائية من إيراد قاعدة تحدد طرق الطعن في إلغاء قرار النائب العام بإدراج متهم على قوائم الممنوعين من السفر أثره الرجوع في ذلك للقواعد العامة بشأن رفع الدعوى وقيدها .واضافت محكمة النقض أن النيابة العامةهي الأمينة على الدعوى الجنائية وشعبة من القضاء العادي تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفتا التحقيق والاتهام اختصاصها بإصدار قرار إدراج متهم على قوائم الممنوعين من السفر بمناسبة تحقيقاتها في واقعة جنائية مستمدة من الدستور وأن إنجاز مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية ذلك الإدراج لا يكون إلا نفاذاً لقرار النائب العام قرار وزير الداخلية رقم ٢٢١٤لسنه ١٩٩٤بشأن تنظيم قوائم الممنوعين من السفر لا يغير من اختصاصها والمحاكم بذلك واجابت تبعا لذلك إقامة دعوى ابتداءً طبقاً لقانون المرافعات لطلب إلغاء قرار النائب العام بإدراج المتهم على قوائم الممنوعين من السفرامام محكمة الجنايات. وعلي الرغم من أن المنع من السفر يعتبر أحد اجراءات التحقيق ألا أن الدائرة الجنائية بمحكمة النقض رفضت هذا النظر وكيفته علي أنه تدبير احترازي وسوغت اتخاذة ضد أعضاء مجلس النواب دون إذن المجلس وقالت محكمة النقض في ذلك أنه ولئن كان الدستور قد حظر اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس النواب إلا بإذن سابق من المجلس فإن المحظور فحسب على جهة التحقيق اتخاذ هو أي إجراء من إجراءات التحقيق الماسة بشخص عضو مجلس كتكليفه بالحضور أو استجوابه أو استصدار أمر بضبطه أو إحضاره أو حبسه أو تفتيش مسكنه أو إقامة الدعوى الجنائية ضده قبل أن يأذن المجلس بذلك أما غير ذلك من الإجراءات كأمر المنع من السفر فلا يعدو في حقيقته إجراء من الإجراءات الأولية التي لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية إنما هو مجرد تدبير من التدابير الاحترازية التي تتخذها النيابة العامة حفاظاً على المصلحة العامة إذا ما قام لديها مبرر لذلك ومن ثم لا يرد عليها قيد الشارع في إصدار هذا الأمر وتوقفه على الطلب أو الإذن به وبالتالي فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون على غير سند (نقض 2010/03/04 مجموعة أحكام النقض س 61 ص 215 ق27 ؛نقض 2010/06/14 س61ص 442 ق 58 ). (٦)وهذا القضاء محل نظر إذ انطوي علي تاؤيل خاطىء لنصوص الدستور إذ أنه مع الفرض الجدلي بمشروعية أوامر المنع من السفر وهو ما لا نسلم به فإن أمر المنع من السفر ينطوي بلا شك علي مساس بحرية عضو المجلس في التنقل ومن ثم يشمله الحظر ولا يرفع عنه هذا الوصف تكييفه بأنه تدبير احترازي وليس إجراء تحقيق ذلك أن الدستور الملغي والحالي لا يقصر الحظر على إجراءات التحقيق بالمعنى الضيق وإنما يبسط الحظر علي أي إجراء جنائي يمس حريه العضو ومنها بلا شك أمر المنع من السفر ثم إن القول بأن المنع من السفر لا يعد من إجراءات التحقيق يتعارض مع طبيعة إجراءات التحقيق إذ من المقرر أن الذي يمييز إجراءات التحقيق عن غيرها من إجراءات الاستدلال هو انطواء الأولي علي المساس بالحرية وتقيدها فكل إجراء هاتك للحرية الشخصية ومنها حرية التنقل يعد إجراء تحقيق ويشمله الحظر المتمثل في عدم جواز اتخاذه ضد عضو مجلس النواب في غير أحوال التلبس إلا بإذن المجلس. بل أن موقف محكمة النقض يعني أن التدابير الاحترازية المنصوص عليها في المادة ٢٠١من قانون الإجراءات الجنائية كبدائل للحبس الاحتياطي يجوز اتخاذها ضد عضو مجلس النواب دون أذن المجلس مادام أن هذه التدابير ليس من اجراءات التحقيق وهو مالم يقل به أحد. بل مذهب النقض من شأنه تفويت عله الحصانة النيابة وهي تمكين العضو من الرقابة على اعمال السلطة التنفيذيه بتلفيق إتهام له ومنعه من السفر للضغط عليه. ! (٧)والراي عندنا أن قرارات النائب العام بالمنع من السفر خارج نطاق التشريعات المنظمة له تعتبر اوامر غير مشروعة ولو اتخذت علي خلفيه اتهام جنائي إذ يلزم دوما قانون ينظمها الا في حاله وحيده وهي اعتبارها احد بدائل الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة ٢٠١إجراءات المتمثل في الأمر بعدم مغادرة المتهم موطنه. إذ يفهم الموطن في النص بمعني واسع وهو أرض الوطن. وهذا يقتضي توافر كافه شروط الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في القانون ومبرراته ولزوم استجواب المتهم قبل صدور أمر المنع من السفر وأن تحدد مدته بذات مدد الحبس وأن يجدد ويكون للمتهم حق استئنافه ومعاوده الكرة باستئناف آخر كلما انقض ٣٠يوما علي رفض استتئنافه. وهذا ما اكده دستور ٢٠١٤حينما أجاز المنع من السفر بأمر قضائي مسبب ولمده محدده طبقا للقانون.ولقد سبق أن ابدينا هذا الرأي في مؤلفنا الحبس الاحتياطي تاصيلا وتحليلا. وهو ما نأمل أن تجري عليه أحكام القضاء لحين صدور قانون ينظم المسأله.
هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...