المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, 2021

نظرية الظاهر في الإجراءات الجنائية دراسة نقدية بقلم د. ✍ياسر الأمير (١)يستهدف قانون الإجراءات الجنائية إيجاد نوع من التوازن بين حق الدولة في العقاب من خلال السماح لسلطات التحقيق والحكم بالمساس بحقوق الإنسان وحرياته بغيه كشف الحقيقة في شأن الجريمة والتوصل إلى مرتكبها وإنزال العقاب به وبين حق الإنسان في صيانة حقوقه وحرياته دون عسف أو جور ويتم هذا التوازن من خلال الضمانات التي يضعها المشرع لشرعية المساس بهذه الحرية أو بالأحرى الشروط الواجب توافرها لإمكانية المساس بهذه الحرية بحيث إن لم تراع هذه الشروط كان العمل باطل فلا يعتد به ولا بما أسفر عنه من نتائج. ولهذا كانت فلسفة قانون الإجراءات الجنائية صيانة أشراف الناس التي شاءت المقادير أن توجه إليهم أصابع الاتهام ولهذا أطلق على قانون الإجراءات قانون الشرفاء Stefani et Levasser proceduer penal Paris 1971p420; Desportes et Franchise le Gunehec traite de droit pénal General 2013p130; Serge et Jacquees procedure penal 2013p415 غير أن محكمة النقض دون قصد تبنه نظرية أطلقت عليها نظرية الظاهر وهي في تقديرنا لا تستقيم أبدا مع فلسفة قانون الإجراءات الجنائية كما سوف نرى في البحث الراهن. (٢)والظاهر يعنى البروز والوضوح من خلال العقول بحجج وبراهين وجوده بالدلائل الدالة عليه وهو عكس الخفي لأنه غير مشاهد كسائر الأشياء المشاهدة في الواقع. ولقد اعتد القانون في كافة فروعه بالظاهر ورتب عليه أحكام قانونية وكأنه صحيح رغم ما قد يتبين بعد ذلك من تخلف الشروط اللازمة لصحة العمل مادام أن ظاهرة كان يوحى بصحته ومن ذلك نظرية الموظف الفعلي والحكمي في القانون الإداري والمحررات الباطلة في التزوير والحيازة وإيجار وبيع الوارث والمالك الظاهر في القانون المدني. ولقد كان رائد المشرع من الاعتداد بالوضع الظاهر في بعض الأحيان وأن خالف الواقع استقرار الأوضاع وحماية المعاملات حتى لا يضار من تعامل مع صاحب الوضع الظاهر. (٣)ولقد طبقت محكمة النقض نظرية الظاهر على الأعمال والإجراءات التي تباشرها سلطات التحقيق الجنائي وراحت تتلمس لها سند من نصوص قانون الإجراءات الجنائية فوجدت نصوص خاصة في بعض المواطن تعتد بالظاهر ولا تبطل العمل أن تبين مستقبلا فساد هذا الظاهر ولكنها عممت هذه النظرية على كل الأعمال الإجرائية بغض النظر عن وجود نص يقررها من عدمه وبمعنى آخر لم تقصر محكمة النقض النظرية على الأعمال التي وجد بشأنها نص صريح وإنما صاغت نظرية عامة استخلصتها من حفنة من النصوص. (٤)إذ جرى قضاء النقض منذ زمن وحتى الآن علي إن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر، ولا تبطل من بعد نزولا على ما قد ينكشف من أمر الواقع. وهذا الأصل وإن لم يقرره نص صريح إلا أن المشرع أعمله وأدار عليه عديدا من نصوصه ورتب أحكامه، والشواهد عليه في قانون الإجراءات عديدة، وحاصلها أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على حكمه تيسيرا لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقا للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب (نقض ١٩٦٦/١٢/٥ أحكام النقض س ١٧ص١١٨٢ رقم ٢٢٣(الطعن رقم ١٠٢٠٤ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٤/٢١؛ الطعن رقم ١٢١٩٧ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١٠/٢٧؛ نقض ١٩٨٨/١٠/٢٠الطعن رقم ٣٠٥٥لسنه ٥٨ق؛ نقض ١٩٩٠/١٢/١٩ الطعن رقم ٢٤٥١ لسنه ٥٩ق )وقالت النقض إن المشرع أورد عددا من شواهد هذا الظاهر فذكرت أن المشرع أعتبر التلبس بالجريمة وفقاً للمادة ٣٠ وصفا يلحق المظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم جريمته بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق من قيام هذه الحالة أو عدم قيامها، وكذلك الحال إذا ما بني الإجراء على اختصاص انعقدت له يحسب الظاهر - حال اتخاذه - مقومات صحته، فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاه هذا الاختصاص، وإن تراخي كشفه، ومن ذلك ما نصت عليه المادة ١٦٣من قانون الإجراءات الجنائية من أنه ( لجميع الخصوم أن يستأنفوا الأوامر المتعلقة بمسائل الاختصاص، ولا يوقف الاستئناف سير التحقيق، ولا يترتب على القضاء بعدم الاختصاص بطلان إجراءات التحقيق)، وكذلك ما نصت عليه المادة ٣٨٢ من أنه( إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية، أما إذا لم تر بعد ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها)وهكذا ألزم القانون محكمة الجنايات الاختصاص بالحكم في الجنحة التي ليست - بحسب ظاهرها - ثوب الجناية، ولم يجز لها من بعد الحكم بعدم الاختصاص بناء على ما تبينته من حقيقتها بعد التحقيق، وكذا ما نصت عليه المادة ٣٦٢ الواردة في محاكمة الأحداث ( وتقابلها الآن بعد إلغائها بالقانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث المادة ٤١ من هذا القانون)وإذا لم يتناول النص الإجراءات السابقة على الحكم وإعادة النظر بالبطلان، فإن مفاد ذلك صحة الإجراءات أخذا بظاهر سن المتهم.وقررت محكمة النقض بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن تفتيش المتهم لعلة صدوره من نيابة الأحداث حين لم يكن حدثا، دون أن يتلفت إلى أن هذا الإذن قد صدر أخذا بما ورد في محضر التحري من أن المتهم حدث، الأمر الذي أيده هو نفسه ولم تنكشف حقيقته إلا بإجراء لاحق على صدور الأذن حين عرض على الطبيب الشرعي، فإن الإذن يكون صحيحا ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه. وانظر في تأكيد نظرية الظاهرنقض١٩٦٩/٤/٨٢ أحكام النقض س٢٠ ص٥٦٥ رقم ١١٧، و١٩٦٩/٦/٣٠ص ٩٧٦رقم ١٩٣). وطبقت محكمة النقض نظرية الظاهر على التلبس إذ ترى أن ثبوت الجريمة مستقبلا ليس شرط لصحة التلبس وما تلاه من قبض وتفتيش كشف عن ادلة جريمة أخري غير تلك المعتقد التلبس بها فقضت بأن مجرد رؤية المتهم حاملا سلاحا يجعله متلبسا بجريمة حيازة سلاح ناري دون ترخيص ولو تبين بعد ذلك أنه غير معاقب علي حيازته لكونه مجرد سلاح صوت فإن فتشه رجل الضبط القضائي وعثر معه علي مخدر فإن الضبط يكون صحيحا(نقض ١٩٦٩/٢/١٥ مجموعة أحكام النقض س٢٠رقم ٢٣٩ ص١٤٢٢) كما قضت بأن إذا شاهد رجل الشرطة شخصا دمه ينزف غزيرا ورأي في نفس الوقت ذاته آخر يجري نحو الترام فأعتقد انه القاتل وامسك به فوجد معه مخدر فلا غبار علي هذا التصرف اذا ظهر فيما بعد أن القتيل مات منتحرا أو قضاء وقدر أو بفعل آخر نقض ١٩٥٨/٤/١مجموعة أحكام النقض س ٩رقم ٣ص٤٨) وقضت أيضا بأنه لا يمنع من ثبوت التلبس أن يتضح من تحليل المادة المضبوطة أنها ليست من المواد المخدرة المعاقب علي احرازها(نقض ١٩٤٠/٥/٢٢ مجموعة القواعد القانونية ج٥رقم ١١٣ص٢١٧). وطبقت محكمة النقض كذلك تلك النظرية لتسويغ القبض والتفتيش بغرض تنفيذ الأحكام القضائية رغم ثبوت براءة المتهم فى القضايا الصادر فيها هذه الأحكام مادام ظاهر الحال لدى رجل الضبط القضائي عند الكشف عن المتهم تبين أنه مطلوب لتنفيذ حكم واجب النفاذ ولم يكن تحت نظره الغائة(نقص1/1/ 1973 مجموعه احكام النقض س24ص 1رقم ١؛ نقص 28/ 3/ 1985س 36، ص460رقم 78؛ نقض1969/6/30 س20ص967رقم 139؛ الطعن رقم 11530لسنة 86 جلسة2018/10/27؛نقض 2006/1/25 الطعن رقم 16503لسنه 66ق. وصوبت محكمة النقض كذلك القبض والتفتيش الذي باشره رجل الضبط القضائي وأسفر عن ضبط سلاح ناري نفاذا لإذن النيابة العامة بالقبض في قضية سرقه رغم صدور أمر بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية عن تلك القضية ولم ينفذ قبل صدور الأمر بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية وقالت النقض في ذلك إنه من المقرر أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما تكشف من أمر واقع، وأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهتي الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها، وإذ كان الطاعنان لا ينازعان في أن أمر ضبطهما وإحضارهما قد صدر من نيابة مختصة لاتهامهما بالسرقة، وأن ذلك الأمر لم يسقط فإن صدور أمر حفظ في هذه التهمة - بفرض حصوله - لا يبطل أمر الضبط وما ترتب عليه من آثار(الطعن رقم ١٢١٩٧ لسنة ٨٧ ق الجنائيةجلسة ٢٠١٩/١٠/٢٧ وانظر تطبيقا آخر لهذه النظرية في حكم النقض الصادر في ١٩٨١/١٠/٨ س٣٢ص ٨٤٢ رقم ١٦٣) (٥)ولقد اختلف الفقه حول تلك النظرية فمنهم من ايدهها بلا تحفظ(د.محمد زكى أبو عامر الإجراءات الجنائية ٢٠١٤ ص٣٢١)ومنهم من حاول وضع ضوابط لها بأن يكون معيار الظاهر موضوعيا فلا يكفي أن يعتقد القائم بالإجراء وقت اتخاذه توافر شروط صحته، بل يجب أن يكون ظاهر الحال بحيث يخلف هذا الاعتقاد لدى الرجل العادي حين يوضع في مكانه ويحاط بمثل ظروفه. أما إن كان توهم هذه الشروط وليد نزق أو هوي فإن الإجراء يكون باطلا ولو اعتقد من قام به حقيقة أن شروطه متوافرة(د. عوض محمد عوض المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية ٢٠٠٠ص٦٥٤). أما جمهور الفقه فلا يؤيد النظرية بل ينتقدها لمخالفته أصلا مستقر حاصله أن الضابط في نشوء السلطة الإجرائية رهن بتحقق السبب المنشئ لها حقيقة وحكما ولا يغني عن ذلك مجرد الاعتقاد بتحقق هذا السبب(د. محمود نجيب حسني -شرح قانون الإجراءات الجنائية-١٩٩٨-ص٢٣٤؛ د. محمود مصطفى شرح قانون الإجراءات الجنائية ١٩٨٨ص٣٢١؛ د. عمر السعيد رمضان مبادئ قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ١٩٩٣ص٢٦٥؛ د. عبد الرءوف مهدي شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية ٢٠١٨٦٥٤)ومؤدي مذهب النقض أن سند سلطات مأمور الضبط القضائي في القبض والتفتيش لم يعد حاله التلبس وإنما مجرد الاعتقاد بتوافره(د. رمسيس بهنام الإجراءات الجنائية تأصيلا وتحليلا١٩٨٤ص٣٤١) كما أن قضاء النقض يخلط ما بين التلبس والدلائل الكافية علي الاتهام حال أن الأول محله الجريمة والثانية محلها شخص المتهم. حال أن المظاهر الخارجية جزء لا يتجزأ من الركن المادي لها فإن ثبت من التحقيق عدم صدقها في الدلالة على وقوع الجريمة فإن هذه المظاهر لا تكون حاله تلبس وإنما تكون دلائل كافية علي الاتهام(د. أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول ٢٠١٤ص٦٥٤). (٦)ورأي الجمهور لدينا أصوب لأن من شأن الأخذ بمذهب النقض تشجيع رجل الضبط القضائي علي عدم تحري الدقة في عمله والعسف والاجتراء في تنفيذ الإجراءات فينتهي الأمر إلى أن تضحي سلطات مأمور الضبط القضائي مطلقة من كل قيد ولا تستند إلى ضابط قانوني. والحق أن نظرية النظرية نشأت في رحاب القانون المدني تحت اسم الأوضاع الظاهرة وإن كان يمكن قبول النظرية في العلاقات المدنية على اعتبار أنها تنظم استقرار الأوضاع الظاهرة في المجتمع لين أفراده فإن تطبيقها في الإجراءات الجنائية جد خطير لأن المشرع لايسوغلا يسوغليسوغ اتخاذ إجراء جنائي إلا بنص وبشروط معينة ومن شأن الأخذ بنظرية الظاهر أن يضحي إيجاب المشرع لشروط صحة الإجراء عبثا بل مجرد لغوا وهو ما يتنزه عنه المشرع إذ صحة العمل الإجرائي لاتقوملا تقوملتقوملاتقوهملاتقوكلاتقوكم بمجرد توافر المظاهر الخارجية التي تحمل على الاعتقاد بتوافره مادام تبين بعد ذلك أن هذه المظاهر لم يكن له وجود. أما قول النقض بأن الاختصاص الذي ينعقد بحسب الظاهر يعد صحيح ولو تبين خلاف ذلك فينطوي على توسع لا يسوغ إذ حرص المشرع على بيان ذلك بنص صريح واستثنائي في المادة ١٦٣ إجراءات والتي نصت على أن لجميع الخصوم أن يستأنفوا الأوامر المتعلقة بمسائل الاختصاص ولا يوقف الاستئناف سير التحقيق. ولا يترتب على القضاء بعدم الاختصاص بطلان إجراءات التحقيق. ومن المعلوم أن الاستثناء لا يعمم ولايقاسولا يقاسوليقاس عليه إذ يكون معدولا به عن الأصل وما ثبت على خلاف الأصل لا يقاس عليه غيره. (٧)هذا وكنا قد تعرضنا لهذا الموضوع في مؤلفنا القبض في ضوء الفقه والقضاء وانتقدنا نظرية الظاهر ثم عمقنا البحث في كتاب نظرية الظاهر وقلنا إن هذه النظرية تشجع رجال الشرطة على عدم الدقة والتعسف في الإجراءات وأن الآخذ بها دون نص من شانه هدم قانون الإجراءات الجنائية فيما وضعه من ضمانات للقبض والتفتيش وأن سند رجل الضبط القضائي في القبض والتفتيش طبقا لنظرية الظاهر لم يعد القانون بل ظاهر قد يكذبه واقع الحال ولايجملولا يجملوليجمل بمحكمة بمحكمة النقض أن تقرره ولا يصح في دولة سيادة القانون العسف بضمانات وضعت للمواطنين نظرا لخطأ من الأجهزة الأمنية والقائمين عليها وإلا غدت الضمانات الإجرائية لغوا وحبرا على ورق. ويبدو أن محكمة النقض في حكم حديث لها أخذت بما يؤيد وجهه نظرنا إذ ألغت حكم لمحكمة الجنايات انتهت فيه إلي صح القبض والتفتيش استنادا لحكم قضائي كان قد ألغي إلى البراءة قبل القبض والتفتيش ولكن لم يسجل على كمبيوتر تنفيذ الأحكام. وقالت النقض لما كان الحكم المطعون فيه عرض لما دفع به المدافع عن الطاعن من بطلان القبض عليه وتفتيشه واطرحه بما مفاده أن الطاعن مطلوب القبض عليه لتنفيذ الحكم الصادر ضده في القضية رقم. . . . بالحبس شهر وكفالة مائة جنيه عارض وقضى في معارضته بقبول ورفض وتأييد استأنف لجلسة. . . . . لما كان ذلك، وكانت المادة 460 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلا متى صارت نهائية ما لم يكن في القانون نص على خلاف ذلك، ونصت المادة 462 من القانون ذاته على أنه على النيابة العامة أن تبادر إلى تنفيذ الأحكام الواجبة التنفيذ الصادرة في الدعوى الجنائية، ولها عند اللزوم أن تستعين بالقوة العسكرية مباشرة. لما كان ذلك، وكان الثابت بالشهادة الصادرة من نيابة قسم. . . . – المرفقة بملف الطعن – أن القضية. . . . قضى فيها بجلسة. . . . غيابياً بحبس المتهم شهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه وغرامة خمسون جنيهاً والمصادرة والمصاريف، عارض في هذا الحكم وقضى في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه والمصاريف، استأنف وقضى بجلسة. . . . قبول وإلغاء والقضاء مجدداً ببراءة المتهم والمصادرة والمصاريف، ومن ثم فإن الطاعن لا يكون مطلوباً للتنفيذ بموجب الحكم الصادر في الجنحة سالفة الذكر والقاضي ببراءته قبل القبض عليه في هذه القضية، ويكون ضبطه وتفتيشه استناداً إلى الحكم سالف الذكر قد وقعا باطلين ويبطل الدليل المستمد من تفتيشه ولا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعن (الطعن رقم 6050 لسنة 87 جلسة2019/2/24).

هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...

مدى العلاقة بين سبق الإصرار واتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة: بقلم✍د. ياسر الأمير (١)يعتبر سبق الإصرار ظرف مشدد في جناية القتل العمد والضرب المفضي إلى الموت بحيث يرفع عقوبة القتل إلى الإعدام والضرب المفضي إلى موت إلى السجن في حده الاقصي .وعله التشديد ما يتوافر لدي الجاني من هدوء وروية في التفكير ارتكاب الجريمة ورسم خطتها بعيد عن ثورة الانفعال والغضب بمعنى أن الجريمة لم تكن وليد اللحظة بل كانت في زمن فكر فيه الجاني وخطط قبل الأقدام على ارتكابها مما يستلزم زيادة جرعة العقاب.فسبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني ولا عبرة في توافر هذا الظرف بمضي زمن بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال الزمن أو قصر - بل العبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير فما دام الجاني قد انتهى بفكره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة الطعن رقم ١٧٧٣٠ لسنة ٨٨ قضائيةجلسة ٢٠١٩/٠٥/٠٧؛الطعن رقم ١٨٦٤٨ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٦/٢٥الطعن رقم ١٨٦٤٨ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٦/٢٥الطعن رقم ١٣٩٢٥ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/٠٤)وسبق الإصرار على هذا النحو يختلف عن الإتفاق على الجريمة الذى يعني تقابل إرادة المتهمين على ارتكاب الجريمة بغض النظر عن انقضاء زمن بين الاتفاق وارتكاب الجريمة بل يكفى استظهار الحكم اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاهم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلا منهم قصد قصد الآخر في ايقاعها وقارف أفعالا من الأفعال المكونة لها(الطعن رقم ١٤٨٢٤ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٧/٠٤ الطعن رقم ٩٨٦١ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/١٦الطعن رقم ٧٣١١ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/١٢الطعن رقم ٢٠١٩٤ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠٢/٠٤الطعن رقم ٥٠٩٩ لسنة ٨٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠١/١٢الطعن رقم ١٨٤٣٦ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٢٠/٠١/٠٦الطعن رقم ١٣٢٣٩ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/١٤الطعن رقم ١٢١٥٣ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/١٤الطعن رقم ١٢٥٧ لسنة ٨٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/١١/١٤الطعن رقم ٢٥١١٧ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٧/٢٧الطعن رقم ١٧٧٣٠ لسنة ٨٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٥/٠٧الطعن رقم ٤٧٦٨ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٠/٢٨). والأصل أن ظرف سبق الإصرار من الظروف الشخصية التي يقتصر أثر تشديد العقاب فيها على من توافر في حقه دون غيرة من الجناة. فإذا تعدد الجناة في القتل أو الضرب المفضي إلى الموت فإنه لا يحكم بالعقوبة المشددة إلا على من توافر في حقه سبق الإصرار دون غيره). (٢)ويجري قضاء النقض_ منذ زمن_على أن ثبوت اتفاق الجناة علي القتل أو الضرب الذي أدى إلى وفاة المجني عليه يعني حتما توافر سبق الإصرار لديهم. وقد أبانه محكمة النقض علة ذلك بقولها إن ما يقتضيه انعقادا الإرادات من وقت قد يطول يفترض مناقشة مشروع الجريمة وتقليبه على وجوه المختلفة بما يوفر عناصر سبق الإصرار. فمجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه بالضرورة توافر الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقترف الجريمة بنفسه من المصرين عليها ولا تلتزم محكمة الموضوع ببيان وقائع خاصة تفيد هذا الاتفاق إذ يكفي في منطق النقض أن يثبت الحكم اتفاق الجناة علي الجريمة وإعداد السلاح اللازم لتنفيذهما واتجاههم صوب مكان المجني عليه حيث قتلوه. (نقض 1956/10/20س 7 رقم 308 ص 118 نقض 1950/4/17س 1 رقم 167 ص 509؛ الطعن رقم 12754 لسنة 82 جلسة 2014/04/02 الطعن رقم 29957لسنة 85قضائيةالصادر بجلسة 2018/2/11)وأن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها . عدم إلتزام المحكمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار(الطعن رقم30229لسنة 86قضائيةالصادر بجلسة2017/10/12). (٣)وهذا القضاء فيه إطلاق معيب لأنه ولئن كان الأصل أن توافر الاتفاق بين الجناة علي ارتكاب الجريمة قد يستخلص منه سبق الإصرار لأنه يعني مضى فترة من الزمن بين التصميم على الجريمة وبين اقترافها سواء طالت هذه المدة أو قصرت إلا أن هذا الأصل غير مطرد إذ قد يكون الجناة المتفقين علي القتل في خلال هذه الفترة في حاله من التوتر والانفعال بما لا يسمح معه بتوافر العنصر النفسي لسبق الإصرار وهو الهدوء والروية بين التفكير في الجريمة وارتكابها بالفعل. بل إن هذا الاتفاق قد يكون فجاءه سابقا على تنفيذ القتل بلحظات فلا يتوافر أيضا العنصر الزمني لسبق الإصرار. وقد خلطت محكمة النقض بين الاتفاق على الجريمة ويعني إيجاب من أحد أطراف الجريمة وقبول من الطرف الآخر عل ارتكابها وبين عناصر سبق الإصرار من عنصر زمني وآخر نفسي إذ سبق الإصرار يقتض مرور مده من الزمن بين التفكير في الجريمة وارتكابها يكون الجاني خلالها هادئ البال يقلب أمر الجريمة على كافة جوانبه ثم يقدم علي ارتكابها في حين أنه لا تلازم بينهما إذ لا يوجد ما يمنع عقلا أو منطقا آن يتفق الجناة علي ارتكاب الجريمة وهم في ثورة غضب وانفعال أو فجاءه. والخلاصة أن ثبوت اتفاق الجناة علي القتل أو الضرب الذي أفض إلى موت لا يتاتي منه مطلقا توافر سبق الإصرار ثم إن سبق الإصرار بإجماع الفقه والقضاء من الظروف الشخصية التي تقوم بالفاعل ويترتب عليها تشديد العقوبة ولا يسري على بقية الفاعلين إلا إذا توافر لديهم وعند الاتفاق على الجريمة قد يتوافر لدي بعضهم دون البعض فلا يصح افتراض سبق الإصرار من واقع الاتفاق. بل إن محكمة النقض ذاتها ترى أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدي المتهمين لا ينفي الاتفاق بينهم إذ الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. (نقض 1996/11/7 س47 رقم 165 ص753،نقض 1995/1/2 س 46 رقم 2 ص29)فلا تلازم إذن بينهما.

هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...

طبيعة قول متهم على متهم آخر وقيمته القانونية دراسة نقدية بقلم ✍د. ياسر الأمير ______________________________________________ (١)كثيرا ما يتعدد المتهمين في القضية الواحد ويقر أحدهما بارتكابها مع الآخرين أو يلقى بالنصيب الأكبر في الاتهام عليهم أو ينفى مساهمته فيها ويعزها إلى الآخرين أو أنه استدرك إليها دون علم بمشروعهم الإجرامي. وتلك الظاهرة منتشرة بشدة لاسيما بين الشباب ذكور وإناث إذ يتم التغرير بهم من آخرين ثم يعترف الآخرين عليهم ظلما وبهتانا بغيه الخلاص من الاتهام وتحميلهم مغبته. وهو ما يطلق عليه قول متهم ضد نفسه وضد غيره من المتهمين. ويثير هذا الموضوع إشكاليتان الأولى؛ طبيعة هذه الأقوال وهل تعد شهادة أم اعتراف والأمر الثاني؛ قيمة هذه الأقوال في الإثبات الجنائي وهل تعد دليل كامل في الإدانة أم مجرد قرينة ناقصة يجب لصحة الإدانة أن تعزز بغيرها من القرائن. وهذا الموضوع يحتاج تفصيل ويطول بنا المقام أن استعرضناه بالتفصيل لذا سنحاول ليجازه بما لا يخل بمضمونة. (٢)نشير في البداية أن طرق الإثبات التي أقرها المشرع في قانون الإجراءات الجنائية, قسمين طرق مباشرة, وهي الاعتراف والشهادة والخبرة والكتابة, وطرق غير مباشرة وهي القرائن والدلائل أو بالأحرى الاستدلالات Donnedieu De Vabres Traite de droit criminel 1947 No 19; Merl et Viut Traite de droit criminel t2 1979 No, 929)ولقد اختلف الفقهاء واضطربت أحكام القضاء حول طبيعة أقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين كدليل إثبات فمنهم من وصفه بأنه شهادة (الدكتور حسن صادق المرصفاوي أصول الإجراءات الجنائية2000ص745؛ الدكتور محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية 1988ص461؛ الدكتور عمر السعيد رمضان مبادئ قانون الإجراءات الجنائية الجزء الثاني 1984ص126)ومنهم من ذهب أنه اعتراف (الدكتور محمد مصطفى القللي أصول قانون تحقيق الجنايات 1948 ص360؛ الأستاذ عدلي عبد الباقي شرح قانون الإجراءات الجنائية الجزء الثاني 1953 ص273 ومنهم من ذهب إلي أنه ليس اعتراف أو شهادة بدعوى, أنه يلزم في الاعتراف أن يكون صادراً من المتهم على نفسه لا على غيره, ففي الاعتراف المتهم هو المقر, وهو نفسه الذي تنسب إليه الواقعة موضوع الإقرار Garraud traite de l, instruction criminelle 1907 t3No, 457; Merel et Vitu op cit II No, 942. الدكتور محمود مصطفى – شرح قانون الإجراءات الجنائية 1989ص475؛ الدكتور أحمد فتحي سرورالوسيط في قانون الإجراءات الجنائية 1980ص630؛ الدكتور عبد الرحيم صدقي – موسوعة صدقي في القانون الجنائي – المجلد الرابع – الإجراءات الجنائية – المحاكمة –1989 ص178 )كما أن أقوال متهم على أخر لا تُعد شهادة نظراً لأن المتهم الذي يدلي بأقواله على غيره يسمع بغير حلف يمين, وهي شرط لسلامة اعتبار الأقوال شهادة في القانون ( الدكتور عبد الرءوف مهدي – شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية ٢٠١٨ ص1289؛ الدكتور محمد عيد الغريب شرح قانون الإجراءات الجنائية 1996ص1405) ولهذا يذهب الفقه الراجح إلى أن أقوال متهم على أخر لا تعدوا أن تكون دلائل وهي من أضعف أنواع الاستدلالات في الدعوى لأنها في الغالب الأعم لا تصدر عن صدق ولا يكون لها نصيب من الحقيقة ( الدكتور رمسيس بهنام الإجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً 1984ص691؛ الدكتور رءوف عبيد مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري ١٩٨٩ص697؛ الدكتور محمد زكي أبو عامر الإجراءات الجنائية2014 ص772؛ الدكتور مأمون سلامة – الإجراءات الجنائية في التشريع المصري 2008ص213؛ الدكتورة فوزية عبد الستار – شرح قانون الإجراءات الجنائية 2010ص571؛ الدكتور نبيل مدحت سالم شرح قانون الإجراءات الجنائية199 ص555؛ الدكتور عادل قورة – شرح قانون الإجراءات الجنائية 1987 – ص403؛ الدكتور أحمد شوقي أبو خطوة شرح قانون الإجراءات الجنائية – الجزء الثاني 199 ص236؛ الدكتور أدوار غالي الذهبي – الإجراءات الجنائية – 1990 – ص639؛ الدكتور محمود كبيش – شرح قانون الإجراءات الجنائية – المحاكمة – 2010 – ص102 )وبالتالي لا يصح اتخاذ قول متهم على آخر كدليل وحيداً للإدانة( الدكتور عبد الرءوف مهدي – شرح القواعد العامة لقانون الإجراءات الجنائية 2018 ص114 ). (٣)ولا تجري أحكام النقض في تحديد طبيعة أقوال متهم على أخر, على وتيرة واحدة, إذ أخذت تارة بالاتجاه الذي يصف هذه الأقوال بأنها اعتراف ومالت تارة أخرى إلى الاتجاه الذي يرى أن هذه الأقوال بمثابة شهادة, وتجنبت في البعض من أحكامها تحديد طبيعة هذه الأقوال. ففي اتجاه أول وصفت أقوال متهم على أخر بأنها اعتراف ( نقض ١٩٠٥/٢/٨مجلة الاستقلال س٤ ص٦١؛ نقض١٩١٩/١٠/٢٥ المجموعة الرسمية س٢١ رقم١٣؛ نقض١٩٢٠/٤/٣س٢٢ رقم١١٤؛ نقض١٩٢٩/٢/١٤مجموعة القواعد القانونية ج١ رقم١٥٨ص١٦٤؛ نقض١٩٣٠/٣/٦ج١ رقم١٥٨ ص١٦٤) وقالت في ذلك إن لمحكمة الموضوع سلطة مُطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلي غيره من المتهمين, متى أطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع( نقض ١٩٥١/٢/١٩ مجموعة أحكام النقض س٢ رقم ٣٤٥ص٦٤٤؛ نقض١٩٥١/١١/٢٦س٣ رقم١٨ص٢٠٩؛ نقض ١٩٥٦/٥/٣س ١٦رقم٨٥ص٤١٥؛ نقض ١٩٦٣/١٢/٩س١٤رقم١٦٣ص٨٩٤؛ نقض ١٩٦٤/١/٢٧س ١٥رقم١٨ص٨٧؛ نقض١٩٦٣/١٢/٩س١٤ رقم١٦٣ ص٨٩٤؛ نقض ١٩٧٩/١١/٧س٣٠رقم١٦٨ص٧٩٣؛ نقض ١٩٨٣/١/٤س٥٣ رقم٤ص٣٦؛ نقض ١٩٨٤/١١/٢٦س٣٥ رقم١٨٧ص٨٢٩؛ نقض ١٩٨٨/٢/٦س٣٩رقم١١١ص٧٤١؛ نقض ٢٠٠٢/٣/٧س٥٣رقم٧١ص٢٩٧؛ نقض١٩٩٢/١٠/٢١س٤٣ رقم١٣٤ص٨٦٧؛ نقض ١٩٩٢/٢/١١س٤٣رقم١٤٩ص٩٥٧؛ نقض١٩٩٠/٢/٦س ٤١رقم٨٤ص٢٧٥؛ نقض١٩٩٠/٥/٢٢س٤١ رقم١٣٤ص٧٦٩) وأبانت سند ذلك فقالت إن تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات في المسائل الجنائيةموضوعي وأن لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم وإقراره في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك ما دامت اطمأنت إلى صدقه (الطعن رقم ١٤٤٨٩ لسنة ٨٧ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٦/٢٣الطعن رقم ١٦٨٧ لسنة ٧٩ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/١١الطعن رقم ٢٨١٨٣ لسنة ٨٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٦الطعن رقم ٣١٩٠١ لسنة ٨٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٦الطعن رقم ٣٣٥٨٥ لسنة ٨٦قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٨الطعن رقم ٣٣٥٨٥ لسنة ٨٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٨الطعن رقم ٢٧٦٩ لسنة ٨٧ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٢الطعن رقم ٤٨١١٧ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٧/٣١الطعن رقم ٢٩٨٥١ لسنة ٨٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٦/٠٦الطعن رقم ٥٢٩٨ لسنة ٧٨ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٦/٠١الطعن رقم ٤٣٢٧٧ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٤الطعن رقم ٢٥٦٨٣ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ٢٧٤٦٦ لسنة ٨٦ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/٠٧الطعن رقم ٤٣٠٠٩ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠١/١٥). وقد حدث في إحدى القضايا أن أدانت محكمة الموضوع موظف عام عن جريمتي رَشْوَة والاستيلاء على المال العام, بناءً على أقوال متهم أخر, فطعن الموظف على الحكم بالنقض وكان مبني الطعن أن الحكم أدانه بناءً على اعتراف المتهم الأخر, في حين أن حجة الإقرار قاصرة على من صدر منه. غير أن محكمة النقض رفضت الطعن, وقضت بأن من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك, مادامت قد اطمئنن إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع ( نقض١٩٨٨/٥/١١مجموعة أحكام النقض س٤٩ رقم٨٨ص٦٦٨)إذ وصفت المحكمة أقوال المتهم علي أخر بأنها اعتراف وقررت عدم تطبيق القاعدة المدنية التي تقصر حجة الإقرار على من صدر عنه. وفي قضية أخرى شهيرة دفع المتهم ( موظف عام ) في جريمة رَشْوَة, ببطلان اعتراف الراشي عليه لكون هذا الاعتراف وليد وعد وإغراء بالإعفاء من العقاب, وأن هذا الاعتراف لم تتوافر له شروط صحته. . . . . . إلا أن محكمة الموضوع نبذت الدفع بعد اطمئنانها إلى صحة اعتراف الراشي من واقع أدلة الثبوت في الدعوى. فطعن المتهم في الحكم بطريق النقض. فقضت محكمة النقض برفض هذا الوجه من أوجه الطعن, وجاء في حكمها من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلي غيره من المتهمين متى اطمأنت إلي صحته ومطابقته للحقيقة والواقع, وكان الحكم المطعون فيه قد أقتنع بما اعترف به الطاعن الثالث واطمأن إليه في ثبوت الواقعة – بناء على استخلاص سائغ – فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في صحة اعتراف الطاعن الثالث – على النحو الثابت بأسباب طعنه – وقصوره في التدليل على مقارنته لما أدين به لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى, مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الثالث لكونه وليد وعد بإعفائه من العقاب رغم عدم انطباق الضوابط القانونية لإعفائه وأطرحه برد كاف وسائغ, فإن هذا حسبه ( نقض٢٠٠٤/٥/٢٠الطعن رقم٤٩٨٨٢لسنة ٧٣ق قضية ماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق ) (٤)وفي اتجاه ثان وصفت محكمة النقض في أحكامها أقوال متهم على أخر بأنها شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى اطمئنن إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ولا يقدح ألا تسبق بحلف يمين نقض ١٩٧٣/٣/٤ مجموعة أحاكم النقض س٢٤ رقم٦٢ص٢٨٤؛ نقض١٩٧٦/١/١٢ س٢٧ رقم٣ص٢٦؛ نقض ١٩٨٣/١/٢٤س٣٤ رقم٢٥ ص٤٧؛ نقض١٩٨٤/٢/١٩س٣٥ص٦٣؛ نقض١٩٩١/١٠/٣ س٤٢ رقم١٣٣ ص٩٥٨؛ نقض١٩٩٥/١١/٩ س٤٦ رقم١٨٣ ص١٢٢٢؛ الطعن رقم ٣٨٣٠١ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٠٤الطعن رقم ٢٨٢٢٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٠٤الطعن رقم ٢٧٠٢١ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٣الطعن رقم ٢١٨٦١ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٣الطعن رقم ٣١١٨٠ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٢٢الطعن رقم ١٠٢٢٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/١٢. الطعن رقم ٣٠٣٢ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠١الطعن رقم ٣٤٠٦٧ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٢٦الطعن رقم ١٠٣٨٤ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٨)وأبانت سندها فقالت إن تكامل عناصر الشهادة بحلف اليمين لا ينفي عن الأقوال التي تدلي بغير حلفه إنها شهادة للمحكمة التعويل عليها(الطعن رقم ١٠٨٨٣ لسنة ٨٦ قضائيةلسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٤؛ نقض ١٩٩٦/٢/١٤مجموعة أحكام النقض س٤٧ رقم٣٦ ص٢٤٧؛ نقض١٩٩٦/٩/٢٥س٣٧ رقم١٢٧ ص٨٧٨)وقالت أيضا النقض إن قول متهم على آخر في حقيقته شهادة للمحكمة التعويل عليها في الإدانة سواء في حق نفسه وعلي غيره من المتهمين(الطعن رقم ٤٨٦٠٠ لسنة ٨٥ قضائي الصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٢١الطعن رقم ١٧١٨٥ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/١٢)وقالت إن المتهم المُعترف يُعتبر شاهد إثبات ضد المتهم الأخر( نقض ١٩٧٤/١/١٢ مجموعة أحكام النقض س٢٥ رقم١١ ص٤٨؛ نقض ١٩٩٠/١١/١٥س٤١ رقم١ ٨٤ ص١٠٢٠) وقد حدث في قضية اتجار بالمواد المُخدرة أن ألقى متهم بالاتهام على عاتق زملائه من المتهمين, فقضت محكمة الموضوع بإدانتهم جميعاً, فطعنوا في الحكم بطريق النقض وقالوا وجهاً للطعن إن محاميين توليا الدفاع عنهم جميعاً رغم تعارض مصلحة كل منهم مع الأخر. فقبلت محكمة النقض الطعن تأسيساً على أن الطاعن الأول قد ألقى بالاتهام على عاتق الطاعنين الثاني والثالث, مقرراً أن المخدر يخص الثاني والثالث, وأن الحكم اعتمد في قضائه – من بين ما اعتمد – على ما قرره الأول في حقهما, مما مؤداه أن الحكم اعتبر الطاعن المذكور شاهد إثبات ضد الطاعنين الآخرين وهو ما يتحقق به التعارض بين مصالحهم, الأمر الذي كان يستلزم فصل دفاع الطاعن الأول عن دفاع الثاني والثالث ( نقض١٩٩٧/٥/٧مجموعة أحكام النقض س٤٨ رقم٦٧ ص٥٢٢). (٥)وفي اتجاه ثالث سلمت محكمة النقض بأن وصف أقوال متهم على أخر بأنها اعتراف( نقض١٩٤٩/٥/٢٣ مجموعة القواعد القانونية ج٧ رقم٩١١ ص٨٨٩؛ نقض ١٩٧٢/١١/٥ مجموعة أحكام النقض س٢٣ رقم٢٥٣ص١١٢١؛ نقض ١٩٧٤/١/١٢س٢٥ رقم١١ ص٤٨؛ نقض ١٩٧٦/١/١٥ س٢٧رقم ٣ص٢٦ ) أو شهادة ( نقض١٩٤٠/١٢/٩مجموعة القواعد القانونية ج٥ رقم١٦٣ص٢٩٧؛نقض١٩٤٦/٣/١٢ج٧ رقم١٠٧ ص٤٩)هو تعبير غير دقيق وتجنبت الإدلاء برأي حول طبيعة هذه الأقوال واكتفت بترديد عبارة أن لمحكمة الموضوع سلطة مُطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلي غيره من المتهمين متى اطمئن وجدانها إلى هذه الأقوال وذلك بما لها من كامل الحرية في تكوين عقيدتها نقض ١٩٦٣/١٢/٩مجموعة أحكام النقض س١٤ رقم١٦٣ص٨٩٤؛ نقض١٩٦٥/٣/٢٢س١٦ رقم١٠٧ ص٨١؛نقض ١٩٦٥/٦/٧س١٦ رقم١١١ص٥٥٦؛ نقض١٩٦٧/١/٣٠س١٨ رقم٨٥ ص١٠١؛ نقض ١٩٦٩/٤/٧س٢٠ رقم١٠ ص٤٧٦؛ نقض ١٩٧٠/٥/٣١ س٣١ رقم ١٨١ص٧٧٧؛ نقض ١٩٨٨/٢/٤ هيئة عامة س39 رقم ٩ص1 ) ومن ثم فإن نعي الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال المتهم الأخر لا يعدوا أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض(نقض ١٩٩٨/١٢/١٥ مجموعة أحكام النقض س١٩ رقم٢٠٨ ص١٤٦٨؛ نقض ٢٠٠٠/١/١٧؛ نقض ٢٠٠٢/١/١٧؛ نقض ٢٠٠٢/١/١٧ ففي إحدى القضايا أدانت محكمة الموضوع متهم بجرائم الاستيلاء على المال العام والتزوير معتمدة في ذلك – من بين ما اعتمدت – على أقوال متهمين آخرين. فطعن المتهم في الحكم بالنقض تأسيساً على أن الحكم شابه قصور لأنه عول في قضائه بالإدانة على أقوال المحكوم عليهما الأول والثالث في حين أن ما قرره المحكوم عليه الأول في اعترافه يؤكد إدانته هو, ولا يعدو قولاً متهم على أخر ليدفع المسئولية عن نفسه وليس ثمة دليل على صحة هذه الأقوال. غير أن محكمة النقض رفضت الطعن تأسيساً على أن من حق محكمة الموضوع أن تستند في إدانة متهم إلى أقوال متهم أخر بما لها من كامل الحرية في تكوين عقيدتها من كافة العناصر المطروحة أمامها, مادام أطمئن وجدانها إلى هذه الأقوال ( نقض١٩٩٣/١٢/٢ مجموعة أحكام النقض س٤٤ رقم١٨٦ص١٢١٤ )وقالت في حكم ناد جديد أن قول متهم على آخر قرينة للمحكمة الأخذ بها(الطعن رقم ١٨٢٠٠ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٢/٢٠). وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتجاهات الثلاثة لا تعتبر مراحل متميزة ومتعاقبة في قضاء النقض, ولكنها اتجاهات مختلطة ومتداخلة, واتجاهي الاعتراف والشهادة كلاهما محل نقد من جانب الفقه. (٦)وعلى أي حال يمكن القول بأن قول متهم على متهم يخضع للمبدأ العام في الإثبات الجنائي وهو حرية القاضي في الاقتناع L'intime Coniviction وحريته في هذا المقام بالغة السعة فهو وحده الذي يقدر قيمة الاعتراف أو الشهادة أو أي دليل في الدعوى بحسب ما يحدثه في نفسه من أثر وفي وجدانه من ارتياح واطمئنان وقد نصت المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أن يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكل حرية. ونصت المادة 427 من قانون الإجراءات الفرنسي على أن تثبت الجرائم بجميع طرق الإثبات ويحكم القاضي تبعاً لاقتناعه Aly. A. Rached De La intime conviction du Juge Thése Paris 1942, جيوفاني لويني – مبدأ حرية الاقتناع والمشاكل المرتبطة به – محاضرة ألقاها بالإيطالية في جامعة القاهرة بتاريخ 29/3/1964 ونقلها إلى العربية الدكتور رمسيس بهنام – مجلة القانون والاقتصاد س34 ( مارس 1964 )العدد الرابع ص923؛ الدكتورة مفيدة سعد سويدان – نظرية الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي – رسالة دكتوراه – كلية الحقوق – جامعة القاهرة - 1985؛ الدكتور محمد عبد الشافي إسماعيل – مبدأ حرية القاضي الجنائي في الاقتناع وأثره في تسبيب الأحكام الجنائية – 1997 ). (٦)ومع ذلك يذهب الرأي الغالب في الفقه إلى أن قول متهم على أخر ليس له قيمة دامغة أو كاملة في الإثبات, بل هو فقط مجرد دلائل أو استدلالات لا يمكن أن يتأسس عليه وحده اقتناع القاضي وإن جاز تعزيز الأدلة به. وحجته في ذلك أن تلك الأقوال يشوبها التلفيق لأنها صادرة ممن له مصلحة في الخلاص من الاتهام الجاثم على صدره أو في أقل القليل ألا يكون متحملاً بمفرده للمسئولية عن الجريمة. ومن ثم وجب على محكمة الموضوع أن تأخذها بكثير من الحذر, لأنها – بهذا المعنى – من أضعف الاستدلالات في الدعوى ( الدكتور رمسيس بهنام – الإجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً – المرجع السابق – ص691؛ الدكتور رءوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري – المرجع السابق – ص697؛ الدكتور محمد زكي أبو عامر – الإجراءات الجنائية – المرجع السابق – ص772؛ الدكتور مأمون سلامة – الإجراءات الجنائية في التشريع المصري – المرجع السابق – ص213؛ الدكتورة فوزية عبد الستار – شرح قانون الإجراءات الجنائية – المرجع السابق – ص571؛ الدكتور نبيل مدحت سالم – شرح قانون الإجراءات الجنائية – الطبعة السابعة – دار الثقافة الجامعية – 1993 – ص55؛ الدكتور عادل قورة – شرح قانون الإجراءات الجنائية – القاهرة – 1987 – ص403؛ الدكتور أحمد شوقي أبو خطوة – شرح قانون الإجراءات الجنائية – الجزء الثاني – 1992 – ص236؛ الدكتور عبد الحميد الشواربي – التعليق الموضوعي على قانون الإجراءات الجنائية – الجزء الثالث – 2010 – ص293؛ المستشار إيهاب عبد المطلب – قانون الإجراءات الجنائية – المجلد الثالث – الطبعة الأولى – 2006 – ص139؛ الدكتور أدوار غالي الذهبي – الإجراءات الجنائية – الطبعة الثانية – مكتبة غريب – 1990 – ص639؛ الدكتور محمود كبيش – شرح قانون الإجراءات الجنائية – المحاكمة – دار النهضة العربية – 2010 – ص102 ). (٧)أما القضاء فنلمح بشأنه تطور, ففي البداية حذا القضاء حذو الرأي الراجح في الفقه, ولكن في أحكام قليلة. فقضت محكمة النقض بأنه لا يكون اعتراف متهم على أخر دليلاً لإثبات الجريمة إلا إذا تعزز هذا الاعتراف بشيء آخر يؤيده ( نقض 8/2/1905 مجلة الاستقلال س4 ص161 ). وقضت أيضا بأنه إذا كان لا يوجد نهي في القانون على أن المحكمة لا تأخذ باعتراف متهم على أخر إلا أن تحقيق العدالة يقضي بأن يكون هذا الاعتراف معززاً بأدلة أخرى ( نقض الطعن رقم 1201 لسنة 42ق مشار إليه لدي محمد صديق – قانون العقوبات في أحكام النقض – 1931 – ص66 ) وقضت كذلك بأن اعتراف متهم على أخر يجوز الأخذ به متى تعزز بأية قرينة تراها المحكمة نقض 1929/1/3الطعن رقم 95 لسنة46 مجموعة صديق المرجع السابق ص64 ) ثم استقر قضاء النقض بعد ذلك على أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلي غيره من المتهمين متى اطمئنن إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ولو لم تكن معززة بدليل أخر ( نقض 14/2/1929 مجموعة القواعد القانونية ج1 رقم158 ص164؛ نقض 6/3/1930 ج2 رقم2 ص1؛ نقض 26/11/1951 مجموعة أحكام النقض س3 رقم18 ص209؛ نقض 3/5/1956 رقم85 ص415؛ نقض 27/1/1964 س15 رقم18 ص87؛ نقض 9/12/1963 س14رقم163 ص894؛ نقض 4/1/1983 س34 رقم4 ص36؛ نقض 26/11/1984 س35 رقم187 ص829؛ نقض 7/11/1979 س30 رقم168 ص793؛ نقض 2/6/1988 س39 رقم11 ص741؛ نقض 16/5/1985 س36 رقم121 ص682؛ نقض 6/2/1990 س41 رقم48 ص275؛ نقض 24/5/1990س41 رقم34 ص769؛ نقض 24/2/1988 هيئة عامة س39 رقم1 ص1 ) ولو عدل عنها قائلها ( نقض 17/11/1969 مجموعة أحكام النقض س20 رقم263؛ نقض 19/2/1951 س2 رقم345 ص644؛ نقض 26/11/1951 س3 رقم78 ص209؛ نقض 1/5/1963 س14 رقم77 ص392؛ نقض 20/11/ 1985 س36 رقم186 ص1016 نقض 7/4/1969 مجموعة أحكام النقض س20 رقم100 ص 765؛ نقض 1/1/1973 س24 رقم1 ص98؛ نقض 26/6/1967 مجموعة أحكام النقض س18 رقم176 ص875 )وأبانت محكمة النقض علة ذلك بقولها إن الأخذ بالرأي العكسي من ضرورة تأييد هذه الأقوال بدليل أو قرينة تعزيرية, ينطوي على مساس بسلطة القاضي في تقدير الدليل وحريته في اقتناعه وتكوين عقيدته من أي دليل يطرح أمام المحكمةنقض 11/3/1954 مجموعة أحكام النقض س5 رقم224 ص611 ). (٨)وينتقد الفقه مذهب القضاء في الاعتماد على أقوال متهم على أخر, كدليل كامل, يصح أن تؤسس عليه بمفرده الإدانة, لأن التأكد من صحة هذه الأقوال وصدقها ينبعث بلا شك من عناصر إضافية إلى تلك الأقوال( الدكتور أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية طبعة 1980 المرجع السابق – ص360 ). ولعل ذلك هو ما حدا ببعض القضاء العربي في أحكامه الحديثة من ذم هذه الأقوال واعتبارها مُجرد دلائل لا يصح أن تُبنى عليها بمفردها الإدانة إلا إذا تعززت بغيرها من الأدلة أو الدلائل ( محكمة التعلق عززت بغيرها من الأدلة أو الدلائل ( محكمة التعقيب التونسية في 31/1/2004 قرار تعقيب جزائي عدد 46868؛ محكمة التعقيب التونسية في 23/3/2005 قرار تعقيب جزائي عدد 13973 ). ويبدو أن الذي أورث الشبهة لدى الرأي المُخالف, هو خلطه ما بين الشهادة وشروطها من جهة, وبين واجبات والتزامات الشاهد من جهة أخرى. فالشهادة هي تقرير يصدر عن شخص في شأن واقعة عاينها بحاسة من حواسه (Garraud II op cit No, 372; Vidal et Magnol II op cit No, 729; Merel et Vitu II op cit No, 931. نقض 15/6/1964 مجموعة احكام النقض س15 رقم98 ص493؛ نقض 2/4/1979 س30 رقم90 ص426؛ نقض 5/3/1987 س38 رقم60 ص387؛ نقض 9/11/1988 س39 رقم155 ص1026؛ نقض 23/11/1989 س40 رقم169 ص1048؛ نقض 21/12/1989 س40 رقم207 ص1289؛ نقض 2/7/1997 س48 رقم11 ص727؛ نقض 5/1/1998 س49 رقم4 ص26؛ نقض24/1/1995 س46 رقم33 ص246؛ نقض 19/3/1995 س46 رقم84 ص569 )ويشترط لإعتبار الشخص شاهداً شرطان هما التمييز( نقض7/3/1971 مجموعة أحكام النقض س22 رقم48 ص199؛ نقض 25/1/1976 س27 رقم20ص94؛ نقض 2/4/1979 س30 رقم90 ص421؛ نقض 9/10/ 1982س33 رقم160 ص782؛ نقض 3/3/1983 س34 رقم61 ص314؛ نقض 4/3/1986 س37 رقم69 ص338؛ نقض 27/11/1985 س36 رقم193 ص1052؛ نقض 28/10/1987 س38 رقم161 ص887؛ نقض 3/3/1983 س34 رقم61 ص314؛ نقض 4/6/1986 س37 رقم69 ص338؛ نقض 21/12/1989 س40 رقم207 ص289؛ نقض 10/1/1990 س41 رقم11 ص91؛ نقض 2/10/1996 س47 رقم135 ص944؛ نقض 20/10/1996 س47 رقم152 ص650؛ نقض 7/10 1997 س48 رقم155 ص1041 )وحرية الإختيار ( نقض 12/5/1975 مجموعة أحكام النقض س26 رقم98 ص423؛ نقض 25/1/1976 س27 رقم19 ص90؛ نقض 24/10/1995 س46 رقم160 ص1101؛نقض 11/1/1996 س47 رقم8 ص68؛ نقض 29/9/1996 س47 رقم129 ص909؛ نقض 10/4/1996 س46 رقم71 ص505 ).أما واجبات الشاهد أو بالأحرى إلتزاماته, فعديدة منها حلف اليمين ( الدكتور محمود نجيب حسني – شرح قانون الإجراءات الجنائية – طبعة 1998 – المرجع السابق – ص815؛ الدكتور عوض محمد عوض – المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية – المرجع السابق – ص769 ). فلا عجب أن تخلع محكمة النقض صفة الشهادة على الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين. وفي ذلك تقول أن الشاهد لغة هو من إطلع على الشئ وعاينه والشهادة إسم المشاهدة وهي الإطلاع على الشئ عياناً, وقد إعتبر قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لإداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ( نقض 21/10/1968 مجموعة احكام النقض س19رقم 166 ص841؛ نقض 16/4/1973 س24 رقم109 ص525؛ نقض 12/11/1987 س38 رقم175 ص960؛ نقض 2/11/1992 س43 رقم149 ص957؛ نقض 9/11/1992 س43 رقم156 ص1014؛ نقض 23/9/1998 س49 رقم122 ص932 )ليس هذا فحسب بل أن من الفقهاء من يرى انه إذ كافأ القانون أحد الجناة بإعفائه من العقاب لإخبار الحكومة بالجريمة أو فاعلها أو سهل القبض عليه, فلا شئ يمنع من أن يكون الجاني الذي اعُفي لهذا السبب شاهداً على الباقين, إذ أنه لم يُعف إلا لهذه الغاية, وحينئذاً توخذ شهادته بعد حلف اليمين ولا يجوز الإعتراض على قبولها( Garraud II op cit No, 410. الأستاذ علي زكي العرابي – المبادئ الأساسية للإجراءات الجنائية – المرجع السابق – ص504؛ الأستاذ أحمد عثمان حمزاوي – موسوعة التعليقات علي مواد قانون الإجراءات الجنائية – دار النشر للجامعات المصرية 1953 ص٦٤٣). ولذات السبب يذهب الفقه إلى جواز إستجواب المتهم المُعترف على زميله لأن شأنه في ذلك شأن الشاهد ( الدكتور عوض محمد عوض – المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية – المرجع السابق – ص698. الدكتور عبد الرءوف مهدي – شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية – المرجع السابق – ص٧٦٥ ). وقد عرض على القضاء واقعة كان المتهم قد تمسك فيها بطلب سماع أقوال ومناقشة متهم أخر إعتراف بالرِشوة ليُعفى من العقاب. إلا أن محكمة الموضوع رفضت طلبه بدعوى أن إستجوابه محظور بنص المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية. وعندما عرض الأمر على محكمة النقض الغت الحكم لأن المًتهم المًعترف يُعد بمثابة شاهد فلا ضير من مناقشته, وإن ذلك لا يُعد إستجواباً محظوراً.وفي ذلك تقول محكمة النقض لما كانت المحكمة قد إنتهت إلى إدانة الطاعن إستناداً إلى إطمئنانها إلى ما إعترف به المتهم الثانى على الطاعن من وقائع تؤدى إلى إدانته دون أن تجيبه إلى طلب سماع أقوال المتهم سالف الذكر كشاهد إثباتومناقشته وكان هذا الطلب يعد طلباً جوهرياً لتعلقه بواقعات الدعوى مما كان يتعين معه على المحكمة إجابته لإظهار وجه الحق فيها, ولا يقبل منها ما أوردته من تعليل لرفض إجابته بدعوى أن هذا الطلب يعد استجواباً غير جائز للحكمة وقد رفضه المتهم الثانى ذلك أن الإستجواب المحظور عملاً بالمادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الإتهام التى تساق عليه دليلاً دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها دون ما يعترف به على غيره من المتهمين وهو ما لا يسرى فى حق المتهم الذى إعترف بوقوع الجريمة فى الدعوى المطروحة أمام المحكمة وحق له الإعفاء من العقاب قانوناً على النحو المارذكره ومن ثم فإن مناقشته فيما إعترف به من وقائع تودي إلى إدانة الطاعن – بإعتباره شاهداً يمكن التعويل على شهادته – لا تعد فى نظر القانون إستجواباً له ولا يرد عليها الحظر الوارد فى المادة 274 سالفة الذكر فلا تحتاج إلى إقرار منه سواء فى قبولها أو الإعتراض على إجرائها وإنما هى فى حقيقتها شهادة يجوز للمحكمة والدفاع مناقشته فيها, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وإعتبر هذا الطلب إستجواباً للمتهم الذى قضى بإعفائه من العقاب, فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع نقض 26/11/2006 الطعن رقم 76701 لسنة 75ق ).أما دعوى التعارض بين المصالح لأن المتهم المُعترف يعتبر خصماً لزميله المتهم الأخر, فظاهرها الضعف, لأن خصوم الدعوى الجنائية هي النيابة العامة, والمتهمين لأن خصوم الدعوى الجنائية هي النيابة العامة, والمتهمين وإن تعددوا, لا يعتبر المتهم خصماً لزميله المتهم الأخر ولو شهد ضده, ولذات السبب لا يعتبر المجني عليه والمدعى المدني خصماً للمتهم رغم أن لهما مصلحة في الشهادة ضده. نخلص من ذلك إلى أن قول متهم على متهم آخر بمثابة شهادة يجوز للمحكمة قانوناً الارتكان إليها في الإدانة, ولو لم تكن في الدعوى أدلة سواها, مادام قد اطمئنن إليها ولكن عند العدول يجب على المحكمة أن تبين أسباب أخذها بالشهادة الأولى دون المعدول عنها.وعلي أي حال فإنه من الصعب عملاً أن يؤسس القاضي حكمه بالإدانة على هذه شهادة متهم على غيره بمفردها لأن القطع والجزم بالإدانة لا يتأتى في الغالب الأعم إلا من تعدد الأدلة وتساندها.

هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...

نبذة عن حصانة المحامي في دستور ٢٠١٤بقلم ✍د. ياسر الأمير ______________________________________________ (١)كان ينظر إلى المحامي حتى عهد قريب علي كونه مجرد وكيل للمتهم أو بالأحرى الفم الناطق باسمه وبالتالي لم يكن للمحامي حقوق أو ضمانات ضد الإجراءات الجنائية إلا تلك التي يكفلها الدستور والقانون للمتهم ذاته دون أكثر أو أقل. ولكن بدأت الأذهان تتفتح إلى أن دور المحامي جد خطير فهو فوق حرصه على تمثيل المتهم ونقل وجهه نظره وبلورتها في إطار قانوني فإن له دور آخر يتمثل في حماية حقوق الدفاع وإرساء منظومة العدالة وكفالة سيادة القانون بحسبانه مستقل وعالم في القانون وأقدر الأشخاص في المجتمع المدني علي رقابة سلطات الدولة في تعاملها مع مواطنيها. وإذا كان الدور الأول يقتضي تمتع المحامي بذات حقوق المتهم فإن الدور الآخر يتطلب تمتعه بضمانات خاصة تمكنه من إنفاذ حكم القانون وكفالة حقوق الدفاع دون حرج أو خوف من تلفيق التهم بحسبانه أحد أضلع منظومة العدالة. (٢)ولهذا حرص دستور ٢٠١٤ في المادة ١٩٨علي النص بان المحاماة مهنة حره تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حقوق الدفاع كما ابان النص الدستوري تمتع المحامون أثناء تاديه حق الدفاع أمام المحاكم وسلطتي التحقيق والاستدلال بالضمانات المقررة لهم قانونا. وحظر النص الدستوري في غير حاله التلبس القبض على المحامي أو حجزه أثناء مباشرته حق الدفاع وذلك كله على النحو الذي يحدده القانون. ولم يقرر المشرع الدستوري تلك الحصانة لشخص المحامي وإنما قررها لحماية حقوق الدفاع المنوط بالمحامي إنفاذها على اعتبار أن حق الدفاع يتعلق بالمصلحة العامة Leaute les principes general relatifs aux droit de la defense R. E. V, Sc. crim 1953p47 وينبع من روح القانون الطبيعي Derriade perquisitions et saisies chez la avocat R. E. V SC. Crim 1985p228ومن ثم تنحسر تلك الحصانة عن الجرائم التي تقع من المحامي في حياته وتكون منبتة الصلة بعمله على السهر في حماية حق الدفاع Paris 27juin1984, Gaz Pal. No, 4, p416 وهو ما أكدته الفقرة الأولى من المادة 51من قانون المحاماة رقم لسنه 1983بعد تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 2019 إذ نصت على أنه لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة أو قاضي التحقيق في الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك. وهو ما ينصرف إلى الجرائم التي يتهم فيها المحامي ولا تتعلق بالدفاع. (٣)ومقتضى النص الدستوري أن المشرع أحاط المحامي بضمانات ضد الإجراءات الجنائية إذ ما ارتكب نوعين من الجرائم الأولي الجرائم التي تقع أثناء أداءه حق الدفاع والنوع الآخر الجرائم التي تقع ابان مباشرة حق الدفاع وهى حصانه قاصره على إتخاذ إجراءات التحقيق دون رفع الدعوي الجنائية إذ يكون للنائب العام اقامة الدعوى.وقد أحال الدستور بشأن النوع الأول إلى القانون وبين حكم النوع الثاني وهو ما قضت به محكمة النقض حين أوضحت أن القيد الوارد في المادتين ٤٩، ٥٠ من قانون المحاماة يقتصر على جرائم الجلسات التي تقع من المحامي وذلك قبل صدور دستور ٢٠١٤ وخلو القانون من نص يقرر حصانه للمحامي في جرائم أداء حق الدفاع (الطعن رقم ٢٢١٩٢ لسنة ٦٢ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٧/٠٤/٠٥)وهو ما غاب عن نفر من الفقهاء الذي انتقد النص الدستوري وقرر أنه تحصيل حاصل بحجه أن ما جاء به لا يعدوا ترديدا لما جاء بقانون المحاماة والإجراءات الجنائية! وهو ما نراه غير صحيح. (٤)إذ جرائم أداء حق الدفاع يقصد بها الجرائم التي تقع من المحامي أمام المحكمة وهو ما قضت به محكمة النقض الطعن رقم ٣٢٣ لسنة ٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٣/٠٥/١٦ طبقا للمواد 245 إجراءات و49 و50من قانون المحاماة قبل تعديلهما وقبل صدور دستور ٢٠١٤. أو النيابة العامة أو الشرطة طبقا لتعديلات قانون المحاماة حال قيامه بعمله المتمثل في إبداء الطلبات أو الدفاع وما يستلزمه ذلك من التمسك بالشرعية وإرساء سيادة القانون. ومقتض هذه الحصانة عدم جواز القبض على المحامي أو حجزه أو حبسه وإنما فحسب تحرير مذكرة وإرسالها إلى جهات الاختصاص بحسب ما إذا كان ما وقع منه تشويش أو جريمة. وتمتد هذه الحصانة إلى أحوال التلبس بالجريمة لأن الفرض فيها مشاهده المحامي حال ارتكابها من الجهات المار ذكرها لحصولها في حضرتها. ومن أمثلتها جريمة أهانه المحكمة بسبب رفضها إثبات دفاع المحامي في محضر الجلسة أو إحراز المحامي قطعه حشيش صغيرة الحجم في مكان ظاهر في جيبه أثناء استجوابه للضابط لاختبار قوة إبصاره وملاحظته للتشكيك في الرواية المذكورة في محضر الضبط من رؤيته للمخدر في جيب المتهم حال استيقافه. أو سب وقذف عضو نيابة رفض السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق قبل استجواب موكله المتهم. أو التعدي على ضابط شرطة رفض تحرير محضر للمحامي عن إصابة موكله وطرده من القسم. (٥)وأما جرائم مباشرة حق الدفاع فيقصد بها الجرائم التي تقع بسبب أو بمناسبة حق الدفاع ويتحقق ذلك في حالتين الأولي: إن تكون هناك صلة بين الجريمة وحق الدفاع مهما كان زمانها أو مكانها أو مداها والحالة الثانية: كون حق الدفاع قد ساعد على وقوع الجريمة أو كون المحامي لم يكن ليفكر في الجريمة أو يرتكبها لولا حق الدفاع. ومن أمثله هذه الجرائم مساهمة أحد المحامين في تزوير عقد لصالح موكله لاستخدامه في دعوى مدنية. أو استعماله مخالصة يعلم بتزويرها بتقديمها إلى المحكمة أو النيابة العامة.ففي هذه الجرائم لا يجوز القبض على المحامي وحبسه ما لم تكن الجريمة متلبسا بها. وهذا وجه فرق بين جرائم أداء حق الدفاع وجرائم مباشرة حق الدفاع. (٦)وعلى الرغم من أن الدستور لم يذكر سوي حظر القبض والحجز بشأن جرائم مباشرة حق الدفاع إلا أننا نعتقد امتداد الحصانة إلى كافة إجراءات التحقيق التي تتخذ ضد المحامي كتفتيش مسكنه أو مكتبه أو رقابة محادثاته لاتحاد العلة وهي خشية التلفيق بسبب مباشرة حق الدفاع وإمكان المحامي تحقيق موجبات العدالة وإرساء دعائم القانون دون حرج أو خوف من تدخل السلطة التنفيذية. وهي سياسة دستورية رشيدة تنم عن فهم كامل ورائع لطبيعة عمل المحامي. ويجب على سائر سلطات الدولة تطبيق النص الدستوري دون حاجة إلى إصدار قانون باعتباره من النصوص صالحه التطبيق المباشر دون تربص صدور قانون أدنى.

هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...

إشكاليات الصلح الجنائي من حيث الجرائم والأشخاص في ضوء قضاء النقض دراسة نقدية: بقلم✍ د. ياسر الأمير ===================== (١)يعتبر الصلح أحد الإجراءات البديلة للدعوى الجنائية التي تستهدف استيفاء حق المجتمع في العقاب إذ لا عقاب دون دعوى وبمقتضي الصلح تنقضي سلطة الدولة في العقاب وبالتالي لا يجوز رفع الدعوى وأن رفعت تعين القضاء بعدم جواز نظرها وان حدث الصلح أثناء نظر الدعوى تعين القضاء بانقضائها بالصلح وان صار حكم الإدانة باتا وتم الصلح تعين وقف تنفيذ العقوبة. levasseur chavonn Monteruil Bouoloc et Hatsopoulou Droit penal general et procédures penal 2002 p785; Dupre ' la tranșaction en matiere penale 1978. p17 هذا ولم يجعل المشرع الصلح سببا عاما لانقضاء الدعوى الجنائية في جميع الجرائم وإنما اعتبره سبب خاص ببعض الجرائم فقط بحسب تقدير المشرع لها. والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح في مذهب النقض يلتقي في النتيجة مع حكم البراءة(الطعن رقم ١١٢٨لسنة٦٦قضائية الصادر بجلسة ٢٠٠٥/٥/٢٣)وأن نصوص الصلح تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بدلاً من معاقبة المتهم يتحقق به معنى القانون الأصلح في مفهوم نص المادة الخامسة من قانون العقوبات ومن ثم لمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم والحكم بانقضاء الدعوى متى ثبت الصلح بين الطاعن والمجني عليه (الطعن رقم٣٧٩٢ لسنة ٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠١/١٦ الطعن رقم ٦٠٢٢ لسنة ٨١ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/١٤ الطعن رقم ١٧٥٩ لسنة ٧٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/١٤ الطعن رقم ٢٦٧٩٦ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٠/١٢ ولقد نصت 18مكررا من قانون الإجراءات الجنائية على الصلح بقولها للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال، وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في المواد 238 (الفقرتان الأولى والثانية) و241 (الفقرتان الأولى والثانية) و242 (الفقرات الأولى والثانية والثالثة) و244 (الفقرتان الأولى والثانية) و265 و321 مكرراً و323، و323 مكرراً، و323 مكرراً أولاً و324 مكرراً و336 و340 و341 و342 و354 و358 و360 و361 (الفقرتان الأولى والثانية) و369 و370 و371 و373 و377 (البند 9) و378 البنود (6، 7، 9) و379 (البند 4) من قانون العقوبات، وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون. ويجوز للمتهم أو وكيله إثبات الصلح المشار إليه في الفقرة السابقة. ويجوز الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى، وبعد صيرورة الحكم باتاً. ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة. (٢)ويختلف الصلح عن الشكوى التي يتطلبها القانون في بعض الجرائم لأسباب قدر معها جعل زمام تحريك الدعوى الجنائية بيد المجني عليه كجرائم الزنا والسرقة بين الأصول والفروع والسب والقذف إذ تعد الشكوى قيد على حرية النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوى أما الصلح فهو سبب لانقضاء الدعوى الجنائية بعد تحريكها ورفعها ففي جرائم الصلح لا قيد علي سلطه النيابة في تحقيق الدعوى ورفعها سواء تقدم المجني عليه أو أهليته ببلاغ من عدمه حقا أن القانون يرتب ذات الأثر على الصلح والتنازل عن الشكوى بعد تقديمها وهو انقضاء الدعوى إلا أن ذلك لا يعنى الخلط بينهما كما أن جرائم الشكوى ليس هي ذاتها جرائم الصلح إذ تختلف عنها. كما أن الصلح يختلف عن التصالح إذ الأخير إجراء يتم بمقتضاه نزول الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام التصالح عليه، ويحدث أثره بقوة القانون ووجه الخلاف الطرافة إذ بينما المتهم طرف ثابت فإن المجني عليه في التصالح الدولة أو أحد أشخاص القانون العام في حين أن المجني عليه في الصلح شخص عادي. كما يختلف الصلح عن عدول المجني عليه عن سبق اتهام المتهم إذ كثيرا ما يجبر المتهم ضرر الجريمة ويعوض المجني عليه نظير تنازل الأخير عن اتهامه بتغيير أقواله السابق إبدائها ضده ويحدث ذلك غالبا في الجرائم التي لم يجيز القانون الصلح فيها وهذا العدول ليس بصلح بل قول جديد يخضع لتقدير المحكمة ولها الالتفات عنه(الطعن رقم ٣٢٠٩٦ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/١٢الطعن رقم ٢٤٩٥٠ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/١٢الطعن رقم ٣٠٤٤٢ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٧الطعن رقم ١٦١٧٠ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/٠٦الطعن رقم ٩٤٩ لسنة ٧٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٢٢الطعن رقم ٧٩٨٦ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٢٢؛ ٢؛ الطعن رقم ٤٢٨٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٤الطعن رقم ٦٢٧٥ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٢الطعن رقم ١٦٢٧٨ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٩/٢٨الطعن رقم ٢٤١٤٨ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٣الطعن رقم ٢٩٤٠٨ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٤/٢٧؛ الطعن رقم ١٧٧١ لسنة ٧٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٤/٠٨ الطعن رقم ١٨٢٥٩ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/٢٥الطعن رقم ٣٦٧١ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٤/٠١الطعن رقم ٤٠٢٥ لسنة ٧٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/٢٥الطعن رقم ٦٦٧٩ لسنة ٨٤ قضائيةالطعن رقم ١٧٤٠٣ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/٠٧الطعن رقم ٢٤١٨ لسنة ٨٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/١١الطعن رقم ١٠٥٩٧ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/٠٥) (٣)ويثير الصلح الجنائي في الواقع العملي العديد من المشاكل سواء من حيث الأشخاص أو الجرائم. فمثلا إذ تعدد المتهمون في جريمة يجوز فيها الصلح وتصالح المجني عليه مع بعض المتهمين دون البعض الآخر فهل ينصرف أثر الصلح إلي الجميع أم تنقض الدعوي فقط لمن تصالح معه المجني عليه وتستمر للباقين؟ ويثور التساؤول أيضا عند تعدد الجرائم وارتباطها ويكون بعضها يجوز فيها الصلح دون الأخرى ويتصالح المجني عليه فهل لهذا الصلح أثر على الجرائم الأخرى المرتبطة؟ وأيضا يحق لنا أن نتساءل هل جرائم الصلح وردت في القانون على سبيل الحصر؟ القاعدة التي تبناها الفقه والقضاء هي نسبية أثر الصلح من حيث الأشخاص أو الجرائم. (٤)فمن ناحية أولي إذا ما تصالح المجني عليه في جريمة ضرب مع البعض دون البعض. كما إذا تعدي( أ)وب) بالضرب على( ج )محدثي به العديد من الإصابات وقدمتهما النيابة العامة للمحاكمة ولكن قام (أ) بمراضاة وتطيب خاطر (ج) فتصالح معه. فإن السؤال المثار هل يستفيد(ب)من هذا التصالح؟ خلا القانون من نص في هذا الشأن بخلاف أحكام الشكوى إذ اعتبر المشرع أن تنازل المجني عليه عن شكواه بالنسبة لمتهم يعتبر تنازل عنها بالنسبة للباقين. فهل يقاس الصلح علي الشكوى؟ جمهور الفقه على أن للصلح أثر نسبي فلا يستفيد منه إلا المتهم الذي تصالح معه المجني عليه أما غيره فلا ينصرف الصلح إليه لعدم النص. ولقد أخذت محكمة النقض برأي الجمهور فقضت في حكم حديث لها بأن للصلح أثر نسبي فلا يستفيد منه إلا من كان طرف فيه وذلك بخلاف الشكوى إذ يعتبر التنازل فيها لأحد المتهمين تنازلا للباقين وطبقه ذاك علي جريمة القتل الخطأ وقالت إنها ليست من جرائم الشكوى ومادام أن المتهم لم يكن طرف في عقد الصلح فإن أثره لا ينصرف إليه. وفي ذلك تقول لما كان الثابت بالأوراق أن الجريمة التي دين بها الطاعن وهي جريمة القتل الخطأ المعاقب عليها بالمادة 238/2، 1 من قانون العقوبات، وهي ليست من ضمن الجرائم المنصوص عليها في المادتين 3، 10 من قانون الإجراءات الجنائية، وهي التي يجوز لمن قدم الشكوى فيها أن يتنازل عن شكواه، وأن التنازل فيها لأحد المتهمين يُعد تنازلاً بالنسبة للباقين، ولكن هذه الجريمة التي دين بها الطاعن تخضع للأحكام المنصوص عليها في المادة 18 مكرراً أ، ولما كان الثابت أن الطاعن لم يكن طرفاً في الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليها والمتهم الثاني – وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإنه لا يستفيد من هذا الصلح ولا شأن له به، ويضحى ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا محل له. (الطعن رقم ٤٨٦٤ لسنة ٥قضائية الصادر بجلسة بجلسة٢٠١٦/٢/٦). وهذا القضاء يتفق مع ظاهر نصوص الصلح التي خلت من تقرير أن الصلح بالنسبة لمتهم يعد صلح بالنسبة للباقين أيضا على خلاف ما قرره المشرع في المادة 3/10 إجراءات من أن التنازل عن الشكوى بالنسبة لمتهم يعد تنازلاً عنها بالنسبة للباقين أيضا. ولكن نعتقد لمكانيه قياس الصلح علي التنازل عن الشكوى لا تحاد العلة المتمثلة في صفح المجني عليه وحتى لا يتحول الصلح إلى أداه تسلط وتهديد وربما ابتزاز ومن شأن رأينا تلافي سوء استعمال حق الصلح من قبل المجني عليه إذ مادام عفي لان ضرر الجريمة قد أزيل فليس له أن يختار أي من المتهمين ينصرف إليه الصلح وإلا منحنا المجني عليه سلطه خطيرة تتمثل في تحديد مصاير المتهمين والمغايرة بين أقدارهم وهو ما لا يمكن أن ينزلق إليه المشرع لأن ذلك ولئن كان يستقيم في الحقوق المدنية إلا أنه يضحي محل نظر في المواد الجنائية(الدكتور ياسر الأمير فاروق -تفسير الإجراءات الجنائية - 2016- ص 509 ). (٥)وأما بالنسبة لأثر الصلح على الجرائم المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة فنلحظ أن أحكام النقض تري أن العبرة بالجريمة الأشد ومن ثم فإن الصلح في الجريمة الأخف لا أثر له على الجريمة الأشد التي لا يجوز فيها الصلح ولكنها تعلل لذلك بأن مناط الارتباط في المادة 32 عقوبات رهن بأن تكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفاة من المسئولية أو العقاب. فذهبت في حكم لها أن منازعة الطاعنان بشأن الصلح في جريمة الإصابة الخطأ غير مجد ما دامت المحكمة أعملت في حقهما المادة 32 عقوبات ودانتهما بجريمة إحراز سلاح ناري وذخائر دون ترخيص ذات العقوبة الأشد (الطعن رقم٢٠٤٦٣ لسنه ٨٥قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٨/١١/٢٨)وقضت أيضا بان الصلح بين المجني عليه والمتهم بشأن جريمة الضرب ذات العقوبة الأخف لا يترتب عليه امتداد أثر الصلح إلى جريمة البلطجة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها ذلك أن مناط إعمال أحكام الارتباط وفقا للمادة 32 عقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمه لم يجر على إحداها حكم إعفاء من العقاب اوالمسؤليه أو الانقضاء(الطعن رقم ١٢١٤٥لسنة٧٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٢/١٠/٢١)وقضت أيضا بأنه ولئن كان الصلح مع المجني عليه ذا أثر في جريمة الضرب المؤتمة بالمادة ٢٤١ من قانون العقوبات إلا أنه لا أثر له على جريمة إحراز سلاح أبيض دون مسوغون الضرورة المهنية أو الشخصية أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها ولا يغير من ذلك ارتباط تلك الجريمة بجريمة الضرب سالفة الذكر لما هو مقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم تجر على إحداها حكم من الأحكام المعفاة من المسئولية أو العقاب؛ لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأخرى لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدى المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهمين ثبوتاً ونفياً(الطعن رقم ٢٤٢١ لسنة ٨٠ قضائية جلسة ٢٠١٦/١١/٣) وقضاء النقض في هذا الشأن لا يخلوا من تعارض إذ يستفاد منه تارة أنه إذا كانت الجريمة التي تم فيها الصلح هي ذات العقوبة الأشد انعطف أثر هذا الصلح علي الجريمة الأخف التي لا يجوز فيها الصلح بالتبعية. ويستفاد منه تارة أخرى أنه لا أثر للصلح علي الجرائم المرتبطة مطلقا سواء أكانت عقوبتها أشد أم أخف لأن مناط إعمال أحكام الارتباط وفقا للمادة 32 عقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم إعفاء من العقاب اوالمسؤليه أو الانقضاء. (٦)وأما بالنسبة لجرائم الصلح المشار إليها في قانون العقوبات فهي القتل الخطأ والضرب والجرح العمدي وغير العمدي (الطعن رقم ٥٤٢٤ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/٠٤ وجريمة إعطاء جواهر غير قاتلة ينشأ عنها مرض أو عجز وقتي عن العمل والعثور على شيء أو حيوان فاقد ولم يرد إلى صاحبه والنصب وخيانة الائتمان على التوقيع على بياض وخيانة الأمانة واختلاس الأشياء المحجوزة وكسر أو تخريب آلات الزراعة أو زرائب المواشي أَو عشش الخفراء إتلاف ونقل وإزالة الحدود، الحريق الناشئ عن عدم تنظيم الأفران والإتلاف العمدي والاعتداء على حيازة العقار والمشاجرة أو الإيذاء العمدي الخفيف والإتلاف غير العمدي والسب، والابتزاز بسب غير علني، ودخول أراضي مهيأة للزرع. وتري محكمة النقض مؤيده من جانب بعض الفقهاء أن المشرع أورد الجرائم التي تجيز للمجني عليه ولوكيله الخاص أن يتصالح فيها مع المتهم على سبيل الحصر والاستثناء فلا يصح القياس عليها(د.عوض محمد عوض المبادئ العامة من قانون الاجراءات٢٠٠٢ ص١٣٩؛ د.أمين مصطفى انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح ٢٠٠٨ص١٩٦)ولهذا قضت محكمة النقض بأن تصالح المجني عليه مع المتهم في جريمة التبديد المعاقب عليها بالمادة ٣٤١ عقوبات أمام النيابة العامة يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح (الطعن رقم ٣٥٤٠ لسنة ٥ قضائية(الصادر بجلسة ٢٠١٦/٠١/٠٢ الطعن رقم ١٠٢٦ لسنة ٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/٠١/٠٢؛ الطعن رقم ١٢٨٦٦ لسنة ٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٣/٠٧/٠٤) وقضت بأن ثبوت تصالح وكيل المدعي المدني مع الطاعن في جريمة النصب التي دين بها يوجب نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح (الطعن رقم ٧٦٥٥ لسنة ٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٤/١١/٢٧؛ الطعن رقم ٢٨٢٠٩ لسنة ٦٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٧/٠٤/٠٤)وكذلك بان ثبوت تصالح المدعي بالحق المدني مع الطاعن عن جريمة دخول أرض زراعية وعدم الخروج منها بناءً على تكليفه ممن له الحق في ذلك التي دانه الحكم المطعون فيه بها يوجب نقض الحكم والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح (الطعن رقم ١٨٣٠٥ لسنة ٤ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٤/١١/١٥ وان تصالح وكيل المدعي بالحقوق المدنية بمحضر جلسة وان صدور قانون التجارة الجديد رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ والنص في المادة ٥٣٤ / ٤ منه أنه يترتب على الصلح بين المجني عليه والمتهم انقضاء الدعوى الجنائية في جريمة إصدار شيك دون رصيد لمحكمة النقض نقض الحكم وتقرير انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح(الطعن رقم ٢٦٤٧٣ لسنة ٢ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٣/٠٤/٢٠). ولكن على العكس قضت بأن جريمة وضع تركيبات معدة لتوصيل المياه من مورد مائي عام دون الحصول على ترخيص بذلك المنصوص عليها في المادتين 2، 11 من القانون رقم 27 لسنة 1978 بشأن تنظيم الموارد العامة للمياه اللازمة للشرب والاستعمال الآدمي التي دين بها الطاعن ليست من بين الجرائم المحددة على سبيل الحصر بالمادة سالفة الذكر فإنه لا أثر لمحضر الصلح الذي يدعي الطاعن تقديمه (الطعن رقم ٣٧٤٤لسنة ٥قضائيةجلسة ٢. ١٥/١٠/٢٤)وقضت أيضا أنه لا صلح في المواد الجنائية إلا بنص وفي حدود ما صرح به وأن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن الجريمة المسندة للطاعن ليس من الجرائم الجائر فيها الصلح أو انتفت في حق مرتكبها شرائط الصلح يتضمن ردا على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح وقضت أنه لا أثر للتنازل أو الصلح على قيام جريمة السرقة بالإكراه أو مسئولية مرتكبها أو الدعوى الجنائية المرفوعة بها(الطعن رقم ٢٢٤٧٧ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٣؛ الطعن رقم ٩٣٠١ لسنة ٧٨ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠١/١٠) وأيضا فإن تنازل المجني عليه في جريمة إحراز سلاح ناري لا تنقضي الدعوي عنه بالصلح (الطعن رقم ٢٩٣٠٥ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٤/٢٧)وكذلك جناية العاهة المستديمة لا تنقضي بالصلح(الطعن رقم ٢٨٤٨ لسنة ٨٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٢/٢٣الطعن رقم ٩٨٧ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١١/١٨؛ الطعن رقم ١٠٨١٥ لسنة ٧٩ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/١٠/١٨الطعن رقم ٢٩٩٨٥ لسنة ٨٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٤/١٩الطعن رقم ٢٤٩١٤ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٣/١٥؛ الطعن رقم ٢٨٤٨ لسنة ٨٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٢/٢٣) وقضت أيضا بأن التفات الحكم عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه القتيل والمتهم واستلام مبلغ الدية لا يعيب الحكم إذ لا أثر للصلح والتنازل على المسئولية الجنائية للمتهم عن جريمة القتل العمد(الطعن رقم ١٥٨٩٨ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٠/١٤الطعن رقم ٣٦٨٤٥ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٨/١٠/٢٨؛ الطعن رقم ١٧٩٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادربجلسة ٢٠١٨/٠٣/١٢)وأن النعى على الحكم عدم تقديره الصلح فى القتل طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية والتى تجعله بمثابة عفو يحول دون القصاص إذ لا يوجد ما يمنع شرعا ولى الأمر مع عفو اهليه القتيل أن يعزر الجانى بحبس أو نحوه(الطعن رقم ٤١١٩٢ لسنة ٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٨/٠٢/٠٧). ونعتقد أن الرأى السابق كان يمكن قبوله لدى تقرير نظام الصلح فى قانون الإجراءات الجنائية اذ كانت جرائم الصلح قليله جدا وكان يصح عندئذ القول بأن الصلح يمثل استثناء مطلق على خلاف الأصل المقرر بأن صفح المجني عليه لا اعتداد به لأن الجريمة لم تقع عليه وحده، بل تقع على المجتمع أيضا ولا يملك المجني عليه بصفحه أن يسقط حق المجتمع في المطالبة بعقاب الجاني ومن ثم يحظر القياس على الجرائم الجائز فيها الصلح فلا صلح بغير نص. ولكن أجرى تعديل على المادة 18 مكررا(أ) سالفة الذكر، بالقانون رقم 145 لسنة 2006 وقوانين أخرى باتساع نطاق الجرائم الجائز فيها الصلح وتصنيفها إلى طوائف متعددة، لدرجة يمكن اعتبارها تشكل قاعدة عامة للاستثناء ذاته ولهذا نرى إمكانية قياس جرائم أخرى على الجرائم الواردة في المادة المار ذكرها متى توفرت شروط القياس وكانت هذه الجريمة من جنس الجرائم المنصوص عليها ومن ذلك قياس جريمة التزوير في محرر عرفي على جريمة خيانة الائتمان على التوقيع الجائز الصلح فيها، لاتحاد علة العقاب المتمثلة في تغيير الحقيقة ولقد خاطرت محكمة النقض بقولها أن الشارع أجاز لولى الأمر رغم عفو اهليه المجنى عليه فى القتل العمد أن يعزر الجانى إذ ذلك ليس حكم الشرع وإنما مذهب بعض العلماء وهناك من عارضهم. وفى الموضوع تفصيل لأ يتسع له هذا المقال.

هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...

استغلال النفوذ ما بين الحقيقة والزعم بقلم ✍د. ياسر الأمير ______________________________________________ (١)جرم المشرع استغلال النفوذ في المادة ١٠٦ مكرر من قانون العقوبات عقب الرشوة.ويتفق استغلال النفوذ مع الرشوة فى بعض جوانب الركن المادي إذ كلاهما يقوم على افعال الطلب أو القبول أو الأخذ لعطية أو فائدة ولكن وجه الخلاف ينحصر فى مقابل الفائدة إذ فى الرشوة يتمثل هذا المقابل فى العمل الوظيفى أما فى استغلال النفوذ فهو استعمال الجانى لنفوذه للحصول أو محاولة الحصول على ميزة أو منفعه من سلطة عامة ولهذا كانت الرشوة اتجار بوظيفه وكان استعمال النفوذ اتجار بنفوذ.كما أن الجانى فى استغلال النفوذ لأ يزعم الإختصاص بالعمل المقابل للعطية بعكس الرشوة وإنما يزعم أن لدية نفوذ لدى السلطة العامة Cass crim 1October 1984 Bull crim No.277ولقد نصت المادة ١١٦مكررا على أن كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو مقاولة أو على وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 من هذا القانون إن كان موظفاً عمومياً وبالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط في الأحوال الأخرى. ويعتبر في حكم السلطة العامة كل جهة خاضعة لإشرافها. ويقصد بالنفوذ لدى الفقه أن تكون للجاني صفة خاصة ببعض أجهزة الدولة تجعله ذا حظوة لدى العاملين فيها تمكنه من ممارسة نوع من الضغط عليهم لإنجاز ما يريد إنجازه عن طريقهم. ولكن يجب أن ينصرف النفوذ إلى المكانه الرئاسية للجانى أو الإجتماعية أو السياسية(الطعن رقم ٣٠٦١٥ لسنه ٧٢قضائية الصادر بجلسة ٢٠٠٣/٧/٢١؛الطعن رقم ٤١٠٥لسنة ٧٩قضائية الصادر بجلسة ٢٠٠١/١٥/٣).ولا يشترط القانون صفة خاصة في الجاني فقد يكون موظفاً عاماً يستمد نفوذه من مركزه الوظيفي وقد يستمد النفوذ من صفة قربى أو صداقة تربطه بذي جاه وقد يكون الجاني شخصاً عادياً له مثل هذا النفوذ كزوجة الموظف وأبيه وإخوته وبنيه. كما سوى المشرع بين النفوذ الحقيقي والمزعوم فليس من اللازم لوقوع الجريمة أن يكون النفوذ حقيقياً إذ قد يكون مزعوم فإن كان النفوذ مزعوماً فليس من شروطه أن يقترن بوسائل احتيالية تعززه بل يكفي فيه القول المرسل والادعاء المجردGarraud"Traite droit penal Francais t4 191p145 ;Garcon"Code penal annote art 177 No40 ولا يلزم في الزعم أن يكون صريحاً،فيصح أن يكون ضمنياً وبذلك يتضح توسع المشرع في المادة ١٠٦ مكرراً عقوبات ليشمل حالة استعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على أية مزية من أية سلطة عامة وبالتالي فمجرد الادعاء بالنفوذ المزعوم ولو من خلال القول يتحقق به الزعم في معنى المادة ١٠٦ مكرراً عقوبات وتوقع عقوبة الجناية أن كان المستغل موظف عام والا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة ١٠٦ مكرراً عقوبات(الطعن رقم ١١٣١ لسنة ٤٠ قضائية جلسة ١٩٧٠/١٠/٢٦) فإن اقترن الزعم بالقول بطرق احتيالية تدعمه قامت جريمة النصب بجانب استغلال النفوذ Cass crim 13fevre 1909 Bull 103 ولكن انتحال الجاني صفه غير صحيحه والجهر بها كأحد صور النصب لا يختلط باستعمال النفوذ المزعوم ومناط التفرقة هو مدى تعلق الزعم باتجار الجاني بنفوذه فإن اتجر بنفوذه تحققت الجريمة ولو كان هذا النفوذ في الواقع مزعوم لا أساس له من الصحة.أما أن انتحل صفة غير صحيحه أو بالأحرى مزعومة توصلا لإقناع الغير بقدرته على ان يحصل له على ميزه لقاء عطية تحققت جريمة النصب.لأن الجاني عندئذ لم يتجر بنفوذ مزعوم وإنما انتحل صفة لإقناع الغير بأن له سلطه ونفوذ فهو لم يدع نفوذ وإنما انتحل وزعم صفه ليس له. وكذلك تعد الواقعة نصبا أن كانت الميزة أو المنفعه المستهدفه من استغلال النفوذ غير ممكنه أو السلطة العامة المراد الحصول على الميزه منها لأ وجود لها قانونا. (٢)غير أن الزعم فى استغلال النفوذ لا يتحقق إلا إذا أمكن نسبته إلى المتهم نفسه، فإن لم يكن للمتهم حظ من نفوذ أو بالأحرى صفة خاصة ببعض أجهزة الدولة تجعله ذا حظوة لدى العاملين فيها تمكنه من ممارسة نوع من الضغط عليهم لإنجاز ما يريد إنجازه عن طريقهم ولم يكن قد زعم لنفسه شيئاً من ذلك فإن الجريمة لا تقع لتخلف أحد عناصرها وهو مقابل الفائدة(د. محمد زكي أبو عامر قانون العقوبات القسم الخاص ٢٠١٣ص ١٣٢؛ د.عبد المهيمن بكر القسم الخاص في قانون العقوبات القسم ١٩٧٧ص٣٢١؛ د. حسن المرصفاوي قانون العقوبات الخاص ٢٠٠٥ص١٣٢؛ دعوض محمد عوض الجرائم المضربالمصلحة بالمصلحة العامة ١٩٨٥ص١٢١؛ د. محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم الخاص ١٩٨٨ص١٦٥)ومن أمثلة ذلك أن يستولي شخص على فائدة من غيره لينجز له حاجة لدى بعض أجهزة الدولة مستغلاً خبرته في هذا المجال كتسجيل عقد في مصلحة الشهر العقاري أو استخراج ترخيص أو الإفراج عن بضاعة في الجمارك. وبالتالي متى كان النفوذ حقيقيا وجب أن تتوافر صفه أو حاله في الجاني تجعل له ثقل على أجهزة الدولة والعاملين بها فإن كان الجاني موظفا وجب أن يكون لدية سلطه على المرؤوس الذي بيده الميزة أو المنفع وسواء أن يقوم الجاني ببذل مساعيه واستغلال نفوذه من عدمه لأن هذا العمل لا يعتبر جزءا من النشاط الذي يؤثمه القانون، وإنما هو مجرد مقابل للفائدة التي يطلبها الجاني أو يقبلها من صاحب الحاجة وهذا التقابل يتحقق متى كان استغلال النفوذ محل اعتبار لدى الطرفين سواء بذل الجاني مسعاه بعد ذلك أو لم يبذله. اماأماإما في حاله النفوذ المزعوم فلا محل لتلك الصفة أو الحالة كما أنه لا يتصور اثارهآثارهأثاره مسألة مدى انتماء الجاني بذل مساعيه من عدمه إذ نفوذه مزعوم وليس حقيقي. (٣)غير أن محكمة النقض فيما يبدوا لا تشترط في جريمة استغلال النفوذ حين يكون المتهم المستغل موظف عام أن يكون صاحب سلطه رئاسية على المرؤوس. إذ جرت أحكامها أنه ليس بلازم أن يكون صاحب النفوذ الحقيقي له سلطة رئاسية على المرؤوس سواء أكان النفوذ حقيقي أو مزعوم وسند النقض في ذلك أن المشرع لم يشترط صفه الموظف العام أصلا بل من الجائز أن يكون المتهم صاحب السلطة والنفوذ الحقيقي غير موظف على الإطلاق كما أن المشرع جرم النفوذ المزعوم بما يعنى عدم اشتراط تنفيذ الوعد باستغلاله لاستحالته تنفيذه وبالتالي لا مجال لإضافة شرط غير موجود ذلك أنه مع إزاء إطلاق النص فلا محل لاشتراط أن يكون للنفوذ والسلطة طابع رسمي (الطعن رقم ١٧٨٠٥٤ لسنة٨٥ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٦/١/٩)وقضت تطبيقا لذلك بتوافر جناية استغلال النفوذ في حق موظف عام بسيط(إمام ومدرس بمديرية أوقاف ………. )من طلب مبالغ نقدية من المجني عليهم – وأخذها – بزعم تدخله لدى المسئولين بوزارة الأوقاف للعمل على استصدار قرارات تعيينهم بجهة عملها اتجار بنفوذ(الطعن رقم ٥٦٩ لسنة ٨٨ قضائيةالدوائر الجنائية - جلسة ٢٠٢٠/١٠/١٠)وأيضا قضت بتحقق جناية استغلال النفوذ في حق مدير مدرسة خاصة تابعه للمعاهد القومية التي تخضع لرقابة الدولة طلب من السيدة. . . . . مواقعتها جنسياً على سبيل الرشوة مقابل استغلال نفوذه لدى وزارة التربية والتعليم بحصوله على موافقة وزير التربية والتعليم على عقد امتحان خاص لابنها وقيده بالمدارس التي يديرها(الطعن رقم ٢٤٩٨٧ لسنة ٧٤ قضائية جلسة ٢٠٠٥/٠١/٠٦). (٤)وهذا القضاء محل نظر لأن عدم اشتراط الصفة أو الحالة لا يجعل هناك نفوز أصلا يقوم الجاني باستغلاله اللهم إلا إذا زعم ذلك وتلك صورة أخرى لاستغلال النفوذ قريبه من النصب وأن كان صحيحا أن المشرع لم يشترط في مستغل النفوذ أن يكون موظف عام بل يصح أن يكون من آحاد الناس إلا أنه أن كان موظف عوقب عن جناية وإن كان غير موظف أضحي فعله جنحة وهذا لا يعني عدم اشتراط أن يكون لمستغل النفوذ حين يكون موظف عام وتكون الميزة أو المنفعة التي يصبوا إلى تحصيلها تحت يد أحد مرؤوسيه سلطه رأسيه عليه بل يضحي هذا الشرط ضروري لان استغلال النفوذ عندئذ يكون حقيقيا ولا سبيل من إنفاذه الا بالضغط علي المروؤس بغض النظر عن انتواء الموظف ذلك من عدمه كما أن الأخذ بمذهب النقض عند النفوذ الحقيقي يقيم مغايرة شاذة بين كل من جناية الكسب غير المشروع واستغلال النفوذ الحقيقي إذ يجعل المتهم بالكسب الغير مشروع أحسن حالا من مستغل النفوذ الحقيقة إذ طبقا للمادة الثانية من القانون رقم ٦٢ لسنة ١٩٧٥ بشأن الكسب غير المشروع له صورتان الأولي وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهي التي يثبت فيها حق الموظف - ومن في حكمه أياً كان نوع وظيفته استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفتيه أو مركزه، وحصوله كذلك بالفعل علي مال مؤثممأثممؤتم نتيجة لهذا الاستغلال ومعنى ذلك طبقا لقضاء النقض أن يكون ما تملكه الموظف من مال ناتج عن استغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانات تطوع له الاجتراء على محارم القانون(الطعن رقم ٣٧٧٦ لسنة ٨٦ قضائيةجلسة ٢٠١٧/٠٣/٠٥؛ الطعن رقم ٥٩٧٦ لسنة ٨٢ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٣/٠٢/٠٦). (٥)بل إن محكمة النقض ذاتها قضت بلزوم وجود تأثير من الموظف العام المستغل على مرؤوسه أو بالأحرى لزوم وجود سلطه رئاسية إذ قضت بأن عناصر الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة ١٠٦ مكرراً من قانون العقوبات هي التذرع بالنفوذ الحقيقي أو المزعوم الذي يمثل السند الذي يعتمد عليه الجاني في أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية، إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة في أن يستعمل ذلك النفوذ، كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أم اجتماعية أم سياسية، وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضي الموضوع، وأن تكون الغاية من التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت، شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق، فإذا كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصبا متى توافرت أركانها - لما كان ذلك، وكان مؤدى ما حصله الحكم في معرض بيانه واقعة الدعوى وإيراد أدلتها، وفي مقام تدليله على نفي قيام جريمة من جرائم الرشوة أو الوساطة فيها، هو أن المطعون ضدهم اقتصر فعلهم على مجرد طلب مبلغ من النقود من المجني عليه بغرض توصيله ودفعه لأعضاء اللجنة بإدارة الحي والتي ستقوم بإعفائه من الضرائب المستحقة على العقار الموروث، دون أن تحمل مدونات الحكم ما يقطع ويجزم بأن المطعون ضدهم طلبوا ذلك المبلغ من المجني عليه بادعاء منهم باستعمال نفوذ لهم حقيقي أو مزعوم لدى أعضاء اللجنة لإعفائه من الضرائب، بأن لهم صلة بهؤلاء الأعضاء أو تأثيرا أو سلطة عليهم بما يجعلهم يستجيبون لما هو مطلوب من إعفاء للمجني عليه من الضرائب المستحقة - وهو ما لم تجادل فيه الطاعنة بأسباب طعنها - فإن جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة ١٠٦ مكرراً من قانون العقوبات لا تنطبق على واقعة الدعوى الراهنة(الطعن رقم ٤١٠٥ لسنة ٦٤ قضائية جلسة ٢٠٠١/٠٣/٠١؛ الطعن رقم ٣٢٨٦ لسنة ٥٤ قضائية جلسة ١٩٨٥/١١/٢١). (٦)ويلزم أخيرا أن يكون الغرض من الاتفاق على استغلال النفوذ الحقيقي أو المزعوم هو الحصول على بعض المزايا من السلطة العامة. وقد تضمن النص قائمة لما يصح أن يكون ميزة، فذكر الأعمال والأوامر والأحكام والقرارات والنياشين والالتزام والترخيص واتفاق التوريد والتعيين في الوظائف والخدمات العامة. وهذا البيان تمثيل لا حصر للمزايا، فكل وجه من وجوه النشاط العام يصلح أن يكون غرضاً يتجه إليه صاحب الحاجة ومستغل النفوذ، وقد احتاط النص لذلك صراحة فأضاف بعد هذا التعداد عبارة: ( أو أية مزية من أي نوع كانت ). ولا تقع الجريمة إلا إذا كانت جهة المسعى سلطة عامة. وهنا تكمن على التجريم، لأن بذل المساعي واستغلال النفوذ لدى الجهات الخاصة لا يثير من الفساد ما يثيره هذا الأمر في محيط السلطة العامة، إذ الأصل أن يتساوى الأفراد أمامها وأن تمارس أعمالها تحقيقاً للصالح العام وحده.

هل يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها الماليةبقلم د.✍ياسر الأمير (١) من المعلوم أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة ١١٣ عقوبات تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه(الطعن رقم ٢٣٢١ لسنة ٨٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/٢٠الطعن رقم ١٤٥٤٣ لسنة ٨٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٠٣)ولقداستقرت محكمة النقض منذ زمن و قبل تعديل المادتين ١١٣و١١٩ عقوبات بموجب القانون رقم ٦٣ لسنه ١٩٧٥علي أنه يشترط لتحقق جناية الاستيلاء على مال للدولة أن يكون المال دخل في ملكية الدولةوصار عنصر من عناصر ذمتها المالية وكان هذا القضاء يتفق مع ظاهر النصوص إذ كان يشترط-قبل تعديل المادة ١١٩- ملكية الدولة للمال ومن ثم فقد كان ثبوت عدم دخول المال فى ذمة الدولة يفقد الجريمة ركناً من أركانها ويوجب القضاء بالبراءة(نقض ١٩٦٨/١١/١١مجموعة احكام النقض س١٩رقم١٩٠ ص٩٥٠،نقض١٩٦٩/١٠/١١س٢٠رقم٢٤ص١٢٦)ولكن بعد التعديلات التي أجريت والتي لم تعد تشترطت ملكية الدولة للمال كان يجب علي محكمة النقض أن...